المحتوى الرئيسى

الحرب على غزة.. وحصاد «العار» فى إسرائيل

09/03 14:17

«لو كنت مسئولاً في اسرائيل لشددت شعر راسي وانفجرت في بكاء مرير، كنت ساقرا الصحف واستمع الي وسائل الإعلام لاتبين اني ظل شاحب، مخلوق هزيل ومتردد يجر شعب اسرائيل نحو شفا الهاويه»، هكذا كتب «جدعون رايخر» في جريده معاريف، وهو يتحدث عن سلسله القرارات الخاطئه التي وصلت باسرائيل الي الهاويه في حرب غزة، ورصد رايخر، مع كُتاب وساسه اسرائيل، المخطئين والمذنبين والمتهمين في حرب غزه، وكتبوا كشف حسابهم، وتلوها علي الجمهور كي يحاسبهم بعدما تبين ان المذنبين هم اعلي قاده في اسرائيل، وانه ليس هناك من يحاسبهم سوي الشعب نفسه.

اول المذنبين في حرب غزه ومن يتحمل نصيب الاسد من الاخطاء هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وخطاه الاكبر انه تم جره لسيناريو املته عليه حماس، وتم جره للحرب دون مقاومه منه، فكتب المحلل السياسي «يوئيل ماركوس» في جريده هارتس منتقداً نتنياهو قائلاً: «هذا الزمن يحتاج لزعيم بقامه بن جوريون، بيجن، ورابين، زعيم يعرف كيف يجعل من قوتنا العسكريه رافعه لتسويه سلميه، «بيبي» ليس مجبولاً من هذه المواد، من الافضل ان يركز علي شراء الاثاث لبيته المعتني به في «قيساريا» تمهيداً لنهايه حياته السياسيه».

واضاف «يوئيل»: «لقد عشق «بيبي» الوقفه التشرشليه كقائد للحرب، وعلي يمينه رئيس الاركان وعلي يساره وزير الدفاع، 64 من جنودنا قتلوا في المعركه، في حمله كلفتها نحو 10 مليارات شيكل ولم يدر الثلاثه ما هم فاعلون بنا»، وفي السياق نفسه دعت رئيسه حزب ميرتس «زهافا غالئون» نتنياهو وحكومته الي الاستقاله، وقالت: «لقد فشل نتنياهو في ضمان الامن وصنع السلام علي حد سواء، يجب ان يذهب، فهو من جر اسرائيل الي حرب كان بالامكان تجنبها».

اما الخطا الثاني لنتنياهو علي حد تعبير اليمينيين المتطرفين هو الدخول مع حماس الارهابيه في مفاوضات وايقاف العمليه البريه، التي كانت ستدمر حماس وتنهي اسطورتهم الي الابد -علي حد قولهم- فكتب المحلل العسكري «بن كيسبت» مقالاً يدين فيه نتنياهو ويصفه بالانفصام قائلاً: «وبعد ان كنت اول من اقنع العالم بعدم الحديث مع الارهاب (حررت اكثر من الف قاتل مقابل جلعاد شاليط)، وبعد ان كنت اول من اعلن انه سيسقط حكم حماس (تدير معها مفاوضات الان وتخاف الصدام بها)».

اما الخطا الثالث لنتنياهو الذي اجتمع عليه اليمينيون واليساريون في اسرائيل هو توتر العلاقات الامريكيه - الاسرائيليه، واتهم الطرفان نتنياهو بانه المذنب الوحيد في هذه الازمه، وان لولاه لما وصلت اسرائيل وامريكا الي هذا النفق المظلم، ففي جريده هارتس كتبت اسره التحرير مقالاً ورد فيه: «رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ملزم بان يصحو، فالضرر الذي اوقعه في العلاقات مع الامريكيين من شانه ان يدهور اسرائيل نحو عزله سياسيه ذات اثار شديده، وعن نفس الخطا تحدث المحلل السياسي «باراك ابيد» في جريده هارتس قائلاً: «كان اختيار نتنياهو سبيل التسويه مع حماس التي فشلت مرات كثيره جداً في الماضي، كان خطا ذريعاً سبب ضرراً سياسياً كبيراً، وبدل انتهاز الفرصه لتجنيد المجتمع الدولي الي جانب اسرائيل زاد الخلاف مع الولايات المتحده، وبدل عزل حماس منح التفاوض المنظمه الارهابيه شرعيه اخري».

ليس هذا فقط، بل شملت قائمه اتهامات نتنياهو، وكشف حسابه، اتهامات جديده بانه يقول ما لا يجرؤ علي تنفيذه، حسب جريده يديعوت احرونوت، في مقال للكاتب ناحوم برنياع، يشرح فيه الامر ويقول: «ففي كتاب صادر عن يديعوت احرونوت عام 2001 بعنوان «محاربه الارهاب» وعنوانه الثانوي هو «كيف تهزم نظم الحكم الديمقراطيه الارهاب؟» يريد مؤلف الكتاب ان يعلم العالم وحكومة إسرائيل قبل الجميع كيف تعمل المنظمات الارهابيه ويتحدث عن اخطاء سقطت فيها الحكومات الاخري في علاجها للارهاب، مثل ان الحكومات تسلم محاربه «الارهاب» الي جهه اخري وهم غالباً وكلاء «الارهابيين» انفسهم، وان تقيد الحكومه ايدي قوات امنها لانها سلبتها امكانيه ان تدخل المدن التي ياوي اليها «الارهابيون»، وان تفرج الحكومه عن الاف «الارهابيين» السجناء وتجيز لهم ان يدخلوا الاراضي فعاد كثير منهم الي عملهم القديم، هذه النصائح ليست جديده او غريبه في مجملها، لكن الاغرب هو ان بنيامين نتنياهو هو من الف هذا الكتاب وهو من نصح بهذه النصائح، وبعد سنوات قام هو بعكس ما نصح به، فقد افرج عن اكثر من الف «ارهابي» سجين بصفقه شاليط، وترك المنظمات «الارهابيه» في غزه تتسلح وتحفر انفاقاً وحارب الجيش الاسرائيلي في غزه مرتين في مده ولايته: في عمود السحاب والجرف الصامد، وقد منع في المرتين دخول الجيش الاسرائيلي الي مراكز «الارهاب»، وبدا في النهايه تفاوضاً مع حماس واراد ان يسلم محاربه «الارهاب» الي اخرين».

ثاني المذنبين في حرب غزه هو رئيس الاركان «بيني غانتس» واهم قراراته الخاطئه، التي دفع ثمنها غالياً وينتظره تحقيق بشانها هو قراره بخروج القوات البريه، وتصريحه بان سكان المدن حول قطاع غزه يستطيعون العوده الي منازلهم لممارسه حياتهم الطبيعيه، وكان وقتها قراراً بالغ الخطوره وبالغ الغرابه في الوقت نفسه، ونال بسببه هجوماً عنيفاً، فهاجمه عضو الكنيست عن حزب العمل «نحمان يشاي» في جريده معاريف قائلاً: «ان سكان محيط قطاع غزه في ضائقه كبيره والحكومة الإسرائيلية تتخبط في كيفيه التعامل مع معضلتهم». ترك السكان لمصيرهم هو القصور الاكبر لاسرائيل.

وفي نفس السياق كتب المحلل السياسي يوئيل ماركوس في جريده هاارتس مقالاً شديد اللهجه قال فيه: «كيف يقوم رئيس الاركان بدعوه سكان محيط غزه بالعوده الي منازلهم، وعندما هزل مخزون صواريخ حماس اطلقوا قذائف قصيره المدي اصابت بشده بلدات محيط غزه؟ ثم طرح فكره اخلاء قطاع بعرض 3 كيلو مترات كي لا تكون البلدات في مدي الاصابه، ولكن تبين عندها ان الجنود في المنطقه هم الذين سيصبحون هدفاً سهلاً ومريحاً لمثل هذا السلاح المتخلف، يا لها من حكمه!!».

كما كتب المحلل السياسي «يواف ليمور» مقالاً بجريده «اسرائيل اليوم» هاجم فيه رئيس الاركان، حيث اكد انه الضحيه الدوريه للحرب، وهو المتهم من «اعضاء المجلس الوزاري» بالنتائج الهزيله للمعركه، فالاقتراحات التي اقترحها كما زعم، كانت «نحيفه» عن قصد: فقد عظّم الانجازات وضخّم المخاطر، وكل شيء كي يضمن ان يعود الي بيته بسلام، غانتس يفهم هذا، ولهذا فانه يبتلع ريقه ويسكت، حتي بثمن اهانته وكرامته، معقول انه في التحقيقات الداخليه سيتحدث بجراه عن اخفاقاته؟»

اما «يوسي يهوشع» فكتب اخطاء اخري لرئيس الاركان في مقاله بجريده «يديعوت احرونوت» قائلاً: «انه لو وجد رئيس اركان اخر لقلب الطاوله، الجيش البري تعفن، وانخفض عدد تدريبات الالويه التي كانت تقف في المعدل علي 20 تدريباً في السنه الي 5 فقط، ولم تتدرب الكتائب الاحتياطيه، وجففت الويه المشاه في اعمال عملياتيه مده عشره اشهر، صحيح انه ليس كل شيء ضمن مسئوليه رئيس الاركان، لكن يجوز التقليص من نفقه الجيش البري علي الا يكون من سلاح الجو او الاستخبارات في الاساس. ولم ينجح الاثنان في ان يعطيا لرئيس الوزراء وللوزراء خريطه التهديدات الحقيقيه في الاشهر التي سبقت الجرف الصامد».

المذنب الثالث هو وزير الدفاع «موشيه يعلون» وهو من وضع خطه التدرج في القوه في مواجهه حماس وهي الخطه التي وصفها المحللون بانها السبب الاول في الهزيمه او في عدم تحقيق النجاح المطلوب في الحرب، فكتب المحلل العسكري «اليكس فيشمان» في جريده يديعوت احرونوت ينتقد خطه موشيه وقال: «انتظرت يعالون مفاجاه غير صغيره، فلم يكن وزير الدفاع يعلم عدم استعداد الجيش لعمليه كهذه، لا من جهه التخطيط ولا من الجهه اللوجستيه، وقبل بدء العمليه البريه بايام معدوده كان عند قاده الالويه الميدانيه اوامر عمليه مختلفه مع اهداف مختلفه، وحينها بدلت قياده الجنوب الخطه البريه من الهجوم الي الدفاع، بحيث وجب تغيير التصور العام في الاذهان، تكون في معركه الهجوم في حركه وتكون انت المبادر، وقد كانت الخطه الاصليه في الحقيقه الوصول الي نقاط سيطره وضرب العدو في نقاط تؤلمه، لكن المعركه الدفاعيه اكثر تعقيداً لانك انت الذي تصدر مبادره العدو وتكون هدفاً ساكناً له، وكانت طرق تدمير الانفاق ايضاً غير منظمه واشتملت علي استعمال 5 اطنان من المتفجرات لكل كيلومتر، واحداث ابار علي المسار يوضع في داخلها اطنان من الالغام والمواد المتفجره الاخري وهي طريقه تحتاج لوقت ومجهود كبير من الصعب تنفيذها في وقت قتال.

وكتب «يوسي يهوشع» في جريده يديعوت احرونوت ينتقد بشده «يعلون» قائلاً: «المشاعر في الجيش عن وزير الدفاع الذي يقود اول حرب مهمه قاسيه، وقد بدا ذلك بالخطبه التي اعلن فيها ان علاج الانفاق سيستمر يومين او ثلاثه، وكان ذلك مساراً طال اخر الامر من اسبوعين الي ثلاثه، واشد من ذلك ان يعالون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الذي وافق علي الهدنه الاولي التي اتخذت حتي قبل ان يعالج الجيش الاسرائيلي الانفاق كما ان يعلون هو من عارض العمليه البريه في بدايه المعركه وحينما انطلقت اخر الامر في طريقها كانت محدوده نسبياً وغير كافيه وذلك بسببه هو».

اما المذنب الرابع في الحرب فهو ليس مذنباً واحداً بل انه عدد من المذنبين مجتمعين في المجلس الوزاري المصغر «الكابنيت» وهم من تسربت من بين ايديهم انباء عن خطط اسرائيل في الحرب للصحافه ومنها الي العالم، وحتي الان التحقيق قائم في الامر ويتولي التحقيق المستشار القانوني للحكومه ولكن بشكل سري والسبب «كرامه الكابنيت» -وبكلمات اقل مجامله- الخوف من الفضح علي الملا وجه من الذين سربوا في زمن الحرب معلومات خطيره، وفي هذا السياق انتقد وزير الامن ورئيس اركان الجيش الاسرائيلي الاسبق، عضو الكنيست شاؤل موفاز اداء الكابنيت قائلاً «اني لا اذكر فتره هاجم فيها وزراء الكابنيت قراراتهم وتحدثوا حول ما ينبغي فعله او عدم فعله، واعتقد ان هذا يحدث عندما يكون هناك اعضاء كابنيت غير مجربين ويعبرون عن موقف يبدو امنياً في مواضيع حزبيه، وهذا امر يحظر حدوثه»، وقال موفاز «ادعو رئيس الحكومه (بنيامين نتنياهو) الي تنظيم الوضع لانني لا اذكر مثل هذه التسريبات من غرفه الكابنيت. وحماس تستمع الي تقديرات الجيش وبدورها تقيم الوضع علي ضوء هذه المعطيات».

المذنب الخامس يتمثل في هيئه القياده العامه لانها، بحسب المحلل السياسي اليكس فيشمان، الجهه الوحيده مع رئيس الاركان المهيمنه بتاثيرها في الحكومه وهي التي تقرر الخروج للحرب وانهاءها، ورغم ان الحكومه انشات لنفسها مجلس الامن القومي، باعتبار ذلك جزءاً من دروس حرب يوم الغفران، لكن لا يستطيع اي مجلس ان يعادل في وزنه هيئه القياده العامه، ولا يوجد رئيس حكومه يحتار بين توصيات الجيش وتوصيات مجلس الامن القومي، فلا بد ان يختار لابسي البزات العسكريه في اخر الامر، ولهذا لا يستطيع الجيش ان يزعم ان المستوي السياسي هو الذي املي عليه الخطه البريه لتدمير الانفاق، فهو الذي جاء الحكومه بهذه الخطه ووجه اليها دون ان يكون مستعداً لها كما ينبغي، كان يمكن ان نتوقع من الجيش الاسرائيلي ان تكون عنده معدات ملائمه وان تكون القوات مدربه علي المهمه وان تكون هناك معلومات استخباريه وتقنيات قتاليه، لكنه لم يوجد من كل ذلك سوي لمسات وتناولات ضئيله».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل