المحتوى الرئيسى

هل مصر مؤهلة للمصالحة الوطنية الآن ؟!

09/02 18:08

اقرا ايضا: جناحان في السلطه يتنازعان حول المصالحة الوطنية البلاك بلوك .. اين اختفي هذا التنظيم الغامض ؟! سيناريوهات الانقلابيين في ليبيا ونتائج فشلها الثورة الليبية تستعيد زخمها وتحاصر الانقلابيين في وداع "النبيل" أحمد سيف الإسلام

عند الحديث عن المصالحه الوطنيه يكون هناك سؤال بديهي واولي يطرح نفسه وهو : هل مصر مؤهله حاليا للمصالحه ، معنويا وماديا وسياسيا ، والحقيقه ان هذا السؤال يكون مفتاحا لفهم وادراك حجم التحديات والمعوقات التي تعترض مثل هذا الطموح ، وقبل عام من الان لم يكن ممكنا طرح السؤال ، لان كلا الطرفين كان يحمل ثقه كامله في قدرته علي كسر شوكه الطرف الثاني ، جناح الصقور في المؤسسه العسكريه والامنيه كان يري انه سيضرب الضربه العنيفه والمروعه والخاطفه وغير المسبوقه التي تنهي كل شيء في اسبوع وتجعل الجميع يدخلون الجحور ، ليس الاخوان وحدهم ، بل جميع قوي الثوره التي تري راس الذئب الطائر ، والاخوان وحلفاؤهم من جانبهم كانوا يرون ان "الانقلابيين" مرتبكون وان التدخلات الدوليه والزوار الاجانب تؤكد علي ان "الانقلاب" في ازمه ، وانه سينكسر وستعود الشرعيه الممثله في رئاسه الدكتور محمد مرسي ومجلس الشوري المنحل ، كانت الحماسه والثقه الكامله تدفع كل طرف الي الاندفاع في اختياره بكل عنف وثقه عمياء ، غير ان الايام اثبتت ان كلا الطرفين اخطا الحساب ، فلا العلاج الدموي والمروع نجح في ان ينهي الاحتجاجات خلال اسبوع او اسبوعين كما وصلت رسائل بذلك للخارج ، بل استمر الغضب واتسع وتعقدت الامور اكثر وتعمقت الجراح ومشاعر الثار وزاد نزيف الاقتصاد والاضطراب والنزيف الامني ايضا ، رغم استفراغ المؤسسه الصلبه لكامل مشروع الردع الذي تبنته امنيا وقضائيا وماليا ، وفي المقابل لم تحقق احتجاجات انصار مرسي كسر شوكه السلطه الجديده او اجبارها علي العوده الي المسار القديم او حتي وقف عمليات التنكيل والملاحقه وما يشبه الاباده السياسيه .

بعد عام من استنزاف الطاقه لكلا الطرفين اصبح ممكنا ان نطرح السؤال : هل مصر مؤهله للمصالحه الان ؟ ، بطبيعه الحال عندما يفرغ طرفا الصراع ، اي صراع ، طاقات الغضب والاندفاع المصحوبه بالثقه المفرطه في النجاح ، يمكن وقتها ان يكون للعقل السياسي مكان ، وان يكون للواقع حضوره في صياغه المستقبل ، ولذلك اعتقد ان الاوضاع في مصر الان مؤهله اكثر من اي وقت مضي لتحقيق المصالحه ، او علي الاقل التاسيس لها ، لان حصاد العام اضعف "الصقور" في الجانبين ، وقلل من مصداقيه طرحهما وتشددهما ، فلا الدوله ومؤسساتها انهت وجود انصار مرسي والاخوان ، بل من الواضح انهم استوعبوا صدمه الردع واستعادوا قدرا غير قليل من التنظيم ومعه الاصرار علي الاستمرار في الشارع وما زالت اخبار المواجهات بين الامن المتظاهرين في القاهره او الاسكندريه او باقي المحافظات ماده ثابته في الاعلام المحلي والدولي كل عده ايام او كل اسبوع ، ولا الاخوان وانصار مرسي اسقطوا النظام او اضعفوا مشروعيته في المجتمع الدولي كما كانوا يتمنون ، وهذا ما يجعل من الاجنحه التي تفكر في المصالحه في كلا الطرفين اكثر قدره علي التاثير وفتح الطرق امام افكار قد تفضي الي ذلك .

غير ان الافكار التي تمضي للمصالحه تصطدم بعائقين اساسيين ، احدهما داخلي وهو ان كل طرف بني مواقفه وتضحياته وسياساته وسمعته علي اسس فكريه ووطنيه امام قواعد شعبيه كلها تتاسس علي نفي الطرف الاخر او استئصاله وانهاء وجوده ، وهناك قطاع كبير من مؤيدي السيسي يبنون ولاءهم علي انه راس حربه ذلك الخيار ، ويغفرون له اي اخطاء اخري طالما مضي في هذا السبيل ، وهذا التيار الشعبي ما زال يدعمه جناح في السلطه واجهزتها يرفض المصالحه ويراها خطرا ويري ان الوضع الجديد لا يضطرهم لتقديم اي تنازلات من اي نوع مهما كانت درجتها ، ويحرك هذا الجناح مساحات واسعه من الاعلام الخاص والرسمي عند اي حديث او تسريبات عن المصالحه لاثاره موجه غضب ورفض لهذا الاتجاه ، بالمقابل هناك قطاع كبير من مؤيدي شرعيه مرسي والاخوان بنوا تضحياتهم ومواقفهم علي اساس كسر "الانقلاب" وعوده الشرعيه ، وهذه الضغوط المعنويه والسياسيه في كلا الطرفين تمثل عوائق كبيره امام اي تحرك في سبيل المصالحه .

ايضا هناك تعقيدات امام مسار المصالحه تتصل بحسابات اقليميه ، لان الازمه في مصر اصبح لها اجنحه دوليه واقليميه مؤثره علي الوضع فيها والسياسات التي ترسم الواقع ، سواء للدوله ام المعارضه ، فهناك تحالف اقليمي رمي بثقله وراء السيسي ماليا واعلاميا وسياسيا من اجل سحق تيار الاخوان والاسلام السياسي ، وهناك تحالف اخر رمي بثقله وراء تحالف انصار الشرعيه ، ولا يخفي دعمه سياسيا واعلاميا بشكل صريح ، وكلا التحالفين لهما تاثير غير قليل علي اي مسار سياسي داخلي ، سواء بالمصالحه ام باستمرار المواجهه .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل