المحتوى الرئيسى

بقعة الإنسان السوداء | المصري اليوم

08/31 23:26

لو كان باراك اوباما «امراه» سوداء من الطبقه الفقيره فهل كانت تصبح رئيسه الولايات المتحدة الامريكيه؟ بالطبع لا، صعد اوباما الي منصبه (رغم بشرته واصوله الافريقيه)، لانه حصل علي تمويل ضخم (لحملته الانتخابيه) من اثرياء وول ستريت وشركاتهم الكبري، اصبح يمثل الطبقه الراسماليه البيضاء في البيت الأبيض، يدافع عن مصالحهم التي تخدم مصالحه، لم يصبح اوباما رئيس الدولة، لان النظام الامريكي اصبح ديمقراطيا بالمعني الصحيح.

الديمقراطيه بالمعني الصحيح ليست الانتخابات، بل العداله والمساواه بين المواطنين بصرف النظر عن الطبقه او الجنس او الدين او العرق او لون البشره،

وهذا امر لم يتحقق حتي اليوم في اي بلد في العالم بما فيها الولايات المتحده الامريكيه، كشفت المظاهرات الشعبيه بولايه ميزوري خلال اغسطس ٢٠١٤ ان القيم العنصريه الطبقيه الابويه تسود الدوله والمجتمع الامريكي.

يمكن لقصه او روايه واحده ان تكشف عورات النظم الحاكمه عالمياً ومحلياً وعائلياً، اكثر من مئات البحوث الاكاديميه والمقالات السياسيه، العالم ينوء بجرائم التفرقه بين البشر، روايه «بقعه الانسان» (زا هيومان ستين) كتبها روائي امريكي هو «فيليب روث» عام ٢٠٠٠، تعتبر من اهم الاعمال الادبيه الكاشفه للقيم العنصريه المتغلغله داخل المؤسسات الامريكيه، في الطبقات العليا والسفلي، في القضاء والتعليم والبوليس والجيش واعمال الخدمه والجامعات الاكاديميه العليا.

بطل الروايه «كولن سيلك» تجاوز السبعين، احتل منصب العميد بالجامعه الي جانب استاذ الادب الاغريقي، ولد ابيض البشره رغم جذوره الافريقيه، وتزوج امراه بيضاء انجبت له اولادا بيض البشره، هكذا استطاع ان يخفي عن العالم جذوره الزنجيه، من اجل صعود السلم الاجتماعي الامريكي، والفوز بمزايا البشره البيضاء.

انه يجسد الفلسفة الأمريكية البراجماتيه الذكوريه، يكاد يشبه «بيل كلينتون» في سلوكه الاخلاقي، يستغل امراه فقيره صغيره السن تكاد تكون نصف عمره،

استطاع بيل كلينتون ان ينجو لكونه رئيس الدوله، لكن بطل الروايه «كولن سيلك» يسقط سقوطا مدويا، بسبب خطا بسيط في كلمه واحده نطقها سهوا امام الطلاب في الفصل، فاذا به يواجه بتهمه العنصريه، ويضطر الي تقديم استقالته من الجامعه، ويقيم علاقه جنسيه مع «فونيا» خادمه كادحه صغيره السن، نصف عمره، تمسح الارض وتنظف المراحيض، وتحلب الابقار بمزرعه، من اجل سد الرمق، وهي ايضا زوجه لجندي عاد من حرب فيتنام بجروح نفسيه اخطر من جروح الجسد، تصبح حياتها معه اشبه بالجحيم، ينفس عن غضبه من النظام العسكري الامريكي بضربها بماسوره حديديه، يراقبها هي وعشيقها الجامعي العجوز، يتتبعهما للانتقام منهما، حتي ينجح في قتلهما معا، يمارسان الحب في الطريق داخل السياره.

فيليب روث، امتلك الصدق الفني والشجاعه الادبيه لتعريه النظام العنصري في بلده، الذي يحكم المؤسسات العسكريه والقضائيه والتعليميه والاكاديميه والثقافيه وغيرها، من خلال «قصه حب» تقوم علي القهر والاحباط والاستغلال الطبقي الابوي اكثر مما تقوم علي الحب او الجنس او العاطفه،

يعامل الروائي ابطاله وبطلاته بانسانيه ورقه، فهو يصور كيف كان «كولن سيلك» نفسه ضحيه التمييز العنصري، وهو شاب صغير، مما دفعه الي اخفاء جذوره الزنجيه والابتعاد عن افراد اسرته، حتي امه «التي احبها» اضطر للقسوه عليها وانكارها، وعشيقته «فونيا» عاشت الفقر والهوان بالعمل والبيت، فقدت طفليها في حادث مؤلم، زوجها الجندي شهد جرائم حرب فيتنام، فخلعت من عقله وقلبه مشاعر الانسان.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل