المحتوى الرئيسى

«الانتصار» الممزوج بالمرارة والدم | المصري اليوم

08/30 23:02

«الشعب الفلسطيني غير مستعد لمذبحه كل عامين, فاما ان يكون هناك حل جذري او لا يوجد حل, اما حل سياسي او لا. لم يعد بالامكان ان يتعرض الفلسطينيون كل عامين لحرب عسكريه اسرائيليه تخلف الدمار والاف الشهداء والجرحي, طفح الكيل ولم يعد بالامكان العوده الي الوراء..». هكذا خاطب عباس، شعبه بعد ان دخل اتفاق التهدئه الدائم حيز التنفيذ, واحتفال سكان غزه بالنصر الممزوج بالمراره, اذ لم تسلم عائله من استشهاد او جرح احد افرادها او اقاربها او تدمير منزلها.

لكن يظل السؤال المعلق وبحاجه الي التامل والانتظار: من المنتصر في الحرب الثالثه التي شنتها اسرائيل واستمرت واحدا وخمسين يوما؟ من المؤكد ان اسرائيل لم تنتصر كما يحاول رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الايحاء لشعبه, اذ لم يتحقق اي من اهداف هذه الحرب, فلا توقف اطلاق الصواريخ علي اسرائيل, ولا هنئ الجنوب او ما يسمي مستوطنات «غلاف غزه» بالامن الذي تنشده, ولا ضرب الوحده الوطنيه الفلسطينيه في مقتل كما خطط لها، فقد توحد الشعب الفلسطيني بكل اطيافه ربما للمره الاولي وبهذا الشكل, ولا حقق جيش الاحتلال النصر المبتغي باعتبار انه جيش قوي لا يقهر ولا يهزم ويمتلك عقيده قتاليه مبنيه علي سنوات طويله من الخبرات العسكريه والتكنولوجيه, كما ان ابرز الاخفاقات التي منيت بها اسرائيل خلال الايام الخمسين من عدوانها تمثل في اطاله امد الحرب من دون حسمها, رغم وعود رئيس الحكومه ووزير دفاعه بانها ستستغرق اياما معدوده, وانجرت اسرائيل الي حرب استنزاف تضعفها وتتسبب في نزوح سكان بلدات الجنوب عنها.

وفي المقابل هل انتصرت المقاومه؟ لا شك ان المقاومه انتصرت لكنه انتصار مؤقت يحتاج الي جهد كي يكتمل, ويحتاج الي تنفيذ باقي بنود الاتفاق المؤجله للتفاوض عليها بعد شهر، وهي البنود الاكثر تعقيدا في ماراثون المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل, ولولا صمود اهالي غزه وبسالتهم في التضحيه والايثار وما ابدوه من شجاعه وجلد لكان الموقف مختلفا, فقد كانوا حائط الصد المباشر للمقاومه ودعامه صمودها رغم الثمن الفادح الذي كانوا يدفعونه كل فجر يوم جديد, وحان وقت الحساب بعد كل ما قدموه من تضحيات بالالتفات لمطالبهم واحتياجاتهم الانسانسه والحياتيه بعيدا عن الصراعات السياسيه والمصالح الفئويه التي ستفسد اي نصر امتزج بدمائهم.

لقد قالها الرئيس محمود عباس بوضوح حينما تحدث عن الوضع الداخلي في غزه, بان لدي حماس حكومه ظل في غزه ووكلاء وزارات, واذا استمر هذا الامر فان ذلك سيهدد استمرار وصمود الوحده الوطنيه, والامتحان قادم قريبا من خلال دخول المساعدات الي القطاع واذا كانت ستصل الي المواطنين ام لا؟ وما اذا ستكون حكومه التوافق الوطني قادره علي الحكم والعمل في غزه ام لا؟ هذا الامتحان يفرض علي حركه حماس اثبات حسن النوايا بالفعل وليس القول, والاذعان لاراده الشعب بالانخراط في حكومه الوحده الوطنيه والاعتراف بالسلطة الفلسطينية التي وافقت علي العمل تحت لوائها, خاصه ان اسرائيل غيرت «معادله الهدوء مقابل الهدوء» كشرط لوقف العدوان علي قطاع غزه وباتت تتبني معادلتين علي مرحلتين: الاولي «ترتيب محدود النطاق» في مقابل وقف تام للنار ويقوم علي فتح المعابر وتوسيع منطقه الصيد في القطاع, والثانيه يتم بحثها في الاسابيع المقبله وتقوم علي مبدا «الاعمار مقابل تجريد السلاح», اي اشتراط اعاده الاعمار في قطاع غزه بنزع سلاح المقاومه, وقد بات هذا المطلب الذي طرحه رئيس الحكومه بنيامين نتنياهو بتجريد قطاع غزه من السلاح في صلب تصريحات جميع وزرائه يتشدقون به ليل نهار ويسعون الي تحقيقه مهما كان الثمن.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل