المحتوى الرئيسى

مشعلو الحرائق ومطفئوها : من يشعل لهيب الحرب الطائفية في الشرق الأوسط

08/28 10:09

مترجم عنArsonists and firefighters: Who is setting the sectarian fires in the middle eastللكاتبThomas L. Friedman

ما هو الصراع الحقيقي في الشرق الاوسط حالياً ؟ هل هو الصراع الطائفي (كما هو الحال بين السنه والشيعه مثلاً)، اوالصراع الوطني (كما هو الحال في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والصراع العربي الإيراني)؟ ام هو صراع اعمق من ذلك؟ كنت اناقش هذا الموضوع مع السيد (نادر موسافيديتش Nader Mousavizadeh)، وهو مسئول سابق رفيع المستوي في الامم المتحده وضمن مؤسسي شركه Macro National partenrs، وهي شركه استشارات جيوسياسيه، وقد عرض عليَ وجهة نظر اخري:

“الصراع الحقيقي في المنطقه هو بين مشعلي الحرائق ومطفئيها”.

الواقع ان قوله هذا يحتوي علي كثير من المصداقيه. الحرائق الطائفيه  والقوميه التي تراها امامك مشتعله في الشرق الاوسط ليست حرائق طبيعيه وليست حتميه كما قد تتصور انت. كما شرح لي (نادر موسافيديتش):

“ما تراه امامك هي حرائق متعمده يشعلها قاده سياسيون لينفذوا اهدافهم السياسيه و الامنيه و الاقتصاديه الضيقه والقصيره المدي،  في الغرب هنالك شعور بالارهاق ممزوج بالايمان المطلق بانه لا جدوي من مناقشه مسار اخر مضاد لحتميه الصراع السني الشيعي. تاريخياً هذا راي خاطيء ويحرر قاده المنطقه السياسيين من مسئولياتهم في ان يتحكموا بالسلطه المتاحه امامهم بطريقه مسئوله و شرعيه”.

بالتاكيد هنالك انقسامات طائفيه لكنه ليس امراً حتمياً ان تشتعل المنطقه كلها بنيران المواجهه الطائفيه. لكي تشعل هذه النيران الطائفيه فانت تحتاج الي خبراء في اشعال الحرائق،  وطالما مشعلي الحرائق هؤلاء يشعلوها ويوفروا لها التهويه و الوقود،  ففي الغالب الاعم هذه النيران تظل مشتعله لا تنطفئ.

كيف يحدث هذا الامر؟ انظر الي الرئيس السوري (بشار الاسد)، هو مشعل حرائق ممتاز وهو مثال جيد نتعلم منه، حينما واجه (الاسد) مظاهرات سلميه وشعبيه ضد حكمه الاستبدادي،  فتح النيران باتجاه المتظاهرين، علي امل انه يستفز الاغلبيه السكانيه السنيه بان ترد بعنف مماثل ضد الاقليه السكانيه العلويه الحاكمه. وقد نجحت خطته،  والان (الاسد) يروج لنفسه علي انه حامي حمي سوريا العلمانيه ضد المتطرفين السنه.

رئيس الوزراء العراقي السابق (نوري المالكي) هو ايضاً من مشعلي الحرائق،  لماذا اقول عنه ذلك؟ لانه في اللحظه التي انسحبت فيها القوات الامريكيه من العراق،  قام متعمدا باعتقال القيادات السياسيه السنيه،  وصادر ممتلكاتهم،  والاهم انه تعمد عدم دفع المستحقات الماليه لقاده العشائر السنيه التي قادت الصحوات ضد مقاتلي القاعده. وحينما اخيراً تسبب في اشعال رد فعل سني،  اسرع (المالكي) في الانتخابات العراقيه الاخيره برسم نفسه علي انه حامي حمي الاغلبيه الشيعيه ضد الارهابيين السنه، وقد نجحت خطته.

المشير (عبد الفتاح السيسي) شن حمله قمعيه عنيفه دمويه ضد جماعه الاخوان المسلمين، وقتل،  و جرح و اعتقل المئات منهم،  وبعدها قام بترشيح نفسه للرئاسه بصفته حامي حمي الامن القومي المصري من ارهاب جماعه الاخوان المسلمين.

المتطرفون الفلسطينيون الذين اختطفوا المراهقين الاسرائيليين الثلاثه والذين هم من اشعلوا نيران العمليه العسكريه الاسرائيليه ضد قطاع غزه هم بكل تاكيد استحقوا ان يطلق عليهم مشعلو حرائق، لانهم ارادوا انهاء اي امل لاحياء عمليه السلام الفلسطينيه الاسرائيليه وارادوا التسبب في احراج المعتدلين الفلسطينيين. لكن لا تنسي انهم تلقوا المساعده. لكن من ساعدهم؟

انصار المستوطنين اليهود المتطرفين داخل الحكومهالاسرائيليه، مثل (نفتالي بينيت Naftali Bennett) و وزير الاسكان (اوري ارييل Uri Ariel)،  الذين هم ايضاً من مشعلي الحرائق. لماذا؟ (اوري ارييل) متعمدا اعلن عن خطته لبناء 700 وحده استيطانيه يهوديه جديده في القدس الشرقية، في وقت مثالي لتحطيم جهود وزير الخارجيه الامريكي (جون كيري) لاحياء عمليه السلام. وقد نجحت خطه (اوري ارييل) ببراعه.

هنالك اشخاص من مكافحي الحرائق في كل تلك البلدان التي ذكرتها،  اناس مثل (تسيبي ليفني Tzipi Livni) و (شمعون بيريز Shimon Peres) في اسرائيل، رئيس وزراء السلطه الفلسطينيه السابق (سلام فياض)،  وزير الخارجيه الايراني (محمد جعفاد ظريف)،  و(ايه الله علي السيستاني) في العراق،  لكن يبقون جميعاً عاجزين عن مواجهه هذا الشغف في اراقه الدماء الذي هو من الاعراض الجانبيه للحرائق الطائفيه.

من الصعب جداً علي الافراد الذين لم يعتادوا الحياه في الشرق الاوسط ان يستوعبوا ان السنه والشيعه في بلدان مثل العراق ولبنان و البحرين عاده ما عاشوا في ود وتلاحم. المذابح الطائفيه لم تكن ابداً هي الوضع الطبيعي في العالم العربي. في استطلاع للراي اقامه مركز Zogby Research Services، اجري هذا الاستطلاع في 7 دول عربيه اكتشف الاتي:

“اغلبيه محترمه في كل الدول العربيه التي اجري فيها الاستطلاع تؤيد السياسات الامريكيه التي تدعوا الي حل تفاوضي للصراع السوري،  وفي نفس الوقت تدفع بمعونات اضافيه للاجئين السوريين. الاغلبيه في كل الدول العربيه التي شاركت في استطلاع الراي تعارض اي تدخل عسكري امريكي او تسليح اي من طرفي الصراع”

مؤخراً القيت محاضره في الجامعهالامريكيه في العراق، بالسليمانيه باقليم كردستان. 70% من طلبه الجامعه هم من الاكراد، و الباقي هم شيعه و سنه من مختلف المحافظات العراقيه. بالحكم الرشيد بامكان الناس التوحد, ولهذا السبب وسط كل الحديث عن تقسيم العراق تجد ان حل التقسيم هو الحل الذي يرفضه كل الشعب العراقي. وهذا الراي تستطيع ان تستوعبه من حديث احد الاشخاص الذين استضافوني في اقليم كردستان:

“شيعه البصره يحبون تناول لبن اربيل المجفف الشهير (علما بان اربيل هي كبري المدن الكرديه)،  في شهر رمضان لا يتخيل الاكراد الافطار بدون تناول حبات تمر البصره، الاكراد لا يطيقون الحياه بدون شرب الشيشه (التي هي اختراع عربي سني)”

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل