اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. 150 عاما تحارب الحرب

اذا كان شن الحرب هو اسوا الدوافع واكثرها تنافيا مع طبيعه البشر، فان التعاطف والتضامن هما افضل علاج فعال للحرب واكثرها استدامه. وتفخر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بكونها "رمزا للتعاطف والتضامن" وذلك بعد مضي 150 عاما علي تاسيسها استجابه للمعاناه الانسانيه التي سببتها معركه سولفرينو.

كانت هذه بعض كلمات "كريستالينا جورجييفا"، المفوضه الاوروبيه لشؤون التعاون الدولي والمساعده الانسانيه، للاحتفال بمرور 150 عاما علي تاسيس اللجنه الدوليه للصليب الاحمر.

ويخلد العالم يوم 19 اغسطس/ اب من كل عام، ذكري اليوم العالمي للعمل الانساني، وتزامن هذا اليوم مع سقوط ضحايا الهجوم علي مقر الأمم المتحده في بغداد بالعراق، في 2003 الذي تسبب في وفاه 22 شخصا، بينهم الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو.

ويعد الشرق الاوسط احد ابرز المسارح التي تنشط فيها اعمال اللجنه، ولا احد ينسي كيف لعبت اللجنه دور هاما في تخطي الصومال لمجاعه قاتله ابان نزاع مسلح هناك في صيف 2011، حيث لم يُسمح لوكالات اغاثه اخري بالعمل هناك، حيث طردت حركه الشباب معظم العاملين بمجال الاغاثه ولم تسمح سوي للجنه الدوليه بتوصيل الغذاء لمئات الالف من الصوماليين الذين كانوا علي حافه الموت.

وتبرز انشطه اللجنه في الدول الرئيسيه بالشرق الاوسط والتي ما زالت تفتك بها الصراعات والحروب.

عملت اللجنه الدوليه للصليب الاحمر بالتعاون الوثيق مع الهلال الأحمر العربي السوري في يونيو/ حزيران 2014 علي توفير الغذاء لاكثر من 475000 شخص (خاصه من النازحين داخليا) في 12 محافظه بما في ذلك دمشق وريفها، ودرعا والقنيطره والسويداء وحمص وحماه وطرطوس واللاذقيه وحلب، والمستلزمات المنزليه الاساسيه، مثل مجموعات لوازم النظافه والبطانيات والفرش والمناشف والدلاء والكشافات الضوئيه القابله لاعاده الشحن والشموع واواني الطهي، لاكثر من 105000 من النازحين، وشاحنات تحمل الصهاريج الناقله التي توفر المياه لما يزيد علي 100000 شخص من سكان حمص وريف دمشق ودير الزور، ومنتجات لمعالجه مياه نبع الفيجه، وهو مصدر المياه الرئيسي الذي يوفر المياه لما يزيد علي 4 ملايين شخص في دمشق والمناطق المحيطه بها.

ووفرت المنظمه امدادات طبيه لعلاج اكثر من 300 مصاب بجروح خطيره في مستشفي جامعه حلب، في المنطقه الخاضعه لسيطره الحكومه، ومستشفي عمر بن عبد العزيز، في المنطقه التي تسيطر عليها المعارضه بالمدينه، اضافه الي دعم سبع وحدات صحيه متنقله وعياده واحده تابعه للهلال الاحمر العربي السوري توفر الخدمات لما يزيد علي 7000 مريض. وقُتل نحو 60 من العاملين في المجال الانساني منذ 2011 بسوريا.

في عام 2013 فقط زارت اللجنه الدوليه للصليب الاحمر 24000 محتجز داخل 53 مقر احتجاز، ورصدت ظروف احتجازهم والمعامله التي يلقونها، كما ساعدت حصول نحو 12000 شخص، معظمهم من النازحين داخل بلدانهم واللاجئين، علي المساعدات المخصصه للطوارئ، وبشكل رئيسي المستلزمات المنزليه وادوات النظافه الشخصيه، توصيل المياه النقيه لاكثر من 600500 شخص في جميع ارجاء البلاد من خلال 26 مشروعا.

وساعدت اللجنه علي استفاده اكثر من 13500 شخص من ذوي الاعاقه من الخدمات، التي يقدمها 13 مركز اعاده تاهيل بدني تابعه للجنه الدوليه في جميع ارجاء البلاد، واعاده رفات 133 شخصًا الي جمهوريه ايران الاسلاميه في اطار الجهود الايرانيه-العراقيه للكشف عن مصير الاشخاص المفقودين خلال حرب 1980- 1988.

وللجنه 11 مكتبا في العراق تشمل بغداد والبصره ودهوك واربيل وخانقين وكركوك والموصل والنجف والناصريه والرمادي والسليمانيه. ويقدر عدد العاملين في بعثه اللجنه الدوليه في العراق بنحو 817 شخصا منهم 728 مواطنا عراقيا.

زارت اللجنه في 2013 نحو 6000 محتجز داخل 17 مقر احتجاز، وقدمت المساعده للمهاجرين المحتجزين مؤقتا بانتظار الترحيل، وقدمت استشارات طبيه لاكثر من 68000 شخص من ذوي الاعاقه البدنيه، الي جانب توزيع المواد الغذائيه علي اكثر من 10000 شخص، ووفرت لـ 32000 مزارع في محافظه عمران تحصينات لاكثر من 700000 راس من الماشيه ضد الامراض الوبائيه، اضافه الي علاج 50 بقره تمتلكها 50 امراه معيله من انواع امراض مختلفه، وذلك في عزله السواد في محافظه عمران. وتمكنت اللجنه الدوليه من تحسين الامن الاقتصادي وتمكين استئناف الانشطه الزراعيه لـ42000 شخص في محافظه ابين الجنوبيه.

تزور اللجنه الدوليه بانتظام الفلسطينيين الذين تحتجزهم اسرائيل لرصد طريقه معاملتهم وظروفهم المعيشيه. وتمكّن اللجنه الدوليه ايضًا المحتجزين من تبادل الاخبار مع عائلاتهم ومن تلقي الزيارات العائليه. وتواصل اللجنه الدوليه دعوه اسرائيل الي السماح باستئناف برنامج الزيارات العائليه الخاص باهل غزه، والذي تمّ تعليقه منذ عام 2007.

وتزور اللجنه الدوليه ايضًا الاشخاص الذين تحتجزهم السلطات في قطاع غزه والسلطه الفلسطينيه في الضفه الغربيه وتواصل الجهود الراميه الي الكشف عن مصير الاسرائيليين والفلسطينيين الذين ما زالوا في عداد المفقودين منذ النزاعات السابقه في المنطقه. وتفيد التقارير بسقوط نحو 11 من عاملي الاغاثه التابعين لوكاله "اونروا" خلال شهر واحد من النزاع في غزه خلال عمليه الجرف الصامد الجاريه.

يقع المركز الرئيسي للجنه في جنيف وهناك مراكز للجنه الدوليه في نحو 80 بلدا ويعمل معها عدد من الموظفين يتجاوز مجموعهم 12000 موظف، واللجنه تعد مصدر انشاء القانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقيات جنيف.

وتعود قصه نشاتها الي مبادره شخصيه في 24 يونيو/ حزيران 1859 في بلده سولفرينو في شمال ايطاليا، عندما اشتبك الجيشان النمساوي والفرنسي في معركه ضاريه, وبعد 16 ساعه من القتال كانت ساحه القتال تغص باجساد 40 الفا من القتلي والجرحي. وفي مساء اليوم نفسه وصل مواطن سويسري يُدعي هنري دونان الي المنطقه في رحله عمل. وهناك اثر فيه رؤيه الاف الجنود من الجيشين وقد تركوا يعانون بسبب ندره الخدمات الطبيه الملائمه.

ووجّه دونان اذ ذاك نداء الي السكان المحليين طالبا منهم مساعدته علي رعايه الجرحي من كلا الجانبين. وعند عودته الي سويسرا نشر "دونان" كتاب "تذكار سولفرينو", الذي وجّه فيه نداءين مهيبين: الاول يدعو فيه الي تشكيل جمعيات اغاثه في وقت السلم تضم ممرضين وممرضات مستعدين لرعايه الجرحي وقت الحرب; والثاني يدعو فيه الي الاعتراف باولئك المتطوعين الذين يتعين عليهم مساعده الخدمات الطبيه التابعه للجيش وحمايتهم بموجب اتفاق دولي.