المحتوى الرئيسى

فعلها الرئيس | المصري اليوم

08/22 22:14

أمس الأول الخميس، طلب الرئيس من وزارة الكهرباء قطع التيار عن بيته، شأنه شأن أى بيت آخر فى البلد، ولم يملك وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر إلا أن ينفذ الأمر، وإلا أن يستجيب للطلب، وأصبح بيت الرئيس خاضعاً لقاعدة تخفيف الأحمال التى تتبعها الوزارة منذ بدء الأزمة مع جميع المواطنين.

وأتوقع أن يتذكر قارئ هذه السطور أنى كنت قد كتبت فى اليوم السابق مباشرة، أقصد يوم الأربعاء، أطالب رأس الدولة بأن يطلب إخضاع بيته، ومعه مكتبه الرئاسى، للقاعدة ذاتها التى يخضع لها الجميع، ولابد أن القارئ الكريم يذكر أنى قلت إن هذا لو حدث فسوف تكون تلك هى بداية حل الأزمة التى يعانى منها كل مصرى، والتى وصلت ذروتها الإثنين الماضى.

بالتالى، فإن ما طلبته لم يكن سببه أنى أريد قطع التيار عن بيت الرئيس، لمجرد القطع، وإنما كان الهدف أنه مهما قيل للرجل المسؤول عن الدولة إن الكهرباء تقطع، وإنها تأتى ساعة، وتذهب ساعة، وإن مواطنيه يعيشون حياة قاسية، فلن يتصور حجم المشكلة على حقيقتها، مهما قيل له من محيطيه، ومن تقارير مكتبه، إلا إذا واجه هو المشكلة حية كما هى بجميع أبعادها.. وعندها سوف يعانى كما أعانى أنا، وتعانى أنت، وسوف تكون هذه هى نقطة البدء نحو إيجاد حل سريع للمشكلة.

لماذا؟.. لأن هناك فارقاً كبيراً، بين أن تعانى أنت، كمواطن عادى، من مشكلة، ثم تتألم منها، ولا تملك لها حلاً، وبين أن يعانى منها الرئيس، فيتألم هو الآخر، غير أن ألمه هو سوف يختلف لأنه سيدفعه دفعاً إلى البحث عن حل، وسوف يجعله لا يغمض له جفن، حتى ينهيها كمشكلة، وهو قادر بحكم أنه رئيس مسؤول، وهنا بالضبط يكمن الفارق بين أن يواجه المصريون فى عمومهم إشكالاً من هذا النوع، وبهذا الحجم، فيظل كل واحد منهم يصرخ من المعاناة، وبين أن يواجه رئيسنا الإشكال نفسه، فلا يدع المسؤولين المختصين ينامون حتى يأتوا له بالحل بأى طريقة.

ثم إن هناك فارقاً آخر مهماً، وهو أن بيت أكبر مسؤول فى الدولة عندما يكون خاضعاً لما يخضع له بيت كل واحد منا، فى موضوع الكهرباء خصوصاً، فإن انتظام التيار فى بيته سوف يكون معناه أنه انتظم فى سائر البيوت، مادام مصدر الطاقة واحداً فى بيته، وفى بيتك، وفى بيتى، ومادام هو راغباً فى ألا يكون استثناءً، وأن يشعر بالمأساة كما يشعر ويحس بها غيره، سواء بسواء، وبالطبع، فإن غرورى قد يصور لى أن يكون الرئيس قد طالع ما كتبته، وما وجهته إليه شخصياً، أو أن يكون رجل أمين فى مكتبه قد نقل إليه ما كتبت، فاستجاب هو من ناحيته، غير أن هذا ليس الأهم فى القصة، لأن الأهم أنه فعل ما فعله، سواء استجاب لكلماتى فى هذا المكان، صباح الأربعاء، أو استجاب لهاتف من نفسه ومن داخله، أو.. أو.. إذ ما يهمنا فى الحقيقة، أنه فعل، وليس مهماً لماذا فعل، ولا ما هى الدوافع وراء الفعل ذاته.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل