المحتوى الرئيسى

جهاز القاهرة الجديدة يتعاقد مع شركات نظافة متورطة فى تشغيل الأطفال | المصري اليوم

08/22 21:42

علي صوت والدته يستيقظ «محمد عامر» ابن الثالثه عشره فجر كل يوم لكي يتناول افطاره سريعا قبل الذهاب الي العمل، يتكرر روتين محمد اليومي منذ اضطرته وفاه والده الي ترك المدرسه والاطاحه بحلمه، حيث كان يتمني ان يصبح طبيباً ليساعد في علاج المرضي وانقاذهم من الموت الذي اختطف والده.

في تمام الـ5:30 فجر كل يوم يقف محمد في الشارع بانتظار سيارة نقل تقله وزملاء له، يقاربونه السن، من محافظة الشرقية الي القاهره الجديده، بمجرد وصوله لمقر عمله يرتدي صديريه برتقاليه تحمل اسم شركه «الفا ايجيبت ديزاين»، التي تختص بالعمل في مجال النظافه بالتعاقد مع جهاز مدينه القاهره الجديده، ليبدا عمله من الساعه الثامنه صباحا وحتي الثانيه والنصف ظهراً.

عم اشرف (مقاول الاطفال) يستقل المقعد المجاور لسائق السياره التي يستقلها محمد ليتولي مهمه توجيه السائق لتوزيع الاطفال علي اماكن متفرقه ومتباعده في احياء القاهره الجديده، ويبرر محمد ذلك قائلا: علشان يكون كل واحد مننا مسؤول عن نظافه مكانه امام عم اشرف، الذي يقوم بالتفتيش علينا في اي وقت. ويوضح: «عم اشرف ده بلديتنا، عرض علي والدتي توفير فرصه عمل لي، ووالدتي وافقت».

يقف محمد بمفرده في احد شوارع التجمع الخامس ويحاول جاهداً احكام قبضته علي عصا المكنسه التي تفوقه طولاً لكنس المنطقه المطلوبه منه وجمع الاتربه والقمامه الي جانب الرصيف حتي تاتي سياره رفع القمامه في اخر اليوم وتقوم برفعها.

لم يمر علي محمد فتره طويله في ممارسه هذه المهنه، حيث بدا العمل منذ شهر واحد فقط بعد وفاه والده، 15 جنيها يومياً هي المقابل الذي ترك محمد من اجله دراسته بالاعداديه ليعمل في كنس شوارع القاهره الجديده، والهدف ان يساهم في مصاريف البيت الذي اصبح مسؤولاً عنه، واستكمل حديثه قائلا: «بدات عملي هنا منذ شهر واحد فقط، واتقاضي 450 جنيها شهريا نظير عملي من 8 صباحا وحتي الثانيه والنصف ظهرا في الايام العاديه ومن 8 صباحا».

كنت داخل ثانيه اعدادي، لكن بعد وفاه والدي اصبحت انا المسؤول عن والدتي واخوتي، اصبحت رجل البيت، اخوتي مازالوا صغارا في السن ومش عايزهم يتبهدلوا زيي، لذا نويت ان احقق حلمي بيهم، ساوفر لهم كل السبل والنقود كي يتمكنوا من اكمال تعليمهم وتحقيق حلمي الذي شاءت الظروف ان تحرمني منه، ليس امامي اي حل اخر، هكذا استكمل «محمد» حديثه ليضيف: «بفضل واقف هنا لحد ما يجي ميعاد المرواح العربيه اللي جابتني بتيجي تاخدني وترجعني البلد».

وفي التجمع الاول، حيث يعمل الأطفال التابعون لـ«الفا ايجيبت ديزاين»، تقف 3 بنات علي رصيف واحد ولكن علي مسافات متباعده، كل منهن ترتدي «كاب» علي راسها، واحداهن تغطي وجهها فلا يظهر من وجهها سوي عيناها، وتمسك بالمكنسه وتعمل جاهده لاثبات تفوقها علي زميلتها التي تجاورها، وقالت «عليه»، التي اكملت لتوها عقدها الاول من العمر (10 سنوات)،: «بشتغل هنا بقالي سنه ومبسوطه في الشغلانه دي.. بقبض 450 جنيها في الشهر وعم محمد (المقاول) بيعاملنا كويس جدا».

وعن سبب تغطيه وجهها اوضحت «عليه»: «الشمس هنا جامده ( قاسيه) جدا، ووجهي يحرقني من شده حرارتها لذا قررت تغطيته، كما اني لا اريد ان يعرفني اي احد ولو بالصدفه».

قطعت الطفله القادمه من عزبه طنابا بمحافظه الشرقيه، حديثها فجاه قائله: «عم محمد لو شافني بتكلم مع اي حد هيخصم لي وهيبهدلني»، ثم فرت مهروله لاكمال عملها رافضه اكمال حديثها.

رنا، التي تبلغ 13 عاما، تعمل في الاجازه الدراسيه كل عام، فهي في 6 ابتدائي وحريصه علي اكمال تعليمها، وقالت: «بقالي سنه بشتغل في الاجازه، ووالدي شغال نفس الشغلانه بس بينزلوه في مكان تاني.. باخد 450 جنيه وهو بياخد 650 جنيه في الشهر ومبسوطين اوي».

لا تعرف نعمه (12 عاما) اسم الشركه التابعه لها، هي فقط تدير ظهرها ليظهر اسم «الفا ايجيبت ديزاين» مكتوبا علي الـ«صديريه» الذي ترتديها، وقالت:«داخله 6 ابتدائي وباجي كل يوم من مركز منيا القمح بالشرقيه، بقبض 450 جنيه وكبار السن بيقبضوا 650 جنيه رغم اننا بنشتغل احسن منهم بكتير».

منذ 20 يوما فقط قرر خالد (14 عاما)، وهو من القليوبيه ويعمل بموقع الياسمين بالتجمع الاول، العمل في هذه المهنه لكي يساعد اهله في المصاريف خلال فتره الاجازه الدراسيه، ويقول خالد، الذي يرتدي صديريه «الفا ايجيبت ديزاين»: «اعمل منذ 20 يوما فقط ولم احصل بعد علي اي راتب، وكل من يقفون علي طوال هذا الرصيف من القليوبيه».

بمجرد التجول في ارجاء القاهره الجديده المختلفه تجد الاطفال متناثرين في الشوارع وعلي الارصفه ممسكين بمكانسهم، محاولين حمايه رؤوسهم من حراره الشمس بوضع قطع من الاقمشه فوق رؤوسهم او ارتداء «كاب»، وبينما تعمل الهام (35 عاما) في كنس احد ارصفه شارع الـ90 (المسؤوله عن تنظيفه شركه الصفا)، يعمل ابنها عبدالله (11 سنه)، الذي لم يتلق تعليمه، في كنس الرصيف الموازي لها، تقول: «اعمل هنا انا وابني منذ اكثر من سنه.. احنا من الشرقيه.. واعرف عم انور المقاول الذي يجمعنا كل يوم في المجيء والعوده، هو بلديتنا.. اعرف اننا تابعين لشركه الصفا لكن لم نتعامل مع اي شخص تابع للشركه سوي المقاول».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل