المحتوى الرئيسى

النحاس..مسيرة عامرة بالإنجازات ورحيل أدمى قلوب المصريين

08/21 13:57

من ابرز الاسماء التي شهدتها الساحه المصريه في القرن العشرين، بعد تقلده لسبع وزارات في عهد الدوله الملكيه، فكان خلفاً لزعيم الامه في قياده المصريين وتطوير حزب الوفد.. لتشهد اروقه الحزب تقلد زعيمين لارفع مناصب الدوله وتولي امور المصريين، وتشهد الذكري ذاتها رحيل اكثر الاسماء التي حفرت مكانًا لها باذهان المصريين.

انه مصطفى النحاس ولد في 15 يونيو 1879 في سمنود، محافظه الغربيه، لاسره ميسوره الحال والده محمد النحاس احد تجار الاخشاب المشهورين يمتَلك عده ورش وعقارات، له سبعه من الاخوة والاخوات، تلقي تعليمه الاساسي في كتاب القريه في سن السابعه، ارسله والده وهو في سن الحاديه عشر للعمل بمكتب التلغراف المحلي، ونال اعجاب من في المكتب بعد اتقانه لطريقه الارسال والاستقبال وترجمه الرموز، وصل هذا الخبر احد المستشارين المُقيِمين في الدائره، وذهب الي والده مقنعًا اياه بضروره ارسال ابنه للتعلم في مدارس القاهره، انتقل مصطفي النحاس لاول مره الي مدينه القاهره، والتحق بالمدرسه الناصريه الابتدائيه بالقاهره، وحصل منها علي الشهاده الابتدائيه، ثم التحق عام 1892 بالمدرسه الخديويه الثانويه.

علي خطي استاذه الراحل سعد زغلول التحق مصطفى باشا النحاس بمدرسه الحقوق وتخرج منها عام 1900م ، فرفض العمل بسلك النيابه وظل يعمل في المحاماه حتي عام 1903، وعندما عرض عبد الخالق باشا ثروت عليه العمل بالقضاء ضمن وزاره حسين رشدي باشا خلال فتره توليه وزاره الحقانيه، رفض النحاس هذا العرض، لكن ثروت اقنعه بقبول الوظيفه حتي قبلها.

وكان اول تعيين له كقاضٍ في اكتوبر 1903 بمحكمه قنا الاهليه واسوان امضي فيها الفتره من 1903 الي 1908،يعقب ذلك تسعه اعوام من التنقل بين مدن الدلتا والقاهره وطنطا حيث تولي اخر مناصبه كرئيسً لدائره محمكه طنطا، وحصل وقتها علي رتبه البكويه.

دخل النحاس غمار السياسه حينما اعلن الرئيس الامريكي وودرو ويلسون المبادئ الاربعه عشر ونادي بحق الشعوب الصغيره في تقرير مصائِرها بعد الحرب العالميه الثانيه الامر الذي اثر في قرارات النحاس الذي كان يكن شعوراً عدائياً تجاه الاحتلال البريطاني لمصر.

كان النحاس يعمل قاضيًا بمدينه طنطا، ويلتقي ببعض اصدقائه في القاهره بمكتب المحامي احمد بك عبداللطيف الذي كان من المؤيدين لفكر الحزب الوطني، حيث شغل المجموعه التفكير في اليه لايصال صوت مصر للعالم، وكان هذا هو الفكر السائد لدي المجموعات السياسيه في هذا الوقت

من هنا التقت خطي النحاس وزغلول الذي تقلد وقتها نائب رئيس الجمعيه التشريعيه، ففي بدايه الامر رفض عبدالعزيز فهمي عضو الجمعيه واحد المقربين من سعد زغلول طلب علي ماهر "مدير اداره المجالس الحسبيه بوزاره الحقانيه -العدل حاليًا" الذي تطلع لاقناعه بعمل المجموعه تحت قياده سعد زغلول حين ذاك ، قرر النحاس الذهاب بنفسه لاقناع فهمي بذلك، فغنم النحاس بموافقته، واخبره بان هناك نيه لتشكيل وفد مصري يتحدث باسم مصر، كما ان هناك توجها بدمج كافه المجتمع في هذا الوفد، حتي لا يتهم الوفد بالحزبيه.

بعدها بدا زغلول بتشكيل الوفد، مدركاً انه لو سمح للحزب الوطني ارسال مرشحيه، سيرسل المغالين منهم، وهذا ما كان سيجهض اي مفاوضات، فسعي الي ضم عناصر من الوطني ولكن تجنبًا لاي صراعات قد اخُتير مصطفي النحاس وحافظ عفيفي في 20 نوفمبر 1918 ضمن اعضاء الوفد السبعه.

اثناء  الحرب العالميه الاولي تم اعلان الاحكام العرفيه علي الامه المصريه ، فقامت قوات الاحتلال بتسخير المصريين لخدمه الحرب والدول المشاركه فيها، ففصلت مصر عن الدوله العثمانية وفرض الحمايه البريطانيه عام 1914 ، فضلاً عن عزل الخديوي عباس حلمي وتعين حسين كمال سُلطان مصر.

كان لتاليف الوفد المصري المنوط به السفر الي مؤتمر باريس للسلام، لمناقشه القضيه المصريه ، اثره الكبير كمقدمه ادت الي اشتعال الثوره، فقد اعتقلت بريطانيا سعد زغلول وثلاثه من زملائه لتشكيلهم الوفد ونفتهم الي جزيره مالطا، الامر الذي ادي الي بدايه الاحتجاجات في مارس 1919.

فاندلعت النيران في قلوب المصريين الوطنيين وانطلقت التظاهرات في العديد من المدن والاقاليم المصريه وكانت القاهره والاسكندريه وطنطا من اكثر تلك المدن اضطرابًا، مما ترتب عليه اضطرار السلطات البريطانيه بالافراج عن سعد زغلول وزملائه، والسماح لهم بالسفر لباريس .

وصل الوفد المصري الي باريس في 18 ابريل 1919، واُعلن شروط الصلح التي قررها الحُلفاء، مؤيده للحمايه التي فرضتها انجلترا علي مصر.

وصلت لجنه ملنر في 7 ديسمبر ،وهي لجنه شُكلت من قبل الحكومه البريطانيه، للوقوف علي اسباب ثوره 1919 في مصر، فيها دعا اللورد ملنر الوفد المصري في باريس للمجئ الي لندن للتفاوض مع اللجنه، واسفرت المفاوضات عن مشروع للمعاهده بين مصر وانجلترا ورفض الوفد المشروع وتوقفت المفاوضات.

استؤنفت المفاوضات مره اخري، وقدمت للجنه مشروعاً اخر، فانتهي الامر بالوفد الي عرض المشروع علي الراي العام المصري، ثم قابل الوفد اللورد ملنر وقدموا له تحفظات المصريين علي المُعاهده، فرفض ملنر المناقشه حول هذه التحفظات، وغادر الوفد لندن في نوفمبر 1920 ووصل الي باريس، دون اي نتيجه.

عُرِض مشروع ملنر، ووافق عليه طائفه ملاك الاراضي الزراعيه مُعلنين بان هذا اقصي ما يمكن تحصيله، ولكن كان لسعد زغلول راي اخر وهو ان هذا العرض غير مناسب بعد الثوره، لذا كتب سعد زعلول للنحاس وواصف وعفيفي في 22 اغسطس 1920 يعرض فيه مشروع ملنر ومشكله الامتيازات واستمرار الحمايه البريطانيه.

كان النحاس في هذا الوقت في القاهره، بينما كان سعد في اوروبا وكان من المفترض ان يقوم اعضاء الوفد في القاهره والعائدين من الخارج بعرض المشروع علي الشعب بحياد للتعبير عن رايه، تلقي النحاس رساله سعد فما كان منه الا ان عرض المشروع بحياد مطلق، ما يوحي بعدم تاييده لذلك دون ان يُعلن صراحهً، فاقترح النحاس علي الوفد بعد ذلك كتابه التحفظات التي ابداها الشعب حول المشروع، مما يعني ان المشروع غير مقبول بشكله الحالي، ادي هذا الاقتراح الي فعاليه اكثر لشخصيه النحاس داخل الوفد، وليس كونه مجرد تابع لسعد زغلول.

حينها دعت بريطانيا المصريين الي الدخول في مفاوضات لايجاد علاقه مرضيه معها غير الحمايه، فمضت وزاره عدلي بمهمه المفاوضات، ولم تنجح بعد رفضها لمشروع المُعاهده، وهنا وجه الزعيم المصري سعد زغلول نداءً الي المصريين دعاهم الي مواصله التحرك ضد الاحتلال البريطاني فاعتقلته السلطه العسكريه هو وزملاءه، ونفي بعد ذلك الي جزيره سيشيل.

ادت كل هذه العقبات الي تكوين شخصيات عامه لحزب جديد باسم حزب الوفد بزعامه سعدزغلول، وكان من ابرز اعضاء الحزب مصطفي النحاس الذي عُين سكرتيرًا عاما للحزب الجديد عندما بدا رئيس الحزب في ضم مجموعه كبيره من اعضاء حزب الأمه والجمعيه التشريعيه والحزب الوطني.

في 28 فبراير 1922الغت بريطانيا الحمايه المفروضه علي مصر منذ 1914 وهنا فقط قد توهمنا ان الثوره قد حققت مطالبها التي  فشلت فيها مسبقاً، ففي 1923صدر الدستور المصري وقانون الانتخابات والغيت الاحكام العرفيه، ومن المؤسف لم تستطع الثوره تحقيق الاستقلال التام، فقد ظلت القوات البريطانيه متواجده في مصر بعد كل هذه الانجازات التي حققت واحده تلو الاخري.

في 5 ابريل 1940م قدم الزعيم مصطفي النحاس مذكره للسفير البريطاني ليحملها الي الحكومه البريطانيه فيها ان تصرح من الان بان القوات البريطانيه ستنسحب من الاراضي المصريه فور انتهاء الحرب وان مصر ستشارك في مفاوضات الصلح وسيتم الاعتراف بحقوق مصر في السودان والغاء الاحكام العرفيه، وقوبلت هذه المذكره بارتياح كبيره من فئات الشعب.

كانت علاقه الاخوان بحزب الوفد في بداياتها قائمه علي النصح والارشاد ولكن بدا الصراع مع قرارات المؤتمر السادس للإخوان المسلمين في عام 1941م بعد ان حل النحاس باشا البرلمان قرر الامام البنا الدخول في الانتخابات عن دائره الاسماعيليه .

غير ان هذا الامل تبدد بعد ان استقبل النحاس مرشد الجماعه حسن البنا وامره بسحب الترشح .

*عندما استقالت وزاره حسين سري في 2 فبراير 1942 التي في وقتها كانت مصر قد اوشكت علي مجاعه حيث ندره الخبز والسلع التموينيه، كانت قوات معركه العلمين علي مشارف ابوابها وكان القائد روميل قائد الجيش الالماني قد وصل الي الصحراء الغربيه بجوار اسكندريه،حينذاك تقدم السفير البريطاني بانذار الملك فاروق وطلب منه تاليف وزاره تحرص علي الولاء لشعبه وتحظي بتاييد شعبي وان يتم ذلك في موعد اقصاه 3 فبراير 1942، وتلبيه لطلب رومل استدعي الملك فاروق قاده الاحزاب السياسه في محاوله لتشكيل وزاره ائتلافيه وكانوا جميعا عدا الزعيم مصطفي النحاس مؤيدين لفكره الوزاره الائتلافيه برئاسه الزعيم النحاس ولكن رفض الزعيم الوطني تاليف وزاره ائتلافيه حتي لو كانت برئاسته.

في اليوم التالي تقدم السفر البريطاني للملك فاروق بانذار جديد، الا ان الزعيم مصطفي النحاس رفض الانذار هو وجميع الحاضرين من الزعماء السياسيين اثناء الاجتماع الذي دعا اليه الملك بعد تلقي الانذار علي الرغم من موافقه الملك علي الانذار، بعد ساعات قليله من الاجتماع حاصرت القوات البريطانيه قصر عابدين واجتمع قائدها جنرال ستون بالملك ودعا لاجتماع القاده السياسيين واعلن انه كلف النحاس بتاليف الوزاره ورفض النحاس وظل الملك يلح عليه مناشدا وطنيته ان ينقذ العرش ويؤلف الوزاره ولم يكن هناك مفر من ان يقبل النحاس تشكيل الوزاره مسجلاً ذلك للتاريخ.

وقتها سجل التاريخ كلمات ماثوره عن الزعيم الوطني ليكتب بحروف من نور مصير البلاد في خطابه للملك قائلاً "وبعد ان الححت علي المره تلو المره والكره بعد الكره ان اتولي الحكم وناشدتني وطنيتي واستحلفتني بحبي لبلادي من اجل هذا انا اقبل الحكم انقاذاً للموقف منك انت...".

*في 5 فبراير 1942م ارسل الزعيم مصطفي النحاس احتجاجا الي السفير البريطاني في خطابه المشهور استنكر فيه تدخل الانجليز في شئون مصر جاء فيه "لقد كلفت بمهمه تاليف الوزاره وقبلت هذا التكليف الذي صدر من جلاله الملك، بما له من الحقوق الدستوريه وليكن مفهوما ان الاساس الذي قبلت عليه هذه المهمه هو انه لا المعاهده البريطانيه المصريه ولا مركز مصر كدوله مستقله ذات سياده يسمحان بالتدخل في شئون مصر الداخليه وبخاصه في تاليف الوزارات او تغييرها.

*رد السفير البريطاني مايلز لامبسون علي الزعيم مصطفي النحاس بخطابه قائلا: "لي الشرف ان اؤيد وجهه النظر التي عبر عنها خطاب رفعتكم المرسل منكم بتاريخ اليوم واني اؤكد لرفعتكم ان سياسه الحكومه البريطانيه قائمه علي تحقيق التعاون باخلاص مع حكومة مصر كدوله مستقله وحليفه في تنفيذ المعاهده البريطانيه المصريه من غير اي تدخل في شئون مصر الداخليه ولا في تاليف الحكومات او تغييرها.

النحاس يشعل الثورة المصرية الثانيه

احتشدت قاعه مجلس النواب بالشيوخ والنواب الذين حضروا ليستمعوا للبيان الذي سيلقيه رئيس الحكومه الزعيم الجليل مصطفي النحاس في يوم 8 من اكتوبر عام 1951، حيث وقف النحاس علي منصه مجلس النواب شارحاً تفاصيل المفاوضات التي اجرتها حكومته مع الجانب البريطاني لتحقيق الجلاء عن مصر وتوحيد شطري الوادي "مصر والسودان" تحت التاج الملكي الي ان قال "حضرات الشيوخ والنواب المحترمين، لقد انقضي وقت الكلام وجاء وقت العمل، العمل الدائب المنتج الذي لا يعرف ضجيجاً او صخباً بل يقوم علي التدبير والتنظيم وتوحيد الصفوف لمواجهه جميع الاحتمالات وتذليل كل العقبات واقامه الدليل علي ان شعب مصر والسودان ليس هو الشعب الذي يٌكره علي مالا يرضاه او يسكت عن حقه في الحياه.

وتابع قائلاً: "اما الخطوات العمليه التاليه فستقفون علي كل خطوه منها في حينها القريب، واني لعلي يقين من ان هذه الامه الخالده ستعرف كيف ترتفع الي مستوي الموقف الخطير الذي تواجهه متذرعه له بالصبر والايمان والكفاح وبذل اكرم التضحيات في سبيل مطلبها الاسمي، مضيفاً يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: من اجل مصر وقعت المعاهده سنه 1936..ومن اجل مصر اطالبكم اليوم بالغائها..".

وبالفعل الغيت المعاهده وقد زلزل الغائها كيان بريطانيا، فقد اجتمع في اليوم التالي هربرت موريسون وزير خارجيه بريطانيا بكل مستشاري الوزاره وحضر الاجتماع بريان روبرتسون قائد القوات البريه في الشرق الاوسط واصدر الوزير بياناً يحتج فيه علي الغاء المعاهده.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل