صدر حديثا كتاب «الحجر والصولجان» للكاتب خالد عزب

صدر عن الدار المصريه اللبنانيه في القاهره كتاب الحجر والصولجان من تاليف الدكتور خالد عزب في مصر الفرعونيه اكتشف الفراعنه اهميه الصوره في السيطره علي الجمهور، لذا نقشت جدران المعابد بنقوش مصوره تحكي عظمه الفرعون وهيبته وهيبه دولته وجذوره المقدسه، فكان يستخدم لهذا الغرض الهيروغليفيه وهي علامات تصويريه كان يفهمها كل المصريين كاداه لايصال هذه الرساله .

تعد قبة الصخرة والحرم القدسي الشريف حولها ابرز العمائر التي تحمل مضامين حضاريه. يعود تشييد القبه الي العصر الأموي، الذي شهد نزاعا حضاريا بين الدولة الاموية والدوله البيزنطيه علي السيطره علي العالم القديم. واتخذ هذا النزاع صورا متعدده.

منها تعريب طراز اوراق البردي التي كانت تصنع في مصر. وتعريب للنقود في اطار سياسه رسمها عبد الملك بن مروان الهدف منها ارضاء الشعور الديني والسياسي للمسلمين، ورغبته في اعاده حق ضرب النقود الي الخلافه في شخص الخليفه كمظهر من مظاهر الملك والسلطان بعد ان انتزع حق ضرب النقود كثير من الولاه والثائرين فكان الاصلاح النقدي سببا هاما في القضاء علي الفوضي السائده تحقيقا للاستقرار السياسي. فضلا عن ان النقد العربي الخالص يعبر عن سياده الدوله وخروجها من تحت عباءه النفوذ الاقتصادي البيزنطي، لذا اتجه عبد الملك الي الاستقلال الاقتصادي بتعريب النقود، فضلا عما يتيحه هذا من توحيد النظام النقدي في دوله تمتد عبر مساحات شاسعه من الاراضي.

اتجه عبد الملك بن مروان في اطار هذا المخطط الشامل الي العماره التي ترمز الي سياده الدوله واتجاهاها الفكري، ففي القدس تبني مشروعا ذا طابع سياسي ديني حضاري، يرتكز علي الاهتمام بعماره الحرم القدسي الشريف خاصه قبه الصخره والمسجد الاقصي، لارتباط هذا الحرم بالعقيده الاسلاميه فهو اول القبلتين، وفيه صلي الرسول بالانبياء واليه كان اسرائه ومنه كان معراجه. ولما كانت عماره الحرم انذاك بسيطه لا تتناسب مع ما حولها من كنائس، خاصه كنيسه القيامه المقدسه لدي المسيحيين، ومع ما قد تحدثه عماره الكنائس في نفوس بعض المسلمين، ورغبه عبد الملك في اثبات الهويه الحضاريه الجديده للمدينه. تبني مشروع عماره قبه الصخره والمسجد الاقصي.

ويلفت الانتباه من هذا المشروع قبه الصخره، ابرز اثار الحرم، فهي تعد اول عمل معماري واع لعظمته بل متباه بها، انتهي من بنائها عام 72 هـ / 692 م. وهي تري من مسافات بعيده، وهي مبنيه فوق صخره مقدسه، حولها ممرين يدوران حولها بمسقط مثمن، شامخه في الهواء في مركز الحرم القدسي علي تل من تلال القدس.

وهذه القبه ذات التصميم الهندسي الذي يصل لحد الكمال والروعه كانت مزخرفه بالفسيفساء علي كل سطوحها داخلا وخارجا، وكانت ومازالت تبهر الرائين حتي ان كثيرا منهم لم يملكوا انفسهم من اضفاء كل صفات البريق واللمعان عليها، مهملين في الوقت نفسه، للاسف، ان يخبرونا ماذا كانت تلك اللوحات الفسيفسائيه تمثل، ولا نستطيع ان نحكم علي موضوعات فسيفساء القبه حكما كليا لان جزءا كبيرا من الفسيفساء الامويه فقد، ولكننا نملك بعض الشواهد علي هذه الموضوعات من فسيفساء الرواق المثمن الداخلي، يمكن عند ربطها بدقه عماره القبه الانتهاء الي الرمزيه السياسيه لها.

اننا هنا امام تساؤلات عديده تطرح نفسها هذا المبني ورمزيته. ان التوجهات السياسيه والاعلاميه والعقيده تبرز في الايات القرانيه المختاره بدقه، وفي تركيز وضع صور تيجان الملوك في الرواق حول القبه وبمواجهتها. فالنص القراني يحتوي علي كل الايات التي تتكلم عن المسيح في موقعه الاسلامي المختار كنبي مرسل. والتيجان تبدو اشبه ما يكون بالتيجان الحقيقيه للملوك المغلوبين، التي كان اباطره الرومان والبيزنطيين يضعونها في معابدهم و كنائسهم كعلامات نصر ورمز ايمان بافضليه معتقدهم. وبالتالي يمكن هنا ان ننظر الي هذين العنصرين الزخرفيين علي انهما بالنسبه لبناه قبه الصخره وسيلتي دعايه لدينهم ولدولتهم المنتصرين، خاصه اذا تذكرنا ان قبه الصخره قد بنيت في القدس التي كان اغلب سكانها المسيحيين ما زالوا يدينون بالولاء لامبراطور القسطنطينيه البيزنطي، في وقت كانت الدوله الامويه فيه في خضم صراع مرير مع البيزنطيين في شمال بلاد الشام.

فالقبه مبني معماري ذا رمزيه سياسيه ينبئ في القدس عن رغبه الدوله الامويه في بث حضاره جديده تعبر عن اتباع الدوله المقمين في المدينه، ويوجه رساله الي الاخرين عن مدي قوه الدوله ومضمون رسالتها. وظلت قبه الصخره بلونها الذهبي، رمزا المدينه القدس، يعلوها الهلال الذي يوازي اتجاه القبله. وعندما استولي الصليبيون علي القدس نزعوا الهلال من فوق قبه الصخره،واقاموا مكانا صليبا من الذهب. وعندما استرجع صلاح الدين القدس مره اخري سنه 583 هـ / 1187 م. تسلق بعض المسلمون القبه واقتلعوا الصليب، واعادوا الهلال الي مكانه. هكذا شكل الموقع الذي شيدت عليه قبه الصخره جانبا من الرمزيه السياسيه .

كان الضريح معلم بارز من معالم السلطه السياسيه ورمزيتها في العديد من مدن العالم الاسلامي وابدع المعمار في تكوينه وزخرفته ليصبح احد مفاخر السلطه، وبلغ هذا الامر ذروته في ضريح تاج محل في الهند، يقع الضريح علي الضفه اليسري من نهر جمنا، وهو عباره عن ضريح من النوع المعروف باضرحه الحدائق. تتقدمه حديقه فخمه بها حوض ماء تنعكس فيه صوره المبني نفسه .

وعلي البعد وراء الضريح بناء اخر عباره عن مسجد. ويتقدمه خان يستخدمه حاليا بوابه ضخمه. والضريح مصفح بالمرمر الناصع البياض في حين ان البناءين امامه وخلفه من الحجر الاحمر. وهذا يؤدي الي ابراز الضريح بمرمره الابيض. والضريح مشيد علي مسطبه مربعه طول ضلعها حوالي 5. مترا يزخرفها وحده مكرره من دخلات معقوده قليله الغور ومسطحه من الداخل، وفي كل ركن من اركان المسطبه مئذنه. والضريح مقام وسط المسطبه.

وهو بناء مشطوف الاركان، وفي كل شطف عقدان فارسي ضخم ( مدبب ) وفي كل من جانبي المدخل عقدان يتماشيان مع عقدي الاركان ويفصل بين العقود جميعا اعمده رشيقه مندمجه ترتفع الي ما فوق سطح الضريح، وحجر المدخل عميق بعض الشيء ويؤدي الي باب الضريح،وهو باب معقود وفوقه نافذه تكاد تساويه في الشكل والحجم. ويعلو البناء قبه بصليه ضخمه فوق رقبه طويله. وفي اسفل القبه شريط من وحدات نباتيه اشبه بشجيرات محوره تبدو وكان القبه تنبثق منها. وتحف برقبه القبه قباب اربعه تقوم علي ثمانيه عقود مفصصه ترتكز علي دعائم، اما في الداخل فيوجد قبران من المرمر هما قبر شاه جهان وزوجته ممتاز محل. وسطح البناء من الداخل علي هيئه قبه نصف كرويه هي القبه الداخليه التي تعلوها القبه الخارجيه البصليه. جمع تاج محل اذن بين الفخامه في المظهر والدقه في النسب المعماريه والجمال في العناصر الزخرفيه.

يعرف نموذج تاج محل باضرحه الحدائق،وان كان بناؤه ارتبط بوفاء شاه جهان لزوجته، الا انه ضريح سلطوي يعبر عن قوه السلطه واستقرارها في الهند، ومن ابرز نماذج هذه الاضرحه في الهند ضريح همايون في دلهي 1565 م. وهو ان كان اقل جمالا من تاج محل الا انه يشبهه، ويشكل ضريح تاج محل  قمه التطور نحو الكمال الفني والمعماري.

يقودنا استخدام القبه في العمائر الضريحيه، الي لفت الانتباه ان القبه كمفرده معماريه تغري بتحميلها بمدلول رمزي، ظهر هذا في صوره تحدي حضاري قبله العثمانيون حينما ارادوا التفوق علي ايا صوفيا، فعندما فتحت القسطنطينيه علي يد السلطان محمد الفاتح دخلها ثم زار كنيسه ايا صوفيا، وامر بان يؤذن فيها للصلاه اعلانا بجعلها المسجد الجامع للمدينه. واعطي الفاتح حريه العباده للديانات في المدينه في عقب ذلك.

ومنذ ذلك الحين مثلت قبه ايا صوفيا بضخامتها وارتفاعها الشاهق تحديا حضاريا للعثمانيين. اخذ المعماريون هذا التحدي ماخذ الجد. وكان هدفهم ليس تقليد ايا صوفيا بل التفوق عليها.

ومن هذا المنطلق اتخذوا من القبه المركزيه رمزا للدولة العثمانية والاسلام. حيث اعتبر المسجد هو الرمز الحي للاسلام الذي تسعي الدوله لنشره كدين، وتمثل القبه المركزيه بالمسجد الدوله بينما تمثل القباب الاصغر الاقاليم والولايات التابعه لها. ويؤكد هذه الرمزيه استخدام القبه كوسيله رئيسيه للتغطيه قبل فتح القسطنطينيه. وكانت القبه عند قدماء الاتراك تمثل السماء. ومن المحتمل في ضوء ذلك ان تكون القباب عندهم رمزا للسماء التي تغطي وتحمي الدوله خاصه مع ملاحظه ان الاعمده والدعائم التي كانت تحملها يسجل عليها اسماء الخلفاء الراشدين الاربعه الذين اعتبروا عند الصوفيه اقطابا يحملون اركان العالم.

علقت قبه ايا صوفيا اذهان العثمانيين والاوربيين، خاصه مع التاثير الضخم الذي تركته كنيسه ايا صوفيا ( هاجيا صوفيا ) منذ انشائها في القرن السادس الميلادي بكل فخامتها،

علي عماره الكنائس في اوروبا. وفي هذه الكنائس استخدمت القبه شبه الكرويه بشكل تغلب عليه الرمزيه. ولم يكن قطر قباب هذه الكنائس  يتعدي العشر امتار، ورفعت علي اعمده عاليه، وهي طريقه لم يستخدمها المعماريون العثمانيون.

لقد حافظت القبه في اوروبا علي دلالتها الرمزيه، ففي كنيسه " سانت بيتر " في روما كان انشائها مشروعا يحمل مفهوما مثاليا ونظريا تصوره ليوناردو دافنشي في اول الامر ثم قام برامانت بتطويره، ولكن الذي بناه ميشيل انجلو الذي اضاف عليه المزيد من التحسينات الانشائيه. ولعل استمرار التنويع في تصميم القبه يوضح مدي رسوخ القبه كمفهوم رمزي في التقاليد الاوربيه. بدءا من استخدامها في الكنائس حتي بناء قاعات الاجتماعات في القرن العشرين .

شاع في اوروبا اختلاف الشكل الخارجي عن الداخلي للقبه. اذ شيدت القباب بصدفتين واحده خارجيه واخري داخليه. واولي المعمار مطلق عنايته للشكل الخارجي، وهو ما يبين مدي رمزيتها في التعبير عن المبني عن بعد. ويختلف المعمار العثماني عن الاوروبي في ذلك، فهو يطبق حساب المثلثات للقباب شبه الكرويه ذات الشكل الخارجي والداخلي الموحد مع تطوير تكاملها في ملامح الشكل الخارجي المركب والفراغ الداخلي، مما اوجد لديهم معالجه مكانيه اصليه كامله. جوهرها الانشائي هو البساطه المتفرده في تاريخ طراز القباب. باستثناء معابد الالهه الرومانيه. وكذلك عناصر الاضرحه الاسلاميه في الشرق.

داب الاتراك تبعا لسيطره فكره ايا صوفيا علي اذهانهم علي المقارنه المعماريه ما بين تخطيط مسجد بايزيد وتخطيط ايا صوفيا .شيد مسجد بايزيد باستانبول بين عامي 1501 و1506 م، علي يد المهندس خير الدين، وبصرف النظر عن وجود قبه مركزيه ونصفي قبه في المسجد، فانه لا وجه لمقارنه احد المبنيين بالاخر،لا من حيث التخطيط ولا من حيث اسلوب البناء. والحقيقه انهما يختلفان تماما، وكل منهما عالم مستقل بذاته. فمسجد بايزيد يمثل تطورا طبيعيا للعماره العثمانيه السابقه عليه. اما ايا صوفيا، فانها وان اثارت اعجاب المعماريين العثمانيين، الا ان الافكار التي اوحت بها اليهم كانت موجوده في اسالبيهم وفنون عمارتهم.

استمر المعماريون في استانبول في تطوير عماره القباب، فشيد مسجد سليم الاول بقبه بلغ قطرها 24 مترا،وهي بذلك تمثل نجاحا رائعا من الناحيه التقنيه،الا انها تفتقد دفيء الابداع .فثقل القبه يقع علي الجدران. وهي غير مرتفعه وهو ما عكس ضعفها وعدم تعبيرها عن قوه السلطه او قوه عمارتها. وكان علي العماره العثمانيه ان تنتظر سنان.

ظفر عصر كل من السلطانين سلميان القانوني وسليم الثاني بالمعماري العظيم سنان. قام سنان في اول اعماله باستكشاف ما يمكن ان يعطيه الفراغ المتاح اخذا في الاعتبار استمراريه التقاليد المعماريه العثمانيه التي ظهرت في ازنيك وبورسه وادرنه. وتظهر اهم مراحل عبقريه سنان المعماريه من خلال ثلاثه اثار عظيمه هي : مسجد شهزاده ومسجد السليمانيه باستانبول والسليميه بادرنه.

كان بناء شهزاده بامر من السلطان سليمان القانوني لسنان، وكان ذلك العام 1548 م،واستغرق هذا العمل اربع سنوات، ونري فيه المحاوله الاولي لسنان في معالجه مشكله قباب ايا صوفيا وبايزيد، عندما ابتكر النموذج المثالي للمبني ذي القبه المركزيه وانصاف القباب الاربعه حولها. وسنان بهذا العمل يكون قد حقق احلام مهندسي النهضه.

بني بعد ذلك سنان مجمع السليمانيه للسلطان سليمان القانوني علي واحده من ربوات استانبول التي تطل علي خليج القرن الذهبي المؤدي لمضيق القرن البسفور. واستفاد من مدرجات هذه الربوه في تصميمه، قام التصور الذي وضعه سنان للمسجد علي ان يكون وحده مستقله لها فناء ذو بوائك، وان يعكس تخطيطه الداخلي مظهره الخارجي، وجعل قطر القبه الرئيسيه بالمسجد 5. , 26 مترا وارتفاعها 53 مترا، وهي اكثر قباب استانبول ارتفاعا بعد ايا صوفيا وترتكز القبه علي اربع دعامات ضخمه، ولزياده اتساعها من ناحيتي المدخل والقبله اضيف لهما نصفا قبه من كل ناحيه بارتفاع 4. مترا. ثم وسعت هاتان المنطقتان بحنيات ركنيه اضافيه. اما المساحتان الموجودتان الي اليمين واليسار فقد غطيت كل منها بخمس قباب. وبدلا من الرتابه التي قد تنجم عن استخدام قباب صغير ه متماثله. فقد عمد سنان الي ابتكار جذاب غير مالوف يتلخص في تبادل بين قبه صغيره واخري كبيره حسب المساحه التي تغطيها القبه. وكانت القبه الوسطي هي الاكبر وتتعادل في اتساعها مع القبه الركنيه،وبهذا يكون قد تم نوع من التكامل بين منطقه وسط المسجد وبين منطقه البلاطات الجانبيه،ويكون المظهر الخارجي كشف بوضوح عن داخل المسجد بكل تفاصيله الدقيقه. واذا كان الداخل الي المسجد يمتلئ باحساس باللانهائيه،فما ذلك الا نتيجه لارتفاع القبه الشاهق ولابداعات الزخارف الخزفيه التي تكسو القبه.

ابدع سنان وهو في الثمانين من عمره، مسجد السليميه في ادرنه، واشتمل هذا المسجد علي كل الابتكارات والتجديدات التي استحدثها سنان حتي ذلك الحين، بالاضافه الي مستحدثات العماره العثمانيه، استغرق بناء هذا المسجد خمس سنوات من 1569 الي 1574 م. وهو يمثل الرمز الحي لمدينه ادرنه وللدوله العثمانيه. انشيء هذا المسجد بامر من السلطان سليم الثاني. يظهر هذا الاثر متجليا من بعيد بقبته الكبيره ـ ذات قطر  يبلغ 5. , 31 مترا ـ اي اكبر من قطر ايا صوفيا ـ وبماذنه الاربع الرشيقه، التي تدور حول رقبه قبته المثمنه، وتتوافق ضخامه القبه وارتفاعها مع المساحه الكبيره في الداخل،حتي لكانه يمكن اعتبارها قمه التطور في بناء القباب في العالم باسره. وجاء في ( تذكره البنيان ) التي يقال انها من املاء سنان، وصف لهذه المنشاه بقوله .... ( وترتفع الماذن الاربع عند اركان القبه الاربعه، ولكنها ليست غليظه كالبرج، مثلما هو الحال في ماذن اوج شرفلي. ولا يخفي بالطبع ما هناك من صعوبات تواجه بناء ماذن سامقه كماذن السليميه، التي تضم كل منها ثلاث سلالم منعزله. واذا كان قد شاع بين المهندسين المسحيين القول بتفوقهم علي المسلمين،لانه لم تقم في العالم الاسلامي كله قبه تضارع او تنافس ايا صوفيا،فقد حز في نفسي كثيرا ان يقال ان بناء قبه بمثل ضخامه ايا صوفيا، ربما يكون من الاعمال العسيره ولهذا قررت مستعينا بالله ـ اقامه هذا المسجد ـ في عهد السلطان سليم خان، جاعلا قبته اوسع من ايا صوفيا بمقدار سته اذرع واعمق منها بمقدار اربع اذرع). وقبه السليميه محموله علي ثماني دعامات قويه، لها سنادات طائره.

هكذا اصبح سنان استاذا كبيرا في بناء القباب وفي تنسيق المساحات، وعبقريا باقتدار ونجاح في تصميم القباب المركزيه التي كانت الامل والمثل الاعلي عند معماري عصر النهضه في ايطاليا. وبراعه سنان اتت من المفهوم المعماري الذي انطلق منه، والذي يهدف الي نسق بنائي سليم ومساير لمتطلبات حل مسائل الفراغ والحجم.  ويبدو ان تصور سنان نابع من التجليات العضويه للعمليات المعماريه التي يتحكم المعماري في كل خطوه من خطواتها. ففي المساحات الداخليه الواسعه قد نتصور الابديه في التعبير عن المنحنيات السماويه للقباب والعقود الكبيره مقارنه بالتسطيح او الامتدادات السطحيه للحياه البشريه ممثله في الخطوط الافقيه المستقيمه للاجزاء السفليه. وفي الواقع ان هذه الازدواجيه اعلي واسفل تلك الفراغات الضخمه هي التي توجد المضمون العاطفي في عماره سنان.