المحتوى الرئيسى

الإسلام والاقتصاد: نظرية "القيمة" بين ابن خلدون والإمام الشافعي.. وآدم سميث وكارل ماركس

08/20 15:32

دبي، الامارات العربيه المتحده (CNN) -- تعتبر قيمه السلعه وطريقه تحديد الاسعار من بين المرتكزات الاساسيه في اي نظرية اقتصادية، وباختلاف المبادئ الخاصه بتحديد القيمه تختلف النظريات ما بين راسماليه واشتراكيه وراسماليه حديثه، غير ان الباحث في المفاهيم الاسلاميه للاقتصاد سيعثر علي مفاتيح فكريه تؤكد اسبقيه الفقهاء في التعرف علي الكثير من مظاهر النشاط الاقتصادي وتحديد القيمه.

ويقول الدكتور عبدالعظيم اصلاحي، استاذ قسم الباحثون معهد الاقتصاد الإسلامي جامعه الملك عبدالعزيز بالسعوديه في كتابه الصادر بالانجليزيه حول "اسهام العلماء المسلمين في مجال الفكر والتحليل الاقتصاديين" ان نظريه القيمه ظهرت عند فقهاء الاسلام الذين استفادوا من ترجمات اليونانيين لتطوير نظريات كانوا قد اسسوا لها قبل ذلك بفتره.

وبحسب اصلاحي فان نظريه القيمه بشكلها المعاصر طرحت علي يد عالم الاقتصاد المعروف، آدم سميث، الذي عاش بين عامي 1723 و1790، خلال طرحه لافكاره حول العمل، ولكن مفهوم القيمه لديه اختلط بـ"مبدا قيمه كلفه الانتاج، وقد حاول بعد ذلك عالم الاقتصاد ريكاردو، الذي عاش بين عامي 1772 و1823 تصحيح تلك الاخطاء، ولكن نظرياته كانت ايضا محل جدل.

وقام المفكر الالماني كارل ماركس بدراسه نظريتي سميث وريكاردو حول القيمه، وخلص الي النتيجه الطبيعيه لها، وهي نظريه "الاستغلال" لظروف العمال، بينما قام علماء الاقتصاد الحديث بدراسه القيمه من خلال دمج عده مفاهيم تتعلق بالعرض والطلب لتحديد القيمه الحقيقيه للاشياء.

ويلفت اصلاحي الي ان العلماء كانوا يفترضون غياب نظريات واضحه حول القيمه قبل عصر ادم سميث، ولكن الواقع هو ان الكثير من عناصر تلك النظريه تظهر في كتابات علماء الاقتصاد والفقهاء في الحضارة الإسلامية، بل ان نظرياتهم سارت بعكس الاتجاه الغربي، اذ بدات في ما انتهي اليه الغربيون لجهه القول بان القيمه تتحدد علي اساس عاملي العرض والطلب. رغم ان الذين كتبوا في هذا المجال لم يحددوا ما اذا كان مفهومهم للقيمه متعلقا بقيمه السلعه في السوق او بقيمتها الذاتيه.

ويعدد اصلاحي من بين الذين كتبوا بهذا المجال الامام العز ابن عبدالسلام، الذي التقط اسس نظريه "المنفعه الحديه" التي تعتبر ان منفعه السلعه تكمن في قدرتها علي اشباع من يحصل عليها، وتتراجع قيمتها بالتالي بعد اكتفائه منها، وينقل ابن عبدالسلام قول الإمام الشافعي بان الفقير ينظر الي الدينار نظره مختلفه عن نظره الثري له لتباين نظرتهما الي قيمته، وهو راي كان له صداه لدي الامام الجويني ايضا.

ويضيف اصلاحي ان الفقهاء المسلمين لم يكتبوا حول "المنفعه الحديه" وحدها، بل حول ما يعرف بـ"انعدام المنفعه" اذ كتب في هذا الاطار العالم محمد ابن الحسن الشيباني، كما يعرض ابن الجوزي اذ يشير الي ان كميه ما سيتناوله المرء من طعام او شراب يعتمد علي مدي جوعه وعطشه، بل يصل الي القول بان المبالغه في الاكل والشرب قد يكون لها نتيجه عكسيه وتسبب الالم للناس.

اما الاشارات الاكثر وضوحا الي القضيه فتبدو في كتاب المقدمه لإبن خلدون الذي حمل خلاصه نظرياته الاجتماعيه والاقتصاديه، وكتبت الاكاديميه سهيله زين الدين حول القضيه قائله ان ابن خلدون ذكر في الفصل الذي بعنوان "نقصان الدفع يؤدي الي نقصان الايراد" يقول انه اذا "حجب السلطان البضائع والاموال والايراد، او فقدت فلم يصرفها في مصارفها قلَّ حينئذ ما بايدي الحاشيه والحاميه، وقلَّت نفقاتهم، وهم معظم المشترين (السواد) وهجرت الاسواق (يقع الكساد) وتضعف ارباح المنتجات، فتقل الجبايات" لان الضرائب تاتي من الزراعه والتجاره والتبادل التجاري.

وتضيف زين الدين ان ابن خلدون "سبق ادم سميث في وضع اسس نظريه القيمه والاثمان" مضيفه: "للنقود في نظر ابن خلدون خاصيه ترتبت عليها وظيفتان: امَّا الخاصيه فهي الثبات النقدي. وامَّا الوظيفتان فهما: اتخاذ النقود اداه مبادله، وفي الوقت نفسه اتخاذها اداه ادخار."

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل