المحتوى الرئيسى

بُوكُو حَلَالْ | المصري اليوم

08/17 21:41

باتَ العالم الاسلامي يمتدُّ من «طالبان» شرقًا الي «بوكو حرام» غربًا.. ومن «داعش» شمالاً الي «القاعده» جنوبًا.

(1) قالت سيده افريقيه لوسائل الاعلام: حين ياتي الينا مُلثّمون يُطلقون النار علي الناس، ويحرقون المنازل ويخطفون الفتيات.. نعرِف علي الفور انهم مسلمون!

هكذا نجحت جماعه «بوكو حرام» في ان تُحوِّل صوره الإسلام في أفريقيا من الدين الاكثر جاذبيه الي الدين الاكثر فزعًا!

دخلت افريقيا الاسلام باعداد هائله عَبْرَ التُّجار المسلمين والدُّعاه البُسطاء والائمه الوسطيين.. واليوم تبني «جماعه اهل السنة والجهاد» الشهيره بجماعه «بوكو حرام» حائطًا حديديًّا بيْن افريقيا والاسلام.

(2) تاسست جماعه «بوكو حرام» من عدد من الطلبه الفاشلين، ولذا يُطلق عليها البعض مسمي «طالبان نيجيريا».. حيث تالفت الجماعه من طلبه تركوا الدراسه واقاموا في قريه شمال شرق نيجيريا، واعلنوا ان التعليم حرام!

وعلي الرغم من ان كلمه «بوكو حرام» في لغه الهوسَا النيجيريه تعني: «التعليم الغربي حرام» فان جماعه «بوكو حرام» تؤمن بالجهل علي وجه العموم، وتري ان كل التعليم حرام!

(3) يعود الباحثون بجذور جماعه «بوكو حرام» الي منتصف السبعينيات، حيث تاسست جماعه «ازاله البدعه واقامه السُّنه» علي يد الداعيه السلفي «اسماعيل ادريس» واشتهرت في وسائل الاعلام باسم «جماعه ازَاله».

اسست «ازَاله» ميليشيا قتاليّه، وكان هدفها ازاله الجماعات الصوفيه والقضاء عليها.

وفي منتصف الثمانينيات ظهر تنظيم يحمِل اسم «جماعة الإخوان المسلمين» بقياده الشيخ «ابراهيم يعقوب الزكزكي».. وانضم لها عدد كبير من الشباب، كان من بينهم شاب بارز يُدعي «محمد يوسف».

كانت الصدمه في تَرْك الشيخ «الزكزكي» للمذهب السُّني واعتناقه المذهب الشيعي.. ليصبح المرجع الشيعي في نيجيريا!

وكانت الصدمه التاليه.. في اعتناق عدد من «الاخوان» المذهب الشيعي مع شيخهم «الزكزكي» واصبحوا رجال ايران في نيجيريا!

انشق «محمد يوسف» وهاجم «الزكزكي» ومن معه، وانضم الي «جماعه ازاله».

في عام 2001 كانت احداث 11 سبتمبر الشهيره في الولايات المتحده الامريكيه، وفي عام 2002 انشق «محمد يوسف» عن «جماعه ازاله»، وحسب تقرير «الجهاد في 2012» الذي اصدره مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجيه فان «محمد يوسف» قد انشق عن «ازاله» واسس- متاثرًا بتنظيم القاعده- جماعه «اهل السنه للدعوه والجهاد»- «بوكو حرام».. واختار «ابوبكر شيكاو» نائبًا له.

اصبح «محمد يوسف» واحدًا من رموز التطرف الديني.. واشتبكت جماعته مع الامن والاهالي مرات عديده.. الي ان كانت احداث عام 2009 حيث دارت معارك عنيفه بين الجماعه والشرطه قُتِل فيها اكثر من الف شخص اكثرهم من الجماعه. وكان من بين القتلي «محمد يوسف» نفسُه الذي قالتْ الشرطه انّهُ قُتِل وهو يحاول الفرار.

(4) اصبح «ابوبكر شيكاو» نائب «محمد يوسف» رئيسًا لجماعه «بوكو حرام».

تقول وزاره العدل الامريكيه ان «ابوبكر شيكاو» ولد في قريه من المزارعين ومُربِّي المواشي شمال شرق نيجيريا.. وانه دَرسَ الدين في ولايه بورنو.. وقد اشتهر بانه اقل خَطَابهً من «محمد يوسف» الذي كان يلقي الخُطب باستمرار ضد النظام.. اما «شيكاو» فمعظم ما يصدر منه افعال مباشره وصادمه.

في اغسطس 2011 حقق «شيكاو» شهره واسعه بعد نجاح هجومه علي مقر الامم المتحده حيث قُتِل (23) شخصًا!

ثم اتخذ وضعًا اسطوريًا بعد عمليات الخطف المستمره، واعلان السلطات النيجيريه اكثر من مره انه قُتِل.. ثم يُفاجئ الراي العام بظهوره من جديد!

(5) «ابوبكر شيكاو».. رجل غريب الاطوار، وقد اثار سخريه العالم حين هدد بقتل مارجريت تاتشر والبابا يوحنا بعد موتهما بسنوات!

وقد اختار «شيكاو» القيام باقوي عملياته واختطاف (276) فتاه من مدرسه ثانويه في ولايه بورنو في عام 2014!

وقال «شيكاو»: ساقوم ببيعهِنَّ في السوق وفقًا لشرع الله.. وقالت قيادات في الحركه: لقد تم نقلُهنَّ الي تشاد وبَيْع الواحده منهنَّ بـ(12) دولارًا!

(6) تتشكل رؤيه «بوكو حرام» الشرعيه كما يتشكل فكرُها السياسي من عددٍ من المحرّمات:

1. التعليم حرام لان الاستعمار المسيحي هو الذي جاء به، ويجب العوده الي ما قبل الاستعمار.. اي ما قبل التعليم!

2. كل من ليسوا في الجماعه من المسلمين والمسيحيين هم اعداء الله، يجب قتالهم. ويستخدمون مصطلحات «الغنائم» والفيء «والسَّبْي» في وصف ما يقعُ في ايديهم من ممتلكات ونساء!

3. كل ما هو غربي حرام.. البنوك والمؤسسات والشركات والقوانين والبرلمان والدستور، كلها امور كافره.. وكذلك فان الجيش والشرطه هي مؤسسات كافره، والعملُ بايٍّ منها هو حرام شرعًا ولا يجوز نهائيًا.

4. المدارس والمساجد كلها حرام، ولا تجوز الصلاه في اي مسجد، بل فقط في مساجد منفصله ومخصصه لاعضاء الجماعه، وعلي ذلك يجوز احراق المساجد لانها ليست مكانًا للمؤمنين!

5. المجتمع كله كافر.. وليس امام المسلم الحقّ الَّا ان يذهب الي مكانٍ منعزِل عن العالم، ويُقيمُ مجتمعًا مثاليًا.. ومن لم ينضَم لهذا المجتمع الجديد فهو كافر!

(7) لقد اعتزلَ بعضُ اعضاء «بوكو حرام» بالفعل، وذهبوا الي قري نائيه.. عاشوا فيها وسُمُّوا بـ«المهاجرين».

لكن اغلب الجماعه راحتْ تقتُل وتخطَف كلّ يوم.. وكان اخطر ما اختطفت «بوكو حرام» هو «الاسلام» نفسه، الذي اصبحت صورته في غرب أفريقيا اسيره اعمال الجماعه التي باتتْ خارجَ الدين وخارجَ العقل.

(8) لقد خلقتْ جماعه «بوكو حرام» حاله من الغَيْظ الشديد في المجتمع النيجيري.. وقالت زوجه الرئيس حين اختطفتْ الجماعه الفتيات: «انني قد ادخل الغابه اللعينه بنفسي للبحث عنهن»!

وحين اشار الرئيس «جوناثان جودلاك» الي احتمال التفاوض مع «بوكو حرام» بعد ان قتلت اكثر من (12000) شخص، قال اديب نيجيريا الاشهر «ويلي سوينكا» الحاصل علي جائزه نوبل في الاداب: «ان نيجيريا في حاله حرب مع جماعه (بوكو حرام)، ويجب عدم التفاوض مع هؤلاء المجرمين. ان السؤال الان: من الذي سَيَسْقُطْ؟ هل هو المجتمع؟ هل هي الامّه؟ ام مجموعه من السفّاحين؟!».

(9) خَلَقَتْ «بوكو حرام» حاله من الغَيْظ الاَشَدّ لدي المجتمع الاسلامي.. هاجم الازهر الشريف جماعه «بوكو حرام»، واعلن مفتي السعوديه ان «بوكو حرام» جماعه ضالّه من «الخوارج»، واعتبرتها منظمة التعاون الاسلامي «جماعه ارهابيّه».

انتقد الشيخ «ابراهيم الحسيني» مفتي نيجيريا الجماعه، وقال الشيخ «محمد سعد ابوبكر» سلطان سوكوتو ورئيس المجلس الاعلي للمسلمين في نيجيريا، في خطبه له في المسجد الوطني في ابوجا: «لا مكان للارهاب في الاسلام.. وان المسلمين يدعمون الحرب علي الارهاب.. وملتزمون بدعم جهود احلال الامن في البلاد».

(10) لكن المفاجاه الفكريّه جاءت من الكاميرون التي يقطُنها (21) مليون نسمه رُبُعُهم من المسلمين. راي الدعاه في الكاميرون ان نشاط «بوكو حرام» قد استبدَّ ببلادهم هي الاخري، حيث جَرَي قتل الابرياء وخطف النساء، وكان من بين المختطَفَات زوجه نائب رئيس الوزراء «احمدو علي»!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل