المحتوى الرئيسى

لماذا أن تكون شيشانيًا هو بمثابة وسام شرف بالنّسبة إلى المسلحين الإسلاميين

08/15 10:05

مترجم عنWhy being Chechen is a badge of honor for Islamist militantsللكاتبAdam Taylor

الشّخص المتواجد بالصّوره هذا يدعي (عمر الشّيشانيّ)، وهو يعتبر من اشهر المسلّحين الاسلاميّين عموما، والمنتمين لداعش خصوصا. لماذا؟

السّبب الاوّل: هناك عرف منتشر بين المسلّحين الاسلاميّين او بالاحري بين قاده التّنظيمات بانّه من المفضّل الّا يظهروا كثيرا في وسائل الإعلام، والدّليل علي ذلك، قائد تنظيم داعش الذي يدعي (ابوبكر البغدادي)، والذي رغم تنصيبه لنفسه علي انّه خليفة المسلمين وانّه قائد الدّوله الاسلاميّه الوليده في العراق وسوريا، الّا انّه لم يظهر في ايّ شرائط فيديو او في صور.

السّبب الثاني: (عمر الشيشاني) والذي كما هو واضح من اسمه انّه ينتمي الي جمهوريه الشّيشان، لا يمثّل بمفرده الشّيشان، بمعني انّه وفي تقرير خرج عن المخابرات الرّوسيه المعروفه باسم Federal Security Service) FSB)، يوجد 500مسلّح روسيّ (حيث انّ روسيا لا تعترف بوجود جمهوريّه الشّيشان) يقاتلون حاليّا في سوريا. الرّقم الذي اعلنته FSBيعتبر اقلّ من الرّقم الذي اعلنه تقرير خارج عن Soufan Groupوالذي ادّعي انّ عدد المقاتلين الشّيشانيين في روسيا وصل الي 800.

السّبب الثالث: وفق تقرير عن وكاله انباء الاسوشيتيد برس، فانّ (عمر الشّيشاني) مسؤول عن عمليات داعش العسكريّه في سوريا، ويعتقد انّه صار حاليّا القائد العامّ للعمليّات القتاليّه بعد مقتل (عبدالرّحمان البيلاوي الانباري) في الاوّل من يونيو الماضي. مثله مثل باقي المقاتلين الشّيشانيين، يُنظر الي (عمر) باعتباره من افضل المقاتلين في ترسانه داعش.

السبب الرابع: (عمر الشّيشاني) يدرك جيّدا تاريخ بلاده وهذا ما سنتحدّث عنه لاحقا، لكن ما قد لا تعرفه، انّه قبل اشهاره اسلامه وتغيير اسمه الي (عمر الشّيشاني) كان اسمه Tarkhan Batirashviliوكان ضابطا سابقا في المخابرات الجيورجيّه، وهو حاليا يبلغ من العمر 28عاما.

بدايه القصّه حدثت سنه 1991مع انهيار الاتّحاد السوفييتيّ، وقتئذ قرّر شعب الشّيشان اعلان قيام جمهوريّه الشّيشان المستقلّه وهو الاعلان الذي ادّي الي قيام الحرب الرّوسيه الشّيشانيّه الاولي سنه 1994. كانت حربا غايه في الدّمويّه والبشاعه، قتل فيها مئات الالاف من المواطنين الشّيشانيّين علي يد القوّات الرّوسيه، الي ان اعلنت روسيا انسحابها من الشّيشان سنه 1996.  الشّيشانيون رغم كونهم مسلمين، لم تكن حربهم ضدّ روسيا في البدايه  تحكمها اسباب دينيّه ، بل كانت حربا تتمحور حول اسباب وطنيّه، فعلي سبيل المثال (جوهر دوداييف) الذي يعتبر من اشهر الشخصيّات القياديّه في تاريخ الشّيشان الحديث، لم يرفع ابدا رايه الدّين في ايّ مرحله من مراحل الحرب الرّوسيّه الشّيشانيّه الاولي، الي ان حدث تطوّر لم يتوقعه احد.

الواقع الذي يجب ان نتّفق عليه هو انّ الرّوس ارتكبوا فظائع في حربهم في الشّيشان وارتكبوا جرائم ارتقت الي مرتبه التّطهير العرقيّ، وهو ما سبّب جرحا عميقا في نفس كلّ مواطن شيشانيّ. في تلك الاثناء، بدات امواج هجره المقاتلين الاسلاميّين من الدّول العربيّه والمنتمين الي تنظيمات اشهرها تنظيم القاعدة في الوصول الي الشّيشان، بعد ما شاهدوا المذابح التي ترتكبها القوّات الرّوسيه في الشّيشان علي شاشات التّلفزيون وفي نشرات الاخبار. في البدايه كان للمقاتلين الاسلاميّين حديثي الوصول الي الشّيشان تاثير محدود للغايه، لانّ اغلب هؤلاء المقاتلين كانوا لا يتحدّثون اللّغه الرّوسيّه، بالاضافه الي انّ تعاليم الدّين الاسلامي المتشدّده التي حملها المقاتلون الاسلاميّون معهم اختلفت في نقاط جوهريّه عن التّعاليم الاسلاميّه السّمحه المتاثّره بالفكر السّلفي الّتي يعتنقها اهل الشّيشان. كلّ هذه الاسباب جعلت تاثير المقاتلين الاسلاميّين علي سير الصّراع الشّيشانيّ الرّوسيّ بطيئا بشكل ملحوظ.

عندما انتهت الحرب الرّوسيه الشّيشانيّه الاولي سنه 1994، بدات فتره من الاعمال المسلّحه المتقطّعه، وسنه 1999اشتعلت الحرب الرّوسيه الشّيشانيّه الثّانيه والسّبب كان محاوله المقاتلين الاسلاميّين غزو جمهوريّه داغستان المجاوره للشّيشان، وبدات بعدها سلسله من التّفجيرات داخل الشّقق السكنيّه في المدن الرّوسيّه ومدن جمهوريّه داغستان.

الاّ انّ الحرب الرّوسيّه الشّيشانيّه الثّانيه، رغم كونها اكثر عنفا ودمويّه من سابقتها، كانت لها نتيجتان مختلفتان نهائيّا عن نتائج الحرب الاولي:

اوّلا: القوّات الرّوسيّه استطاعت ان تهزم المقاتلين الشّيشانيّين، واستطاعت ان تسيطر علي مناطق واسعه من الاراضي الشّيشانيّه.

ثانيا: نفوذ المقاتلين الاسلاميّين الاجانب (العرب) كان واضحا و بقوّه مقارنه بالحرب الاولي، وهذا بدا واضحا في تنفيذ عدد من الهجمات الارهابيّه القويّه، مثل عمليّه احتجاز الرّهائن في مسرح موسكو سنه 2002، وعمليّه اقتحام مدرسه في مدينه بيسلان شمال اوسيتيا سنه 2004.

عشرون عاما من القتال في الشّيشان جعلت كثيرين من اهل الشّيشان يصيرون مقاتلين اشدّاء، لديهم خبره طويله في حرب المدن وذوي اتّصالات قويّه مع الجهاديّين الاسلاميّين في العراق و سوريا، بالاضافه الي انّهم لديهم خبره في حرب العصابات التي تمثّل تكتيكا مثاليا ضدّ الجيوش النّظاميه التي تمتلك تفوّقا عدديّا وتكنولوجيّا علي المقاتلين الاسلاميّين. الاهمّ هو انّ لديهم خبره طويله في استخدام الاعلام والعمليّات الارهابيّه لنشر الخوف في نفوس اعدائهم، وهذه تعتبر من دعائم الاستراتيجيّه التي تطبّقها داعش.

من وجهه نظر اهل الشّيشان، فانّ الخروج من منطقه القوقاز هو امر منطقيّ جدا، لماذا؟ اوّلا هو دليل علي مدي ايمانهم بفكره الجهاد العالميّ. ثانيا سيعطيهم فرصه الهروب من قبضه الامن الرّوسيّ. ثالثا توجد جاليه شيشانيّه كبيره تعيش في تركيا حاليا بشكل غير شرعيّ، ان الاوان لخروجها منها قبل ان تنقلب عليها السّلطات التّركيّه وتعتبرها عدوّا للدّوله. رابعا وهو السّبب الاهمّ، وصولهم الي سوريا للقتال ضدّ نظام (بشار الاسد) سيعطيهم فرصه للانتقام من روسيا، التي ينظر رئيسها (فلاديمير بوتين) الي(بشار الاسد) باعتباره اهمّ حليف له في الشّرق الاوسط. خامسا كثير من الشّيشانيّين لديهم امل في انّهم اذا احرزوا تقدّما ملحوظا علي الجبهه العراقيّه والسّوريّه، فهذا قد يقنع المموِّلين العرب بان يعطوهم فرصه العوده مرّه اخري الي الشّيشان وشنّ حرب ثالثه لاستعاده وطنهم، وهذا هو ما يرعب روسيا.

من وجهه نظر الاسلاميّين، كونك شيشانيّ هو وسام شرف علي صدرك، لانّك استطعت ان تنجو من واحد من ابشع الصّراعات المسلّحه في تاريخ الانسانيّه الحديث، وخرجت من هذا الصّراع مقاتلا علي اعلي مستوي ومفيدا جدا للقضيّه الاسلاميّه. وهذا ما يؤكّده السّيد (حسين نصر) المتحدّث الرّسميّ باسم جبهه تحالف الثّوّار السّوريّين في تصريحات لوكاله انباء الاسوشيتيد برس:

“الناس تخاف من الشّيشانيّين لانّهم ينفّذون ايّ امر يصدره قائدهم، حتي لو طلب منهم ان يقتلوا طفلا فسيقتلونه، وهذا ما اكّد سمعتهم كمقاتلين اشدّاء”.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل