المحتوى الرئيسى

• حادث الفرافرة يفتح ملف الصحراء المهملة

07/26 09:19

طرح الحادث الارهابي الذي اودي بحياه 23 جنديا وضابطاً من قوات حرس الحدود عند كمين الكيلو 100 علي طريق الفرافره – الواحات البحريه بالوادي الجديد يوم السبت الماضي، العديد من التساؤلات والاسئله التي تحتاج اجابات ، خصوصا انه الحادث الثاني لنفس الكمين في اقل من شهرين .

ولعل اهم هذا الاسئله ، وبعيدا عن الجناه وهوياتهم وما اذا كانوا ارهابيين ينتمون لجماعات تكفيريه ام مهربين ، هو كيف يتحرك هؤلاء ويتنقلون في دروب الصحراء ، كي يصلوا الي اهدافهم بسهوله ويعودوا من حيث اتوا دون ان يتم الامساك بهم في المرتين.

وللاجابه عن هذا السؤال لا بد اولا من التعرف علي الطبيعه الجغرافيه للمنطقه وحدودها الاداريه وتضاريسها.

فهذا الكمين الذي استهدفه المسلحون يقع علي الطريق الرئيسي الممتد من مدينه السادس من اكتوبر بالجيزه الي الواحات البحريه التابعه اداريا لمحافظه الجيزه  الواقعه علي بعد 350 كيلو متراً تقريبا من 6 اكتوبر وعلي امتداد هذه المسافه لا يوجد سوي وحده عسكريه علي بعد 150 كيلو متراً تقرييا من 6 اكتوبر وتوجد استراحه وتوجد نقطه مرور تابعه للشرطه قبل مناجم الحديد التي تسبق الواحات البحريه بحوالي 50 كيلومتراً.

اي ان الطريق من مدينه 6 اكتوبر حتي الواحات البحريه لا توجد حوله اي مظاهر للحياه اطلاقا باستثناء خط السكه الحديد الواصل الي منطقه المناجم وهو خط لا يعمل سوي مره في الاسبوع تقريبا بينما كل المسافه والصحراء الشاسعه خاليه تماما من اي مظهر من مظاهر الحياه.

ويتواصل الطريق بعد الواحات البحريه ممتدا الي واحة الفرافرة التابعه اداريا لمحافظة الوادي الجديد علي بعد 200 كيلو متر من الواحات البحريه و550 كيلو متراً من مدينه 6 اكتوبر بالجيزه ، وفي منتصف تلك المسافه (200 كيلو متر بين البحريه والفرافره) يقع الكمين المنكوب اي علي بعد 100 كيلو متر من الواحات البحريه و100 كيلو متر ايضا من الفرافره .

وتنعدم الحياه تماما خلال تلك ال 200 كيلو باستثناء عزبه او عزبتين منهم عزبه « البويطي» وبقيه المسافه علي جانبي الطريق صحراء جرداء حتي الطريق الغربي الممتد من الفيوم الي اسيوط من ناحيه الشرق ، وحتي الحدود الليبيه من ناحيه الغرب.

ثم يتواصل الطريق مخترقا الصحراء الخاليه من الفرافره الي واحه الداخله اكبر مراكز محافظه الوادي الجديد علي بعد 350 كيلو مترا ، ولا يختلف الوضع في تلك المسافه عن سابقيها ، باستثناء وجود واحه صغيره اسمها ابو منقار علي بعد 100 كيلو من الفرافره جنوبا.

ومن الداخله يمتد الطريق الي واحه الخارجه عاصمه محافظه الوادي الجديد في الشمال الغربي علي بعد 185 كيلو مترا ويتفرع من الداخله طريق جنوبا الي شرق العوينات علي بعد 350 كيلو مترا تقريبا .

ومن الخارجه يمتد الطريق في الشمال الشرقي الي اسيوط علي بعد 230 كيلو متراً ليلتقي بالطريق الصحراوي الغربي الممتد من الفيوم الي محافظات الصعيد ونقطه الالتقاء عن منطقه «منقباد» التابعه لمركز منفلوط في اسيوط.

وعلي امتداد هذه المسافه الطوليه التي تزيد علي 1500 كيلو متر حتي الطريق الصحراوي الغربي في الصعيد ، يشكل العمران اقل من 20 % من المساحه المتاخمه للطريق ، بينما 80% صحراء خاليه تماما .

وربما لا يعرف البعض ان محافظه الوادي الجديد بواحاتها الثلاث الكبار ( الخارجه والداخله والفرافره) هي اكبر محافظات مصر من حيث المساحه واقلها من حيث السكان ، حيث تقدر مساحتها بـ 45% من مساحه مصر ، ويعيش بها 225الف نسمه تقريبا. ويحدها من الشمال محافظه الجيزه ومن الجنوب السودان ومن الغرب ليبيا ومن الشرق محافظات الصعيد.

وبعد هذا الشرح التوضيح لخريطه المكان ، يبقي الحديث عن الدروب والممرات الواصله بين الواحات وبعضها البعض وبين الواحات والدول المجاوره ، او المحافظات القريبه مثل واحه سيوه التابعه لمحافظه مرسي مطروح في الشمال الغربي ، وهنا مربط الفرس ، حيث يسلك المهربون والارهابيون وتجار السلاح هذه الدروب والممرات بعيدا عن اي رقابه او متابعه، رغم انها مرصوده ومعروفه للجهات المختصه.

ومن المؤكد ان الحادثين اللذين تعرض لهما كمين الكيلو 100 ، نفذا من خلال مهاجمين سلكا هذا الدروب.

ففي الاول من يونيه الماضي وبالتحديد يوم السبت تعرض الكمين لهجوم بالاسلحه الثقيله مما ادي الي استشهاد 5 جنود وضابط برتبه ملازم احتياط ووقع الهجوم الاول بعد يوم واحد من نجاح عناصر الكمين في ضبط 4 مهربين كبار من مرسي مطروح اثناء محاولتهم تهريب 15 الف قاروصه سجائر داخل البلاد قادمين من ليبيا ومن قبلها ضبط 68 مهربًا فضلًا عن كميات كبيره من الاسلحه والذخائر والعربات والمواد المخدره واحباط تسلل 936 شخصًا هجره غير شرعيه خلال شهر مايو، وهو ما جعل البعض يربط بين حادث الهجوم وضبط المهربين الذين تم احالتهم للنيابه العسكريه باسيوط.

ووقتها مثل المهاجمين بجثث الجنود ، كما تمت سرقه احدي السيارات التابعه للكمين ، وتمكنت قوات الامن والجيش بعد العمليه من القبض علي 200 شخص من المشتبه بهم .

ويوم السبت الماضي عاد المسلحون وهم اكثر ضراوه وعنفا ليستهدفوا الكمين ذاته الواقع بشكل عرضي في طريق احد اهم الممرات الممتده من واحه سيوه في الشمال الغربي الي محافظه المنيا في الصعيد ، وهذا المره اوقعوا 23 شهيدا  اي اربعه اضغاف الشهداء في المره الاولي.

  تهريب من ليبيا الي الصعيد

وتشمل عمليات التهريب السلاح والمخدرات والمنتجات الرخيصه من ليبيا الي مصر، ويعتبر كمين الكيلو 100 احدي العقيات الرئيسيه التي تقع في ممرات المهربين القادمين من ليبيا والمتجهين الي محافظات الصعيد خاصه اسيوط والمنيا اللتين تقعان علي خط عرضي عمودي واحد مع تلك الدروب والممرات.

ويبعد موقع الحادث 400 كيلو متر تقريبا عن الحدود الليبيه. وهذه المساحه خاليه تماما من مظاهر الحياه ، حيث الكثبان الرمليه المتحركه والجبال والهضاب العاليه ، ولكن توجد وديان وسهول ودروب لا يعرفها ولا يسلكها الا المهربون الذين ازداد نشاطهم عبر الحدود عقب سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ، وحاله عدم الاستقرار في مصر.

واذا كانت التحقيقات والمعلومات الاوليه تشير الي ان مرتكبي الحادث الاخير جماعات تكفيريه ومهربون قادمون من سيوه او من ليبيا ، فان «مسرب الاسطبل»، يمكن ان يكون طريقهم للوصول الي الكمين.

وهذا الطريق اتخذه الاسكندر الاكبر دربا لكي يصل الي سيوه ، وبدايته من مرسي مطروح ، ويتخذ مسارين واحدا الي سيوه وواحدا الي السلوم ،ويمتاز هذا الطريق بوجود الابار التي يتزود منها المسافر بالماء وهناك طريق اخر يصل ما بين سيوه والسلوم واسمه مسرب « الشقه» اما طريق « الخالده « فهو يصل سيوه بالجراوله علي ساحل البحر شرق مرسي مطروح ، وتوجد طرق اخري منها « مسرب شفرزن  ودرب « المحصحص» الذي ينتهي عند العلمين.

وهناك عشرات الدروب التي تعج بها الصحراء الغربية وتصل مصر السودان وليبيا ومن الدروب المعروفه في الصحراء الغربيه درب الاربعين هو اقدم الطرق داخل الصحراء الغربيه ، وقد كان الطريق الموصل بين السودان والواحات جميعا ، والساحل الشمالي ايضا ،وقد استعمل هذا الطريق منذ ايام الفراعنه ، وكانت تقاس ايام الرخاء في وادي النيل بمدي اهتمام الحاكم بتامين طريق درب الاربعين ، لانه كان وسيله النقل و التجاره بين مصر والسودان ، وقد سمي طريق درب الاربعين بهذا الاسم ،لان القوافل كانت تقطعه في اربعين يوماً كامله ، وهذا الطريق يبدا من مدينه الفاشر بدارفور بالسودان ، ويمر بواحه سليمه في اقصي شمال السودان ، ويسير الطريق داخل الاراضي المصريه ليلتقي بواحه اسمها «الشب « .

وفي هذه الواحه الاخيره يلتقي درب الاربعين بدرب اخر اسمه «الطرفاوي «الذي يبدا من واحه الفرافره  ..مارا بالداخله ويسير بعد ذلك في اتجاه الشمال حتي يصل الي المكس جهه باريس ثم واحه باريس ومنها الي « بولاق»  في الخارجه وعلي طرف المنخفض من الشمال يسير حتي يصل الي اسيوط ، واشتهر درب الاربعين بان تجاره الرقيق كانت تمشي فيه وايضا قوافل تجاره الجمال التي قد تصل الي خمسه الاف جمل في الرحله الواحده .

وهناك ايضا درب «ابي سروال»  ويمر بوادي البطيخ ، ويذهب بعد ذلك الي فرشوط في قنا ، وفرع منه يتجه الي وادي « خلاف « وطول هذا الدرب 21 كم ، « ودرب بولاق « في بدايته من قريه بولاق بالخارجه ويلتقي بدرب «جاجا» الذي يقطعه نحو الشمال الشرقي نحو فرشوط ثم يسير شرقا الي الرزيقات ، وطول الطريق من بولاق الي فرشوط202 كم ، اما درب « دوش»  فيخرج من قريه دوش احدي ضواحي مركز باريس ، وفرع منها يذهب الي « اسنا» في قنا والاخر الي ادفو في اسوان.

ومن اهم الطرق القديمه في الداخله « درب الغباري « وهو الموصل بين الداخله والخارجه ، ومسافته 200كم حتي مدينه موط ، اما درب « الطويل»  فهو يتجه من الداخله الي اسيوط ، وبعد مسيره تساوي 70 كم يتجه فرع منه الي قريه القصر ، ثم الي واحه الفرافره وهناك درب اخر اسمه  «الخشي» وهو يمتد من قريه القصر بالداخله الي مدينه اسيوط ويتفرع منه فرع الفرافره.

ويصل وادي النيل بالواحات البحريه اكثر من طريق اهمها الطريق الذي يذهب اليها خلف اهرامات الجيزه -  طريق مصر الفيوم وطوله 270 كم .

ويوجد درب اخر اسمه طريق الحمام .. واخر يذهب الي الواحات البحريه عن طريق الفيوم ومن الواحات البحريه يوجد طريق يتصل بواحه سيوه طوله 400كم كذلك يوجد طريق موصل ما بين الفرافره والواحات البحريه.

وتعتبر هذه الدروب مرتعا للمهربين من مختلف الجنسيات وتجار السلاح لافتقادها للتواجد الامني ، وكثره الوديان والسهول والدروب في هذه المنطقه الوعره الخاليه من جميع اشكال الحياه .

  اكبر قصاص اثر يتحدث

الحاج « صالح عبد الله زيدان» العالم السري للصحراء الغربيه « 90 عاما « من قريه الدهوس بالداخله ، عمل كدليل في هيئه المساحه المصريه وتعين بها عام 1959 في يوم 21 ديسمبر ، وهو رفيق العالم المصري الامريكي فاروق الباز في رحلاته وابحاثه العلميه في الصحراء الغربيه ، كما هو موضح في الصوره وايضا خطاب من العالم فاروق الباز الي الحاج صالح قبل كل زياره الي الصحراء الغربيه ، وهو اقدم دليل صحراء في الواحات ، يطلق عليه السائحون « ثعلب الصحراء « لكثره الرحلات التي قادها في طرق ودروب خطره ، عمل دليلا منذ خمسينيات القرن الماضي حتي اصبح مرجعا للجهات الامنيه التي تسترشد به في مشكلات عديده كان ابرزها مشكله اختطاف السياح في منطقه كركوك طلح بالجلف الكبير عام 2008 ، عمل في البعثه الجيولوجيه المصريه حتي بلوغه سن المعاش فازداد خبره ومعرفه اكثر بالصحراء .

في البدايه سالنا الحاج صالح عن انطباعه لما حدث في كمين الكيلو 100 طريق الفرافره ، فاجاب ان ما حدث لجنودنا في كمين الفرافره محزن للغايه ، لا يرضاه اي من الاديان السماويه ولا الانسانيه ، ما ذنب هؤلاء ان يقتلوا بهذه الطريقه ؟ وماذنب اهلهم ؟ وماذنبكل مصر ان يفعل بابنائها ما فعلوه وهم صائمون ، هذا محزن للغايه .

وسؤال عن طبيعه الصحراء الغربيه ...هل بهذه البساطه يمكن ان يصل المهربون كانوا او الارهابيون الي الاراضي المصريه وتحقيق اهدافهم والرجوع دون اعتراض من احد ؟ قال الحاج صالح : الصحراء الغربيه كلها مفتوحه ، بسيارات الدفع الرباعي يمكن اختراق الصحراء كيفما تشاء خاصه في بحر الرمال الممتد من سيوه حتي جغبوب بليبيا والسلوم اي كلها ارض مفتوحه ليس بها صعوبات، و في اي مكان تسير ، سواء من « ادنان « جهه السودان حتي منطقه « الشب « طريق الاربعين في اي اتجاه كلها ارض مكشوفه ، اي تسير فيه سيارات الدفع الرباعي وكانها تسير علي الاسفلت ، ايضا من منطقه كمال الدين في الجلف الكبير حتي العوينات كلها ارض مفتوحه ، ومن العوينات حتي جبل كامل ثم واحه سالمه شمال السودان تجدها ايضا كلها ارضا مفتوحه ليس فيها ما يعوق السير .

    لابد من مواجهه الخطر

واذا كان المسئولون يدركون خطوره تلك المنطقه وانها مرتع للمهربين وتجار السلاح ، وبعد ام وقع الحادث الاول قبل شهرين وما  يدور علي الحدود الليبيه وداخل ليبيا من اعمال عنف وقتل وتهريب وانتشار لجماعات تكفيريه .. فماذا فعلوا لمواجهه هذا الخطر الداهم .

ففي المره الاولي كانت الاتهامات واضحه للمهربين وهذه المره وجهت الاتهامات للجماعات التكفيريه الارهابيه ، وايا كان الفاعل فالنتيجه واحده وهي اختراق الصحراء من قبل العناصر الاجراميه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل