المحتوى الرئيسى

الفتاة المهاجرة (18)

07/16 10:46

اشترط كفار قريش لانفسهم في صلح الحديبيه الذي عقدوه مع رسول اللَّه  هذا الشرط: «لا ياتيك منا احد، وان كان علي دينك، الا رددته الينا»، فكان شرطًا قاسيًا وابتلاءً عظيمًا لكل من امن من اهل مكه ولم يهاجر بعد.

وكانت هناك فتاه قرشيه اسلمت قبل هذا الصلح بكثير، اسلمت قبل ان يهاجر رسول اللَّه الي المدينه، لكنها لضعفها ورقتها لم تحتمل ما تعرض له مسلمو مكه بعد ذلك الصلح من فتنه وعذاب، وضاقت ذرعًا بما يصنع المشركون، فقررت -بالرغم من علمها بذل الشرط- ان تهاجر الي المدينه حيث رسول اللَّه، ثم ليقضِ اللَّه -بعد ذلك- في امرها ما يشاء

انها فتاه صَدَقتْ الله -عز وجل- وهاجرتْ في سبيله ابتغاء مرضاته، متوكله عليه، وكانت بمفردها، ليس معها من رفيق سوي الله - عز وجل -.خرجتْ رغم انف الكافرين راغبه في جوار رسول الله، فحقق الله لها رغبتها

خرجت، دون ان تُعْلِمَ احدًا بخروجها، قاصده يثرب، مهاجره الي اللَّه ورسوله,  فيسر اللَّه لها قافله لرجل من خزاعه، فاستبشرت خيرًا وامِنت الرجل وقافلته علي نفسها، اذ قد علمت ان خزاعه قد دخلت في حلف رسول اللَّه  ضد قريش، فصحبتهم الي المدينه، فاحسنوا صحبتها حتي بلغت مامنها.. وخرج اهلها يبحثون عنها، فعلموا انها هاجرت الي المدينه، فقالوا: لا ضير، بيننا وبين محمد عهد وصلح، وليس احد من الناس باوفي من محمد، نذهب اليه، ونساله ان يفي لنا بعهدنا

وقدم اخواها «عماره» و«الوليد» المدينه في طلب اختهما، وعلمت الفتاه ان رسول اللَّه  سيفي لهما بما وعد، فاقبلت نحو رسول اللَّه  في ثقه فقالت: يا رسول اللَّه انا امراه، وحَالُ النساء الي ما قد علمت من الضعف، فاخشي ان رددتني اليهم ان يفتنوني في ديني ولا صبر لي

فـاذا برحمات اللَّه تنزل لتلغي ذلك الشرط الجائر في حق النساء، فانزل الله تعالي في ذلك قرانًا يُتْلَي: (ايها الذين امنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الي الكفار) الممتحنه (10).

وتمثل هذا الامتحان في سؤال المراه عن سبب هجرتها؛ ليتاكد من صدق اسلامها وحسن اقبالها علي الله ورسوله.. فقالت: «باللَّه ما خرجت من بغض زوج، وباللَّه ما خرجت رغبه عن ارض الي ارض، وباللَّه ما خرجت التماس دنيا، وباللَّه ما خرجت الا حبا للَّه ورسوله.

وعلم اللَّه ما في قلب هذه الفتاه المؤمنه من خير، فانه ما اخرجها من ارضها وديارها الا حب اللَّه وحب رسول اللَّه  فانزل السكينه عليها، والقي في قلوب المسلمين تصديقها، ورد اخويها والذين ظلموا علي اعقابهم وخَيَّب مسعاهم.. وهكذا مَنْ تَصْدُقِ اللَّه يصدقْها، ومن تتوكل علي اللَّه يَكْفِها، ومن تستنصر اللَّه ينصرها، قال تعالي: (والله غالب علي امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون) يوسف: 21.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل