المحتوى الرئيسى

الاقتصاد الأصغر قبل الاقتصاد الأكبر

07/14 23:32

تعودنا في حياتنا اليوميه ان نردد كلمات، او نسمعها دون ان نفكر في دلالاتها ومعانيها، نتعامل معها علي انها اسماء لاشياء، او كيانات نحن نعرفها حق المعرفه، ولكن الحقيقه عكس ذلك، فاكثر الكلمات تكراراً علي الالسنه قد تكون اكثرها غموضا في الاذهان، وابعدها عن الفهم السليم الذي يرتب وعياً بالواقع، وحسن تصرف فيه، وصواب التعامل معه.

نكرر كلمة إلدوله، واقتصادها، ودخلها القومي؛ وكاننا نتكلم عن شئ بعيد عنا، هناك في القاهره، في قصر الاتحادية، وفي مجلس الوزراء، وفي الوزارات المختلفه والبنك المركزي، هي كيان اخر، ومخلوق اخر؛ نحن بعيدون عنه، لا دخل لنا به ولا علاقه، قد تاتينا منه بعض الفوائد، ولكن كثيرا من الاذي.

والحقيقه اننا كافراد نقع في القلب من الدوله، فنحن جوهر وجودها، وبدون وجودنا لن تكون، فمصر هي المصريون، بهم يكون للارض معني واسم، وللجغرافيا قيمه، وللتاريخ وجود، ونحن ايضا إقتصاد مصر، العامل والفلاح والمهندس والطبيب والاستاذ والتاجر… الخ جميعنا نشكل اقتصاد مصر ودخلها القومي، ومصدر ميزانيتها، ومصارف انفاق هذه الميزانيه، اذن انت ايها المواطن جوهر وجود الدوله، ومصدر دخلها، ومن ينمي هذا الدخل و ينفقه، او يبذره او يهدره.

فكما ان الدوله هي مجموع المواطنين الذين يعيشون علي قطعه ارض يملكونها، وتدير شئونهم هيئه يختارونها يسمونها الحكومه، فان اقتصاد الدوله هو مجموع اقتصادات المواطنين، مضافا اليها الموارد الموجوده في الارض التي يملكونها، او الخدمات التي يقدمونها لمن يزور ارضهم او يمر بها، ومن هنا فان هذا الاقتصاد الكبير للدوله هو حاصل جمع اقتصادات الافراد او الاسر الذين يعيشون فيها.

لذلك فان الحديث عن اقتصاد الدوله، وهو الاقتصاد الاكبر لا يمكن ان يتم بعيدا عن اقتصاد المواطن واسرته وهو الاقتصاد الاصغر، ومن هنا فانه لا يمكن اصلاح الاقتصاد الاكبر دون اصلاح الاقتصاد الاصغر، ولا يمكن النهوض بالاقتصاد الاكبر قبل النهوض بالاقتصاد الاصغر، اذن هما مترابطان، لا بل هما شيء واحد لا ينفصل، كالجسد واعضائه، علاقتهما علاقه الكل بالجزء.

واذا ادركنا هذه الحقيقه فاننا مطالبون ان نتصرف في حياتنا اليوميه طبقاً لها، وان يكون سلوكنا انعكاساً لهذا الادراك، والا خرجنا من دائره العقل والرشد الي الجنون والسفه، فسلوك الانسان نابع من ادراكه، وهذا الادراك يستوجب علينا كمصريين الا نلتفت للدوله، والحكومه فيما يتعلق بتغيير هيكل الاقتصاد، او النهوض به، لان ذلك هو مهمتنا نحن المواطنين، كل حسب قدراته، ودوره وموقعه، وما يملك من عناصر الاقتصاد، ويصبح دور الدوله ان تحرسنا من اللصوص والفاسدين والمرتشين، والذين يهدرون ثرواتنا، ويدمرون اقتصادنا، هذا هو الدور الاساسي للدوله وللحكومه، اما اصلاح الاقتصاد فهو مهمتنا ودورنا.. ولكن كيف يكون هذا؟

ببساطه شديده كل الاقتصاد في ايدينا ونحن نتصرف فيه، فالاقتصاد هو سلوك نقوم به في كل لحظه، لانه اما عمليه انتاج، او عمليه استهلاك، والانتاج نقوم به عندما نعمل في اشغالنا الخاصه، او عند الاخرين، وفي كلتا الحالتين يستطيع كل انسان ان يزيد انتاجيته في الساعه واليوم بنسبه معينه، وبنفس هذه النسبه سيزيد انتاج الدوله، وسيزيد الدخل القومي، وسيرتفع الاقتصاد الوطني، ومن هنا تاتي اهميه سلوك الفرد في عمليه الانتاج والتزامه بالاتقان، والامانه، وبذل الجهد، ومراعاه مصلحه العمل.

اما الاستهلاك، وهو الاهم والاخطر، فهو السلوك الذي نقوم به طوال الوقت الا فترات النوم، بل ان بعضنا يستهلك وهو نائم؛ اذا كان لديه تكييف للهواء في غرفه نومه، او نسي انوار بيته مشعله،  ولكن وهو مستيقظ، دائما يستهلك، ويهلك كل شيء في طريقه، سواء اكان من ماله الخاص، او من المال العام، فالعبث برصيف الشارع استهلاك، وبالخدمات العامه استهلاك، بل ان القاء الفضلات في الطريق العام استهلاك، لذلك فان هذا الجانب من الاقتصاد يستطيع كل منا ان يصلح اقتصاد مصر من خلاله، وان يرفع الدخل القومي به، وان ينهض بدولته بواسطته، والمطلوب شئ بسيط جدا، وهو ان نطبق قواعد الدين: الاسلام او المسيحيه فلا نهدر شيئا، وان نستخدم كل شئ برشاده وعقلانيه، وبدون تبذير او اسراف، وان نحافظ علي املاكنا، واملاك المجتمع.

تخيلوا اذا حرص كل منا علي الا يلقي لقمه خبز في القمامه، والا يستهلك اكثر مما يحتاج، وان يبتعد عن الاسراف من اجل التفاخر والمباهاه، ويستهلك باعتدال ورشد، يشتري ما يحتاج فقط، ويستهلك ولا يهلك، ويبتعد عن الاسراف، حينها سيرتفع الدخل القومي بنفس نسبه التوفير في ميزانيه الاسره.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل