المحتوى الرئيسى

في «نوادر الكتب»: سيبويه المصري أعقل مجانين التاريخ!

07/14 16:51

كان حافظاً للقران وعلوم الحديث وبسبب شربه الدواء خفّ عقله! خافه الامراء والوزراء وخشيوا تجريحه لهم! كان يهيج اذا اكل اللحم...ويسكن اذا ذاق شيئاً دسما!

يعرض كتاب “نوادر الكتب”، لـ محمد خير يوسف، لنوادر الكتب التي لم تنل شهره، ولم تسلط عليها الاضواء، واليوم نتوقف عند كتاب المؤرخ المعروف “ابن زولاق” وكتابه “”اخبار سيبويه المصري”.

ربما لا تعرف ان هناك شخصاُ اخر مشهوراً يقال له “سيبويه”! لكن شهرته تعود الي انه من اشهر “عقلاء المجانين” الذي استفاضت اخباره مع الامراء والوزراء والعلماء في مصر في القرن الرابع الهجري.

وقد انبري المؤرخ ابن زولاق، لتاليف كتاب في حياته واخباره، نظراً لان الكُتَّاب لم يشيروا اليه من بين ما كتبوا في “عقلاء المجانين” وكان هو معاصراً له.. وسمي كتابه “اخبار سيبويه المصري”.

والعجيب ان هذا العاقل – المجنون كان من كبار اهل العلم واللغه. وقد لقب بـ”سيبويه” لاستحقاقه ذلك عن جداره!. كما كان حافظاً للقران الكريم، عارفاً بغريبه واحكامه، وعالماً بالحديث وغريبه ومعانيه، وبالرواه!. لكنه كان معتزلياً متعصباً!.

وقد ذُكر انه اصيب بالجنون؛ لانه شرب دواء معيناً!. وذكرت زوجته انه انما كان يهيج اذا لم ياكل اللحم، فاذا اكل شيئاً دسماً سكن!. وسيبويه المصري هو محمد بن موسي بن عبد العزيز الكندي الصيرفي، المعروف بسيبويه. وكنيته ابو بكر.

ولد بمصر سنه 284هـ، وتوفي بها سنه 358 هـ قبل دخول القائد جوهر الي مصر بسته اشهر.وكان ابوه شيخاً صيرفياً يكني ابو عمران. وهو غير سيبويه النحوي.

وقد ذكر ابن زولاق ان سيبويه هذا يحفظ القران الكريم، ويعلم كثيراً من معانيه وقراءاته وغريبه واعرابه واحكامه. وكان عالماً بالحديث وبغريبه ومعانيه وبالرواه. ويعرف من النحو وغرائب اللغه ما كان سبباً في ان يلقب بـ”سيبويه”.

ولم يكن اختلاط عقله قبيحاً، كما قال ابن زولاق، فلم يكن يستعمل الالفاظ النابيه، انما كان انتهاراً وسجعاً يولده، فيه قسوه وجرح. وكان المسئولون يخافون من تجريحه خشيه ان تنتشر الفاظه السجعيه بين الناس!.

قال المؤلف: سمعتُ من يخبر عن سيبويه ان زوجته قالت: انما كان يهيج اذا اكل اللحم، والا فاذا اكل شيئاً دسماً سكن، وقل كلامه. وقال: انما كان يظهر جوهر سيبويه ويحسن سجعه اذا حمي وكثر صياحه!.

قال: وكان يقابل منزله رجل يكني ابا عبدالله، وكان سيبويه يخاطبه من النافذه ويصيح، ويقف الناس يسمعون الكلام ويكتبون! ولو كان ابو عبد الله يكتب ويحفظ ما خاطبه به، لحصل له علم عظيم.

وكانت له جاريه تخدمه اسمه “مختاره”. فجلس في منزله ياكل، فجاءت فراريخ للجاريه، فلقطت مما بين يديه، وجاءت حمامات، فلقطت مما بين يديه، وجاءت سنانير تموء من حوله، فصاح سيبويه: يا مختاره، نحي فراريخك النقاره، وحماماتك الطياره، وقططك الهراره، يا غياره يا دواره!.

وكان يطوف علي حماره يوم الجمعه – وكان اعرج – فراي انه قد فسح مكان واسع للاخشيد لينزل الي صلاه الجمعه، وقد اجتمع له الناس، والزحمه في كل مكان، فصاح سيبويه: ما هذه الاشباح الواقفه، والتماثيل العاكفه، سلط عليهم قاصفه، يوم ترجف الراجفه، تتبعها الرادفه، وتغلي قلوبهم واجفه.

فقال له رجل: هو الاخشيد ينزل الي الصلاه. فقال: هذا للاصلع البطين؟ المسمن البدين؟ قطع الله منه الوتين، ولا سلك به ذات اليمين، اما كان يكفيه صاحب ولا صاحبان، ولا حاجب ولا حاجبان، ولا تابع ولا تابعان؟ لا قبل الله له صلاه، ولا قرّب له زكاه، وعُمِّر بجثته الفلاه!.

وكان سائراً علي حماره حتي لقي المحتسب – مراقب في الاسواق – والحرس بين يديه، فقال: مما هذه الاحراس يا انجاس؟ والله ما ثم حق اقمتموه، ولا سعر اصلحتموه، ولا جان ادبتموه، ولا ذو حسب وقرتموه، وما هي الا اجراس تسمع، لباطل توضع، واقفاء تصفع..لا حفظ الله من جعلك محتسباً، ولا رحم لك ولا له اماً ولا اباً، وسلّط عليك وعليه من يوجعكما ادباً.

وممن يورد بالكتاب من اخبار سيبويه، انه كان بمصر رجل من التجار يعرف بابي نعيم الجرجاني، وكان يسكن في زقاق “عفن” فركب اليه فاتك الاخشيدي – المعروف بالمجنون – في موكب.

وانصرف وبين يديه حجّابه، وبين يديه رجالته، وخلفه اخوه مبشر، وكاتبه بن العزمزم وجماعه، فراه سيبويه فصاح: طرق متضايقه متطابقه، وخيل متسابقه، عليها عمالقه، فارسل الله عليهم صاعقه.

ومر باحد الازقه – ويبدو انه لم يكن يحب اهله – فراي البنّائين فيه فقال: ما هذا؟ لا عمّر الله لهم داراً، ولا ثبت لهم قراراً، واشعلها ناراً، ولا اطول لهم اعماراً، وحفها بالدمار والعار والنار وسوء الجوار!.

ولما مات كافور، وبويع لاحمد بن علي بن الاخشيد، قيل لسيبويه في اليوم الذي جلس احمد بن علي بذلك – وهو طفل ابن احدي عشره سنه – فقال: اما هذا من العجائب، ومن عظام المصائب، ان يقعد في اعلي المراتب، ويؤهل للنوائب، صبي غير بالغ ولا ايب، ولا قارئ ولا كاتب، ولا حامل سيف ولا ضارب، لقد خسّ هذا الامر وهان، حتي تلاعب به النسوان، وندب له الصبيان، فالله علي كل حال المستعان.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل