المحتوى الرئيسى

ماذا فعل عبد الفتاح السيسى فى شهر ؟

07/13 12:54

علي عكس سلفه محمد مرسي، لم يضع السيسي برنامجا للمائه يوم الاولي من حكمه، كما لم يعلن عن توقيتات محدده لتنفيذ سياسات بعينها تاركا بورصه من التوقعات والتكهنات والتسريبات هنا وهناك. ولكن وبعد ان فات ما يزيد قليلا عن شهر منذ دخوله القصر رسميا، يمكننا رصد عشر ملاحظات رئيسيه علي تلك الفتره علي النحو التالي:

لا عقل سياسي بعد في القصر!

حسب ما هو معلن لم يعين الرئيس حتي الان اي مستشار سياسي او فريق مستشارين في القصر، ورغم ان اسماء كثيره كانت قد ترددت عن تولي شخصيات بعينها، الملفات السياسيه الداخليه والخارجيه، الا انه وحتي وقت كتابه هذه السطور لم يعلن رسميا عن اي اسم. قد يقال ان فتره شهر غير كافيه لتشكيل الفريق الرئاسي، ولكن لا يبدو ان الامر علي اجنده الرئاسه خلال الفتره القادمه. وهو امر ننبه لخطورته، لان دوله مثل مصر لا يمكن ان تدار بالعقول الامنيه فحسب.

كما كان متوقعا، مال الرئيس الجديد الي مؤسسته ليعتمد علي رجالها في شئون الحكم. اتصالا مع الملاحظه الاولي، فهذا الامر في حد ذاته ليس عيبا، لكن الخوف ان يكتفي الرئيس بهذه التعيينات العسكريه فحسب. فقد عين الرئيس اللواء عباس كامل مديرا لمكتبه، وهو نفس المنصب الذي شغله اللواء كامل حينما كان الرئيس وزيرا للدفاع، كما شغل العقيد احمد علي منصب سكرتير الرئيس للمعلومات وقد كان العقيد علي متحدثا سابقا باسم وزاره الدفاع.

لم يقم الرئيس باجراء حديث منفرد مع احد المذيعين حتي الان بعد دخوله القصر، لكنه ظهر حاسما وحازما في توجيهاته واعلانه عن رغباته وخططه، كما مال الي الجانب العاطفي مغازلا مشاعر المصريين الدينيه في اكثر من مناسبه. يلاحظ هنا ايضا ان الرئيس مال الي استخدام مفردات عسكريه بحته مثل لفظ “الاستدعاء” اكثر من مره في اشاره الي “انتخابه” من قبل الشعب، كما انه يبدو غير متحفظ في الاعلان عن نواياه او تقديم طلباته صراحه الي الشعب والمسئولين ورجال الاعمال. كلها امور تعكس انه مازال متاثرا بشده بالثقافه العسكريه، ووجود طاقم سياسي بجانبه قد يكون امر ذي اهميه في الفتره القادمه.

في خلال شهر واحد من حكمه اتخذ الرئيس قرارا صادما برفع الدعم عن الطاقه، ورغم خطوره القرار المصحوب بجدل كبير حتي بين المتخصصين حول اثاره الاجتماعيه والسياسيه، الا انه بدا واثقا في قرارته وغير عابئ بردود الفعل. ويبدو ان الرئيس في ذلك يعول علي شعبيته، هذه الشعبيه قد تخفف من صدمه القرارت للبعض بالفعل ولكن الي متي وكيف؟.

فيما تكهن كثيرون قبل انتخابه انه سيبادر بتعديل بعض القوانين المخالفه للدستور وعلي راسها قانون التظاهر والذي تسبب في حبس واعتقال كثيرين، الا ان الرئيس ابقي علي القانون حتي الان ولم يمسه رغم مخالفته الدستوريه الصارخه، كما لم يسع لتعديل قانون مجلس النواب رغم ما به من عيوب فنيه كارثيه ستؤثر حتما علي شكل البرلمان بل والحياه السياسيه باثرها، ورغم مطالب القوي السياسيه وشكواها من تلك القوانين الا ان الرئيس لم يبد اي اشاره لتغير هذه القوانين!

اجراءات بناء الثقه؟ ليس بعد!

علي الرغم من اشادته المتكرره بثوره يناير وشبابها رافضا تخوين ثوار يناير، فان عددا كبيرا منهم تم القبض عليه منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بسبب مواقفهم السياسيه وكذلك بسبب قانون التظاهر وغيره، وكان البعض يتوقع ان قرارا سياسيا بالافراج عن المعتقلين من الشباب سيكون علي راس اولويات الرئيس المنتخب كاجراء لبناء الثقه المفقوده بين قطاع من الشباب والنشطاء وبين نظام ٣٠ يونيو، لكن لم يحدث بعد، فهل يتخذ الرئيس قرارا قريبا في هذا الاتجاه ام يحافظ علي اشادته بالثوره بينما قطاع من شبابها في السجون؟

بدا الرئيس خلال الشهر الفائت من حكمه عازما علي فرض القانون، وظهرت بعض الحملات الامنيه والمروريه لضبط الشارع المصري وانقاذه من فوضته العارمه، ورغم ان ذلك بكل تاكيد اجراء مطلوب ومحمود الا ان هناك ملحوظتان يمكن ذكرهما بهذا الصدد، الاولي ان هذه الحملات بدت وكانها من قبيل “شد الغربال” بحيث انها تواصلت لعده ايام ثم توقفت، مما اعاد بعض الفوضي مره اخري الي الشارع، والثانيه ان القانون بدا وكانه بصدد التطبيق علي الفئات الاقل حظا في المجتمع، مثل الباعه الجائلين، ولاشك ان استمرار حملات فرض القانون علي الجميع بلا تمييز باعتبارها فعل اعتيادي وليس مجرد” شد للغربال” هو امر من شانه تعزيز مفهوم دوله القانون والعكس صحيح.

اقدم الرئيس خلال هذا الشهر علي اكثر من فعل رمزي، مثل زيارته للسيده التي تعرضت للتحرش في التحرير، وركوبه الدراجه في ماراثون صباحي، وظهوره في احد البنوك متبرعا لحساب “دعم مصر”، وعلي الرغم من الدلالات الايجابيه لمثل هذه الافعال الرمزيه، الا انها تبقي مجرد تصرفات تعكس حسن النيه لكنها لا تضمن ابدا التنفيذ علي ارض الواقع، فلا حارات مخصصه للدراجات في مصر، ومازال التحرش يحتاج الي تطبيق اكثر حزما للقانون، او ربما الي قانون جديد اكثر شده، اما التبرعات فحدث ولا حرج، فلا يمكن لاقتصاد دوله ان يقوم علي التبرع هذا اولا، وثانيا تساءل كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور، الم تفتح حسابات للتبرع سابقا؟ ماذا كانت النتيجه؟ الاجابه لا شيء، لان الموضوع يتحول الي مجرد “شو” اعلامي، وتنتفي معه اي اثار اقتصاديه او مجتمعيه ايجابيه طالما انه لم يتحول الي سياسه اقتصاديه!

ولعل من ابرز عناويين هذا الشهر في حكم الرئيس هو زيارته الهامه لغينيا الاستوائيه لحضور القمه الافريقيه وقبلها بزياره سريعه للجزائر وما واكب ذلك من انهاء تجميد عضويه مصر في الاتحاد الافريقي في مكسب للنظام السياسي الحالي، خاصه وانه جاء مع اعلان مبادئ بين مصر واثيوبيا علي خلفيه ازمه سد النهضه، اعاد ولو جزئيا الامل في السيطره علي التهديد المائي الجنوبي لامننا القومي.

رغم ان قدرا من الحريه مازال موجودا، والدليل هو ان مثل هذه السطور مازالت تجد سبيلا للنشر، الا ان مساحات التعبير تضاءلت بشده في الفتره من ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وحتي الان في ظل اله اعلاميه تقوم بتصفيه الحسابات السياسيه بالنيابه عن النظام، وفي ظل قوانين وممارسات مقيده لحريه الراي والتعبير والحريات الاكاديميه، وفي ظل حوادث عنف سياسي لا يبدو انها ستنتهي قريبا، مازال مناخ الخوف هو عنوان البيئه السياسيه في مصر!

قطعا يظل مجرد شهر، لكن الاحداث فيه كانت متسارعه، وكما يمكن ان نلاحظ، رغم بعض الايجابيات وخصوصا في ملف السياسة الخارجية، الا ان ملفات كثيره داخليه مازالت معلقه ولا ندري هل التعليق من باب التروي قبل اتخاذ القرار ام انه حسم للامور بالسكوت عنها؟ نتمني الاولي ونخشي من الثانيه!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل