المحتوى الرئيسى

شيخ الأزهر : غياب الإنصاف من أخلاق التعامل يفتح أبواب الظلم

07/09 10:42

اكد  اليوم الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر الشريف، في برنامجه اليومي، الذي يذاع طوال شهر رمضان المبارك، علي الفضائيه المصريه قبيل الافطار الحديث عن انصاف الاسلام للمخالف للدين.

وقال الطيب خلال اللقاء ان غياب قيمه الانصاف من لائحه اخلاق التعامل بين الناس يفتح الابواب علي مصارعها للظلم الذي هو ظلمات يوم القيامه، والقران الكريم يقدم للمؤمنين به انموذجًا رائعًا في قيمه العدل والانصاف مع الاخر المخالف للدين، بل للعدو الذي يخشاه ويتقيه.

واضاف "يحدثنا اهل التفسير ان رجلًا من المسلمين علي عهد النبي  "صلي الله عليه وسلم " يقال له طعمه بن اُبَيْرق، سرق درعاً من جار له يقال له قتاده بن النعمان ، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب، حتي انتهي الي الدار، وفيها اثر الدقيق، ثم خباها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين؛ فالْتُمسَتْ الدرع عند طُعْمَهَ، فلم تُوجَدْ عنده، واقسم بالله انه ما اخذها، فقال اصحاب الدرع: بلي، والله قد اَدْلَجَ علينا فاخذها، وطلبنا اثره حتي دخل داره، فراينا اثر الدقيق: فلما ان حلف تركوه، واتبعوا اثر الدقيق حتي انتهَوا الي منزل اليهودي، فاخذوه فقال: دفعها اِليَّ طُعْمَهُ بن اُبَيْرِق، وشهد له اناس من اليهود علي ذلك، فقالت بنو ظفر - وهم قوم طعمه: انطلقوا بنا الي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فكلموه في ذلك، وسالوه ان يجادل عن صاحبهم، وكاد النبي - صلي الله عليه وسلم - يصدق اهل طُعمه بن اُبيرق، ويصدق ان اليهودي هو الذي سرق هذا الدرع، وهمَّ ان يعاقب اليهودي، فاذا بتسع ايات من القران الكريم في سوره النساء{105-113} تُبرِّيء اليهودي من السرقه، وتصف طُعمه المسلم واقاربه بالخيانه: (اِنَّا اَنزَلْنَا اِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا اَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) فيها عتاب للنبي  - صلي الله عليه وسلم - لماذا؟ لان النبي  - صلي الله عليه وسلم - كاد يصدق ان اليهودي هو الذي سرق، فالايه تقول: (وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) اي: لا تدافع عن طُعمه (وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ اِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)؛ لانه همَّ ان يصدق هؤلاء، فالانبياء يعاتبون علي الهمّ، حتي قبل الفعل (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا اَن رَّاَي بُرْهَانَ رَبِّهِ) {يوسف:24}، فالنبي  - صلي الله عليه وسلم - لما هَمَّ ان يصدق "لم يصدق" ولكن هَمَّ ان يقتنع بكلامهم ، فكان العتاب من الله له:(وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ اِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)، (وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ اَنفُسَهُمْ اِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا اَثِيمًا) اي: لا تدافع عن الخونه، طُعمه واقاربه، فهؤلاء (يَخْتَانُونَ اَنفُسَهُمْ) ثم يقول جل وعلا: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ اِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَي مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) فهم يستترون من الناس خوفاً من اطلاعهم علي اعمالهم السيئه، ولا يستترون من الله تعالي ولا يستحيون منه، وهو عزَّ شانه معهم بعلمه، مطلع عليهم حين يدبِّرون، ليلا، ما لا يرضي من القول".

وكان الله تعالي  محيطاً بجميع اقوالهم وافعالهم، لا يخفي عليه منها شيء، وذلك انهم رتبوا ماذا يقولون للنبي - صلي الله عليه وسلم - قبل ان يذهبوا اليه، وهذا معني: (اِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَي مِنَ الْقَوْلِ) من عزمهم علي الحلف علي نفي السرقه ورمي اليهودي بها (هَا اَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاهِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَهِ اَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) هذا تقريع اخر؛ اي: اذا استطعتم يا قومَ طُعمه ان تجادلوا عنه في الحياه الدنيا، فمن يحاجج الله - تعالي - عنه يوم البعث والحساب حين ينكشف امره؟ ومن ذا الذي يكون علي هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامه؟ (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا) ذنباً يسوء به غيره كرمي طعمه اليهودي (اَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) يعمل ذنبا قاصرا عليه (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) منه، اي يتب (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)، (وَمَن يَكْسِبْ اِثْمًا فَاِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَي نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ، وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَهً اَوْ اِثْمًا) اي طعمه (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا) وهو اليهودي (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَاِثْمًا مُّبِينًا).

فهذه تسع ايات نزلت؛ لتبريء اليهودي المظلوم، وتسميه بريئاً، وتدين المسلم الظالم وتعاتب النبي - صلي الله عليه وسلم؛ لهمه ان يصدقهم، وفي ذلك دلاله قاطعه علي ان الاسلام دينُ انصاف بالدرجه الاولي.

ثم توقف "شيخ الازهر "عند نموذج اخر من السنه النبويه المطهره عَنْ اَلْمُسْتَوْرِدِ اَلْقُرَشِيِّ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ ـ صلي الله عليه وسلم ـ يَقُولُ: "تَقُومُ اَلسَّاعَهُ وَالرُّومُ اَكْثَرُ اَلنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَئِنْ قُلْت ذَلِكَ، اِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً اَرْبَعًا: اِنَّهُمْ لَاَحْلَمُ اَلنَّاسِ عِنْدَ فِتْنَهٍ، وَاَسْرَعُهُمْ اِفَاقَهً بَعْدَ مُصِيبَهٍ، وَاَوْشَكُهُمْ كَرَّهً بَعْدَ فَرَّهٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ..." فحين تقوم الساعه سيكون عدد الروم ، وهم المسيحيون  اكثر الاعداد، فقال عمرو بن العاص " رضي الله عنه- للمستورد انظر ماذا تقول؟ اي: تاكد، فقال له المستورد القرشي: اقول ما سمعته من النبي "صلي الله عليه وسلم "فقال عمرو بن العاص"لَئِنْ قُلْت ذَلِكَ، اِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً اَرْبَعًا "اِنَّهُمْ لَاَحْلَمُ اَلنَّاسِ عِنْدَ فِتْنَهٍ"؛ اي: عندما تحدث الفتن تجدهم اهل حلم واهل عفو، "واَسْرَعُهُمْ اِفَاقَهً بَعْدَ مُصِيبَهٍ" بمعني انهم اذا نزلت بهم المصيبه او ابتلاء، سرعان ما يفيقون، فالحزن عندهم لا يطول، فهم لذلك اسرع الناس افاقه حينما تصيبهم مصائب، "وَاَوْشَكُهُمْ كَرَّهً بَعْدَ فَرَّهٍ"، بمعني انهم اذا قاتلوا او قوتلوا يكرون علي العدو، فاذا فرَّوا فبسرعه يعيدون الكرَّه مره اخري، ولما كان عمرو بن العاص ادري الناس بالكرّ والفرّ، اُعجِبَ بسرعتهم في الكر والفر، "وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ" وهذه الميزه قد جمعت الاخلاق من اطرافها حيث انهم خير الناس للمساكين ولليتامي وللضعفاء وللبؤساء...

أهم أخبار توك شو

Comments

عاجل