المحتوى الرئيسى

العمليات العسكرية من النكسة إلي حرب الاستنزاف

07/08 13:21

تحمل الجيش المصري تبعات هزيمه يونيو 1967 بكل شجاعه واصرار علي تحويل تلك النكسة الي انتصار والثار من العدو وازاله اثار تلك النكبه، ولم تكد تمر ايام علي تلك الكارثه العسكريه والتي اكد معظم الخبراء العسكريين ان الجيش يحتاج الي سنوات حتي يقف علي قدميه مره اخري حتي بدا مشوار ازاله اثار ذلك العدوان ورد الكرامه والارض وتحول الجيش من الصمود امام غرور العدو الاسرائيلي وتكبره وتفوقه الي الدفاع النشط خلال مرحله حرب الاستنزاف التي شهدت بطولات وعمليات عسكرية كبدت العدو خسائر من الجنود والضباط والمعدات جعلته يشهد للقوات المصريه بالكفاءه والشجاعه بل والتفوق العسكري وبشهادتهم كما نشرت احدي المجلات العسكريه للجيش الاسرائيلي.

وكانت حرب الاستنزاف هي مفتاح النصر في اكتوبر العظيم حيث خاضت فيها القوات المسلحه معارك حقيقيه كشفت فيها نقاط قوه العدو ونقاط ضعفه، تجرات علي قواته وجربت اساليبه وخططه علي ارض الواقع، حتي كان النصر العظيم في 6 اكتوبر1973(تقرير لصحيفه الجمهوريه المصريه، 4/10/2009) و رغم صدور قرار مجلس الامن 236 يوم 11 يونيو 1967، الذي نص علي ادانه اي تحرك للقوات العسكريه المصريه بعد 10 يونيو،( محمد جمإل ألمظلوم، يوميات حرب 1967، الجزيره نت، 4/6/2007) الا ان الجيش المصري لم يستسلم واستمر في عملياته العسكريه التي سيتم التطرق اليها في هذا الجزء وذلك علي النحو التالي:

ادت هزيمه العرب في حرب 67 الي جلاء الجيش المصري عن سيناء وتحشده علي الضفه الغربيه للقناه، وتوقف اطلاق النار بعد سته ايام من اندلاع الحرب، واصدرت القياده العسكريه المصريه توجيهات قبل ان ينتهي شهر يونيو 1967 اكدت فيها ان مرحله اعاده التنظيم بنيت علي اساس عزيمه وايمان المقاتل في الجيش المصري وقدراته علي القتال.

سارعت القوات المسلحه المصريه علي امتداد الجبهه بتنظيم الدفاعات بما تيسر لها من امكانيات، لا تزيد عن 100 دبابه و150 مدفعاً، وفي يوم 10 يونيو 1967، اخذت القوات المسلحه المصريه في التزايد من خلال المساعدات من الدول العربيه والصديقه، التي سارعت بارسال اسلحه ومعدات، الي جانب تنفيذ الاتحاد السوفيتي لبعض عقود صفقات اسلحه قديمه، لتصل كفاءه القوات المسلحه الي حوالي 50% من الكفاءه المقرره لها في نهايه عام 1967، كما ان التصالح العربي في مؤتمر القمه العربيه في الخرطوم، ساعد علي سحب القوات المصريه من اليمن لتتولي مسؤوليتها الوطنيه علي الجبهه.

بدات حرب الاستنزاف في مارس 1969 وهو تعبير اطلقه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر علي العمليات العسكرية التي دارت بين القوات المصريه شرق قناه السويس والقوات الإسرائيلية المحتله لمنطقه سيناء عقب حرب الايام الستة التي احتلت فيها اسرائيل الارض العربيه في كل من الضفه الغربيه وقطاع غزه وهضبه الجولان وسيناء، وفي 7 اغسطس، 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والملك حسين، قبول مبادره روجرز لوقف اطلاق النار.

ولم تؤد الحرب الي اي تغييرات في خطوط وقف اطلاق النار، ولم تنجح المساعي الهادفه للتوصل الي تسويه سلميه؛ بسبب التعنت الاسرائيلي، وانما سادت حاله من اللا سلم واللا حرب، والتي ادت بدورها الي نشوب حرب اكتوبر بعد ثلاث سنوات.

وانطلقت حرب الاستنزاف من رؤيه مفادها انه اذا كانت مصر ستخوض معركه لتحرير ارضها واستعاده كبريائها فان الخطوه الاولي هي تحطيم صوره المقاتل الاسرائيلي السوبر قبل ان تترسخ في عقول المقاتلين المصريين، ولتحقيق هذا الهدف راي المقاتلون المصريون انه من الضروري ان تبدا عمليات فدائيه ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي في شرق قناه السويس، وان سقوط قتلي وجرح واسري في صفوف العدو سيؤدي الي استنزافه ونزع هذه الهاله التي اكتسبوها في يونيو 1967.

وتضمنت حرب الاستنزاف هجمات متعدده ضد الاحتلال في سيناء وحتي في مناطق خارج منطقه الصراع تماما مثل عمليه تفجير حفار اسرائيلي في المحيط الاطلنطي، وكان من اهم منجزاتها معركه راس العش وعمليه ايلات التي تم خلالها الهجوم علي ميناء ام الرشراش الذي اسمته اسرائيل ايلات بعد احتلاله حيث تم تلغيم الميناء وقتل عدد من العسكريين واغراق بارجه اسرائيليه وذلك من قبل رجال الضفادع البشريه المصريين بالتعاون مع القوات الاردنيه والعراقيه ومنظمه التحرير الفلسطينيه.

بدات مصر صراعها المسلح ضد اسرائيل بمرحله اطلق عليها اسم “مرحله الصمود”، انتقلت بعدها القوات المسلحه المصريه الي مرحله الدفاع النشط، ثم تطور القتال الي مرحله جديده اطلق عليها الاستنزاف لتصل الحرب الي ذروتها في عام 1973، ومرحله الصمود، كان الهدف منها هو سرعه اعاده البناء، ووضع الهيكل الدفاعي عن الضفه الغربيه لقناه السويس، واستغرقت هذه المرحله، من يونيو 1967 الي اغسطس 1968.

اما مرحله الدفاع النشط او المواجهه؛ فقد كان الغرض منها تنشيط الجبهه والاشتباك بالنيران مع القوات الاسرائيليه؛ بغرض تقييد حركه قواتها في الخطوط الاماميه علي الضفه الشرقيه للقناه، وتكبيدها قدرًا من الخسائر في الافراد والمعدات، واستغرقت هذه المرحله المده من سبتمبر 1968 الي فبراير 1969.

وتصاعد القتال الي مرحله جديده اطلق عليها “الاستنزاف”، او مرحله “التحدي والردع”، وذلك من خلال عبور بعض القوات، والاغاره علي القوات الاسرائيليه، وكان الهدف منها تكبيد اسرائيل اكبر قدر من الخسائر في الافراد والمعدات لاقناعها بانه لابد من دفع الثمن غاليًا للبقاء في سيناء، وفي نفس الوقت تطعيم الجيش المصري عمليًا ومعنويًا للمعركه، واستغرقت هذه المرحله من مارس 1969 الي اغسطس 1970.

اشتملت هذه المرحله علي بعض العمليات العسكريه المهمه، التي كان لها تاثير كبير علي المستوي المحلي والعربي والعالمي نستعرضها فيما يلي:

هي اولي المعارك التي خاضها الجيش المصري في مواجهه جيش اسرائيل في عام 1967، وانتصر المصريون في المواجهه الامر الذي كان له اثرا بالغا في نفوس الجنود المصريين، وكانت تمثل ايضا علامه بارزه من علامات مرحله الصمود التي وقعت في اعقاب حرب يونيو.

في الساعات الاولي من صباح 1 يوليو 1967 ، وبعد ثلاثه اسابيع من النكسه ، تقدمت قوه مدرعه اسرائيليه من القنطره شرق في اتجاه الشمال بغرض الوصول الي ضاحيه بور فؤاد المواجهه لمدينه بورسعيد علي الضفه الشرقيه لقناه السويس كان الهدف احتلال بور فؤاد، التي كانت المنطقه الوحيده في سيناء التي لم تحتلها اسرائيل اثناء عمليات حرب يونيو 1967 ، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمه الاحتلال الاسرائيلي ، قام مقاتلي الصاعقه انذاك وكان عددهم ثلاثين من الكتيبه «43» بعمل خط دفاعي امام القوات الاسرائيليه المتقدمه والتي شملت ثلاث دبابات مدعمه بقوه مشاه ميكانيكيه في عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم علي قوه الصاعقه التي تشبثت بمواقعها بصلابه وامكنها تدمير ثلاث دبابات معاديه.

وُضِعت خطه محكمه من قبل الجيش المصري لاقتناص المدرّعات الاسرائيليه، واتخذ الكل ادواره ومواقعه ، وظهرت بوادر المدرعات الاسرائيليه، وفجاه، انفجر اللغم الارضي في مقدمه الموكب الاسرائيلي، وانفجر اخر في مؤخره الموكب الاسرائيلي، وانفجر الغضب المصري بشراسه عنيفه في وجه الاسرائيليين الذين اصبحوا في وضع صعب للغايه، وذُعِرَ الاسرائيليون في مواجهه الجيش المصري

عاود العدو الهجوم مره اخري، الا انه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهه او الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجه تدمير بعض العربات نصف جنزير بالاضافه لخسائر بشريه من جانب القوات الاسرائيليه التي اضطرت للانسحاب، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطره المصريه حتي نشوب حرب اكتوبر 1973.

وعن نتائج المعركه اشار اللواء محيي نوح احد قاده الصاعقه في حرب اكتوبر ان معركه راس العش منعت العدو من المطالبه باعاده تشغيل قناه السويس وتدمير موقع لسان التمساح وقتل حوالي 40 اسرائيليا ردا علي استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، كما اكد اللواء عبدالمنعم سعيد، محافظ جنوب سيناء الاسبق، ان راس العش كانت من اهم المعارك التي وقعت علي ارض سيناء في الفتره من هزيمه يونيو 1967 حتي انتصار اكتوبر 1973، لانها كانت بمثابه عوده الروح للمقاتل المصري وعاملا كبيرا في استعاده الجنود الثقه بانفسهم.

اضافه الي انها مهدت لحرب الاستنزاف التي اكد انها لم تكن تتم بالقرب من الشاطئ الشرقي لقناه السويس فقط، وانما كانت تتوغل في داخل سيناء، حيث وصل الجنود في بعض العمليات الي مدينه العريش، بالتعاون مع بدو المنطقه، وتمكن بعضهم من تدمير حقل بترول بلاعيم حتي تُحرم اسرائيل من الاستفاده منه.

وعلي صعيد رد الفعل الاسرائيلي بعد معركه “راس العش”، قامت القوات الاسرائيليه يوم 4 يوليو 1967، بمحاوله فاشله لانزال لنشات وقوارب في قناه السويس، في مناطق: القنطره، وكبريت، والشط، وبور توفيق؛ لابراز سيطرتها علي القناه؛ الا ان القوات المصريه تصدت لها في البر والبحر والجو؛ ما ادي الي افشال جميع المحاولات، واصيب لاسرائيل ثمان طائرات، وثمانيه زوارق بحريه، فضلاً عن اصابه وتدمير 19 دبابه، و18 مركبه مدرعه، و27 مركبه محمله بالذخائر، اضافه الي خسائر كبيره في الافراد، وكانت خسائر القوات المصريه: 25 شهيدًا، و108 جرحي، وثلاث طائرات، وزورقان بحريان.

معارك القوات الجويه: خلال يومي 14 و15 يوليو 1967

نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجوميه ضد القوات الاسرائيليه في سيناء، احدثت فيها خسائر فادحه، بل ادت الي فرار بعض من الافراد الاسرائيليين من مواقعها، وهو ما ادي الي زياده الثقه لدي المقاتلين في قواتهم الجويه بعد هذه العمليه الناجحه.

كانت عباره عن اشتباك كبير ركزت فيه المدفعيه المصريه كل امكانياتها في قطاع شرق الاسماعيليه يوم 20 سبتمبر 1967، وتمكنت فيه من تدمير واصابه عدد غير قليل من الدبابات الاسرائيليه، وصل الي 9 دبابات مدمره، فضلاً عن الاصابات في الدبابات الاخري وعربتي لاسلكي، وقاذف مدفعيه صاروخيه، بالاضافه الي 25 قتيلاً و300 جريح، منهم ضابطان برتبه كبيره.

اغراق المدمره البحريه الاسرائيليه (ايلات)

شهدت الفتره التي تلت حرب يونيو 1967 وحتي اوائل اغسطس 1970، انشطه قتاليه بحريه بين الجانبين وكان كلاهما يهدف الي احداث اكبر خسائر في القوات البحريه للطرف الاخر بغرض احراز التفوق والحصول علي السيطره البحريه.

كان دخول المدمره ايلات ومعها زوارق الطوربيد من نوع جولدن، ليله 11/12 يوليه 1967 داخل مدي المدفعيه الساحليه في بورسعيد، بمثابه استفزاز للجيش المصري، وعندما تصدت لها زوارق الطوربيد المصريه فتحت ايلات علي الزوارق وابلا من النيران ولم تكتف بذلك بل استمرت في العربده داخل المياه الاقليميه المصريه ليله 21 اكتوبر 1967 في تحد سافر مما تطلب من البحريه المصريه ضبطا بالغا للنفس الي ان صدرت توجيهات الي قياده القوات البحريه بتدمير المدمره ايلات.

وفي يوم 21 اكتوبر 1967، تمكنت زوارق صواريخ البحريه المصريه من اغراق المدمره ايلات في منطقه شمال شرق بورسعيد، وكانت هذه المعركه بمثابه اول استخدام لصواريخ “سطح سطح”، ونتج عنها خساره فادحه للقوات البحريه الاسرائيليه، خاصه وان هذه المدمره كانت تمثل اهميه كبيره للبحريه الاسرائيليه في ذلك الوقت، كما كانت خسائرها كبيره في الارواح؛ الامر الذي دفعها لاستئذان مصر عن طريق الامم المتحده في البحث عن القتلي والغرقي، في منطقه التدمير شمال بورسعيد، واستمرت في عمليات البحث والانقاذ اكثر من 48 ساعه بعد ان وافقت مصر علي ذلك.

واستمر تبادل ردود الافعال بين الجانبين ، فبعد ثلاثه ايام من تدمير المدمره “ايلات”؛ اي، في 24 اكتوبر 1967، وجهت القوات الاسرائيليه علي طول الجبهه، قصفات نيرانيه مركزه ضد مدن القناه ومصانعها وضد المدنيين، وبطبيعه الحال كان رد القوات المصريه الفوري عليها، حيث اشتعل القتال بالتراشق النيراني، علي مدي 24 ساعه متصله، تكبد فيها الجانبان كثيرًا من الخسائر، خاصه في الافراد المدنيين المتبقين بمدن القناه.

وفي 3 يناير 1968، حاولت هيئه قناه السويس فتح ممر الملاحه بالقناه، فدفعت زورق لاستطلاع مجري القناه، الا ان القوات الاسرائيليه فتحت نيرانها عليه ؛ ما اضطر طاقم الزورق الي العوده، ثم جرت محاوله مره اخري قبل ظهر اليوم نفسه وفشلت للمره الثانيه، وعند ذلك تصاعدت الاشتباكات علي ضفتي القناه وشملت الجبهه كلها.

وقد انتقلت ردود الفعل كذلك الي الجانب الاسرائيلي، في نهايه مرحله الصمود في يونيو 1968، بسبب تكثيف القوات المصريه، من عمليات دفع الدوريات والكمائن الي الضفه الشرقيه للقناه وبمعدل شبه يومي، وفي مناطق متفرقه وغير متوقعه، مع نجاح معظمها في تحقيق نتائج جيده من تدمير، وخطف اسري، ووثائق، واسلحه، والعوده بمعلومات قيمه، فكثفت القوات الاسرائيليه نشاط طيرانها، ضد اهداف مدنيه في العمق المصري، مع تصيعدها للقصف المدفعي والدبابات، والتي شملت احيانًا مواجهه الجبهه بالكامل واستمر الحال علي هذا المنوال طوال مرحله الصمود، التي استنزفت واجهدت القوات الاسرائيليه، في حرب طويله ثابته لم يتعودوا عليها.

يعد يوم 8 سبتمبر 1968، نقطه تحول الرئيسيه في تنشيط الجبهه؛ فكان هذا اليوم بدايه مرحله الدفاع النشط، التي ارادت مصر ان تبـداها بقوه، وتصيب فيها القوات الاسرائيليه باكبر قدر من الخسائر. وقد شملت اعمال قتال هذا اليوم علي قصفات مدفعيه مدبره، وتحت ستارها تدفع دوريات قتال علي طول الجبهه. وقد خطط لهذا القصف ان يشمل جميع الاهداف الاسرائيليه شرقي القناه حتي عمق 20 كيلومترا.

قررت قياده القوات المصريه، توسيع نطاق نشاطها ضد العدو الاسرائيلي، في السواحل والموانئ، منذ شهر سبتمبر ونوفمبر 1969 فقامت بالاتي :

الرد المصري علي العمليه الاسرائيليه، في ابو الدرج

بعد ان قام العدو الاسرائيلي بعمليه تليفزيونيه ، وصور دقائقها ووزعها علي معظم المحطات العالميه،حيث قام بانزال سريه دبابات في منطقه ابو الدرج، علي ساحل البحر الاحمر، اتجهت جنوباً الي الزعفرانه، مدمره كل الاهداف والسيارات المدنيه التي اعترضت طريقها، مستغله خلوّ المنطقه تماماً من ايه قوات عسكريه، وكان الرد المصري علي هذه العمليه حاسماً، حيث نُفذت اول هجمه جويه منظمه، منذ حرب يونيو 67، بقوه ستين طائره، اختيرت لها اهدافا في العمق البعيد، حتي تفاجا القوات الاسرائيليه في تلك المناطق.

ونفذت الطائرات ضربتها بقوه وحسم، ظهر يوم 11 سبتمبر 1969، وعادت جميعها سالمه. ثم اغارت وحده خاصه علي موقع منعزل بمنطقه مصفق (85 كم شرق القناه علي الطريق الساحلي). ودمرته وقتلت كل من فيه، وبمرور الايام، وتصاعد اعمال الاستنزاف، كان عود المقاتل المصري يشتد، والحاجز النفسي يتحطم. وقد انعكس ذلك علي اعمال قتال الربع الاخـير من عام 1969، حيث كان ساحلي البحر الاحمر وخليج السويس (الشرقي والغربي) هما مسرح العملـيات، لمعظم الاعمال القتاليه.

وقد افتتحت القوات الخاصه المصريه اول ايام شهر اكتوبر 1969، بعمليه كبري للرد علي انزال العدو في الزعفرانه، فقد قامت قوه من المجموعه 39 عمليات خاصه، بحراً وجواً، في منطقه راس ملعب، وتقدمت علي الطريق الساحلي في هذه المنطقه، حتي راس مطارمه، ونسفت جميع الاهداف العسكريه، ثم نسفت الطريق نفسه، ووضعت الغاماً وشراكاً خداعيه في بعض المناطق، وعادت سالمه، وقد انفجرت هذه الالغام في القوات الاسرائيليه، التي هرعت للنجده، بعد انسحاب القوه.

وفي ليله 3/4 اكتوبر، وقع هجوم علي النقطه القويه في “الدفرسوار”، وفيها تكبد العدو خسائر كبيره، من خلال قتال متلاحم، وصفه “زيف تشيف” في كتابه، بانه “كان قتالاً يداً بيد”، ولم يكن العدو صامتاً خلال هذا الشهر، ولكن كرر محاولاته في البحر الاحمر، من خلال عمليات محدوده علي هيئه اغارات وكمائن، في ابو الدرج وراس شقير، لم يكن لها تاثير يذكر.

عمليه قصف منطقتي «بالوظه ورمانه» ليله 8 ـ 9 نوفمبر 1969

كان للقوات الاسرائيليه علي الساحل الشمالي لسيناء موقعان، احدهما لتجمعات اداريه في منطقه رمانه، والثاني موقع صواريخ هوك في بالوظه، وتجمعات شؤون اداريه في شرقي بورسعيد بحوالي 40 كيلومتراً، وصدرت التعليمات بتدميرهما، بوساطه المدمرتين الناصر ودمياط، بالتعاون مع لنشات الطوربيد والصواريخ.

ارتكزت فكره العمليه علي اساس ان تغادر المدمرتان ميناء الاسكندريه، لكي تكونا امام فنار البرلس عند الغروب، ثم يستكملان ابحارهما شرقاً حيث تلتقيان امام بورسعيد بمجموعه من لنشات الطوربيد والصواريخ، التي ستقوم بواجب الحراسه، ثم يستكمل التشكيل ابحاره شرقاً للوصول الي الموقع في الساعه الحاديه عشره، مساءً يوم التنفيذ، ثم يبدا فوج المدفعيه الساحليه المتمركزه في قاعده بورسعيد، في ضرب الموقع الاسرائيلي شرق بور فؤاد، حتي يتيقن الاسرائيليون من ان الضرب ياتيهم من اتجاه بورسعيد، وفي ذلك الوقت تكون المدمرات قد وصلت موقع ضرب منطقتي رمانه وبالوظه، وكانت السّريه والخداع هما العاملان الرئيسيان لنجاح العمليه.

تمت العمليه طبقاً للمخطط تماماً، وبدات رحله العوده الي الاسكندريه، ولكن بعد خمس دقائق ظهر هدف جوي، يحوم فوق المدمرات، تبين انها طائره استطلاع اسرائيليه، وكان ذلك يشير الي توقع هجوم جوي علي المدمرتين، وبعد حوالي ربع ساعه ظهرت الطائرات الاسرائيليه، من نوع فانتوم وسكاي هوك فوق المدمرتين، وتمكنت المدمره “دمياط” من تفادي الهجوم الجوي، وكذلك لنشات الطوربيد والصواريخ بفضل صغر حجمها وسرعتها العاليه، حيث تمكنت من دخول بورسعيد، اما المدمره “الناصر”.

فقد كانت هدفاً للهجوم الجوي المكثف للقاذفات المقاتله الاسرائيليه من كل اتجاه، واشتبكت مدفعيتها مع الطائرات المغيره، وعلي الرغم من استمرار محاولات الهجوم عليها، الاّ انها استطاعت ان تصل ميناء الاسكندريه سالمه. اما المواقع الاسرائيليه في رمانه وبالوظه، فقد ظلت مشتعله لعده ساعات متواصله

حاول الاسرائيليين عقب حرب 1967 تحطيم الروح المعنويه للشعب المصري فقرروا استخراج البترول من خليج السويس امام اعين المصريين وذلك في محاوله لاجبار مصر علي قبول احد الامرين ، اما ان تقوم اسرائيل باستنزاف البترول المصري، واما ان يرفض المصريون ذلك ويهاجموا الحقول المصريه التي تستغلها اسرائيل وهو ما كانت اسرائيل تنتظره لتتخذه كذريعه لضرب حقل (مرجان) حقل البترول الوحيد الباقي في يد مصر لتحرم الجيش المصري من امدادات البترول.

وتم الاعلان عن تكوين شركه (ميدبار) وهي شركه اسرائيليه امريكيه انجليزيه حيث قامت باستئجار الحفار (كينتنج) واستمرت اسرائيل في الاعلان عن مخططها فاعلنت القياده السياسيه المصريه ان سلاح الجو المصري سيهاجم الحفار عند دخوله البحر الاحمر.

وبدا من الواضح ان هناك خطه اسرائيليه لاستدراج مصر الي مواجهه عسكريه لم تستعد مصر لها جيدا او يضطر المصريون الي التراجع والصمت، وعلي ذلك قرر جهاز المخابرات المصري التقدم باقتراح الي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يقضي بضرب الحفار خارج حدود مصر بواسطه عملية سرية مع عدم ترك ايه ادله تثبت مسئوليه المصريين عن هذه العمليه.

وتم التخطيط لهذه العمليه وبعد تاكد جهاز المخابرات من مصادر سريه ان الحفار سيتوقف في داكار بالسنغال بجوار قاعده بحريه فرنسيه مما يصعب من عمليه تفجيره وبعد وصول الضفادع بقياده الرائد (خليفه جودت) فوجئ الجميع بالحفار يطلق صفارته معلنا مغادرته للميناء واضطر رجال الضفادع للعوده الي القاهره, وتمت متابعه ، وفور وصوله الي ابيدجان في فجر 6مارس 1970 والذي تزامن مع مهرجان ضخم لاستقبال عدد من رواد الفضاء الامريكيين الذين يزورون افريقيا لاول مره .

قامت جماعات الضفادع البشريه باستثمار هذه الفرصه الذهبيه لانشغال السلطات الوطنيه بتامين زياره رواد الفضاء و حراستهم عن ملاحظه دخول المجموعات و توجيه الضربه للحفار الذي وقف علي بعد امتار من قصر الرئيس العاجي وتجمعت الدفعه الاولي من الضفادع مكونه من 3 افراد هم الملازم اول حسني الشراكي والملازم اول محمود سعد وضابط الصف احمد المصري بالاضافه الي قائدهم الرائد خليفه جودت وبقي ان يصل باقي المجموعه حيث كان مخططا ان يقوم بالعمليه 8 افراد وتم تنفيذ العمليه دون انتظار وصول باقي الرجال ، ونزلت الضفادع المصريه من منطقه الغابات وقاموا بتلغيم الحفار وسمع دوي الانفجار بينما كان ابطال الضفادع في طريق عودتهم الي القاهره.

اسبوع تساقط الفانتوم، هو اسبوع بدا من 30 يونيو حتي 7 يوليو 1970، لانه في اواخر 1969 تم تزويد اسرائيل بطائره امريكيه حديثه، وكانت اول طائره تستخدم انظمه الحرب الالكترونيه، بتجهيزات الكترونيه حديثه جداً، من حواسيب ورادارات لاغراض متعدده واجهزه استشعار للصواريخ المعاديه المنطلقه بتجاهه الطائره مما يسمح للطيار باخذ مناوره حاده مما يفجر الصاروخ وهو يطارد الطائره.

وبعدها قام رجال الدفاع الجوي بانشاء حائط الصواريخ الحصين، تحت ضغط هجمات العدو الجوي المتواصله باحدث الطائرات، فانتوم، سكاي هوك، ذات الامكانيات العاليه مقارنه بوسائل الدفاع الجوي المتيسره في ذلك الوقت، ومن خلال التدريب الواقعي في ظروف المعارك الحقيقيه اثناء حرب الاستنزاف تمكنت قوات الدفاع الجوي، اعتبارا من 30 يونيو وخلال الاسبوع الاول من شهر يوليو عام1970 من اسقاط العديد من الطائرات طراز، فانتوم، سكاي هوك، واسر العديد من الطيارين الاسرائيليين وكانت هذه اول مره تسقط فيها طائره فانتوم، وتوالت بعده انتصارات رجال الدفاع الجوي المصري.

مرحله حرب الاستنزاف (العمل التعرضي)، الفتره من يناير 1970 ـ 8 اغسطس 1970

في هذه المرحله توسعت القوات المصريه في اعمال القتال البريه، وتسابقت الوحدات والافراد علي الاشتراك في عمليات العبور، وقد نُفذت 16 اغاره وكمين ناجح علي طول الجبهه، علاوه علي ثلاث اغارات في العمق (الطور وايلات)، وكانت جميع الكمائن ناجحه تماماً، واحدثت خسائر كبيره في العدو، مما اضطره الي تحجيم تحركاته الي اقل حد ممكن، وكان من بين هذه الكمائن ما يلي:

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل