المحتوى الرئيسى

الورطة الصينية في العراق: سياسة قطف الثمار لم تعد تجدي

06/27 21:22

كان بمقدور المرء حتي الان تهنئه الصين فقط لاجل استراتيجيتها في العراق، فهي لم ترسل جنديا واحدا الي بلاد الرافدين، ورغم ذلك فبكين هي الفائز في الحربين العراقيتين. اما امريكا فقد اجهدت نفسها فقط هناك، وقُتل ما يقرب من 4500 من جنودها في حرب العراق الاخيره وحدها، علاوه علي مقتل اكثر من مائه الف من المدنيين العراقيين.

وكلفتها الحرب في العراق 79 مليار دولار أمريكي، اما عائدات الحرب عليها فليس لها وجود حتي اليوم.

الصين تهيمن علي انتاج النفط العراقي

وقد يظن المرء ان الشركات الأمريكية قد اصبحت لها السياده علي حقول النفط في البلاد، وهو ما كان يامله ايضا الرئيس الأمريكي جورج بوش انذاك. ولكن بعد غزو العراق واسقاط صدام حسين، جاء كل شيء عكس المتوقع. فقد كانت شركه بتروشينا الصينيه هي اول شركه اجنبيه تحصل علي رخصه لاستخراج البترول في العراق بعد سقوط صدام حسين. وبعدها خطفت الشركات الصينيه، امام انظار الشركات الامريكيه، حقوق التعدين واستغلال آبار النفط الواحد تلو الاخر.

فرانك سيرنِ يري ان احداث العراق الحاليه تضر الصين الصين اكثر بكثير من ضررها لاميركا.

ويسيطر الصينيون حاليا علي نصف استثمارات صناعه استخراج النفط في العراق. فاكبر ثلاثه حقول للنفط في العراق وهي الرميله، وغرب القرنه وحلفايا تديرها شركات صينيه او بالتعاون مع شركات محاصه غير امريكيه. كما ان 80 % من النفط العراقي يصدر الي الصين.

ولم تستطع الحكومة العراقية المنتخبه ديمقراطيا تقديم اي تنازلات بسبب المشاعر المعاديه للولايات المتحده في البلاد. وهكذا انتظر الامريكيون عبثا ان تظهر الحكومه العراقيه اعترافا بان القوه العالميه قدمت لها جميلا بوضعها في موقف (مكنها من) الفوز في الانتخابات.

وبخيبه امل، انسحبت واشنطن في اواخر عام 2011 وتركت للصينيين الاعمال النفطيه؛ فالصينيون بامكانهم دائما تقديم العروض الارخص.

والان فان بكين ستنزعج بسبب قيام قوات ما يعرف بـ"الدوله الاسلاميه في العراق والشام" (داعش) بالزحف والاقتراب نت بغداد ورفع اعلامها السوداء بالفعل علي مدن عديده واعلانها تطبيق الشريعه هناك. ومع ان حقول النفط التي تديرها الصين تقع في اقصي جنوب البلاد ولا تزال بعيده كل البعد عن نفوذ قوات داعش، الا ان تاثيرات الحرب الخاطفة التي تديرها داعش ظهرت الان بالفعل علي انشطه الصين النفطيه. ففي وقت قصير تمكن مقاتلو داعش الاسبوع الماضي من السيطره علي مصفاه النفط في بلده بيجي، اكبر مصفاه للنفط في العراق. ومن ثم فان حقول النفط في الجنوب توجب عليها وقف انتاجها بسبب انخفاض الطلب علي النفط.

كما ان مقاتلي داعش ادركوا الاهميه الاستراتيجيه لحقول ومصافي النفط، فدوله الخلافه التي يحلمون بانشائها عند الحدود العراقيه السوريه لا يمكن ان تعيش من خلال اداء الصلوات الخمس فقط.

انتاج النفط دون عائق امر مشكوك فيه

الوضع حاليا في العراق غير واضح المعالم. ومن غير المحتمل ايضا ان تتمكن الشركات الصينيه في الشهور او حتي السنوات القادمه من استخراج البترول في العراق دون عوائق، لان المستشارين العسكريين الامريكيين الثلاثمائه الجدد لا يمكنهم التاثير كثيرا اذا ما واصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تهميش السنه والاكراد، ولا توجد الان في الافق بدائل سياسيه للمالكي. وفي الوقت نفسه لا تريد واشنطن ان تنجر مره اخري الي حرب بريه.

مقاتلو داعش في محافظه صلاح الدين. داعش استولت علي مصفاه النفط في بيجي بمحافظه صلاح الدين وهي اكبر مصفاه للنفط في العراق

الصينيون لديهم كل الاسباب للقلق، فتوقف الانتاج لفتره قصيره مساله يمكن تجاوزها، لكن الصينيين علي المدي الطويل، بحاجه الي النفط العراقي. فحتي حلول عام 2030، سيستهلكون سنويا 800 مليون طن من النفط، ويجب استيراد ثلثي هذه الكميه.

ومن هنا فان سياسة الصين الخارجيه "الصالحه للاستخدام اليومي" معروضه للمناقشه. وفي يوم الاحد (22 يونيو/ حزيران 2014) حمل السفير الصيني في بغداد، وانغ يونغ، رساله من بكين الي الحكومه العراقيه فيها ان بكين تدعم اجراءات الحكومه العراقيه "لاعاده الامن الي البلاد مره اخري، واعاده السيطره مره اخري" علي سلسله من المدن العراقيه. ولاجل ذلك توجب علي ممثل للحكومه العراقيه ان يعد بان الحكومه ستفعل كل شيء لضمان "امن العاملين في السفاره والعمال الاجانب". حيث ان العراق يعمل بها حوالي عشره الاف صيني. وهذا لن يكون كافيا لحمايه مصالح الصين.

حقل حلفايا النفطي في جنوب العراق، الذي تستخرج نفطه شركه صينيه بالتعاون مع توتال الفرنسيه وبيتروناس الماليزيه

والسؤال المهم للسنوات القادمه هو: هل ستنجح استراتيجيه التركيز علي الاعمال التجاريه والبعد عن التدخل في الشؤون الداخليه لبلد ما، عندما يكون التعامل هنا مع متطرفين دينيا؟ وهذا الامر لا ينطبق علي العراق فقط وانما ليبيا ايضا، وقبلهما افغانستان، حيث يجب ان تتحدث بكين في المستقبل ليس مع الحكومه فقط وانما مع طالبان ايضا.

وحده الهدف بين الصين والولايات المتحده

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل