المحتوى الرئيسى

​The Grand Budapest Hotel... أسباب عديدة للبهجة المؤكدة

06/14 16:03

منذ انطلاقته المدويه في منتصف حقبه التسعينات من خلال فيلمه الاول Bottle Rocket وحتي هذه اللحظه، صار كل فيلم جديد يصدره الكاتب والمخرج الامريكي ويس أندرسون بمثابه حدث سينمائي مُنتظر في كافه الاوساط السينمائيه، ومع فوز فيلمه الثامن The Grand Budapest Hotel في شهر فبراير الماضي بجائزه لجنه التحكيم الكبري من مهرجان برلين السينمائي الدولي، صار الفيلم منتظرًا من قبل مريدي ويس اندرسون اكثر فاكثر، لكن السؤال البارز هنا، ما السر الكامن وراء البهجه التي يحدثها هذا الفيلم في عيون كل من شاهده، وكذلك بالتاكيد في سائر افلام ويس اندرسون الاخري؟

ويس اندرسون هو صانع أفلام يقدر فعل الحكي في حد ذاته دون ان يكون وراء هذا التقدير اي رؤي فكريه كامنه في اي منحي من المناحي، ودون ان تدعيّ حكاياته اي شيء اخر غير ما هي عليه، ويقوم علي هذا الاساس بتضمين افلامه بعض الاساليب السرديه التي تزيد من متعه الحكايه، ومثلما استمتع في فيلمه السابق والمتميز Moonrise Kingdom بالسرد عن طريق الرسائل المتبادله بين سام وسوزي، نجد ويس في حكايته هنا يعتمد علي سرد متداخل ممتع ومبني في الاساس علي فكره (العنعنه)، او بمعني اخر تناقل القصه من راوي لاخر، حيث تتنقل لنا الحكايه من قارئه تقرا كتاب كتبه مؤلف يتحدث للمشاهدين في بدايه الفيلم، والذي استوحي الحكايه بدوره من حكايه زيرو مصطفي (اف موري ابراهام) الذي رواها علي مسامعه عندما كان شابًا، تفاصيل المغامره التي خاضها مع السيد ام جوستاف (رالف فاينز).

هناك شيء هائل وراء كافه الشخصيات التي يخلقها ويس اندرسون، وهي رسمه لها من الخارج الي الداخل، وليس من الداخل الي الخارج كما يفعل غالبيه صناع الافلام، حيث يعطي الاولويه لكافه التفاصيل الخارجيه للشخصيه (تسريحه الشعر، الاكسسوارات، علامات مميزه في الوجه، الملابس، تعبيرات الوجه... الخ)، ثم يتحرك من هذه التفاصيل الي ما يكمن بداخل شخصياته، وقد يبدو للوهله الاولي ان هذه الطريقه اسهل من الطريقه الثانيه، لكن بالتمعن سيكتشف المرء مدي المراوغه في التعامل مع هذه الطريقه، والتي قد تؤدي – اذا تم اساءه استخدامها – الي تحول الشخصيه المرسومه الي مجرد كراكتر فاقع، وهو ما يتطلب وعي كبير بتفاصيل هذه العمليه، ولحسن الحظ ان ويس اندرسون يعي ذلك جيدًا، ولا ينزلق الي ذلك الفخ.

السير المتزن علي حبل رفيع:

في نوعيه الافلام التي يقدمها ويس اندرسون عاده، والتي قد توصف بانها "خفيفه" – ان جاز التعبير -، هناك توازن كبير يقوم به ويُحسد عليه الرجل بين الاهتمام بمسارات الحبكه وتفاصيل الشخصيات، حيث انه في العديد من الافلام "الخفيفه" الاخري قد ينصب الاهتمام علي الشخصيه او الشخصيات الرئيسيه، فتصير الحبكه مجرد مواقف متتاليه دون رابط ما، او ان ينصب الاهتمام علي الطريقه التي تسير بها الحبكه دون وضع اعتبار الشخصيات في الاعتبار.

تحدث العديد من النقاد علي مدار السنوات الماضيه علي الكم الهائل من الالوان التي يستخدمها ويس اندرسون في افلامه، والتي تنجح طوال الوقت يمنح افلامه الكثير من البهجه البصريه، وفي هذا الفيلم، يلجا ويس في الغالب لكافه الالوان البارده بمختلف درجاتها وعلي راسها البنفسجي والازرق مع درجات متداخله من الوردي والابيض، وهو ما يمنح الطبيعه الجليديه لزوبورسكا وفندقها الكبير الكثير من الجلال والفخامه. 

يحاول ويس اندرسون في اغلب الوقت ان يولد الكوميديا بشكل كبير من الصوره دون ان يتجاهل بشكل كامل استيلاد الكوميديا دراميًا من المواقف، لكنه في نفس الوقت يلقي بالكثير من الثقل علي الصوره لكي تخرج علي النحو الذي نراه في نهايه المطاف، حيث يحرص علي ان يصير كل كادر، وكل حركه كاميرا مستخدمه (خاصه الزووم ان والزووم اوت اللذان يلجا اليهما ويس كثيرًا) ذات طابع طريف، ويعبر بذكاء عما يراه "ويس" طريفًا في الحكايه التي يرويها.

هناك شيء بالغ الجاذبيه وراء رؤيه ويس في فيلم تلو الاخر مع رفاقه من الممثلين الذين اعتاد العمل معهم في كافه افلامه، الامر اشبه بمشاهده رفاق اللعب وهم يجربون في كل مره لعبه جديده، مهما كان حجم الدور الذي يؤديه اي منهم في كل فيلم جديد، ستجد نفسك مثلا تتبسم لا اراديًا هنا بمجرد ظهور بيل ماري، حتي ولو لم يظهر في هذا الفيلم سوي في ثلاثه مشاهد فحسب، او برؤيه عدد هائل من الممثلين الذين شاركوا في العمل مع ويس في ادوار صغيره للغايه، مثل تيلدا سوانسون، جيسون شوارتزمان، ادريان برودي، وغيرهم. المدهش انه مع اعتياديه رؤياك لهم في افلام "ويس"، الا انك لن تمل من ظهورهم المره تلو الاخري.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل