المحتوى الرئيسى

أحمد المسلماني : الجمهورية الثالثة.. مقدمة في فلسفة الحضارة

05/25 11:23

قال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية: إنه قد حان الوقت لـ”عودة الحضارة” في مصر بعد أن تكسّرت تحت وطأة الحياة اليومية، وسطوة السياسيين ضِعاف الهمَّة محدودي الطموح.

ووصف المسلماني الملك مينا بـ”الزعيم الخالد الذي أسس الدولة المصرية الموحدة” كما وصف محمد على باشا بـ”الزعيم الخالد الذي أسس الدولة المصرية الحديثة”.. وأضاف: “في مجمل التاريخ المصري كان دور القائد أساسيًا في صعود وهبوط الحضارة المصرية، وقد ظل ذلك حاصلاً على مدى أكثر من ستين قرنًا”.

وأشار مستشار الرئيس إلى أن أكبر عدو يواجه مصر هو الحرب النفسية التي تستهدف أن نبقى خائفين في المكان والزمان، ولكن عدوًا آخر لا يقل خطرًا عن الخوف واليأس: إنه الملل والإيقاع البطئ.. هى حالة التثاؤب التي أغرقت صناعة القرار في مصر.

جاء ذلك في مقال كتبه أحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية لوكالة أنباء الشرق الأوسط بعنوان ” الجمهورية الثالثة.. مقدمة في فلسفة الحضارة” وفيما يلي نص المقال:

في كتابه “معالم على الطريق” أعلن سيد قطب عن كتابه القادم تحت الطبع بعنوان “نحو مجتمع إسلامي متحضِّر”.. ولكن الكاتب أصدر كتابه الجديد بعد حذف كلمة “متحضِّر”.. ليصبح العنوان “نحو مجتمع إسلامي” بدون “متحضِّر”!

ولقد أَجْهَدَ الفيلسوف الجزائري “مالك بن نبي” نفسه في تفسير ذلك ، لكن الأمر ربما لم يكن في احتياج لاجتهاد.. ذلك أن فكر سيد قطب هو مشروع من أجل “القتال” وليس “البناء”.. “السلطة” وليست “الحضارة”.

لقد كانت صدمتي بلا حدود وأنا أقرأ جوانب من كتاب الشيخ “ناصر الفهد” عن الإسلام والحضارة. يحمل الكتاب عنوان “حقيقة الحضارة الإسلامية” وقد تصورت أن المؤلف يتيه فخرًا بالحضارة الإسلامية، وأنه يعيد على مسامعنا ما نعرف وندرك عن عظمة الحضارة الإسلامية وعن تأثيرها الطاغي في الحضارة الإنسانية.. وقلت ربما جاء الكاتب بجديد من الإضاءات.. بعد بحث وتنقيب ربما لم يتسنَّ للسابقين إدراكَ جوْهره أو سبْر أغوارِه.

كانت الصدمة أكبر من الاحتمال، فالكاتب الذي يصفُ نفسه شيخًا يهيل التراب على الحضارة الإسلامية.. ويرى أنه لا حضارة في الإسلام ولا إسلام في الحضارة.. وأن الإسلام والحضارة لا يجتمعان!

مضى الشيخ يلقي الكُفر والفسوقَ والعصيان في طرقات الحضارة الإسلامية، وأتَى على كل علماء المسلمين وكل فلاسفة الإسلام.. وكل ما أبدع المسلمون في أزهى عصورهم.. فجعل منهم زنادقة وملحدين.. وجعل من تاريخهم وإبداعهم ابتداعًا في الإسلام وحَربًا على الدين!

إن المكان الطبيعي والوحيد لمثل هذه الأفكار هو “سلة المهملات” ولكن صدمتي الأكبر كانت في تلك الحفاوة الكبرى على المواقع المتطرفة بالكتاب والكاتب.. في مؤامرة محكمة ومشروع متكامل للربط بين التخلف والإسلام!

واليوم تواجه بلادنا وهى تبني الجمهورية الثالثة حربًا غير مقدسَّة من دعاة “البدائيّة” الذين قدِموا من غياهب التاريخ لإلغاء الماضي وإرباك الحاضر وقتل المستقبل.

ولقد كان غضب المصريين عميقًا – وبلا حدود – إزاء مظاهر التدهور الحضاري التي احتلّت واجهةَ السياسة والمجتمع بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وكان خروج المصريين في الثلاثين من يونيو.. بمثابة “الثورة الحضارية” بعد أن جرى اختطاف “الثورة السياسية”.

كان أول أسباب الغضب هو إحساس المصريين باليأس وفقدان المعنى.. وأن حضارة بلادهم التي تمتد لآلاف السنين باتت تشهد خريفًا مفتوحًا وبلا حدود.

وإذا كان “ألبرت اشفيتسر” يقول في كتابه “فلسفة الحضارة”: “إن مستقبل الحضارة يتوقف على تغلبنا على الإحباط وفقدان المعنى” فإن “فلسفة الحضارة” كانت قائمة في أسباب خروج المصريين في صيف الغضب عام 2013 لإسقاط “اللا معنى”.. ووقف صناعة اليأس.

يرى المؤرخ البريطاني “أرنولد توينبي” في كتابه الأشهر “دراسة للتاريخ” الذي صدر في (12) مجلدًا أن الحضارات تقوم حيث تتحدى البيئة الناس.. فيكون “التحدي” و”الاستجابة” هما ثنائية تأسيس الحضارة.

ومن المؤكد أن مصر تواجه “التحدي” في أعلى مستوياته.. داخليًا وخارجيًا وفي صعيد السياسة والاقتصاد، وفي نطاق الأمن الاجتماعي والأمن القومي.. وفي مستوى الفكرة والحركة.

إنه التحدي الأكبر والأشمل منذ زمنٍ طويل.. ومن المؤكد أن ذلك التحدي كان وراء ثورتي يناير ويونيو.. ومن المؤكد أيضًا أنه سيكون دافعًا لـ”الاستجابة” بـ”عودة الحضارة المصرية”.. واستئناف المشروع الحضاري المصري الذي تكسّر تحت وطأة الحياة اليومية، وسطوة السياسيين ضِعاف الهمة محدودي الطموح.

لقد أسس الزعيم الخالد محمد على باشا الدولة المصرية الحديثة على أسس حضارية راسخة.. ونجح في سنوات في إنهاء عصر المماليك وإطلاق عصر النهضة .. وفي الانتقال من ظلام العصور الوسطى إلى شروق العصر الحديث.

وفي مجمل التاريخ المصري كان دور القائد أساسيًا في صعود وهبوط الحضارة المصرية.. وقد ظل ذلك حاصلاً على مدى أكثر من ستين قرنًا.. ومنذ أسس الزعيم الخالد الملك مينا الدولة المصرية الموحدة.

سيظل خصوم الحضارة في معركتهم ضد المشروع الحضاري المصري.. والمشروع الحضاري الإسلامي، وهنا تتأتى تحديات بناء الجمهورية الثالثة في مصر.

وتحتاج بلادنا أن تمضي في مربع الحضارة بخطى ثابتة.. ودون توقف.

وما أعنيه بـ”مربع الحضارة” عناصرها الأربعة.. من سياسة، ومن اقتصاد، ومن علوم وفنون، ومن أخلاق.

تحتاج بلادنا إلى جهد كبير في مجال التنمية السياسية والبناء الديمقراطي، كما تحتاج إلى نهضة اقتصادية متواصلة تضع مصر ضمن البلدان العشرين الأقوى اقتصاديًا في العالم.. كما تحتاج إلى إحداث نقلة كبرى في مجال العلوم والفنون والآداب.. ذلك أن العلوم والفنون عنوان أى حضارة ابتداءً ومسارًا.

إن أكبر عدو يواجهنا هو الحرب النفسية التي تستهدف أن نبقى متعثرين في أثوابنا.. جامدين في أقدامنا.. خائفين من الزمان ومن المكان.

كان “توماس جيفرسون” يقول: “إن الشئ الوحيد الذي ينبغي الخوف منه.. هو الخوف نفسه”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل