المحتوى الرئيسى

المسلماني يكتب: الجمهورية الثالثة.. مقدمة في فلسفة الحضارة

05/25 11:22

قال احمد المسلماني - المستشار الاعلامي لرئيس الجمهورية - انه قد حان الوقت لـ"عوده الحضاره" في مصر بعد ان تكسّرت تحت وطاه الحياة اليوميه، وسطوه السياسيين ضِعاف الهمَّه محدودي الطموح.

ووصف المسلماني الملك مينا بـ"الزعيم الخالد الذي اسس الدوله المصريه الموحده" كما وصف محمد علي باشا بـ"الزعيم الخالد الذي اسس الدولة المصرية الحديثة".. واضاف: "في مجمل التاريخ المصري كان دور القائد اساسيًا في صعود وهبوط الحضارة المصرية، وقد ظل ذلك حاصلاً علي مدي اكثر من ستين قرنًا".

واشار مستشار الرئيس، الي ان اكبر عدو يواجه مصر هو الحرب النفسيه التي تستهدف ان نبقي خائفين في المكان والزمان، ولكن عدوًا اخر لا يقل خطرًا عن الخوف والياس: انه الملل والايقاع البطئ.. هي حاله التثاؤب التي اغرقت صناعه القرار في مصر.

جاء ذلك، في مقال كتبه احمد المسلماني المستشار الاعلامي لرئيس الجمهوريه لوكاله انباء الشرق الاوسط بعنوان "الجمهوريه الثالثه.. مقدمه في فلسفه الحضاره" وفيما يلي نص المقال:

في كتابه "معالم علي الطريق" اعلن سيد قطب عن كتابه القادم تحت الطبع بعنوان "نحو مجتمع اسلامي متحضِّر".. ولكن الكاتب اصدر كتابه الجديد بعد حذف كلمه "متحضِّر".. ليصبح العنوان "نحو مجتمع اسلامي" بدون "متحضِّر"!

ولقد اَجْهَدَ الفيلسوف الجزائري "مالك بن نبي" نفسه في تفسير ذلك ، لكن الامر ربما لم يكن في احتياج لاجتهاد.. ذلك ان فكر سيد قطب هو مشروع من اجل "القتال" وليس "البناء".. "السلطه" وليست "الحضاره".

لقد كانت صدمتي بلا حدود وانا اقرا جوانب من كتاب الشيخ "ناصر الفهد" عن الاسلام والحضاره. يحمل الكتاب عنوان "حقيقه الحضاره الاسلاميه" وقد تصورت ان المؤلف يتيه فخرًا بالحضاره الاسلاميه، وانه يعيد علي مسامعنا ما نعرف وندرك عن عظمه الحضاره الاسلاميه وعن تاثيرها الطاغي في الحضاره الانسانيه.. وقلت ربما جاء الكاتب بجديد من الاضاءات.. بعد بحث وتنقيب ربما لم يتسنَّ للسابقين ادراكَ جوْهره او سبْر اغوارِه.

كانت الصدمه اكبر من الاحتمال، فالكاتب الذي يصفُ نفسه شيخًا يهيل التراب علي الحضاره الاسلاميه.. ويري انه لا حضاره في الاسلام ولا اسلام في الحضاره.. وان الاسلام والحضاره لا يجتمعان!

مضي الشيخ يلقي الكُفر والفسوقَ والعصيان في طرقات الحضاره الاسلاميه، واتَي علي كل علماء المسلمين وكل فلاسفه الاسلام.. وكل ما ابدع المسلمون في ازهي عصورهم.. فجعل منهم زنادقه وملحدين.. وجعل من تاريخهم وابداعهم ابتداعًا في الاسلام وحَربًا علي الدين!

ان المكان الطبيعي والوحيد لمثل هذه الافكار هو "سله المهملات" ولكن صدمتي الاكبر كانت في تلك الحفاوه الكبري علي المواقع المتطرفه بالكتاب والكاتب.. في مؤامره محكمه ومشروع متكامل للربط بين التخلف والاسلام!

واليوم تواجه بلادنا وهي تبني الجمهوريه الثالثه حربًا غير مقدسَّه من دعاه "البدائيّه" الذين قدِموا من غياهب التاريخ لالغاء الماضي وارباك الحاضر وقتل المستقبل.

ولقد كان غضب المصريين عميقًا – وبلا حدود – ازاء مظاهر التدهور الحضاري التي احتلّت واجههَ السياسه والمجتمع بعد ثوره الخامس والعشرين من يناير. وكان خروج المصريين في الثلاثين من يونيو.. بمثابه "الثوره الحضاريه" بعد ان جري اختطاف "الثوره السياسيه".

كان اول اسباب الغضب هو احساس المصريين بالياس وفقدان المعني.. وان حضاره بلادهم التي تمتد لالاف السنين باتت تشهد خريفًا مفتوحًا وبلا حدود.

واذا كان "البرت اشفيتسر" يقول في كتابه "فلسفه الحضاره": "ان مستقبل الحضاره يتوقف علي تغلبنا علي الاحباط وفقدان المعني" فان "فلسفه الحضاره" كانت قائمه في اسباب خروج المصريين في صيف الغضب عام 2013 لاسقاط "اللا معني".. ووقف صناعه الياس.

يري المؤرخ البريطاني "ارنولد توينبي" في كتابه الاشهر "دراسه للتاريخ" الذي صدر في (12) مجلدًا ان الحضارات تقوم حيث تتحدي البيئه الناس.. فيكون "التحدي" و"الاستجابه" هما ثنائيه تاسيس الحضاره.

ومن المؤكد ان مصر تواجه "التحدي" في اعلي مستوياته.. داخليًا وخارجيًا وفي صعيد السياسه والاقتصاد، وفي نطاق الامن الاجتماعي والامن القومي.. وفي مستوي الفكره والحركه.

انه التحدي الاكبر والاشمل منذ زمنٍ طويل.. ومن المؤكد ان ذلك التحدي كان وراء ثورتي يناير ويونيو.. ومن المؤكد ايضًا انه سيكون دافعًا لـ"الاستجابه" بـ"عوده الحضاره المصريه".. واستئناف المشروع الحضاري المصري الذي تكسّر تحت وطاه الحياه اليوميه، وسطوه السياسيين ضِعاف الهمه محدودي الطموح.

لقد اسس الزعيم الخالد محمد علي باشا الدوله المصريه الحديثه علي اسس حضاريه راسخه.. ونجح في سنوات في انهاء عصر المماليك واطلاق عصر النهضه .. وفي الانتقال من ظلام العصور الوسطي الي شروق العصر الحديث.

وفي مجمل التاريخ المصري كان دور القائد اساسيًا في صعود وهبوط الحضاره المصريه.. وقد ظل ذلك حاصلاً علي مدي اكثر من ستين قرنًا.. ومنذ اسس الزعيم الخالد الملك مينا الدوله المصريه الموحده.

سيظل خصوم الحضاره في معركتهم ضد المشروع الحضاري المصري.. والمشروع الحضاري الاسلامي، وهنا تتاتي تحديات بناء الجمهوريه الثالثه في مصر.

وتحتاج بلادنا ان تمضي في مربع الحضاره بخطي ثابته.. ودون توقف.

وما اعنيه بـ"مربع الحضاره" عناصرها الاربعه.. من سياسه، ومن اقتصاد، ومن علوم وفنون، ومن اخلاق.

تحتاج بلادنا الي جهد كبير في مجال التنميه السياسيه والبناء الديمقراطي، كما تحتاج الي نهضه اقتصاديه متواصله تضع مصر ضمن البلدان العشرين الاقوي اقتصاديًا في العالم.. كما تحتاج الي احداث نقله كبري في مجال العلوم والفنون والاداب.. ذلك ان العلوم والفنون عنوان اي حضاره ابتداءً ومسارًا.

ان اكبر عدو يواجهنا هو الحرب النفسيه التي تستهدف ان نبقي متعثرين في اثوابنا.. جامدين في اقدامنا.. خائفين من الزمان ومن المكان.

كان "توماس جيفرسون" يقول: "ان الشئ الوحيد الذي ينبغي الخوف منه.. هو الخوف نفسه".

ان عدوًا اخر لا يقل خطوره عن الخوف والياس.. انه الملل، ذلك الايقاع البطئ في الاصلاح والتنميه.. انها حاله التثاؤب التي اغرقت صناعه القرار في مصر.

ان اول شروط الحضاره كسْر البلاده وقتل الملل.

• في تلك اللحظه الفارقه من تاريخ بلادنا.. الياس خيانه والامل وطن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل