المحتوى الرئيسى

عبدالرحمن الراشد يكتب: محاكمة نجم التحريض

05/11 14:57

لم نعرف اسمه بل كنا نعرفه بكنيته، ابو حمزه، مع انه اشهر من نار علي علم. مصطفى كمال مصطفي، يحاكم في نيويورك اليوم، كواحد من اخطر المحرضين المتطرفين في العالم. هناك كشفت عن شخصيته، كيف انقلب من اقصي العبثيه الي اقصي التطرف الديني.

وفضحت المحاكمه شخصياته المتعدده؛ من عامل في ملهي ليلي، الي متعامل مع المخابرات البريطانية، الي زعيم متطرف. فقد ذراعيه وعينه في مشروع بناء طريق في باكستان لصالح الجيش الباكستاني وليس في نشاط جهادي، كما كان يزعم. عاد الي بريطانيا وفرض نفسه اماما علي مسجد فينزبري بارك في لندن، وصار ابرز محرض علي العنف والكراهيه. وكان من نجوم التلفزيون الذين شوهوا الاسلام وسمعه المسلمين، حتي صار الشرير الذي يصلح ان تخيف به الامهات اطفالهن، بعصابه علي العين ويدين من خطافين معدنيين. والان يحاكم بتهم، بينها التامر بالخطف في اليمن، وتاسيس معسكر ارهابي في الولايات المتحده.

وليس غريبا ان يتقدم صفوف الجماعات المتطرفه، شخصيات جاءت من مجالات مناقضه للتدين، كباريهات وتجاره مخدرات ولصوصيه. بعضهم تخرج في فصول التوعيه الدينيه في السجون، وبعضهم تاب توبه ثم تحول من التطرف الي التطرف، وهؤلاء يتميزون بشخصيات جريئه، ومهارات اضافيه.

وكما تسرب عن سيرته، فالرجل اتضح انه تعامل لفتره مع المخابرات البريطانيه، مستشارا لها، ولا نعرف عمق العلاقه ان كانت مجرد استشارات من شخص مختص بالجماعات الاسلاميه المتطرفه، ام انه كان مخبرا لها ايضا. فهل كان عميلا وغرر بالابرياء والاشرار، ام انه ارهابي وغرر بالمخابرات، لا ندري؟ وقد دابت اجهزه الامن علي اختراق هذه الجماعات السريه، اما بتجنيد متطرفين من داخلها، او بزرع افراد يخترقونها، وهذا هو سلاحها السري الذي يمكن به الانتصار عليها. انما تجنيد متطرفين هو سلاح من حدين، قد يكون سببا في زياده المشكله وان نجح في الامساك ببضعه افراد، والمشكله في محاربه الارهاب هي الايديولوجيا وليس الافراد.

فقد بان ان عددا من المتطرفين جدا الذين كانوا يكتبون في مواقع الانترنت في اواخر التسعينات، وما تلاها، ليسوا الا مخبرين. كانوا افخاخا نصبت لاختراق «القاعده»، وتنظيمات الدعوه المتطرفه، في عمليات ذكيه نجحت في الامساك بعدد من الارهابيين ومكنت من جمع معلومات ثمينه عن حلقاتهم ونشاطاتهم السريه.

الا ان الجانب السيئ في استخدام هؤلاء المجندين والمزروعين، وبعضهم نجوم ومشاهير في حركه المتطرفين، انهم يوسعون الدعوه للارهاب، فيصبحون جزءا من المشكله بالنسبه للمجتمع، وان كانوا جزءا من الحل بالنسبه للاجهزه المكلفه برصدهم. ينشئون مواقع متطرفه، ويروجون لافكار وفيديوهات تحريضيه، وهي نشاطات سيئه قد تنجح في القبض علي بعض الارهابيين او تفضح عملياتهم. وكم مره داخلني الشك حيال تصرفات بعض كبار المحرضين، ان كانوا حقا متطرفين او من المزروعين، خاصه الذين يبالغون في التحريض، مثل ابو حمزه. فقد كان يتحدي الشرطه ولا يبالي باحد، ويصر علي اقامه دروس التحريض وخطب الوعيد في الشارع، رغم اوامر المنع، علي مراي من ممثلي السلطات، ثم نراه الان مستكينا متراجعا في محاكمه نيويورك، متبرئا من معظم افعاله واقواله. كم اضر كثيرا هذا الداعيه الغامض بمجتمع المسلمين الذي عاش فيه ببريطانيا، وتسبب في تطرف العديد من الشباب، ورفع وتيره التصادم.

وليس غريبا ان ينتقل احدهم الي المعسكر الاخر، فاسامه بن لادن نفسه كان من المدفوعين للعمل الجهادي في افغانستان، ومن خدماته تسليم الاموال المنقوله للمنخرطين في تلك الحرب ضد السوفيات، وبتاثيرات قياديين مثل عبد الله عزام وايمن الظواهري، وبعد ان جرب الزعامه، انقلب علي رعاته واصبح من عتاه الارهابيين.

ونعود للتذكير بالا حل للتطرف الا الحل الفكري، لا امني ولا قضائي. وما لم يتم انقاذ الاسلام من دعاته المتطرفين، ويوضع له منهج يرشد المجتمع الي الاعتدال، فان ازمه التطرف والارهاب ستستمر مهما بلغت نجاحات الامن واساليبه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل