المحتوى الرئيسى

أيام في قنا

05/08 00:05

عدت مؤخراً من زيارة سريعة الى مسقط رأسي مدينة قنا بعد غياب أكثر من عام اضطررت إليه بسبب توقف قطارات السكك الحديدية عقب ثورة 30 يونية 2013، وبعد اعادة تشغيلها منذ شهور انتهزت أول فرصة لزيارة طال أوانها، وهناك العديد من الملاحظات التي أود أن أوردها عن تلك الزيارة ألخصها في الآتي:

مدينة قنا القديمة اختفت بالكامل أو كادت، وحلت محلها مدينة جديدة لا تمت للقديمة بصلة سوى في المكان فقط أما الملامح أو التفاصيل فهى بعيدة كل البعد عن الماضي، قنا الجديدة نسخة مشوهة من أحد أحياء القاهرة المزدحمة فهناك فوضى شاملة في المرور وازدحام في حركة المشاة وكثرة المحلات، ولم يصاحب ذلك توسع أفقي في العمران بل حدث توسع رأسي فقط، والشكوى من الازدحام والفوضى في كل مكان.

كثرت الجريمة في قنا منذ قيام ثورة يناير حتى الآن بشكل غير مسبوق خصوصاً السرقة والخطف وسرقة السيارات، والأمن يكاد يكون غائباً، روى لي أحدهم أن سيارته سرقت خلال 8 دقائق فقط ذهب خلالها لاداء صلاة الجمعة وعندما انتهى من الصلاة اكتشف سرقة سيارته التي اشتراها بشقى عمره كما يقولون، ولما حاول الابلاغ عن الواقعة لم يجد أحداً في قسم قنا وعندما اتصل بشرطة النجدة لم يجد اهتماماً في كتابة المحضر وكأنه ضيف غير مرغوب فيه، باختصار: اتصل به اللصوص وحصلوا على فدية لاعادة سيارته ودفع لهم المطلوب بعد أخذ الضمانات وعندما وجد سيارته اكتشف سرقة كل معداتها الأصلية واضطر الى انفاق مبلغ آخر باهظ لاعادة سيارته الى حالتها الأصلية، ثم اكتشف بعدها أن هناك 23 حادث سرقة سيارة في قنا في شهر واحد، ربما تكون الشرطة مشغولة بالأمن السياسي ولكن مظاهرات الاخوان والعمليات الارهابية في قنا محدودة ولا تقارن بالقاهرة، وبالتالي السؤال أين الأمن الجنائي في قنا؟

البطالة هى القاسم المشترك بين أبناء مدينة قنا سواء للحاصلين على مؤهلات عليا أو متوسطة، ضاعف من حجم الأزمة قلة فرص الاستثمار في قنا وغياب الاستقرار وندرة فرص التنمية البشرية وضرب السياحة في البحر الأحمر والأقصر وهى أقرب الأماكن التي كانت تستوعب أبناء قنا، الواقع صعب جداً في قنا والشباب لم يعد قادراً على الصبر وأصبح همه الوحيد هو الذهاب الى المقاهي أو محلات السايبر لقضاء الوقت بأي شكل والخوف كل الخوف من استمرار البطالة قد يدفع كثيرين الى الانخراط في الجريمة الارهاب.

حلم الثراء يداعب البعض خصوصاً ملاك المنازل القديمة في حي السوق الفوقاني والصهريج وشارع الحلوى والمعروف أن مدينة قنا كانت مقبرة كبيرة لجنود الرومان أثناء الاحتلال الروماني لمصر، ويبدو أن البعض اكتشف وجود عملات ذهبية وأوان فخارية قديمة أسفل منزله بعد هدمه فانتقل حلم الثراء الى كل اصحاب المنازل القديمة، المشكلة أن حلم الثراء جعل الكثيرين لا يعملون بل يحلمون بالثراء المفاجئ بأي شكل، وقد سمعت الكثير من الحكايات كثير منها صعب التصديق عن رؤية البعض للجن حارس الكنوز، والنتيجة اختلاط الأسطورة بالحقيقة وأصبح حلم الثراء سراباً كبيراً لأي تحقق أبداً على أرض الواقع.

عودة الاستقرار بعد اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هو الحلم المشترك بين أبناء قنا جميعاً لكي تعود عجلة الانتاج ويتم استيعاب اعداد هائلة من العاطلين بعد أن سجلت قنا أكبر النسب في البطالة علي مستوى الجمهورية في السنوات الأخيرة، والحقيقة أن هناك شعبية كبيرة للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في قنا، ثقة في الرجل الذي انحاز الى المصريين في ثورة 30 يونية وتم خلع الاخوان بعد فشل عام كامل في الحكم، وربما تكفيراً عن انحياز قطاعات كبيرة في قنا للمرشح المعزول محمد مرسي في انتخابات 2012 ضد احمد شفيق، حيث كانت قنا من المحافظات التي رجحت فوز مرسي لذا حرص على زيارتها بعد الفيوم فور توليه الرئاسة، وقد حان الوقت لكي يصحح أبناء قنا المسار بانتخاب عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة القادمة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل