المحتوى الرئيسى

الخلط بين العيدين

04/24 00:47

قبل كل شيء ، اقدم اطيب التهاني والمني، للمصريين - عامة - بعيد شم النسيم، ولإخواننا الاقباط - بصفة خاصة - بعيد القيامة المجيد، وأقول، هناك عدد غير قليل من المصريين، يظن خطأ، بأن عيد شم النسيم، يعتبر من الاعياد المسيحية وذلك لتزامنه مع عيد القيامة.

من المعروف أن عيد شم النسيم (أو عيد الربيع) هو في الأصل عيد مصري قديم، احتفل به قدماء المصريين قبل ظهور المسيح عليه السلام، ويرجع بداية الاحتفال بهذا العيد إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام (2700 ق.م)، وبالتحديد في أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية، وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، فكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان.

وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم – قبل الغروب –ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وفي تلك اللحظة تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.

وعندما دخلت المسيحية مصر جاء «عيد القيامة» موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال المسيحيين «بعيد القيامة» في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد «شم النسيم» يوم الاثنين، واستمر الاحتفال بهذا العيد بعد دخول الإسلام تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.

وقد أخذ اليهود – أيضا - عن المصريين احتفالهم بهذا العيد، فكان وقت خروجهم من مصر – في عهد سيدنا موسي عليه السلام - مواكبًا لاحتفال المصريين بعيدهم، وقد اختار اليهود ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر حتى لا يشعر بهم المصريون، واتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم «عيد الفِصْح» وهو كلمة عبرية تعني الخروج أو العبور – تيمُّنًا بنجاتهم، واحتفالاً ببداية حياتهم الجديدة.

وقد لفت ذلك انتباه المستشرق الإنجليزي «إدوارد وليم لين» الذي زار القاهرة عام (1834م) فذكر في وصفه احتفال المصريين بهذا العيد قوله: «يُبَكِّرون بالذهاب إلى الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل، ويتجهون إلى الشمال على العموم، ليتَنَسَّموا النسيم، أو كما يقولون ليشموا النسيم. وهم يعتقدون أن النسيم – في ذلك اليوم- ذو تأثير مفيد، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو في النيل»، وهذه هي نفس العادات التي ما زال يمارسها المصريون حتى اليوم.

اما عيد القيامة عند اخواننا المسيحيين، فهو بالنسبة لهم اليوم الذي بعث فيه الله سبحانه المسيح - عليه السلام - بعد صلبه وموته، ليقوم ويستكمل دروسه لتلاميذه، ولكن بطبيعة الحال هذا يختلف تماما عما جاء في ديننا الحنيف، حيث ان الله سبحانه رفع سيدنا عيسي - عليه السلام - قبل صلبه، وأوهم اليهود -آنذاك - ان من صلبوه وقتلوه هو المسيح - عليه السلام - في حين ان الله قد ارسل اليهم شبيها له وهو من قتل وصلب.

من هنا، يتضح ان عيد شم النسيم أو عيد الربيع عند قدماء المصريين شيء، وعيد القيامة عند اخواننا الاقباط شيء آخر. ولكن، في تقديري ان الخلط بين هذين العيدين يرجع في الاساس، الي الفكرة المشتركة بين العيدين وهي فكرة البعث، فهي بالنسبة لقدماء المصريين تعني، بعث الروح في الاشجار والازهار وكل المخلوقات - بصفة عامة، اما عند اخواننا الاقباط فهي تعني، بعث الروح مرة اخري في السيد المسيح - عليه السلام - بعد صلبه.

ومن الجدير بالذكر أن عيد شم النسيم أو عيد الربيع، لم يعد الان قاصرا علي المصريين وحدهم، بل إن غالبية بلدان العالم تحتفل بهذا اليوم ابتهاجا بقدوم الربيع، خاصة البلاد التي تتمتع بالمناخ المعتدل الذي يسمح بإنبات الاشجار والمزروعات والزهور، فعيد الربيع اصبح الآن يرتبط– وعلي مستوي العالم كله - بتفتح الزهور والرياحين والاشجار المورقة، التي ينزح اليها الناس بين الحدائق والبساتين والحقول، لكي يستنشقوا عبير الربيع ويتمتعوا بمناظر الطبيعة الخلابة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل