المحتوى الرئيسى

«أحد الشعانين».. عيد مكلل بالقداسة والفرح

04/13 18:02

يوم مميز تدخل فيه محيط الكنائس تجد أرضها مملوءة بالشباب الذين يفترشون الأرض بائعين أفرع النخيل (السعف) والورود والصلبان المضفرة من النخيل وسنابل القمح ينبري عليهم الأطفال في أيديهم آبائهم ليشترون السعف، معبرين بذلك عن فرحهم باليوم السنوي المفرح.

وعندما تدخل صرح الكنيسة تسمع أجراسا مدوية وتتفاجئ بالزينة والشموع الموقدة والكهنة بملابسهم الكهنوتية يستعدون لاستقبال الملك بموكب مبهج ومبهر رافعين أغصان السعف والزيتون المزينة بالورود الملونة والمعطرة بالياسمين مهللين بالفرح والتعظيم.

”عيد أحد الشعانين” عيد يُحييه المسيحيون كل عام بطقوس ذات دلالات دينية معينة.. إنها طقوس وعادات منذ القدم تتخلل الأعياد الكنسية الأرثوذكسية والتي تميزت منذ أمد سحيق بطقوسها وصلواتها الروحانية التي تعلو بالفرد من الأرضيات إلى علو السماوات فيتذوق حلاوة الألحان والترانيم الجميلة التي تنعش روحه ومن هنا جاء اللحن الشهير الذي يعرفه كل الأقباط “الجالس فوق الشاروبيم.. اليوم ظهر في أورشليم” إنه اللحن الذي يقال يوم أحد الشعانين أو أحد السعف أو عيد الزيتونة كما يسمونه.

الشعانين.. هي كلمة عبرية الأصل مكونة من مقطعين “يهوه “و “شعنا ” أي يارب خلصنا، ويطلق هذه الاسم علي الأحد السابق لأحد القيامة وهو عيد دخول السيد المسيح إلى أورشليم حيث استقبله اليهود وهم يصرخون بالفرح والتهليل قائلين “هوشعنا. تبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل.. أوصنا لأبن داود، أوصنا في الأعالي..”وكلمة أوصنا كلمة يونانية تعني “خلصنا” وهم يفرشون ثيابهم في طريقه ليمشي عليها حاملين سعف النخيل وغصون الزيتون المزينة فلذلك تعيد الكنيسة وهى تحمل سعف النخل وغصون الزيتون المزينة وهى تستقبل موكب الملك المسيح.

”قلبك يا مسيحي”.. هذا هو ما يقوله الباعة عندما ينادون علي المارة ليشترون سعف النخيل يوم الأحد مما يدل علي أن استخدامه في هذا اليوم له رموز عديدة يحرص الأقباط من خلالها على شراؤه والاحتفال به في الكنائس.

تعتبر عادة فرش الثياب وسعف النخيل عادة متبعة منذ العهد القديم وهو تقليد يشير إلى المحبة والطاعة والولاء ونجد هذا في استقبال الشعب للملوك والقادة عندما يعودون من الحروب إلى بلادهم ظافرين تضج المدينة بأصوات الفرح والتهليل ويخرج الناس ليستقبلوهم بكل سرور ويفرشون الأبسطة تحت أقدامهم ويعدون لهم المركبات المزينة بالزهور.

كما كانت عادة فرش الثياب متبعة عند العديد من الشعوب القديمة غير بني إسرائيل فقد ذكر الرحالة الشهير “ابن بطوطة ” أنه في الهند في جزر المالديف تزوج بأربعة سيدات معاً، ويروى أنه من عادة أهل الجزر هناك وعددها ألف جزيرة، أن العروس تفرش الطريق إلى بيت العريس بالقماش ثم تنتظره عند الباب فإذا جاء ألقت بثيابها عند قدميه وكانوا كذلك يفعلون مع الذين يحترمونهم من الناس وفي العهد القديم انتشر تقليد فرش الثياب وحمل أغصان الزيتون النخيل عند بني إسرائيل مما جعلهم يستقبلون به السيد المسيح وهو راكبا علي جحش ابن آتان لاعتبارهم إياه ملكا عليهم.

وعن رموز استخدام النخيل في عيد أحد الشعانين تقول “نرمين ألفي”، إنها حريصة كل عام على شراء سعف النخل فكما استقبل اليهود المسيح داخلاً أورشليم بالفرح والتهليل حاملين أفرع النخيل كذلك نحن نستقبله في ذلك اليوم في قلوبنا وبيوتنا بفرح وسعادة ممسكين بالسعف الذي هو قلب النخلة والذي يتميز بلونه الأبيض مما يدل على وجوب نقاء قلب المسيحي ليكون جاهزا لسكنى ألهه فيه من خلال أعماله الجيدة.

وأما “شيري فيليب” فتشير إلى فرحتها بشراء السعف بقولها: “عندما آتي بالسعف وادخل به الكنيسة أشعر بأيام زمان وأشعر أني واقفة مع الناس والمسيح داخل أورشليم.. وأكون مبسوطة عندما أرى جميع الناس تدخل الكنيسة”.

وعند سؤالها عن رموز استخدامه تقول: إن قلب النخلة طرى ويستسلم لصانعه يشكله كما يشاء، وهو بهذا يعطينا فكرة عن حياة التسليم، التي بها يترك المؤمن نفسه في يد الله يفعل بها ما يشاء في طاعة كاملة للمشيئة الإلهية، دون مقاومة .

وتضيف ألفت ماهر أن استخدام أغصان الزيتون يشير إلى السلام والحياة فأغصان الزيتون الخضراء تعبر ملء الحياة فالسيد المسيح هو ملك السلام وصانع السلام على الأرض في حياته كما أنه جاء ليفيدنا ويعطينا الحياة لذلك نحيي ذكرى استقباله بشراء تلك الأغصان.

وعن التجهيزات التي تقوم بها الكنيسة بمناسبة هذا العيد قال بيتر سلامة قائد بكشافة الأمير تادرس بكنيسة “مارجرجس والأنبا شنودة “بشبرا الخيمة، إن قادة الكشافة وأعضائها يقومون بعمل اجتماع قبل العيد بيوم يبدءون بمناقشة المشاكل التي يواجهونها أثناء التنظيم في ذلك اليوم وكيفية العمل على حلها ثم يقومون بتوزيع المهام على كل واحد من حيث مكانه ومهمته في تنظيم الشعب في الكنيسة وفي النهاية يشاركون في تزيين الكنيسة وإعدادها بشكل مبهج لاستقبال العيد.

ويضيف وعندما يأتي يوم العيد يشارك فيه جميع الأعضاء بالكشافة من الأطفال إلى جيل الشباب الناشئين حتى أعمار الأربعين مرتدين الزي الكشفي وهو عبارة عن قميص أبيض وبنطال كحلي والمنديل الكشفي ويقف كل منهم في المكان المخصص له للتنظيم ومنع أية مخالفة بالإضافة إلى مراعاة الجانب الأمني في الموضوع وملاحظة الغريب عن الكنيسة وتوخي الحذر لمنع أي أضرار.

يجتمع المسيحيون رجالا ونساء كباراً وصغار عبيداً إماء في البيعة المقدسة لحضور التجنيز العام، وغرض ذلك في هو خشية أن يموت أحدهم في جمعة البصخة فلا يجب رفع بخور إلا يومي الخميس والسبت.

وهذا التجنيز يُغنى عن التجنيز في الأربعة الأيام التي لا يجب رفع بخور فيها، بل إذا انتقل أحد يحضرون به إلى البيعة وتقرأ عليه الفصول التي تناسب “التجنيز” من غير رفع بخور.

وفي النهاية يرش الكاهن الماء المصلي عليه من قبله عليهم، ويقول البركة الخاصة بأسبوع الآلام ثم يصرفهم بقوله “أمضوا بسلام سلام الرب يكون معكم”.

عودتنا مِصر على مر التاريخ أن شعبها يحيا معاً حاملاً رسالة الحب والسلام للجميع، فأفراده دائماً متشاركون في أفراحها وأحزانها، يحملون همومها ونجاحاتها، يتشاركون الطريق والمصير. وفى الأعياد التي تعبر بنا، يفرح الجميع ويتشارك، فهم أبناء النيل الواحد وأرض الخير والبركات جنة الله «مِصر».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل