المحتوى الرئيسى

عروش من زجاج .. أزمة ولاية العهد في الكويت والسعودية إيهاب عمر

04/08 15:56

ما كان يقال بالأمس همسا، أصبح بعد زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسعودية يحتل العناوين الرئيسية للإعلام الدولي، هنالك ترتيبات لولاية العهد في السعودية سوف تعلن تباعاً، ما جعل الحديث ينتقل ايضًا إلى ما سوف يجري لاحقاً في الكويت.

بينما تهدر آلة التحديث العملاقة في أبو ظبي ودبي وقطر، يبدو الموقف في الكويت والمملكة العربية السعودية جامدًا، هذا الجمود يقف خلفه أزمة سياسية رفيعة تتعلق بآليات الولاية داخل الدولتين.

الأزمة ظهرت مبكراًَ فى الكويت عام 2006 ، حيث يسيطر على الحكم من آل صباح جناحان تداول الحكم بينهما خلال القرن العشرين، نسل الحاكم الثامن الشيخ جابر الثاني بن مبارك الصباح وسمي الجوابر، ونسل الحاكم التاسع سالم بن مبارك الصباح و سمي السوالم، وفى يناير 2006 توفي أمير الدولة جابر الأحمد الصباح المحسوب على الجوابر، وذهبت الولاية إلى سعد العبد الله الصباح المحسوب على السوالم، ولكن شقيق الأمير المتوفى صباح الأحمد رئيس الوزراء، أعلن عن تفعيل المادة الثالثة في الدستور الخاصة بعزل الحاكم لأسباب صحية وحشد تأييد البرلمان وبعض الأمراء، وبالفعل اجتمع البرلمان وعزل الأمير سعد الصباح لصالح صباح الأحمد حاكم الكويت حتى اليوم.

بدلا ً من أن يقوم صباح الأحمد بفض الاحتقان بين ضفتى الأسرة الحاكمة ، عبر تسمية وليا ً للعهد من السوالم ، سمى أخيه نواف الأحمد وليًّا للعهد , كما سمى ابن أخيه ناصر المحمد الأحمد رئيساً للوزراء فى 9 فبراير 2006 ، ما يعني نسف حصة السوالم فى العرش و الولاية و الوزارة .

لم يستسلم السوالم للأمر، وفي مايو 2006 اندلعت تظاهرت شعبية حاشدة تطالب بتعديل قانون الانتخابات، واتضح أن السوالم دعموا تلك التظاهرات التي رفعت اليافطات البرتقالية تقليدا ً للثورة الأوكرانية التي اندلعت في تلك الحقبة، بل إن الأمير فهد ابن سالم العلى من السوالم شارك في التظاهرات، ما جعل الأمير يحل البرلمان ويجري انتخابات مبكرة وإجراء تعديل وزاري.

نقل السوالم دعمهم وثقلهم من الشارع إلى القوى السياسية داخل البرلمان، حيث تحفل الساحة الكويتية بتنوع سياسي، سواء تيار إسلامي سني أو شيعي، بالإضافة إلى الليبراليين، وخلال عام 2008 حل الأمير البرلمان ثانية وأجرى انتخابات مبكرة أعقبها تعديل وزاري، ثم جرى نفس الموقف مرة ثالثة عام 2009 و رابعة فى فبراير 2012 وخامسة فى ديسمبر 2012 وسادسة فى يوليو 2013 ، في سبع سنوات أجرى ستة انتخابات أسفرت عن احتقان مزمن في المشهد الكويتي العام .

ثم تطورت اللعبة بشكل خطير حينما اندلعت انتفاضات وثورات الربيع العربي، حيث نزل المتظاهرون للشارع لترجمة الاحتقان السياسي إلى أزمة ميادين ثورية، وأصبح واضحا ً أن العملية قد تخرج من نطاق صراع داخلى بين الجوابر والسوالم إلى مؤامرة خارجية متكاملة الأركان، فسارع الأمير إلى قبول صوت الشارع "الشعب يريد إسقاط رئيس الوزراء" وسمى وزير الدفاع جابر مبارك الحمد الصباح رئيسا ً للوزراء فى نوفمبر 2011 .

رغم ان القرار فى ظاهره استجابة لصوت الشارع إلا أن القرار في مضمونه معادلة سياسية جديدة لتهدئة السوالم ، معادلة تنص على " لا سوالم لا جوابر"، إذ أن رئيس الوزراء من جناح حمد أخ جابر وسالم الذي ينتسب لهما الجناحان المتصارعان على العرش ، وهذا الجناح تولى أغلب الحقائب السيادية أو المتصارع عليها فى مجلس الوزراء الكويتي اليوم .

تخوف الأمير وأسرته من مصير البحرين .. أن يتطور الموقف فى الشارع إلى أن تضطر الأسرة الحاكمة لاستدعاء الجيش السعودي وتصبح الكويت كما أصبحت البحرين اليوم.

ولكن الاحتقان لا يزال موجوداً، رغم أن انتخابات 2013 هدأت الشارع وأنهت اضطراباته التى سجلت نصيب الكويت من ربيع العرب، وفي رأيي لن تحل تلك الأزمة إلا برحيل الجيل الكبير، الأمير البالغ من العمر 84 عاماً وولي عهده نواب البالغ من العمر 76 عاما ً ، لصالح رئيس الوزراء جابر الحمد الذى يبلغ من العمر 71 عاما ً ، على أن يعيد جابر ترتيب المعادلة الكويتية لكى تصبح ثلاثية لا أحادية، فتذهب ولاية العهد إلى أمير شاب من السوالم و ليكن محمد سالم الصباح وزير الخارجية الأسبق، وتذهب رئاسة الوزراء – رقم اثنين فى الولاية – إلى الجوابر ، وهكذا يتداول أحفاد سالم وجابر وحمد الحكم فى الكويت دون أن يفكر أى أمير فى القفز أو التعديل على هذا التداول.

فى السعودية يبدو الموقف أصعب عن المشهد الكويتي، والحاصل أن السعودية شهدت عام 1964 انقلابا ً صامتا ً شبيها ً بما فعله صباح الأحمد فى الكويت ، حيث قام فيصل بعزل أخيه سعود، وكان رأس حربته في هذا التحرك سبعة أشقاء أطلق عليهم السديريين السبعة هم فهد وأشقاؤه، وحصل فهد على منصب وزير الداخلية ومنصب النائب الثاني لرئيس الوزراء أى ضمن الولاية بعد ولى العهد وقتذاك الأمير خالد .

وسط السديرين السبعة كان هنالك الأمير عبد الله رئيسا ً للحرس الوطني، ورأى السديرين السبعة عبد الله بينهم فى ترتيب ولاية العهد أمرا ً عارضا ً بعد أن انتقل حكم الدولة إلى فرعهم رسميا ً بعد أن تولى فهد العرش عام 1982 .

تدور الأيام ويصاب فهد بمرض يجعله عاجزا ً عن إدارة المملكة عام 1995 ، فيحكم عبد الله ولى عهده الدولة ، ثم يتولى الحكم رسميا ً عقب وفاة فهد عام 2005 ، ثم بدأ السديرون السبعة يتولون ولاية العهد و يرحلون عن عالمنا الواحد تلو الآخر ، سلطان عام 2011 ثم نايف عام 2012 قبل أن يتولى سلمان الولاية .. انقلب السحر على الساحر وبعد أن كان عبد الله حدثا ً عارضاً وسط السديرين السبعة أصبح السبعة أشقاء أولياء لعهد لا يريد أن ينتهي ! .

بلغ الملك عبد الله عامه التسعين هذا العام ، و خرجت التسريبات الاخيرة بالقول إن هنالك ضغوطا لكى يتنحى عن الحكم لصالح ولى العهد سلمان مقابل تسمية مقرن وليا ً للعهد، ولكن شيطان التفاصيل لا يكمن فى هذا الترتيب ، و لكن فى ترتيبات أخري تتعلق بالمرتبة الثالثة والرابعة فى ترتيب الولاية، إذ باستثناء الأمير احمد وزير الداخلية الأسبق لم يعد هنالك ساسة من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، لكى يتولوا العرش وبالتالي أتى الدور على أحفاد مؤسس الدولة السعودية الثالثة .

شيطان التفاصيل يكمن فى رغبة الملك بتولية ابنه متعب وزير الحرس الوطني لمنصب النائب الثاني لرئيس الوزراء ، أى أن يصبح ملكا ً بعد سلمان ومقرن ، بينما سلمان يريد ابنه عبد الرحمن على أن يتولى وزارة الدفاع أيضًا، بينما على الأرض وفى حسابات الواقع وزير الداخلية الحالي محمد بن نايف هو الحاكم الحقيقي والأحق بهذا المنصب! .

خارطة متشابكة لن يفضها الا تنحي سلمان مع الملك ، على ان يتولى مقرن العرش مباشرة ، و يسمي وليا ً للعهد و نائبا ً ثانيا ً من جيل الاحفاد ، و لا يمكن ان ينسى وسط تلك الاسماء المرشحة للعرش من احفاد عبد العزيز ان ننسي ابناء فيصل الثلاثة ، تركي و خالد و سعود ، اذ من المؤكد أن الامور كلها سوف تعود الى فرع فيصل لكى يقول كلمته كما قالها فيصل ضد سعود عام 1964 ، فتلك هى عجلة التاريخ .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل