المحتوى الرئيسى

إقالة المدربين بين الضرورة الفنية والتخبط الإداري – 2

03/19 01:14

نتعرض في القسم الثاني من المقال الذي خصصناه للحديث عن ظاهرة إقالة المدربين التي تكررت هذا الموسم بشكل واضح وملفت، إلى النهج المختلف تماماً الذي تتعامل به الأندية الألمانية مع مدربيها، كما سنتطرق لأبرز المدربين الذين رحلوا عن أنديتهم في الموسم الحالي، في العديد من الدوريات الأوروبية المختلفة، وهل أثرت قرارات الإقالة تلك على الأندية بالسلب أم بالإيجاب، وما هو مصير الأندية الأخرى التي أبقت على مدربيها دون تغيير.

لو اتجهنا إلى فرق الدوري الألماني سنجد أن أسلوب الإدارة مختلف تماماً، فالتغيير دائماً لا يكون سريعاً، ولا يشترط في ألمانيا أن يفشل مدرب مع فريقه في مباراة أو اثنتين أو حتى معظم أوقات الموسم حتى يتم الاستغناء عنه، والحقيقة أن هذا المبدأ في الإدارة سلاح ذو حدين، فمن جهة من الممكن أن يمنح الثقة للمدرب فيعمل بهدوء بعيداً عن الضغوط النفسية الناتجة عن مخاوف الإقالة، وهو ما ينعكس على عطائه مع الفريق، ومن جهة أخرى فإن قرار الإدارة إذا تأخر أو جاء بعد فوات الأوان فإنه من الممكن أن يؤدي إلى انهيار الفريق تماماً.

المثل الأبرز في ألمانيا حالياً هو فريق هامبورغ، هذا الفريق العريق الفائز بلقب الدوري الألماني ست مرات من قبل آخرها كان موسم "1982-1983" يعيش أوقاتاً عصيبة هذا الموسم، إذ يقبع في قاع جدول ترتيب فرق المسابقة في المركز الرابع عشر برصيد 23 نقطة، بفارق نقطتين فقط عن شتوتغارت صاحب المركز قبل الأخير، وتحمل مسؤولية تدريبه منذ بداية الموسم، الهولندي الشهير بيرت فان ميرفك، الذي قاد هولندا إلى نهائي كأس العالم الماضية قبل أن يخسر أمام إسبانيا بهدف نظيف.

تولى فان ميرفك المسؤولية في الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر عام 2013، ورغم الآمال الكبيرة التي كانت معلقة عليه لإعادة أمجاد الفريق العريق الذي تأسس عام 1887، إلا أن الرياح جاءت عكس ما تشتهي السفن فانهالت الهزائم على الفريق بشكل غير مسبوق، لعل أبرزها كان السقوط أمام بروسيا دورتموند في الأسبوع الخامس 6-2، والخسارة أمام باير ليفركوزن في الأسبوع الثاني عشر 5-3، ثم أمام شالكه وهيرتا برلين على أرضه بثلاثية نظيفة في الأسبوعين الثامن عشر والعشرين على التوالي.

وأخيراً كان الانهيار الغريب أمام براونشفيغ بأربعة أهداف مقابل هدفين، وهي الهزيمة التي أشعرت إدارة هامبورغ أن سفينة الفريق غارقة لا محالة إلى الدرجة الثانية ما لم يتم التدخل السريع، فأصدرت قراراً في السادس عشر من شباط/فبراير بإنهاء خدمات فان ميرفك والتعاقد مع المدرب الحالي ميروك سلموكا، ولكن هل صب التغيير في مصلحة الفريق أم أن الوقت كان قد فات؟.

الحقيقة أن بداية سلموكا مع هامبورغ كانت مبشرة إلى أقصى حد فقد دك حصون دورتموند الوصيف بثلاثية نظيفة منحت الأمل لجماهير الفريق للخروج من الأزمة الحالية، إلا أن هذا الأمل سرعان ما أحيط بالشك والريبة، إذ خسر الفريق أمام بريمن بهدف دون رد قبل أن يتعادل على أرضه مع آينتراخت فرانكفورت في المرحلة قبل الماضية بهدف لهدف ثم فاز في المرحلة الماضية بصعوبة شديدة على نورمبيرغ بهدفين مقابل هدف، وسواء كان قرار تغيير مدرب هامبورغ جاء في وقته أم تأخر فإن الأكيد أن الفريق سيواجه أوقاتاً عصيبة في نهاية الموسم الحالي وأنه يحتاج لمزيد من العمل والجهد لضمان البقاء ضمن أندية البوندسليغا.

شتوتغارت هذا النادي العريق الذي تأسس عام 1893 الفائز بلقب البوندسليغا خمس مرات آخرها موسم 2006/2007 يعيش ظروفاً "مأساوية"؛ إذ يقبع في المركز السابع عشر برصيد 21 نقطة ومر عليه هذا الموسم ثلاثة مدربين أولهم كان برونو لاباديا، الذي رحل مبكراً في بداية الموسم وتحديداً في السادس والعشرين من آب/ أغسطس عام 2013 وذلك عقب البداية السيئة للفريق، حيث خسر من ماينز في افتتاح الموسم الحالي من البوندسليغا 3-2 ثم سقط أمام باير ليفركوزن بهدف دون رد قبل أن يخسر أمام أغسبورغ 2-1، فرحل لاباديا وتحمل المسؤولية بدلاً منه توماس شنايدر إلا أن الأخير فشل تماماً في تحسين نتائج الفريق وصبرت عليه إدارة الفريق لمدة 21 أسبوعاً كاملة، لقي الفريق فيها الخسارة في 11 مباراة وتعادل في ست وفاز في خمس فقط، وبعد أن تعادل شتونتغارت مع براونشفيغ، الذي أصبح يمثل فألاً سيئاً على مدربي الفرق التي تواجهه، بهدفين لكل منهما، رحل شنايدر عن الفريق وحل بدلاً منه الهولندي يوب ستيفنس ويبدو أن الأخير مقبل على عملية "انتحارية" من أجل انتشال الفريق من أزمته والنأي به بعيداً عن الهبوط إلى الدرجة الثانية.

يجني فريق مونشنغلادباخ ثمار سياسة الاستقرار التي فرضتها إدارة الفريق في المواسم الأخيرة، إذ إنها تعاقدت مع السويسري لوسيان فافري مطلع عام 2011 ومنحته كل الثقة والصلاحيات من أجل تطوير أداء الفريق والارتقاء بمستواه على ساحة كرة القدم الألمانية، ووقتها كان الفريق يصارع من أجل عدم الهبوط إلى غياهب الدرجة الثانية، وبالفعل تمكن فافري من إنقاذ الفريق في الموسم الأول له، حيث احتل المركز الـ16 برصيد 36 نقطة وخاض ملحق البقاء مع ثالث الدرجة الثانية تمكن من خلاله من الاستمرار في البوندسليغا.

في موسم 2011 / 2012 تطور أداء غلادباخ بشكل مذهل فاحتل المركز الرابع في نهاية المسابقة برصيد 60 نقطة، فتأهل بالتالي إلى دوري أبطال أوروبا مسجلاً المشاركة الأوربية الأولى له بعد غياب 16 عاماً كاملة، وعلى الرغم من أن الفريق فشل في تحقيق الفوز في تسع مباريات متتالية حتى تراجع إلى المركز الثامن، فإن إدارة الفريق جددت عقد فافري إلى عام 2017 .

وعلق ماكس إيبرل مدير الكرة في غلادباخ على تجديد عقب فافري قائلاً : "لوسيان أدى عملاً رائعاً لنا في الأعوام الثلاثة الماضية. الطريق بيننا بعيد تماماً عن خط النهاية"، وأضاف إيبرل: "لوسيان فافري مناسب تماماً لبوروسيا، ولكن بوروسيا أيضا ملائم للوسيان فافري، إنه جزء مهم للغاية في الصورة النهائية للنادي".

وكان رد فافري سريعاً جداً على هذه الإشادة وهذه الكلمات الرائعة، إذ نجح الفريق في الفوز في المرحلة الماضية على بروسيا دورتموند في معقله بهدفين مقابل هدف، فارتقى الفريق إلى المركز السابع برصيد 39 نقطة.

أبرز المستبعدين في الموسم الحالي

الباحث في سجل أحوال المدربين في الموسم الحالي يجده مليء بالأسماء الكبيرة التي أقيلت ولعل من أبرز مَن تم الاستغناء عن خدماتهم الاسكتلندي مالكي ماكاي مدرب كارديف سيتي السابق، الذي رحل عن تدريب الفريق بسبب خلافات حادة مع مالك النادي الجديد المليزي فينسينت تان، الذي أقاله فجأة وأسند المهمة للنرويجي الشهير لاعب مانشستر يونايتد السابق سولسكيار.

ولقي ماكاي مساندة كبيرة من رودجرز مدرب ليفربول ذاته، حيث وجه سهام نقده اللاذع إلى تان قائلاً: "عندما جاء مالك كارديف الحالي إلى النادي كان لديه 10 لاعبين فقط في 2011، ثم بدأ في بناء الفريق ونجح في تحويل عقلية وثقافة النادي، كانت بداية الفريق جيدة هذا الموسم وسيصبح مدرباً كبيراً، لذا أستغرب الحديث عن التخلي عنه، هذا مذهل". وتابع رودجرز: "الخلاصة الوحيدة من بعيد هي أنّ رجل الأعمال الذي يدير النادي لا يفقه أيّ شيء في كرة القدم، كان رجل أعمال ناجحاً في حياته وتهانينا له، لكن كرة القدم مختلفة عن أيّ تجارة أخرى".

وبالتأكد فإن ما قاله رودجرز صحيح، فبعض المدربين يدفعون ثمناً فادحاً جراء جهل إدارات الأندية بكرة القدم.

كريستال بالاس أيضاً هو أحد الأندية العديدة التي استغنت عن مدربيها هذا الموسم بداعي سوء النتائج فأقيل أيان هولواي من تدريب الفريق في الثالث والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على الرغم من أن الرجل صاحب الفضل الأول في صعود الفريق إلى الدوري الإنكليزي الممتاز في الموسم الحالي لأول مرة منذ موسم 2004/2005، ويتولى الويلزي توني بوليس حالياً تدريب الفريق الذي يقبع في المركز السابع عشر على لائحة ترتيب أندية الدوري الإنكليزي الممتاز.

المثير أن الفريق الوحيد الذي صعد هذا الموسم إلى الدوري الإنكليزي الممتاز ولم يغير مدربه هو فريق هال سيتي الذي يقوده منذ عام 2012 ستيف بروس الذي يقود الفريق بشكل جيد في الموسم الحالي، حيث يحتل المركز الثالث عشر برصيد 30 نقطة، بفارق خمس نقاط عن سندرلاند أقرب الفرق المهددة بالهبوط.

من الأسماء الكبرى أيضاً التي رحلت عن قيادة فرقها كان باولو فونسيكا، الذي أقيل من تدريب بورتو البرتغالي بعد تسعة أشهر فقط من توليه المهمة وجاءت الإقالة بعدما تأكدت إدارة النادي، الذي حمل لقب دوري أبطال أوروبا عام 2004، وشهد بزوغ نجم المدرب البرتغالي الأشهر جوزيه مورينيو، أن الفريق سيخسر لقب الدوري المحلي الذي احتفظ به لثلاثة مواسم متتالية، وذلك بعد تعادل الفريق مع فيتوريا غيماريش في المرحلة الـ21 من المسابقة، والمثير أن هذه هي حالة الإقالة السادسة في الدوري البرتغالي هذا الموسم.

وفي إسبانيا كان قرار الاستغناء عن المدرب المحلي خوان كارلوس غاريدو في التاسع عشر من كانون الثاني/يناير الماضي قراراً طبيعياً عقب الانهيار التام الذي ضرب الفريق الأندلسي الشهير وتراجعه إلى المركز العشرين والأخير على لائحة ترتيب فرق الليغا برصيد 18 نقطة فقط، ليصبح أقرب الفرق للهبوط لمصاف أندية الدرجة الثانية.

وفي إسبانيا أيضاً فقط استغنى الفريق المدريدي الشهير خيتافي عن مدربه المحلي لويس غارسيا في العاشر من آذار/مارس الحالي، بعدما تراجعت نتائج الفريق بشكل غير مسبوق وهو الذي كان يتميز في المواسم الماضية بثبات مستواه وأنه دوماً لا يبرح المنطقة الدافئة.

إقالة غارسيا جاءت على خلفية تراجع الفريق إلى المركز السادس عشر برصيد 27 نقطة بفارق نقطة واحدة فقط عن رايو فاليكانو صاحب المركز السابع عشر.

ونختتم حديثنا عن المدربين المقالين هذا الموسم بأحد أكثر الحالات طرافة بل وإثارة للسخرية، وبطلها هنا هو نادي ساسولو الصاعد هذا الموسم إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي، إدارة ساسولو كان قد عينت المدرب دي فرانشيسكو مدرباً للفريق في التاسع عشر من حزيران/يونيو عام 2012، ونجح الرجل في الصعود بالفريق إلى دوري الأضواء والشهرة الإيطالي للمرة الأولى في تاريخه، وعلى الرغم من نقص الخبرة الشديد لدى لاعبي الفريق فقد نجح دي فرانشيسكو في تحقيق نتائج مميزة مثل التعادل مع نابولي على ملعبه 1-1، والتعادل مع لاتسيو 2-2 والفوز على ميلان 4-3.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل