المحتوى الرئيسى

من سحر الفراعنة إلى لعنتهم .. شوارع تحكى تاريخ

03/15 13:21

مازالت تبهر زائريها وتسر أعينهم فيأتون إليها من كل حدب عميق , على الرغم من كونها مهددة بالخروج من قائمة اليونسكو للتراث العالمي بسبب الإهمال ما بين مياه جوفية وأكوام قمامة وتصدعات وأعمال ترميم خاطئة وسرقات، لكنها رفضت إلا أن تظل ساحرة تلك المدينة التي يرجع تاريخ تأسيسها لألف عام مضت .

فمنذ بدء التاريخ وعلي مر العصور كانت مصر مهدا لحضارات عريقة نقشت على كل شوارعها طابعا مميزا جعلها مختلفة يشعر مواطنيها وزائريها معا بدفء وحنين لا يعرفه سوى من قدم إليها وشرب من نيلها , حضارات ستظل مرسومة بحروف من نور في تاريخ المصريين بدأ من الحضارة الفرعونية واليونانية والرومانية والمسيحية والإسلامية.

كان دخول الفاطميين مصر كان ملك مصر يمثل مطمعا كبيرا سعى إليه الخلفاء الفاطميون، لموقعها المهم سياسيا وحربيا واقتصاديا.

علاوة على قربها من بلاد الشرق ، الأمر الذي يجعلها صالحة لإقامة دولة مستقلة تنافس الخلافة العباسية . وقد حكم الفاطميون مصر حوالي 209 أعوام، تولى الخلافة في هذه الفترة إحدى عشر خليفة كان أولهم المعز لدين الله ( 362 – 365 هـ) ، وكان أخرهم الخليفة العاضد لدين الله (555– 567 هـ)

وفي ظل الخلافة الفاطمية شهدت مصرا تطورا كبيرا في شتى المجالات وخاصة في مجال الفنون والعمارة بشتى أنواعها والدليل على ذلك آثارهم الباقية حتى الآن مثل الجامع الأزهر والحاكم بأمر الله وشارع المعز الذي كان يوجد به القصر الشرقي الكبير والقصر الغربي وخان الخليلي الذي يعتبر واحدا من أعرق أسواق الشرق وكذلك حي الجمالية وغيرها من الشوارع الأثرية المهمة .

من هنا قامت شبكة الإعلام العربية “محيط” بزيارة ميدانية لعدد من شوارع القاهرة الأثرية لمعرفة المزيد عن تاريخها.

شارع المعز “عبق القاهرة الفاطمية “

أنشئ شارع المعز عام 969 ميلاديا أي منذ إنشاء القاهرة الفاطمية عن دخول الفاطميين مصر حيث يقع في منطقة الأزهر و سُمي بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة الفاطمي “المعز لدين الله، ويعتبر شارع المعز أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، من العصر الفاطمي مرورا بعصر الأمويين والمماليك البحرية والمماليك الشراكسة .

تم ترميم هذا الشارع وافتتح من جديد للزوار 22 فبراير 2008 بعد انطلاق مشروع عام 1998 لإنقاذ 210 أثرا في القاهرة تضررت في زلزال 1992، وكان يتضمن مشروع الترميم رصف الشارع بالأحجار القديمة‏,‏ ليصبح أول شارع مخصص للمشاة وحدهم ، بالإضافة إلي ترميم ‏33‏ أثرا بالشارع‏ أهمها مجموعة السلطان قلاوون ومجموعة السلطان الغوري وقصر الأمير بشتاك وباب النصر والفتوح وسور القاهرة والمدرسة الكاملية وجامع ابن طولون وقصر الأمير طاز وجامع المؤيد.

و يتميز شارع المعز بمساجده الشامخة، ويضم أيضا مدارس ومدافن وبيمارستانات (مستشفيات) وأسبلة وكتاتيب وقصورا، مثل (مجموعة السلطان قلاوون ومدرسة الناصر محمد بن قلاوون وخانقاه السلطان الظاهر برقوق وقاعة محب الدين أبو الطيب وحمام السلطان إينال، كذلك متحف النسيج الإسلامي بسبيل محمد على بالنحاسين وجامع وسبيل وكتاب سليمان أغا السلحدار والمدرسة الأشرفية وجامع القاضي يحي زين الدين.

شارع الأزهر ” منارة العلم “

شارع الأزهر من أهم وأقدم شوارع القاهرة التاريخية وقد سمي بهذا الاسم نسبة للجامع الأزهر المتواجد في هذا الشارع الذيلعبدورا تاريخيا ومحوريا في ثورة 1919.

ظهرت فكرة إنشاء شارع الأزهرأثناء زيارة الملك فؤاد لمسجد الحسين ومسجد الأزهر ولقي موكبه صعوبات شديدة في المرور، فتم إنشاء شارع الأزهر وميدان الحسين وميدان العتبة في سنة واحدة هي سنة 1930

ترجع أهمية شارع الأزهرإليربطه بين مدينة القاهرة القديمة بالقاهرة الحديثة بمحور شرقي- غربي ويعتبر حي شعبي تتكدس حوله البيوت القديمة وتتخللها الحارات الضيقة والمتعرجة ، كما يوجد فيه المشهد الحسيني ونفق الأزهر وخان الخليلي ومستشفى الحسين والصاغة وهو الشريان الرئيسي الذي يصل بين منطقة الأزهر وباقي مناطق العاصمة ويتميز شارع الأزهر بانتشار الأسواق والمحلات لتجارة الأقمشة ومستلزمات المنزل ويشتهر أيضا بالتجارة في أصناف العطارة.

حارة اليهود ” شاهدة على تسامح المصريين”

تقع حارة اليهود إلى جوار شارع الموسكي ،وتتبع حي الجمالية ،وهي تنقسم إلى شياختين: شياخة اليهود الربانيين وشياخة اليهود القرائيين وهي ليست حارة بمعناها الحرفي بل حي كامل يضم نحو 360 حارة أو شارع صغير لا يتجاوز عرضه مترا واحدا وجميعها تتصل ببعضها البعض . ويقال أن الحارة الأثرية الشهيرة كانت تضم نحو13معبداً لم يتبق منها سوى ثلاثة فقط أشهرها “”موسى بن ميمون” الذي كان طبيبا وفيلسوفا شهيرا في بدايات القرن الثاني عشر الميلادي، أما المعبد الثاني “بار يوحاي” فيقع بشارع الصقالية، بينما الثالث في درب نصير وهو معبد “أبو حاييم كابوسي” .

كما تعتبر الحارة تجمع سكني عاش به اليهود المصريين في القاهرة حيث كان يقطنها نحو 150 ألف يهودي قبل التهجير عام 1948 وحرب العدوان الثلاثي 1956 ويكتظ الشارع المؤدي إليها بمئات المحال التجارية كما تتفرع منه العديد من الأزقةو بها ورش صياغة الذهب وطلاء المعادن النحاسية والحديدية والنجارة والأثاث ومحلات بيع الأقمشة ولعب الأطفال وأدوات التجميل والإكسسوار.

خان الخليلى. . حاضر يستلهم الماضى

يقع خان الخليلي في شارع مواز لشارع المعز لدين الله الفاطمي، ويوجد به اثنان من أشهر مساجد مصر الإسلامية هما الجامع الأزهر الذي تم بناؤه في العهد الفاطمي، ومسجد الحسين ، ويعتبر الخان واحدا من أعرق أسواق الشرق، يزيد عمره قليلاً على 600 عام، سمي بهذا الاسم نسبة إلى منشئه الشريف (الخليلي) الذي كان كبير التجار في عصر السلطان برقوق عام 1400 م

ويعتبر الخان مقرا للحرف التقليدية والتراثية حيث يضم بضائع من كل صنف ولون، الذهب والماس والفضة كذلك أوراق البردي التي تحمل كلمات هيروغليفية وتمائم وأيقونات وقصائد غزلية، ونقوشات باللون الأزرق تحكي في اختزال مدهش أجمل حكاية عشق في التاريخ (حكاية إيزيس وأوز وريس) التي يقبل عليها السياح الأجانب كما تأتي إليه النساء من مختلف البلاد والجنسيات لشراء العقد الذي تتدلى منه “عين حورس.

ويوجد بالخان مكان مخصص للمصنوعات الجلدية والنحاسية والإكسسوار آت التاريخية كالخوذات النحاسية والسيوف والأحزمة، كما يشتهر بالعطارة و البخور

وفي خان الخليلي توجد قهوة الفيشاوي والتي تعتبر من أقد المقاهي في مصر حيث يرجع تاريخها إلى عام 1769م.

حي الجمالية ” تاريخ يحكي عظمة المصريين “

يعتبر حي الجمالية أحد أهم الشوارع الأثرية في مدينة القاهرة ويطلق عليه أسماء محلية كثيرة منها شارع باب النصر أو شارع وكالة الصابون، شارع بيت المال، وشارع احمد باشا طاهر، ويتمتع بشهره تاريخيه عريقة حيث يضم شارع الأزهر، و فيه أسوار القاهرة ، و بواباتها ، و المدارس الأيوبية والمملوكية ، و خان الخليلي و الصاغة ، و النحاسين .

و ينسب تسمية الجمالية بهذا الاسم للأمير ” جمال الدين محمود الاستادار ” من المماليك البرجية حيث بني في هذا الحياول مدرسه سنة 1409 و كانت من أعظم مدارس القاهرة .

تشمل مساحة الجمالية حوالي 2.5 % من مساحة القاهرة الحالية و يحد الحي من جهة الشرق جبل المقطم شارع المعز لدين الله ومنطقة بين القصرين،، ومن الشمال حي الوايلى و الظاهر ، و من الغرب أحياء باب الشعرية و الموسكى ، و من الجنوب حي الدرب الأحمر وشارع الأزهر.

و يتميز شارع الجمالية بتاريخه الحافل حيث كان الطريق الرئيسي للقوافل المسافرة إلي السويس والي دمياط عبر باب النصر وحدث عام 1800 إلى أن قتل بعض أهالي باب النصر بارو نابليون الكولونيل “سولكوفسكي” فانتقم الفرنسيون وهدموا جامع الجنبلاطية المجاور لباب النصر.

وقد وفد علي شارع الجمالية في أواخر القرن 17 وأوائل القرن 18 شوام سكنوا في هذا الحي وأنشأوا معاصر الزيت ومعامل الصابون بالإضافة إليأنه تكثر في هذا الشارع المساجد والأضرحة الأثرية مثل مسجد الحاكم بأمر الله ، مسجد بيبرس الجاشنكير ، الجامع الأقمر، مسجد الشهداء، مسجد مرزوق الأحمدي ، وضريح أحمد القاصد، ويوجد حارات قديمة شهيرة شرق شارع الجمالية أهمها : حارة العطوف، حارة الجوانية والدير، حوش العطي، حارة المبيضة، درب المسمط، شارع قصر الشوق، شارع ودرب القزازين، شارع أم الغلام.

شارع الحسينية .. ‏مشغل‏ ‏الكسوة‏ ‏الشريف‏ يعانق ‏كلية‏ ‏القديس‏ ‏يوسف

ويعتبر حي ‏الحسينية‏ ‏واحد‏ا ‏من‏ ‏أشهر‏ ‏وأقدم‏ ‏أحياء‏ ‏القاهرة‏, ‏وبالرغم‏ ‏من‏ ‏أهميته‏ ‏التاريخية‏, ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يحظ‏ ‏بالاهتمام‏ الأثري ‏اللازم‏ ‏.

‏ولم‏ ‏يتبق‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏الحي‏ ‏سوي‏ ‏بوابتي‏ ‏القاهرة‏, ‏وهما‏ ‏بوابة‏ ‏النصر‏, ‏وبوابة‏ ‏الفتوح‏, ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يعزز‏ ‏المطالب‏ ‏الخاصة‏ ‏بشأن‏ ‏الاهتمام‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏جديد‏, ‏والبحث‏ ‏عن‏ ‏أي‏ ‏معالم‏ ‏خاصة‏ ‏به‏.‏

وذكر ‏علماء‏ ‏التاريخ‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الحي‏ ‏كان‏ ‏يتميز‏ ‏بالعديد‏ ‏من‏ ‏المباني‏ ‏التراثية‏, ‏ومقاومة‏ ‏المحتلين‏, ‏وكان‏ ‏له‏ ‏دور‏ ‏ملحوظ‏ ‏في‏ ‏ثورة‏ ‏القاهرة‏ ‏الثانية‏ ‏ضد‏ ‏الحملة‏ ‏الفرنسية‏, ‏ويعد‏ ‏نجاح‏ ‏الفرنسيين‏ ‏في‏ ‏هزيمة‏ ‏الجيش‏ ‏العثماني‏ ‏قاموا‏ ‏بالهجوم‏ ‏علي‏ ‏ثوار‏ ‏بولاق‏ ‏والحسينية‏.‏

يقع شارع الحسينية خارج القاهرة الفاطمية من جهة الشمال، وكان وقت إنشائه مصمم على هيئة طريق ترابي لسير القوافل من سيناء وهو الذي حدد موقع بناء بوابة الفتوح .

ذكر المؤرخ ابن عبد الظاهر في كتابه “الروضة البهية” بأن مسمي الحسينية ينسب لجماعة من الأشراف الحسنيين قدموا من الحجاز أما المقريزي فقال في خططه بأنه ينسب إلي طائفة من عبيد الشراء يقال لهم الحسينية .

وأشار المقريزي إلىأن حي الحسينية أيامه كان يمتد من ناحيتين ، الاولى من باب الفتوح لقرية الخندق ( حي الدمرداش الآن ) و كانت بيوتا للعسكر أيام الفاطميين ، ويقول عن الفترة التي سبقت عصره أن الحسينية كانت عامره بالبيوت و الأسواق و كان فيها محطة المحمل المصري المسئولة عن نقل الحجاج.

ومن أهم المنشآت الأثرية به يوجد مسجد الكردي، مسجد البيومي، مسجد كمال الدين، ومسجد علي الخواص، زاوية شرف الدين إيرانأوالأربعين وأضرحة الشيخ أيوب والشيخ محمد القاضي أبو قشة وحمام العشري.

كما كان من أهم معالم الحي العريق مشغل‏ ‏الكسوة‏ ‏الشريفة‏ ‏للكعبة‏ ‏المكرمة‏ ‏واتي‏ ‏كانت‏ ‏تصنع‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏وترسل‏ ‏للسعودية‏, ‏وكان‏ ‏المشغل‏ ‏بجانب‏ ‏كلية‏ ‏القديس‏ ‏يوسف‏ ‏للكاثوليك‏, ‏وهي‏ ‏علامة‏ ‏بسيطة‏ ‏توضح‏ ‏التسامح‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏موجودا‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الفترة‏.‏

باب البحر .. مملكة الحلويات والعرائس

وهو من الأبواب البرانية في أخر سور القاهرة الشمالي من الناحية الغربية وقد بناه صلاح الدين الأيوبي سنة 1174.

كما عرف أيضا باسم باب “القشى” و باب “المقسى” ثم عرف بــ باب الحديد , فميدان رمسيس ،وفي العصر القديم كانت تمر مياه النيل ، بجوار ميدان باب البحر ثم اتجه بفعل الزمن ناحية غرب بولاق .

ويشتهر هذا الشارع ببيع عرائس المولد و خامات الحلويات ، و مولد النبوي ، وتجارة الحلويات وصناعتها والسجائر ، إلا أن حركة البيع تأثرت بشكل كبير بعد الحريق الذي شب في الثمانيات والذي أدى إلى موت الكثير من السكان .

كما يوجد مقام سيدي محمد البحر ويعتبر من المعالم الأثرية في هذا الشارع، وهو عبارة عن مسجد صغير به مقام مكتوب عليه اسمه.

حي الظاهر ” معمار إيطالي يوناني انجليزي مصري”

نسبة إلى الظاهر بيبرس و قد كان يسكنه قديما اليهود ويوجد به حتى الآنعددا من المعابد اليهودية ،وقد شيد الظاهر بيبرس أحد الجوامع الكبير بتلك المنطقة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي تعرض للإهمال ولكن يتم الآن ترميمه.

وقد انتشر العمران في المنطقة المحيطة بالمسجد، فبعد أن كان الحي الذي يأخذ طابعاً إسلاميا صريحاً أصبح أكثر الأحياء المصرية تجانساً بين العديد من الأديان، وكذلك تنوعت مبانيه في التاريخ الحديث بين الطراز الإيطالي واليوناني والانجليزي والمصري.

ومازالت آثار و مظاهر ذلك التنوع العمراني الحضاري شاهدا علي تسامح المصريين وظاهرا من خلال بعض المنازل القديمة والقصور والمساجد والكنائس والمعابد اليهودية التي انتشرت في أرجاء المنطقة قديماً .

حسن الاكبر “حي الكرامات الصوفية “

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل