المحتوى الرئيسى

لماذا يُعرض الشرق الأوسط عن قطر؟

03/12 08:49

تأثرت العلاقة بين القاهرة والدوحة بإطاحة الرئيس محمد مرسي من الحكم.

سحبت السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة سفراءها لدى قطر يوم الأربعاء الماضي بعد اتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.

وحذت مصر حذو هذه الدول في اليوم التالي، مما شكل قطعا رسميا للعلاقات الدبلوماسية كان قد بدأ في وقت قصير بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.

وقد زادت هذه الخطوة من عزلة قطر بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى المتحالفة معها في المنطقة، والتي شهدت في الأشهر الأخيرة تراجعا في المكاسب التي حققتها بعد انتفاضات الربيع العربي.

مراسلو بي بي سي في المنطقة يرصدون كيف يُنظر إلى قطر الآن.

ذكرت تقارير أن أمير قطر وعد بتغيير سياسة بلاده الخارجية لتوثيق العلاقات من جيرانه

على مدى أقل من عام، راهن جيران قطر على تجنب مثل هذا التصعيد.

إذ كانوا يأملون في أن يقدم أمير قطر الجديد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تغييرا لما يرونه سياسات غير مرحب بها بشدة في ليبيا وسوريا ومصر وتونس. وكانوا يريدون العودة إلى تلك الأيام التي كان يعمل فيها أقوى حكام في شبه الجزيرة العربية معا لحل الأزمات بدلا من تفاقمها.

والآن أصبحت هذه الانقسامات، على غير العادة في دول الخليج، مطروحة على الملأ.

ويرى الإماراتيون والسعوديون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى كـ "إرهابيين" يهددون أنماط حياتهم، ويشاركهم في ذلك بحرينيون ومصريون.

ويتهم القطريون بتوفير ملاذ لهم.

ويتعجب الناس هنا من أسباب دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى من البداية.

سجن 68 من الإسلاميين في الإمارات في يوليو/تموز بزعم التآمر للانقلاب على الحكومة

وقد ظهرت تحذيرات سابقة عندما استدعت الإمارات السفير القطري لدى أبوظبي، وعقب سجن أشخاص زعم أنهم يشكلون "خلية" إخوانية.

وتعد هذه الخطوة المشتركة رفيعة المستوى بين القاهرة والرياض والمنامة وأبوظبي هي أحدث المحاولات الرامية إلى تغيير سلوك قطر.

لكن إذا لم تصل الرسالة من خلال سحب السفراء والمذيعين والكتاب الصحفيين من الدوحة، ربما تؤدي هذه الخلافات السياسية إلى قطع علاقات اقتصادية وأمنية مهمة وقيمة مع هؤلاء الجيران.

لا أحد يتوقع ذلك جديا حتى الآن، لكن الحكومة لا تزال تلتزم الصمت بشأن المدى المحتمل لتطور الخلاف.

رشدي أبو العوف - مدينة غزة

وعد أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدعم إعادة إعمار غزة عام 2012

ليس من قبيل المصادفة أن يُجري رئيس الوزراء في الحكومة التي تقودها حماس في غزة، إسماعيل هنية، اتصالا هاتفيا مع أمير قطر بعد وقت قصير من سحب سفراء دول الخليج من الدوحة الأسبوع الماضي.

وبعد سقوط حكومة الإخوان المسلمين في مصر في شهر يوليو/تموز، وجدت حماس نفسها دون حلفاء في المنطقة.

وتضررت علاقات حماس مع سوريا وإيران بسبب قرار صدر من الزعيم السياسي للحركة خالد مشعل بإعلان تأييده للانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد، وبمغادرة دمشق.

لم يكن أمام حماس خيار آخر سوى السعي لتعزيز تحالفها مع قطر.

ويتعرض المسؤولون في حماس لضغوط، ويشعرون بالقلق من أن السلطات المؤقتة في مصر ربما تحاول أن تضرب عصفورين بحجر واحد، إذ أنه من خلال وقف نقل مواد البناء إلى المشروعات التي تمولها قطر في غزة عن طريق معبر رفح، قد يضر ذلك كلا من حماس وقطر.

تعتمد مشروعات التعمير الممولة من قطر على إدخال مواد البناء عبر مصر وإسرائيل

وقد أعلن عن تلك المشروعات، التي تبلغ تكلفتها 450 مليون دولار، الأمير السابق لقطر عندما كان في زيارة إلى غزة عام 2012.

وعادة ما يصنف الفلسطينيون أصدقاءهم أو أعداءهم وفقا لانتماءاتهم السياسية.

فمؤيدو حماس يعتقدون أن قطر حليف استراتيجي، بينما مؤيدو حركة فتح بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يعتقدون أن قطر تعمق الانقسامات السياسية من خلال دعمها لفصيل واحد وتجاهل الآخر.

قدمت قطر دعما ماليا وعسكريا للمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا

تحتفظ حكومتا طرابلس والدوحة بعلاقات ودية، لكن العلاقة بين الشارع القطري والليبي شهدت تراجعا بنفس السرعة التي ازدهرت فيها خلال الانتفاضة ضد الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.

ولا يقبل الليبيون تدخل الآخرين في شؤونهم الداخلية.

وهذا الواقع جعل الدول الغربية والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة تتحسس طرقها مع ليبيا، و تدرس بعناية نوع المساعدة التي يمكن تقديمها خلال عملية الانتقال الصعبة للغاية، والعنيفة في بعض الأحيان.

ما وصل إلى العديد من الناس هنا هو أن سياسة قطر التي تتسم بالعلانية والتدخلات الفجة لم تؤت ثمارها.

ويرتبط هبوط وصعود شعبية قطر في ليبيا بشكل رئيسي بما يعتقد الكثيرون أنه دورا تلعبه في تمكين جماعة الإخوان المسلمين.

وترجع أسباب المشاكل في ليبيا إلى التنافس بين الفصائل السياسية والاجتماعية والإقليمية. لكن يتهم الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، حزب العدالة والبناء، بالتسبب في التوتر السياسي وغياب الأمن في ليبيا ما بعد الثورة.

أشعل محتجون في بنغازي النار في دمية ترمز إلى أمير قطر السابق الشيخ حمد في 2013

وقد ساهمت رحلات شخصيات إسلامية رفيعة المستوى إلى قطر في تعزيز المزيد من الشكوك.

وفي بنغازي، التي رفع فيها محتجون مناهضون للقذافي من قبل أعلام قطر وفرنسا والمملكة المتحدة، أحرقت العام الماضي دمية تجسد أمير قطر السابق.

وقد انتشر ذلك الشعور تجاه قطر تدريجيا في أنحاء متفرقة من البلاد.

ويبدو أن الإطاحة بالرئيس مرسي في مصر العام الماضي قدمت إلى الليبيين سببا إضافيا لتشديد موقفهم ضد جماعة الإخوان - وبالتالي- ضد قطر.

ويُنظر إلى قطر أيضا على أنها تشن حربا بالوكالة على الأراضي الليبية إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

ويعتقد مراقبون في ليبيا أن بعض أقوى كتائب المسلحين المتناحرة، بالإضافة إلى أنصارها السياسيين في الداخل، يجري تمويلهم من قبل قطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة .

يرى كثيرون أن قناة الجزيرة لعبت دورا مهما في دعم انتفاضة مصر عام 2011

لم تتمتع قطر بشعبية كبيرة على مدار السنين بين أبناء الشعب المصري أو حتى لدى الحكومة المصرية.

لكن ذلك تغير عام 2011، عندما انحازت شبكة الجزيرة الإخبارية القطرية للمتظاهرين المصريين في ميدان التحرير، ووفرت لهم منبرًا إعلاميًا كانوا يحتاجونه لإظهار ما يحدث في مصر.

وتابع الكثير من المصريين قناة الجزيرة لمشاهدة ما حجبته عنهم قنواتهم المحلية، ومن هنا تعززت سمعة قطر بين المصريين.

لكن الدولة الخليجية صارت بعد ذلك بعام حليفًا رئيسيًا للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.

واليوم لم ينقلب الوضع فحسب، إنما تراجعت قطر لمستوى أسوأ مما كانت عليه بين المصريين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

ومنذ الإطاحة بمرسي، تراجعت شعبية الإخوان المسلمين لدى العديد من المصريين، وتراجعت معها على ما يبدو شعبية قطر.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل