المحتوى الرئيسى

نهاية منظمة «أوبك» البترولية

02/20 23:59

تحت هذا العنوان الملىء بالتشفي والرغبة في إضاعة سلاح البترول العربي الحيوي، نشرت مؤسسة إنفرميش كليرنج هاوس الإعلامية في 18 أكتوبر مقالا للكاتبين آمي مايرز وإد مورس ينضح بالتشفي والسعادة بالخطة الغربية بزعامة أمريكا للتخلص نهائيا من سلاح البترول العربي. بعد أن ظل غيلان الغرب قرنا كاملا ينهبون فيه بترول العرب وثرواتهم. ويديرون آلتهم الحربية بهذا البترول العربي الذي يوجهونه سلاحا ومالا إلي صدور العرب في النهاية. ويزرعون إسرائيل وسطهم لضمان بقائهم ضعفاء ومتخلفين. ومن حق الإنسان العربي أن يدرك جيدا ما يدبر له حتي يستعد ويحاول تنويع مصادر سلاحه وقوته. يقول الكاتبان:

بعد أربعين سنة من الحظر البترولي العربي (خلال حرب 1973). هناك تقنيات جديدة ستغير بطريقة دراماتيكية الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط. مضي أربعون عاما منذ فرض العرب حظرهم البترولي علي الغرب يوم 16 أكتوبر 1973 الذي تسبب في اضطراب وتغير هائلين. فعندما ساعدت أمريكا إسرائيل خلال حرب 1973. قام تكتل من الدول النامية عن طريق منظمة أوبك البترولية بحظر بيع بترولها لحلفاء إسرائيل مما تسبب في اضطراب عالمي شديد مكن العرب من انتزاع السيطرة علي إنتاج وتسعير البترول من عمالقة شركات النفط الغربية التي ركعت مستسلمة أمام مجموعة دول نامية. ورفع سعر البترول لدرجة هائلة سببت نقلة هائلة للثروة من أمريكا وأوربا إلي الشرق الأوسط. وبين يوم وليلة تحول أكبر جزء من الاقتصاد العالمي وهو سوق البترول إلي التسيس لأول مرة في تاريخ العالم.

ولكن بعد أربعة عقود في العيد الأربعيني لحظر 1973. أصبح أمام أمريكا فرصة تاريخية لقيادة ثورة مضادة ضد عالم الطاقة الذي خلقته منظمة أوبك. عن طريق تحديث صناعة الطاقة في أمريكا تنبئ بنهاية فترة الاعتماد علي النفط الأجنبي. وعلي واشنطن اغتنام الفرصة لفرض الديمقراطية علي قطاع الطاقة عالميا، كما فرضت الديمقراطية علي قطاع المعلومات في وادي سيليكون (مركز صناعة البرمجيات).

في الطريق إلي 1973 تحولت ملكية ثلثي الطاقة في العالم من الشركات الخاصة الأمريكية والأوروبية إلي القطاع العام لشركات النفط الوطنية. وبدلا من ترك قوانين العرض والطلب تحدد الأسعار أعلن منتجو النفط الرئيسيون مثل السعودية والعراق وإيران الكثير من مصادر الإنتاج مما أدي لتراجع الاستثمار في الطاقة. ورفع سعر النفط أكثر كثيراً مما لو ترك السوق حرا. فأسعار النفط اليوم أكثر من أربعة أمثال أسعار سنة 1973 الحقيقية. وتمت إعادة هيكلة ضخمة من الشركات الحكومية للدول المنتجة التي كانت تفتقر الكفاءة وتعدت حجم الشركات العملاقة مثل شل وشيفرون. وقد شهدت حقبة السبعينيات نقلا ضخما للثروة إلي الشرق الأوسط لاتزال مضاعفاته محسوسة اليوم. مثل حركات الديمقراطية السياسية إلي الإرهاب والحروب الأهلية. فقد فشل قادة المنطقة في وضع نظام يضمن عدالة توزيع الثروة الضخمة الطارئة علي شعوبها وبدلا من وضع آلية عادلة للحكم مما كان يعمل علي الاستقرار والتنمية. راحوا ينفقون بسخاء علي شراء القصور والسيارات الفارهة. وأضاعوا لعدة عقود فرصة استخدام الثروة البترولية في تحديث مجتمعاتهم وتدريب شعوبهم لمواجهة المنافسة الاقتصادية في العالم. وقد ظهرت نتائج قصر النظر هذا ليس في الشرق الأوسط فقط بل في الدول المنتجة للبترول خارجه. فهناك أزمة حكم رشيد تسبب ارتباكا في سوق العرض البترولي.

وتسببت كميات الدولار البترولي الضخمة في خلق تجاوزات مالية وفساد وقمع ومشتريات سلاح بمليارات الدولارات. ولم تتحسن حالة شعوب هذه المناطق كثيرا عما كانت عليه سنة 1973. وتعرض العديد منها لحروب أهلية ونزاعات طائفية. ويسبب التفاوت الهائل في الداخل في بقاء شعوب هذه الدول حتي مثل السعودية فقراء. ولذلك فلا غرابة في أنه بعد أربعين عاما من الحظر البترولي سنة 1973 تثور شعوب هذه الدول ضد من ينهبون ثروتها. وتقع الاضطرابات والتظاهرات. وتقوم المنظمات الجهادية بحمل السلاح في وجه لعنة البترول. فسوق النفط في الشرق الأوسط يتراجع. مما يعني أن حكامه لن يستطيعوا الاعتماد مستقبلا علي إيراد النفط للبقاء في الحكم. أو رشوة شعوبم بهذا الإيراد لضمان السلام الاجتماعي، والمضحك أنه بينما تنتشر الثورات السياسية في الشرق الأوسط، تنتشر ثورات من نوع آخر يحتمل أن تؤدي لعصر جديد من زعزعة المؤسسات البترولية والغازية. ولكنها في نفس الوقت تحسن فرص الثورات السياسية وأثرها علي المنطقة.

منذ بداية الثورات في شمال أفريقيا في يناير سنة 2011 كانت كمية البترول الموقوف إنتاجه بسبب الاضطرابات الداخلية مثل العراق ونيجيريا أو بسبب الحظر عليه مثل إيران توازي مليوني برميل يوميا، ولكن أثر ذلك الانخفاض في الإنتاج كان محدودا. لأنه خلال نفس الفترة زاد الإنتاج الأمريكي بأكثر من مليوني ونصف المليون برميل يومياً من عدة مصادر مثل الرمال البترولية والمياه العميقة. كما زاد إنتاج الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح. ولكن أثر كل هذا التغيير في مصادر الطاقة في العالم سيكون أكبر من مجرد استبدال النفط العربي بمصادر أخري. فالمصادر الجديدة غير التقليدية أدت لقيام العديد من شركات إنتاج الطاقة الأصغر حجما من شركات النفط العملاقة. فتجديد مصادر إنتاج الطاقة يأخذ أشكالا عدة في أمريكا. ونتيجته فرص تصدير ضخمة. تضمن لأمريكا عدم تكرار الحظر النفطي الذي واجهته سنة 1973. والذي كان ضربة مدمرة لاقتصاديات الغرب عموما. ولكن المصادر الجديدة تضمن عدم تكرار هذا الضرر. بل وتحرم دولة مثل روسيا من استخدام سلاح الغاز الروسي ضد الدول المستهلكة له. فهذا التجديد في مصادر الطاقة الذي تقوده أمريكا. والمخترعات الجديدة مثل وسائل النقل الكهربائية ستتيح للمستهلكين حول العالم بدائل للنفط، وتتيح لأمريكا أن تصبح من المصدرين الكبار للطاقة بأسعار تنافسية تمكنها من فرض ديمقراطية الطاقة علي السوق العالمي.

والزيادة الضخمة في الغاز الطبيعي الأمريكي هي مجرد خطوة أولي. كان من نتائجها هز السيطرة الروسية والإيرانية علي سوق الغاز العالمي. وخلال الحقبة القادمة يبدو أن أمريكا ستتفوق علي روسيا وقطر في إنتاج الغاز للسوق العالمي.

فالدور الجيوبوليتيكي للغاز الطبيعي الأمريكي سيحد من قدرة روسيا علي دق إسفين في العلاقة بين أمريكا والدول الغربية الأوروبية والآسيوية الحليفة لها. كما سيحد من أهمية بترول الشرق الأوسط في الصناعات البتروكيمياوية. كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي عند اكتشاف بترول بحر الشمال.

وبينما يتدفق مستثمرو المصادر الجديدة للطاقة علي أمريكا، تتضاءل أهمية عمالقة البترول في الشرق الأوسط مثل السعودية والكويت وإيران. كما تسبب الزيادة الضخمة في الغاز الطبيعي الأمريكي في قيام وسائل نقل حديثة مثل القطارات والمركبات المعتمدة علي الغاز الطبيعي المسيل. فالاستهلاك العالمي اليومي للنفط بواقع 85 برميلاً يوميا يتعرض نصفه لمنافسة شرسة حاليا من الغاز الطبيعي المسيل. وسيفتح التحديث الأمريكي للإنتاج باب الزيادة الهائلة في قدرتها علي تصدير الطاقة. والتوسع في استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية في كل من كاليفورنيا وتكساس يشجع علي التوسع في صناعة بطاريات تخزين الطاقة. وعلي أمريكا تشجيع الإصلاح في مجال استخدام الطاقة الكهربائية بما يتيح لأمريكا استخدام التكنولوجيات الحديثة في خلق عالم للطاقة بما يناسب حاجاتها. وكما كان من الصعب التنبؤ بأثر اختراع الكمبيوتر علي المسار الاجتماعي للعالم، فمن الصعب حاليا التنبؤ بدقة بالوقت الذي ستحتاجه أمريكا لتحديث سوق الطاقة حسب هواها، فسرعة التغيير قد تكون بطيئة أولاً ولكن تسارعها محتوم في النهاية.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل