المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: أفغانستان لديها قضايا أهم تتجاوز القواعد الأمريكية

01/04 20:53

لا أحد يعلم علي وجه اليقين ماذا ستكون عليه الحال فى أفغانستان بعد عام من الآن

يستمر الحوار المحتدم بين الولايات المتحدة وأفغانستان حول توقيع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي علي اتفاقية تسمح للولايات المتحدة بالاحتفاظ بقواعد عسكرية فى البلاد بعد انقضاء عام 2014. متى سيوافق الرئيس على التوقيع ؟ وما هي شروط تلك الإتفاقية؟

يعتقد الكاتب أحمد رشيد إن الأزمة المثارة حول هذا الموضوع تصرف الأنظار بعيدا عن القضايا الأكثر أهمية والتي من شأنها تقرير مستقبل الاستقرار فى أفغانستان.

لا أحد يعلم علي وجه اليقين ماذا ستكون عليه الحال فى أفغانستان بعد عام 2014 حيث أن التوقعات كثيرة والاحتمالات محيره والرؤية منعدمة في المنطقة ما بين مقر وزارة الخارجية الأمريكية وجبال خوست.

وعلى أية حال فقد كانت المرحلة الانتقالية العسكرية ولاسيما حجم القوات الأمريكية التي ستبقي وشروط بقائها هي القضايا التي شغلت واشنطن وكابول.

وتبقى حقيقة أن المرحلة الانتقالية العسكرية هى غالبا أبسط فى حلها مقارنة بمشاكل أخرى.

من المتوقع ان يرحل آخر جندي غربي عن أفغانستان بنهاية عام 2014

يقدر حجم القوات التابعة للدول الغربية والمتواجدة حاليا فى أفغانستان بنحو 87 ألف رجل مقارنة بـ 150 الف جندي في العام الماضي.

ومن المقدر أن ينخفض عددها إلي 40 الفا مع حلول فصل الربيع ورحيلها بالكامل مع نهاية هذا العام (إذا ما استثنينا قوة صغيرة للتدريب من المتوقع أن تبقي عليها الولايات المتحدة.)

لكن العامل الأكثر حسما خلال الأشهر الأثني عشر المقبلة يظل الانتقال السياسي للسلطة: هل ستكون الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان المقبل حرة ونزيهة بالقدر الذي يسمح بتشكيل حكومة مقبولة لدى غالبية المواطنين الأفغان؟

ويجدر بنا الحذر حينما نتحدث عن انتخابات في أفغانستان، وهذه الانتخابات هي التي سيتوقف عليها مستقبل الاستقرار في هذا البلد – وليس على حدة هجمات طالبان أو حجم القوات الأمريكية المتبقية.

ولاشك أن الرئيس حامد كرزاي -الذي لا يمكنه الترشح مجددا- سيختار بين الأحد عشر مرشحا، شخصا مفضلا لديه لمساندته.

وسيختار كرزاي المرشح الأجدر بحمايته هو وعائلته لا سيما من تهم الفساد التي تلاحقهم.

ويعتبر شقيقه قيوم كرزاي ووزير خارجيته زلماي رسول من أبرز الشخصيات الذين يمكن أن يحظوا بذلك الدعم.

تعتبر الطريقة التي سيتعامل بها كرزاي مع الملف الإثني في غاية الأهمية

وتكمن المشكلة في انتخابات 2009، فهذه الإنتخابات بما شابها من تزوير فاضح ومن عنف كاد أن يفضي إلي حرب أهلية قد نزعت المصداقية مسبقا عن الانتخابات المنتظرة هذا العام، فحتى لو تحسنت الأمور بنسبة 50 في المئة لا يمكننا الرهان علي مستقبل الاستقرار.

وتعتبر الطريقة التي سيتعامل بها كرزاي مع الملف العرقي في غاية الأهمية.

ففي عام 2009 قال كرزاي إنه فاز بأغلبية ضئيلة بفضل مساندة عشيرته من الباشتون فى مناطق الجنوب والشرق (حيث جرت عمليات تقفيل صناديق الإقتراع على نطاق واسع).

أما غير الباشتون من طاجيك والأوزبك وهزاره وغيرهم من المجموعات العرقية في الشمال والغرب فقد رفضوا الاعتراف بنتائج تلك الإنتخابات وأكدوا أنهم هم الفائزون حتى قبل المرشح المنافس عبد الله عبد الله التنازل عن خوض الجولة الثانية من الانتخابات بعد وساطة أمريكية.

وهذا السيناريو قابل للتكرار فى أبريل/نيسان المقبل ولكن العواقب ستكون أشد سوءا. فهذه المرة لن تقبل العرقيات الأخرى من غير الباشتون بالنتائج إذا ما اتضح أن كرزاي قام بالتزوير.

ولا يمتلك الغرب من وسائل الضغط ما يمكنه من إجبار النظام على القبول بحلول توافقية، كما أنه من غير المرجح أن يستخدم الغرب المعونات الاقتصادية كوسيلة ضغط.

كما يعد الانتقال الاقتصادي من الأشياء الغائبة، فبالرغم من انفاق 100 مليار دولار على الخدمات الاجتماعية فى أفغانستان منذ عام 2011، فإن الغرب لم ينجح في بناء اقتصاد وطني قادر على توفير فرص العمل للشباب وتحقيق دخل للبلد.

فآلاف الشباب الأفغاني المتعلم والمدافع عن الديمقراطية من الذين يعملون مع القوات الأجنبية سيجدون أنفسهم فى الشارع بلا أمل في المستقبل. وسيرحل الكثير منهم إلي خارج البلاد كمهاجرين غير شرعيين.

ولا تولي واشنطن وكابول الاهتمام الكافي لمواجهة احتمالات الفوضى الاقتصادية التي قد تنشأ بعد مغادرة القوات الغربية وخفض المعونات.

أما عن وعود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بتقديم ثمانية مليارات دولار سنويا كمعونة عسكرية واقتصادية فمن المحتمل أن تتبخر بعد عام واحد حيث أن المزاج العام فى أوروبا والولايات المتحدة لا يدفع الكثيرين لتحمل المزيد من الفواتير وبخاصة إذا ما استمرت الحرب الأهلية.

كما يتراجع الاهتمام أيضا بالبعد الإقليمي لتلك المرحلة الإنتقالية، فهناك احتياج لبذل جهود دبلوماسية من أجل التوصل لإتفاق يلزم الدول المجاورة بعدم التدخل فى شؤون أفغانستان والإمتناع عن تمويل الحرب بالوكالة كما كان الحال فى التسعينيات من القرن الماضي.

وتشمل هذه الدول إيران وباكستان والصين وجمهوريات وسط آسيا وبعض الدول المجاورة الأكثر أهمية مثل الهند وروسيا والمملكة العربية السعودية.

قد يؤدي استمرار الحرب مع طالبان إلي وقوع الآلاف من الضحايا وعشرات الآلاف من اللاجئين

وفوق كل ذلك، تبقي المصالحة مع حركة طالبان وإدماجها فى الحياة السياسية هى الخطوة الأهم لتحقيق الانتقال السياسي والاقتصادي والعسكري.

ويمكن للمحادثات أن تستأنف بعد انتخابات أبريل/نيسان المقبل إذا ما حظي الرئيس الجديد بالمساندة الشعبية اللازمة وبثقة طالبان.

لكن هل لدى الولايات المتحدة وحلف الناتو الاستعداد لرعاية مثل تلك المحادثات؟

ستكون العواقب وخيمة إذا لم تناقش هذه المواضيع الآن مع الرئيس كرزاي.

فقد يؤدي تزوير الانتخابات واستمرار الحرب مع طالبان إلي وقوع الآلاف من الضحايا وعشرات الآلاف من اللاجئين، وإلي كارثة إنسانية حقيقية بالإضافة إلى عودة جماعات متشددة دولية إلي أفغانستان.

ولن يكون المجتمع الدولي على استعداد للتدخل العسكري مرة أخري مع استمرار تدفق المال والسلاح من الدول المجاورة في محاولة منها للسيطرة على بعض أمراء الحرب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل