المحتوى الرئيسى

كيف يختار المصريون الرئيس القادم؟

10/17 22:43

تحدد خريطه المستقبل، التي اُعلنت في القاهره مساء 3 يوليو الماضي، معالم المرحله الانتقاليه في ثلاث خطوات متواليه بدات اولاها وهي تعديل دستور 2012، وتليها انتخابات برلمانيه ثم رئاسيه.

وبغض النظر عن ملاءمه هذا الترتيب او افضليه اجراء الانتخابات الرئاسية اولا، فالمهم هو ان يحرص الناخبون علي معايير محدده للاختيار عند اجراء هذه الانتخابات بمناي عن الخوف الذي يعتري المجتمع الان بسبب اصرار قياده جماعه «الاخوان» علي اثاره الاضطراب وارباك حياه المجتمع، وكانها تعاقبه علي انتفاضه ضد الرئيس السابق المنتمي اليها، بدلا من ان تعتذر له عن الاخطاء التي ارتكبتها في حقه، وتعترف بفشلها وتفتح الباب امام مراجعه المنهج الذي ادي الي هذا الفشل.

فلا يصح ان يكون الخوف من خطر مؤقت هو المحدد الوحيد لاختيار الرئيس القادم. فلم تعد مصر قادره علي تحمل اعباء اعطاء اولويه للامن علي حساب الحاجه الملحه لمعالجه انهيار اقتصادي لن يفيد المساعدات في الحد منه، اذا لم نبدا في معالجته فوراً، والام اجتماعيه مبرحه يعاني منها كثير من فئات المجتمع، ورغم ان انقاذ الاقتصاد والحد من الام الفقر والتهميش يحتاج الي امن، فالفرق كبير بين العمل من اجل تحقيقه والنزعه الامنيه حين تطغي علي ما عداها، فتشكَّل الوعي العام او تتحكم فيه. ولذلك تحتاج مصر الي رئيس يستطيع قياده البلاد الي الخروج من ازمه مستحكمه، وليس زعيماً يحكمها اعتماداً علي قوه شخصيته او سحرها.

فقد انتهي عصر الزعامات الملهمه والقيادات التي تمتلك سحراً خاصاً (كاريزما) في العالم الراهن. كما ان نوع المشاكل التي تواجه مصر الان وحجمها يتطلبان عملاً دؤوباً قائماً علي فهم دقيق لهذه المشاكل والمام بابعادها وقدره علي تحديد الأولويات ومهاره في التواصل مع الشعب بمختلف فئاته. ولا يتيسر ذلك لزعيم منقذ بل لسياسي حكيم لديه سجل معروف في العمل العام في قلب الشارع.

فمن ينبغي ان يبحث عنه المصريون الان هو رئيس قادم من وسطهم ويشعر بالامهم وامالهم، ويمتلك من المعرفه ما يؤهله لقياده فريق عمل قادر علي معالجه مشاكل متراكمه لا حصر لها وبناء جسور حقيقيه من الثقه مع مختلف فئات المجتمع، وليس زعيماً لمجرد انه قوي الشخصيه.

فعلينا اذن الانتباه الي المشكله المترتبه علي الحالة غير الطبيعيه التي تترتب علي الخوف من ارهاب يهددنا وممارسات عبثيه لجماعه «الاخوان» تهدف الي ارباك المجتمع.

وربما يكون الخوف الشائع الان هو اخطر ما يهدد مصر لانه يضعها في حاله غير طبيعيه تدفع الكثير من ابنائها الي البحث عن زعيم مخلَّص او يبدو انه كذلك وقبول التوسع في اجراءات استثنائيه واستمرارها بحيث يتم التعامل معها كما لو انها طبيعيه. ولا مخرج من هذه الحاله الا بان يواجه المصريون هذا الخوف بشجاعه ويثقوا في انفسهم وقدرتهم علي حل مشاكلهم. فاذا تحرروا من هذا الخوف وازاحوه من طريقهم سيجدون انهم ليسوا في حاجه الي زعماء مخّلصين، بل الي قاده نابعين من الشعب وقادرين علي اشراكه في بناء المستقبل وفق قواعد الحكم الرشيد التي تعتبر هي عنوان النجاح في عصرنا الراهن. ويقوم هذا الحكم علي مقومات اساسيه اكثرها موضوعي يتعلق بالديمقراطيه والعداله والشفافيه، ولكن بعضها ذاتي في مقدمته ادراك الحاكم ان دوره هو ان يقود فريق عمل يتمتع بالكفاءه ويعتمد علي المشاركه الشعبيه لا ان يحكم اعتقاداً في انه «قادر علي كل شيء» واعتماداً علي زعامه توحي اليه بذلك وتزّين له حب السلطه فلا يستطيع مقاومه بريقها.

فاحد اهم مواصفات الرئيس الذي تحتاجه مصر لتجاوز محنتها ان تكون لديه مناعه تجاه بريق السلطه وسحرها وغوايتها، علي النحو الذي عبر عنه الكاتب المسرحي الراحل فاكلاف هافيل الذي كان اول رئيس لتشيكيا بعد تحولها من الشيوعيه الي الديمقراطيه في بدايه تسعينات القرن الماضي في مسرحيته الرائعه «الرحيل».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل