الكعبة المشرفة ترتدي كسوتها الجديدة في يوم عرفات

استبدلت الكعبه المشرفه كسوتها وارتدت حلتها الجديده، اليوم الاثنين، الموافق التاسع من شهر ذي الحجة (يوم عرفات)، ابتهاجا وفرحا بحجاج بيت الله الحرام؛ حيث تسلم الكسوه الجديده في الاول من ذي الحجه من كل عام الي كبير سدنه بيت الله الحرام الشيخ عبد القادر بن طه الشيبي من الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبد الرحمن السديس.

وجرت العاده؛ استبدال كسوه الكعبه المشرفه بكسوه جديده في اليوم التاسع من ذو الحجه من كل عام حيث قام منسوبي الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي باشراف مدير عام المصنع الدكتور محمد باجوده ووكيل المصنع ومدير الانتاج بانزال ثوب الكعبه القديم واستبداله بثوب جديد تم صناعته من الحرير الخالص بمصنع كسوة الكعبة المشرفة.

وتم نقل الثوب الجديد الي الحرم الشريف، والمكون من اربعه جوانب مفرقه وستاره الباب، حيث تم رفع كل جنب من جوانب الكعبه الاربعه علي حده الي اعلي الكعبه المشرفه ثم فردها علي الجنب القديم وتثبيت الجنب من اعلي بربطها من العراوي واسقاط الطرف الاخر من الجنب.. وبعد ان تم حل حبإل آلجنب القديم بتحريك الجنب الجديد الي اعلي واسفل في حركه دائمه بعدها ازيح الجانب القديم من اسفل وبقي الجانب الجديد، وتم تكرار العمليه اربع مرات لكل جانب الي ان اكتمل الثوب ، اثر ذلك تم وزن الحزام علي خط مستقيم للجهات الاربع بخياطته.

وقد بلغت تكلفه تصنيع كسوه الكعبه المشرفه هذا العام حسبما اعلن المدير العام لمصنع كسوه الكعبه محمد بن عبد الله باجوده 22 مليون ريال سعودي، مشيرًا الي ان ثوب الكسوه يبلغ مسطحه 658 مترا مربعا، ويستهلك 670 كيلو جرام من الحرير الطبيعي الذي يستورد من ايطاليا وسويسرا، ثم يتم غسله اكثر من مره حتي يتم التخلص من الماده الشمعيه التي به، ليتم صباغته ويحول الي ماكينات علي خطين، احدهما ساده، والاخر منقوش؛ حيث يتم استخدام الخط الساده لتصنيع الحزام المحيط الذي يكتب عليه الايات المذهبات ، اما الخط المنقوش فيتم استخدامه للستاره الخارجيه للكعبه.

وكسوه الكعبه منقوش عليها عده عبارات تشمل (لا اله الا الله محمد رسول الله، الله جل جلاله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، يا حنان يا منان)، كما يوجد تحت الحزام علي الاركان سوره "الاخلاص" مكتوبه داخل دائره محاطه بشكل مربع من الزخارف الاسلاميه .. ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، ويوجد في الثلث الاعلي من هذا الارتفاع حزام الكسوه الذي يتكون من 16 قطعه ويبلغ طوله 47 سنتمترا وعرضه 95 سنتمترا، مكتوبا عليه بعض الآيات القرانيه ومحاطا باطارين من الزخارف الاسلاميه، ومطرزا بتطريز بارز مغطي بسلك فضي مطلي بالذهب.

ولكسوه الكعبه تاريخ طويل يرجع الي عصور الجاهليه قبل ظهور الاسلام؛ حيث كان اول من كساها كامله تبع ابي كرب اسعد ملك حمير في عام 220 قبل الهجره، وفي عهد قصي بن كلاب فرض علي قبائل قريش رفاده كسوه الكعبه سنويا بجمع المال من كل قبيله كل حسب مقدرتها، حتي جاء احد اثرياء قريش ويدعي ابو ربيعه بن المغيره المخزومي وتكفل بكسوه الكعبه المشرفه سنه، علي ان تتولي قريش كسوتها سنه، وظل يكسو الكعبه الي ان مات.

واهتم الخلفاء في عصر الدولة الأموية بكسوه الكعبه، ففي عهد معاوية بن ابى سفيان تم لاول مره تطييب الكعبه في موسم شهر رجب، وموسم الحج، كما كسيت الكعبه كسوتين في العام، الاولي يوم عاشوراء، والاخري في اخر شهر رمضان استعدادًا لعيد الفطر؛ حيث كانت تصنع من افضل واجواد انواع الاقمشه بدمشق وترسل الي مكه المكرمه، بينما قام بعض الخلفاء في عصر الدولة العباسية بكسو الكعبه المشرفه ثلاث مرات سنويا، ففي عهد الخليفه المامون تمت كسوتها مره يوم التروية بالديباج الاحمر، والثانيه في اول شهر رجب بالقباطي وهو قماش رقيق جدا يصنع في محافظه الفيوم بمصر، وثالثه في عيد الفطر بالديباج الابيض، واستمر اهتمام العباسيين بكسوه الكعبه الي ان بدات الدوله العباسيه في الضعف، فكانت الكسوه تاتي من بعض ملوك الهند وفارس واليمن ومصر.

ومع بزوغ عصر الدوله الفاطميه، تحول شرف صناعه كسوه الكعبه المشرفه الي مصر مرورًا بدولة المماليك؛ حيث كان يتم ارسال الكسوه كل عام من مصر وكانت بيضاء اللون، وبعد سقوط دوله المماليك وخضوعها للدولة العثمانية ، اهتم السلطان سليم الاول بتصنيع كسوه الكعبه وزركشتها وكذلك كسوه الحجره النبويه، وكسوه مقام ابراهيم الخليل عليه السلام.

وفي عهد السلطان سليمان القانوني، اضاف الي الوقف المخصص لكسوه الكعبه ريع سبع قري اخري ليصبح عدد القري الموقوفه لكسوه الكعبه تسع قري، وذلك للوفاء بالتزامات الكسوه، وتم بناء دار لصناعه كسوه الكعبه بحي "الخرنفش" بالقاهره عام 1233هـ، وهو حي عريق يقع عند تقاطع شارع بين السورين وميدان باب الشعريه، وما زالت هذه الدار قائمه حتي الان، وتحتفظ باخر كسوه صنعت للكعبه داخلها.