المحتوى الرئيسى

هلمــــوا الى رب كريم إنها أيام العشر

10/05 16:25

من يُمن الطالع ان تتعانق  مناسباتٌ عظيمهٌ لها مكانه عاليه في نفوس الأمه الإسلاميه  مع مجريات الاحداث وتطوراتها وخاصه في مصرنا الحبيبه ، فها هي ايام العشر الاوائل من ذي الحجة ومناسك الحج وشعائر عيد الاضحي المبارك تهلًّ علينا ونحن نواصل  سعينا و جهادنا من اجل استرداد الشرعيه والكرامه والاراده التي سلبها الانقلابيون الذين ضحوا بالوطن بغيـــه الحفاظ علي  منافع شخصيه تحصلوا عليها طيله السنوات الستين الماضيه في ظل دوله العسكر

يقينا ان هذه المناسبات  الكريمه تشكل دعما عظيما و تقويه وتثبيتا لنفوس المؤمنين المجاهدين ، فهي محطات عملاقه لتوليد الطاقه الروحيه التي نحتاج اليها في مجالده الظالمين  ومجاهده الفاسدين ، وهي بحق اهم واخطر وقود روحي لشحن النفوس الثائره علي الظلم حتي تقوي علي تكاليف  ومشاق الثوره من اجل احقاق الحق وايطال الباطل وازالته كليا من حياه الامه وواقعها

ولهذا اذكر الاحبــــه الكرام بفضائل هذه الايام ونفائسها وكنوزها وذخائرها فانًّ الذكري تنفع المؤمنين

تُقبل علينا ايام طيّبات، تحمل معها نفحات كريمه من رب كريم، وتبعث في نفوس المسلمين المحبه الكامنه في 

صدورهم، والشوق الذي يملا قلوبهم، فتهز مشاعرهم، وتستجيش عواطفهم؛ فتسوقهم الي رحاب الطاعه ومحراب العباده، فيخرُّون للاذقان سُجدًا وتزيدهم خشوعًا.

فهي ايام من الرحمه والمغفره والعتق من النار، ايام تقترب الارض فيها من السماء، ويتشبه البشر الاطهار بالملائكه الآبرار، ويتجلَّي فيها الرب، ويتغمد فيها عباده برحمه واسعه، فيغفر لهم ويتوب عليهم، ويعتق رقابهم من النار، ويُوجب لهم محبته، ويُسبغ عليهم فضله، ويحل عليهم رضاه.. انها ايام عشر ذي الحجه المباركه، وايام الحج المعظم.

- فضائل العشر الاوائل من ذي الحجه: 

هي نفحه كريمه، وهديه جليله، وكنز عظيم، واجر جليل ليس له نظير ولا يعدُله شبيه، فمع اول شعاع لشهر ذي الحجه، ومع ميلاد فجره يفيض فضل الله تعالي علي امه محمد صلي الله عليه وسلم، وتكثر نعمه ويعظم خيره، واذا كان اليوم التاسع زاد فضل الله تعالي علي عباده، فقد صحّ عن ام المؤمنين عائشه- رضي الله عنها- ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ما من يوم اكثرُ من ان يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة".

وختام الايام العشر يوم النحر والاضحي، وهو يوم العيد، وهو يوم الحج الاكبر (علي الراي الصواب) فهو خير الايام عند الله تعالي.

ويعقُب هذه الايام العشر ايام طيبه عظيمه النفع كثيره الاجر، امر الله تعالي عباده ان يذكروه فيها؛ فهي (ايام اكل وشرب وذكر الله)، وهذه الايام هي ايام التشريق.

1- عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلي الله عيه وسلم: "ما من ايام العمل الصالح فيها احب الي الله من هذه الايام"، يعني ايام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهادُ في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".

وفي روايه الطبراني: "ما من ايام اعظم عند الله، ولا احب الي الله العملُ فيهن من ايام العشر، فاكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير".

هذا فضل الله تعالي واختياره، فالله تعالي يخلق ما يشاء ويختار، ويُفضّل بعض البشر علي بعض، ويصطفي منهم ما يشاء ويختار، كما فضّل النبيين والمرسلين علي سائر البشر، واصطفي منهم اولي العزم، وفضّل عليهم سيدنا محمدًا صلي الله عليه وسلم، وفضّل بعض الاماكن علي بعض، ويصطفي منها ما يشاء ويختار، كما فضّل المساجد علي سائر الاماكن والبقاع، واصطفي منها المسجد الحرام ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم والمسجد الاقصى، وفضّل عليهم المسجد الحرام.

وفضّل الله تعالي بعض الايام علي بعض، وجعل لها من الفضل، وخصَّها بالخيرات؛ ومن ذلك تفضيل يوم الجمعه علي سائر ايام الاسبوع، وتفضيل ليله القدر التي شرفت بنزول القران الكريم فيها علي سائر الليالي، وتفضيل ساعه الاجابه من يوم الجمعه علي سائر الساعات... (وهكذا فالمقصود ان الله سبحانه وتعالي اختار من كل جنس من اجناس المخلوقات اطيبه، واختصه لنفسه وارتضاه دون غيره؛ فانه تعالي طيّب لا يُحب الا الطيّب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقه الا الطيب، فالطيب من كل شيء هو مُختاره تعالي).

وفضَّل الله تعالي الأشهر الحرم علي سائر الاشهر، قال ربنا عز وجل: ﴿اِنَّ عِدَّهَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاَرْضَ مِنْهَا اَرْبَعَهٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ اَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّهً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّهً وَاعْلَمُوا اَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)﴾ (التوبه).

والاشهر الحُرم هي: ذو القعده، وذو الحجه، والمحرم، ورجب، ولهذه الاشهر حُرمتها عند الله تعالي، وشهر ذي الحجه من اشرف هذه الاشهر الحُرم لاجتماع فضيلتين عظيمتين فيه، فضيله انه شهر من الاشهر الحُرم، وانه شهر من أشهر الحج لوقوع اعمال ومناسك الحج فيه.

وفضّل الله تعالي الايام العشر الاولي من شهر ذي الحجه، وجعل فيها من الخير وتضعيف الحسنات ما يزيد من غيرها من الايام؛ لذلك اخبر النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ان هذه الايام احب الايام عند الله تعالي، وان العمل الصالح فيها هو افضل من غيرها، وان الاجر المترتب علي العمل فيها اعظم من الاجر الذي يترتب علي اي عمل صالح يكون في غير هذه الايام، وقد يتعجب مسلم من ذلك، كما تعجب الصحابه الكرام فسالوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا: (ولا الجهاد في سبيل الله؟).

فجيل الصحابه الكرام علموا ان ذروه سنام الاسلام الجهاد في سبيل الله، وان مقام المجاهدين اعلي، وفضل الجهاد اعظم، فكانهم تعجبوا من قول النبي صلي الله عليه وسلم عن فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجه؛ ولذلك سالوا عن الجهاد في سبيل الله.

فاعاد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم تاكيد ما اخبر به بقوله: "ولا الجهاد في سبيل الله" اي ولا حتي الجهاد في سبيل الله؛ حتي اعادها ثلاث مرات علي من سال، ثم ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم استثناءً علي الاصل الذي اكده من قبل، وهو استثناء متعلّق بعمل رجل مجاهد خرج في سبيل الله يخاطر بنفسه وماله، ولم يرجع بشيء من ذلك، فالمال اُنفق في سبيل الله والنفس عادت الي خالقها، كما ورد ذلك في صحيح ابي عوانة "الا من عُقر جواده واهريق دمه" اي رزقه الله تعالي الشهاده في سبيله واتلف ماله.

والمعني: ان الاجر والثواب المترتب علي اتيان المسلم للعمل الصالح في العشر من ذي الحجه اعظم وافضل من غيره في غير هذه الايام، وانه لا يساويه الا عمل المجاهد في سبيل الله الذي يُنفق ماله لله تعالي، ويلقي الله شهيدًا.

اما روايه الطبراني، ففيها زياده وافاده؛ حيث امر النبي الكريم صلي الله عليه وسلم اُمته ان تُكثر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وان يُعمّروا قلوبهم ويُعطّروا حياتهم ويُرطبوا السنتهم بذكر الله تعالي.

وهكذا يتعانق حجاج بيت الله الحرام مع اخوانهم المسلمين الذين لم يُقدّر لهم الحج، ويشتركون في الاقبال علي طاعه الله، والانشغال بذكره، والعكوف علي مرضاته، الجميع يسير في ركب واحد الي الله تعالي، فاذا كان الحُجاج هم طليعه الاُمه المسلمه الوافده الي رحاب الله تعالي فان بقيه الاُمه- وهم الاكثر والاعم- يسيرون في ركابهم الي ساحات الرحمه وميادين الطاعه، فاذا كان نداء الحجيج التلبيه (لبيك اللهم لبيك) فدعاء الاُمه المسلمه ﴿وَعَجِلْتُ اِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَي﴾ (طه: من الايه 84). 

فما اعظم من صوره امه الاسلام في هذه الايام؛ وهي تعيش حياه ربانيه كامله تُقر لله تعالي بالوحدانيه، وتُفرده بالعباده وتُقبل عليه بالطاعه، في اعظم تظاهره تعبديه علي وجه الارض.

2- عن ابي هريره رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما من ايام احب الي الله ان يُتعبد له فيها من عشر ذي الحجه، يعدل صيام كل يوم بصيام سنه، وقيام كل ليله منها بقيام ليله القدر".

وفي روايه اخري: "فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير، وان صيام يوم منها يعدل صيام سنه، والعمل بسبعمائه ضعف".

وفي روايه اخري: "فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير وذكر الله، فان صيام يوم منها يعدل صيام سنه، والعمل فيها يُضاعف بسبعمائه ضعف". 

وقريب من ذلك ما رواه البيهقي والاصبهاني عن انس بن مالك (خادم رسول الله) صلي الله عليه وسلم قوله: (كان يُقال في ايام العشر: "بكل يوم الف يوم، ويوم عرفه عشره الاف يوم") يعني في الفضل.

وروي البيهقي ايضًا عن الامام الاوزاعي- رحمه الله- قوله: (بلغني ان العمل في اليوم من ايام العشر كقدر غزوه في سبيل الله، يُصام نهارها، ويُحرس ليلها، الا ان يُختص امرؤ بشهاده).

قال الاوزاعي: حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم عن النبي صلي الله عليه وسلم.

ومن جمله الاحاديث السابقه نستخلص عده امور مهمه: 

* فضل ايام عشر ذي الحجه ومكانتها الكبيره.

* فضل العمل الصالح فيها، وحث النبي الكريم صلي الله عليه وسلم علي كثره الطاعه والعباده فيها.

* الحرص علي صيام الايام التسع منها، وقيام لياليها سُنه مندوبه عن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، كما روي الإمام أحمد والنسائي وابو داود عن ام المؤمنين حفصه بنت عمر- رضي الله عنهما- قالت: اربع لم يكن يدعهن رسول الله: "صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثه ايام من كل شهر، والركعتين قبل الغداه".

وفي روايه أبي داود: قالت: "كان يصوم تسع ذي الحجه، ويوم عاشوراء، وثلاثه ايام من كل شهر، واول اثنين من الشهر والخميس".

وفي هذا استحباب صوم تسع ذي الحجه، امّا اليوم العاشر فهو يوم العيد، وقد نهي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم عن صيامه.

- التفاضل بين عشر ذي الحجه والعشر الأواخر من رمضان:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل