المحتوى الرئيسى

أمريكا من تجارة العبيد لتجارة السلح

10/01 01:23

دعيني ابدا بمقطوعه مقتبسه للفنان القدير محمد رمضان، في رائعته التي انتجها السبكي، قلب الاسد.. "من اراد طريق الفلاح فليتاجر في السلاح."

قد تظني ان محمد رمضان مجرد سرسجي لا يفهم شيئا ويقوم بادوار مكرره، وقد يكون رايك عن السبكي ان جزار يفهم في اللحم لا غير، لكنك ستفاجئي من ان تلك المقطوعه صادقه لابعد مدي.. تعالي احكي لك عن أكبر بلطجي يتاجر في السلاح في عصرنا الحديث. ومن خلالها وصل – حقا – لطريق الفلاح.

التقارير تقول ان نصف السلاح ( من 35 الي 50 %) في ايدي مدنيين في العالم، يحمله مواطنون امريكيون.. امريكا بها ترخيص 300 مليون قطعه سلاح لافراد.. حصيله التجاره في السلاح في السوق الداخليه لامريكا يبلغ 700 مليار دولار سنويا. وهو رقم يتجاوز ميزانيه الجيش والمخابرات الأمريكية.

ما جعل 40% من اجمالي سوق السلاح في العالم تمتلكه امريكا. راعيه السلام!

لكن هل هذا السلاح يستخدم بشكل رشيد عقلاني يحمي الممتلكات ويحافظ علي الارواح، ام انه سلاح همجي طائش في اياد لا تعرف الحرمات ولا تراعي قيمه الانسان.؟

في حربها الطويله التي امتدت عشر سنين مع حركه طالبان وتنظيم القاعده في جبال افغانستان فقدت امريكا 7000  جندي امام اشرس جنود يقبعون في اشرس طبيعه بيئيه.. امريكا تقاتل الطبيعه اكثر منها تقاتل البشر.

لاحظي الرقم، 7 الاف جندي في حرب عصابات كل شيء فيها مباح.. بينما من مات داخل امريكا بالسلاح الامريكي في ايد مدنيين 35 ضعف هذا الرقم.. حوالي ربع مليون قتيل. النتيجه قد لا تكون مستساغه.. الامريكيون المتحضرون يقتلون من شعبهم اكثر مما يفعله ارهابيو تنظيم القاعده. (فورين بولسي)

اسوا صوره يمكن ان تتحدث عن الاسلام موجوده في تنظيم القاعده.. تنظيم جاهلي متخلف مشوه نفسيا وفقهيا.. ويتسبب في اغتيال صوره الاسلام عالميا.. لكن لو قارناه بتحضر المواطن الامريكي تجده اقل اضرارا..

احدهم قال ان امريكا انتقلت من التخلف الي التقدم.. قبل ان  تمر بمرحله الحضاره.

البطاله في امريكا وصلت الي 15% ، في حين ان مديره كبيره في شركة بيبسي تتقاضي مليون دولار شهريا، ومكافئه سنويه اثنين مليون دولار.. مديره شركة أوراكل راتبها الشهري يتجاوز 4 ملايين دولار.. الراسماليه ليست نظاما عادلا علي كل حال. والاشتراكيه المثاليه والعلميه، من سان سيمون وحتي ماركس ولينين، لم تقدم حلا واقعيا.. ما هو البديل..؟ نعم اظنه في مقاصد التشريع الاسلامي، ولنا في هذا اجتهادات نذكرها في حينها. يكفي انه الوحيد الذي جعل ضريبه سنويه (الزكاه) تقتطع من اصل راس المال، وليس من عائد الربح.. اي بعد عشر سنين يكون الاثرياء تبرعوا بربع اموالهم للمجتمع.

امريكا استخدمت السلاح النووي – وهي الدوله الوحيده التي فعلت ذلك – ضد اليابان ما ادي الي موت مئات الالوف وتشوه النسل حتي يومنا هذا. لمجرد ان تقنع شعبها بجدوي المليارات التي انفقتها علي مشروع مانهتن النووي والذي كان يبدو بلا فائده. بل ان الروس هم من قدموا اقتراحا باتفاقيه حظر انتشار اسلحة الدمار الشامل وليس الامريكان.

في الذهنيه العالميه الروس همجيون والمسلمون متخلفون وسبب ذلك عزيزتي ان امريكا تمتلك السماء قبل ان امتلكت الارض.. الفضاء والفضائيات والاعلام القوي. التلفيزيون والسينما ونشرات الاخبار.

اما الحرب علي العراق فهي كارثه الكوارث.. محكمه العدل الدوليه تستطيع ملاحقه زعماء افريقيا، لكن هل تجرؤ علي محاسبه توني بلير وجورج بوش..؟

الخسائر التي نالت العراق نتاج الهمجيه والوحشيه لا تختلف كثيرا عن افعال هولاكو وتيمور لانك وجنكيز خان. رغم قرون الا ان الحضاره لم تمس النفوس. قالها نزار منذ سنين، خلاصه القضيه الجسد ارتدي ثوب الحضاره والروح جاهليه.

القصف الامريكي دمر 25% من المواقع الاثريه جنوب العراق.. مدينه بابل العتيقه تحولت الي مهبط طائرات وممر دبابات.. وتحولت الكتابه المسماريه الي تراب.. مدينه "اور" التي ولد فيها ابراهيم ابو الانبياء اصابتها اربعمائه قذيفه.. وجامعة المستنصرية، وعمرها ثمانيه قرون تعرضت للقصف.

حاوطت القوات الأمريكية وزاره النفط، وتركت متحف بغداد ليسرق منه 80% من محتواه. رغم ان اتفاقيه لاهاي 1954 و اتفاقيه اليونيسكو 1970 والتي تلزم قوات الاحتلال بالحفاظ علي التراث الثقافي.

لتضيع الثقافه وليموت التاريخ، المهم هو النفط يا عزيزتي.. هكذا تحدثت قمه الحضاره!

ولم يكتفوا بذلك، بل حاول المجلس الامريكي للثقافه ان يدخل تعديلا للقانون يسمح باستيراد القطع الاثريه من العراق.. انهم يسرقونا وبالقانون، سيدتي. والقانون يبدو متحضرا ونحن دوما متخلفين. او هكذا يرونا. او هكذا فعلنا بانفسنا. او هكذا يريدونا.

والكل يبيع التاريخ، ويشتري اسلحه حديثه.

هدف المحتل عزيزتي هو محو التاريخ. ان نصير بشرا بلا ماض وبلا هويه، وبلا ثقل يشدنا للارض، فتقل المقاومه ونصير كائنات مستعبده لنمط العولمه التي تحمل شعارا امريكا.

امريكا تؤمن ان كل شيء يمكن شراؤه، حتي الاوطان.. وهكذا كانت نشاتها.. مانهاتن وعليها نيويورك اشترتها من شركه هولنديه. كليفورينيا اشترتها من اسبانيا. ولويزيانا اشترتها من فرنسا.

في حربها علي فيتنام، اصدرت القيادات الامريكيه تعليمات لسلاح الجو. يختصر خطه الحرب في كلمات.. اقتل كل شيء يتحرك kill everything that moves   ورغم التجربه الوحشيه التي مروا بها اثناء الحرب الا ان الفيتناميين لازالوا محتفظين بانسانيتهم. في حين انهم 54 عرقيه وبعضهم له لغه اخري. يقول وزير الثقافة "هوانج توان" لو لم يجمعنا حب البلد وحب بعضنا فات تجربه الحرب كانت ستمزقنا.. والي جوار الحب هناك المغفره. حتي لا نظل اسري للماضي ونستطيع التقدم للامام.

حتي الفيتناميون كانوا اكثر رقيا.

العدل حلم الضعفاء اما القانون فيكتبه الاقوياء.. تلك ركيزه مهمه في بناء النفسيه الغربيه والامريكيه تحديدا.. ليست هناء مبادئ، هناك منافع.. والله قال في الكتاب (اعدلوا هو اقرب للتقوي).. لكن منذ متي يسمع الناس لكلام الرب. !

في رساله مهمه محفوظه لدي التراث الامريكي لاحد كبار المؤسسين كتب فيها:

"ان الخلاص من الهنود الحمر اسهل بكثير من اي محاوله لتمدينهم، فهم همج عراه، وابادتهم تختصر الوقت.. وتكون بتجويعهم وقتلهم وحرق محاصيلهم وتدمير القوارب والبيوت، وفي المرحله الاخيره بالمطارده بالجياد السريعه والكلاب المدربه التي تنهش جسدهم العاري"..

المهاجرون الاوائل الي امريكا كونوا شركات مساهمه (صارت ولايات) تتاجر وتزرع وتراكم الثروه، لكنها واجهت مشكله كبري.. اليد العامله.. عدد المهاجرين قليل، و السكان الاصليون يتم ابادتهم.. فما كان الحل الا في العبوديه.. استجلاب العبيد كقوه بشريه تعمل ولا تشارك في الربح.

وهنا نشات شركات كبري مسئوله عن قنص العبيد من سواحل افريقيا، بالسلاسل والسياط، حتي بلغ عدد هذه الشركات في اوائل القرن الـ ثامن عشر، 400 شركه. تملك 1200 سفينه مخصصه لهذا الغرض!

جلبت السفن من سواحل افريقيا 30 مليون عبد، يعملون تحت القهر والتهديد في الحقول والمناجم والمصانع، لا يملكون سوي لقمه العيش. الي جانب ملايين ماتوا في رحلات النقل غير الادميه.

وفي سجلات السفينه سالي التي يقودها القبطان هوبكنز، تجدي حوارا مثل ذلك..

"معنا 196 عبدا وضعناهم في عنبر اسفل السفينه – كنا نخصصهم لبقرتين معنا – وربطنا الاسري بالحبال.. الحموله الان كامله وسوف نبدا رحله العوده نحو الكاريبي".

حظيره البقر كانت المكان الملائم للعبيد عندهم عزيزتي.!

لا احتاج ان اذكرك ان العبيد كانوا يتولون بعض الامارات في عهد الرسول والخلفاء الاوائل. وان الصحابي كان يمشي هو وعبده فلا يفرقان بينهما في المظهر والهيئه. وانهم كانوا يؤمون الصلاه. اقدس عباده. اي انه عندما استحإل آلغاء العبوديه، لظروف ثقافيه وانتاجيه، اقر الاسلام ما هو اهم.. المساواه.

حتي ان ابراهام لينكولن محرر العبيد في امريكا الغي الرق، بعد اختراع الاله، فلم يعد لهم قيمه، لكنه لم يقر المساواه، حيث ظل العبد عبدا. واقعيا، وان نال حريته شكليا.

بل ان اغني ولايات امريكا كان سببها هو العبيد، ودعيني انقل لك عن ولايه نيو انجلند:

"سنه 1770 كانت مستعمره (ولايه) نيو انجلاند اغني مناطق امريكا، وقد كانت بالفعل قصه نجاح رائعه وكان محرك النمو هو العبيد الذين كانوا العنصر الفاعل علي الارض وفي المصانع والترس الدوار في حركة التجارة والتصدير. وكان العبيد هم اساس الزراعه وعماد الصناعات القائمه عليها مثل التبغ والسكر. "

باختصار كانت العبوديه هي المولد الاكبر للثروه الزراعيه والصناعيه والتجاريه في امريكا.

ويجب عزيزتي ان لا تعمينا تحيزاتنا عن الحقيقه.. فامريكا وسط ذلك، تملك 50% من الانتاج الثقافي العالمي.. سينما، روايه، كتب، مجلات، جرائد، ابحاث.. و 40% من اجمالي جوائز نوبل. نصفهم لم يولدوا في امريكا.. وافضل جامعات العالم.. هارفرد، ستانفورد، ييل، روكفيلر .. وافضل مستشفيات مثل. كليفلاند، ماي كلينك، جونز هابكينز.

منذ ايام شهد احد المباني التابع للبحريه الامريكيه بواشنطن "نافي يارد" هجوما ادي الي قتل 12 شخصا.. الجاني هو ارون اليكسيس.. امريكي مولود في نيويورك، يعمل فني اليكترونيات وخدم اربع سنوات جندي احتياطي في الجيش الامريكي.

بوذي الديانه، وكثير الزياره للمعابد البوذيه..

لكن في الاخبار لن تلحظي ديانته عزيزتي، لن يركز عليها الاعلام ولن تصير مهمه.. لا تنسي ان الصين هي اكبر دائن للولايات المتحده.. تخيلي لو كان الرجل مسلما.. هل كان الامر سيختلف في نشرات الاخبار الامريكيه..؟ لست مولعا بنظريه المؤامره لكن بعض الحقائق اقوي من الانكار.. امريكا تريد عدوا يبرر لها امام دافعي الضرائب تلك المبالغ الباهظه التي تنفقها عل السلاح وعلي الغزو الخارجي وعلي اسطولين يجوبان البحر والمحيط. وعلي 2000 قاعدة عسكرية خارج حدودها.

زمان كان هتلر هو هذا الغول. ثم صار السوفييت. والان هو الارهاب. و بين قوسين كبيرين تجدين تعريف المصطلح يشير فقط الي الاسلام.. وينسون انهم يقتلون بالسلاح الامريكي في بلادهم 35 ضعف تنظيم القاعده.

لا شك اننا نشارك بالغباء والجهل والتخلف.. ذهب حكيم الي رحله طويله، وبعد ان عاد حكي لقومه ما وجده في التجربه. قال. لقد قابلت الاعداء.. انهم نحن.

لكن دعيني اسرد عليك عينه من القتل الارهابي داخل امريكا:

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل