المحتوى الرئيسى

«مبارك» فى مذكراته: مطارات مصر كانت «مكشوفة» لإسرائيل.. وضربة 67 لم تكن عبقرية أو معجزة

09/29 10:26

قبل أن يذهب الفريق طيار حسنى مبارك فى مذكراته «كلمة السر» إلى الفصول التى يشرح فيها كيف تحقق نصر أكتوبر، فإنه يحلل تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية ضد مصر يوم ٥ يونيو ١٩٦٧، ويجرى مبارزة مع قائد سلاح الجو الإسرائيلى مردخاى هود، كاشفا عن أن خطته كانت من وضع خبراء العسكرية الفرنسية البريطانية.

وفى الكتاب الذى تنشره دار نهضة مصر يوم ٢ أكتوبر، وحرر نسخته الأولى فى ١٩٧٨ المرحوم الأستاذ محمد الشناوى، وحرر نسخته الأحدث فى ٢٠١٣ وكتب تقديم الكتاب الكاتب الصحفى عبدالله كمال، يكشف «مبارك» سرا تاريخيا عن أن مطارات مصر كلها كانت مكشوفة لإسرائيل معلوماتيا بسبب خدمة القائد الإسرائيلى عيزرا وايزمان فى الجيش البريطانى خلال احتلاله لمصر.

يقول «مبارك» فى هذا الجزء من مذكراته: إن إسرائيل تعرف -بلا شك- أن كاتب هذه المذكرات طيار مقاتل، درس ومارس التخطيط والقتال الجوى، بالمستوى الذى يجعله قادراً على الحديث عن أى خطة جوية، حديث من يعرف دقائق العملية وأسرارها، بكل ما فيها من نواحى الامتياز والقصور، وبكل ما حوت من تقليد أو تجديد.

وإذا كان هناك احتمال للتعصب من جانبى ضد خطة الجنرال الإسرائيلى مردخاى هود -كما رُسمت ونُفذت- بحكم العاطفة الوطنية، فإن الضمان الوحيد لكشف الحقيقة، والحقيقة وحدها -فى تلك الخطة التى تحولت بفعل الدعاية إلى أسطورة- هو الاتفاق منذ البداية على أسس موضوعية للتحليل، وقواعد ثابتة معترف بها فى جميع مدارس الفكر العسكرى ومناهجه، شرقية كانت أم غربية. ثم ننطلق من هذه الأسس والقواعد المتفق عليها علميا، إلى تطبيق صحيح لدقائق الضربة الإسرائيلية لطيران مصر.

إذا سرنا خطوة أبعد -على طريق التقييم العلمى للخطة العسكرية- لكى نسمح لأنفسنا بوصفها بأنها عبقرية أو معجزة، يجب أن يكون واضع الخطة نفسه قد أعطانا المبرر العملى لهذا الوصف، وذلك بتحقيق شرطين أساسيين:

1- الابتكار والتجديد فى وضع عناصر العملية القتالية كلها، سواء من ناحية التوقيت للضربة الأولى، أو وسائل تجميع العناصر المشتركة فى القتال.

2- وضع الحلول الممكنة -والمبتكرة فى نفس الوقت- للمشاكل القائمة على الجانبين، سواء بالنسبة لجبهة واضع الخطة نفسه، أو المشاكل الناجمة عن موقف جيد يتمتع به الخصم.

ويضاف إلى هذين الشرطين عنصر مهم لا بد من توافره -فى الخطة الممتازة، فضلاً عن العبقرية أو المعجزة- هو الإعداد المسبق للحلول العاجلة والبسيطة، لجميع المواقف المعوقة التى يمكن أن يفكر الخصم فى اللجوء إليها، عملاً بمبدأ عسكرى متعارف عليه، هو أن القائد الناجح هو الذى يؤمن بأن العدو عنده دائماً ما يخفيه.

إن أصول «النقد الموضوعى» لأى خُطة قتالية تحتم علينا -تطبيقاً لمبادئ الفكر العسكرى السليم- أن نلقى بنظرة فاحصة على الظروف السياسية والنفسية والعسكرية المتوافرة على الجانبين المتحاربين.. سواء قبيل العملية القتالية، أو خلال تنفيذها، أو بعد الفراغ منها.. واضعين فى الاعتبار جميع الاحتمالات التى يُمكن أن تؤدى إليها العملية القتالية موضوع الخطة.

فى القاهرة، كانت الأحداث تتلاحق بسرعة مذهلة، ويتصاعد الموقف بشكل لا يترك فرصة لالتقاط الأنفاس:

1- رؤساء الوحدات وقادة الأسلحة المختلفة فى الجيش المصرى، يتلقون الأمر اليومى رقم «1» الذى يقول: «أعلنت حالة الاستعداد القصوى ابتداءً من يوم 15 مايو، الساعة 1430، وتغادر الفرق والوحدات التى أعدت للعمليات مراكزها الحالية، وتتحرك نحو مناطق التجمع والانتشار التى خُصصت لها، وتستعد القوات المسلحة للانتقال للقتال على الجبهة الإسرائيلية، طبقاً لسير العمليات».

2- قرار مصرى بسحب قوات الطوارئ الدولية المتمركزة على الجانب المصرى من الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل.. ثم إغلاق مضيق تيران فى المدخل الجنوبى لخليج العقبة -وهو شريان الحياة الوحيد للعلاقات النامية بين إسرائيل ودول أفريقيا والشرق الأقصى ومنابع البترول مصدر الطاقة الذى لا حياة لها من دونه.

3- مؤتمر صحفى عالمى يعقده المرحوم الرئيس السابق جمال عبدالناصر، ويعلن فيه -أمام المئات من الصحفيين ومراسلى وكالات الأنباء العالمية- تهديده لإسرائيل بإلقائها فى البحر، إذا نشبت الحرب بينها وبين مصر، أو إذا جازفت بالهجوم على سوريا.

4- لقاء بين جمال عبدالناصر وبين أعضاء «اللجنة المركزية لاتحاد النقابات العربية» يعلن فيه أنه «إذا هاجمت إسرائيل سوريا أو مصر، فإننا جميعاً سندخل الحرب ضدها، وسيكون هدفنا الأساسى هو تدمير إسرائيل.. إننى لم أكن أستطيع أن أقول مثل هذا الكلام منذ ثلاث سنوات أو خمس، وليس من عادتى أن أعد بشىء لست قادرا على تحقيقه.. أما اليوم فإننى مقتنع بانتصارنا.. إن مصر تتوقع فى كل لحظة هجوم إسرائيل، الذى سيتيح لنا الفرصة لتدميرها».

إن الجانب السياسى فى خطة مردخاى هود كان بالنسبة له جانباً قهرياً، لا فضل له فى تحديد معالمه، ولم نبعد دوره فى الاستفادة من خطأ قائم بالفعل على الجانب المصرى.. ومن ثم نسأل: هل كان الجنرال الإسرائيلى يستطيع أن يحدد لتنفيذ خطته الهجومية -لضرب الطيران المصرى- موعداً يسبق 5 يونيو ببضعة أشهر، أو يتأخر بضعة أشهر وحتى بضعة أيام عن الموعد الذى نفذت فيه بالفعل؟

أنتقل الآن إلى الموقف العسكرى نفسه لكل من طرفى الصراع، لنلقى نظرة فاحصة على هذا الجانب؛ لأن التعرف على هذا الموقف، قبل العملية أو بعدها، ضرورى لإصدار حكم منصف، سواء بالنسبة لقواتنا المسلحة -خاصة قواتنا الجوية.. الهدف الأول لضربة 5 يونيو- أو بالنسبة للعدو نفسه.

ونظرا لاتساع رقعة «الموقف العسكرى» -الذى يشمل عادة القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوى- فإننا سنتجه فى هذا التحليل إلى موقف القوات الجوية وظروفها على جانبى جهة الصراع لتحليل عناصر الضربة الإسرائيلية للطيران المصرى صباح 5 يونيو، ورد هذه الخطة إلى حجمها الصحيح، المتواضع للغاية من ناحية التخطيط العسكرى السليم.

أتوجه بسؤال أولىّ ومهم للغاية إلى واضع الخطة الإسرائيلية -الجنرال مردخاى هود- وهو السؤال الذى لا شك أن الجنرال الإسرائيلى قد ووجه به من خبراء القتال والتخطيط الجوى القائم على القواعد المتعارف عليها فى الفكر العسكرى -بعيداً عن كل ضوضاء ودعايات الحرب النفسية- التى شنتها إسرائيل ضدنا بضراوة لا تعرف الرحمة، والسؤال الذى أعنيه يقول ببساطة:

إذا كان مردخاى هود يعرف -بحكم منصبه كقائد لسلاح الطيران الإسرائيلى فى عام 1967- كل شىء عن إمكانات هذا السلاح عدداً وعتاداً وتدريباً.. فماذا كان يعرف بالضبط عن قدرات العدو الذى يخطط لضربه؟ ثم ما البدائل التى كان من المحتم عليه أن يعدها، أو -على الأقل- يُفكر فيها، لو فاجأه العدو الجوى -المصرى- بما لم يتوقعه، عملاً بالقاعدة المعروفة التى تقول «إن العدو عنده دائما ما يخفيه»؟

توضيحا لأهمية هذا السؤال، نطرح المبادئ الثلاثة الأولية فى التخطيط لأى عملية قتالية، خاصة فى القتال الجوى، وهى:

1- أن يطمئن واضع الخطة إلى أنه يملك القوات الضاربة التى تستطيع تنفيذ الخطة فى أسرع وقت، وبدقة كاملة، وبأقل قدر من الخسائر.

2- أن تكون لدى واضع الخطة صورة دقيقة -أو أقرب ما تكون للدقة- عن إمكانية العدو الجوى ودفاعاته، خاصة فى الساعة «س» التى يحددها المخطط العسكرى لتنفيذ عمليته الهجومية.

3- التفكير فى كل «البدائل» الممكنة فى مواجهة جميع «الاحتمالات» المفاجئة، التى يُمكن أن يلجأ إليها العدو، سواء لتحويل الضربة عن هدفها أو للتقليل من حجم الخسائر الناجمة عنها، أو ردها على العدو المهاجم، للإيقاع به فى شرك خداعى لم يحسب حسابه.. والمبدأ الأخير بالذات يصرخ بالتحذير فى أذن المخطط العسكرى: لا تستهِن بالخصم مهما بدا لك من ضعفه -الذى قد يكون ظاهرياً- ولا تغتر بقوتك التى قد تؤدى بك إلى الهلاك.

هذه القواعد الأساسية فى التخطيط القتالى -والتى تمثل فى نفس الوقت لب السؤال الخطير الذى وُجه ولا يزال يوجه للجنرال هود- لا بد من تطبيقها على الجانبين المصرى والإسرائيلى لتعرف حقيقة ما حدث فى الساعة 8٫45 من صباح الاثنين 5 يونيو 1967 وهل كان معجزة كبرى أم أسطورة كبرى؟

ولكى نطبق تلك القواعد على الجانب المعادى، لا بد من نظرة سريعة على تاريخ نشأة السلاح الجوى الإسرائيلى والظروف النفسية التى تأسس فى ظلها والعقيدة القتالية التى عاش أفراد هذا السلاح يستنشقونها كالهواء. إلقاء هذه النظرة التاريخية أمر حيوى فى التحليل المنصف لعملية «طوق الحمامة» التى رسمها «هود»، سواء من حيث التخطيط أو التنفيذ.

وأول ما يطالعنا فى تاريخ «الطيران الإسرائيلى» عبارة أطلقها ذات يوم أحد أدباء إسرائيل ووصف فيها طيران بلاده، بأنه «طيران يملك دولة». ورغم ما يبدو فى هذه العبارة من «تهريج» ظاهرى ودعاية لاذعة.. فإنها فى حقيقة الأمر تعبر عن واقع مؤسف يعيشه الإسرائيليون ويخضعون له طوعاً أو كرهاً؛ لأنه نابع من طبيعة الظروف المكونة لإسرائيل كدولة ومجتمع يقومان على تبنى نظرية متعصبة تؤمن -من جهة- بتفوق الجنس.. وتحلم -من جهة أخرى- بالتوسع والاستعمار الاستيطانى لأجزاء من الوطن العربى.

هذا التعصب العنصرى والإيمان بتفوق «الجنس»، إلى جانب الحلم الأسطورى بانتزاع أجزاء من أراضى الدول العربية المجاورة، جعلا وضع إسرائيل منذ قيامها -كشعب ودولة- فى حالة حصار دائم، تمارسه من حولها الدول العربية المحيطة بها.. ولما كانت إسرائيل من جانبها، وبحكم قلتها العددية، بالقياس إلى الكثرة العربية الهائلة من حولها، غير قادرة على رفع هذا الحصار عملياً فقد اتجهت إلى رفعه نفسياً.

بل إن إسرائيل تجاوزت هذا إلى التفكير فى تحويل الحصار العددى -المفروض عليها من العرب- إلى حصار نفسى، تفرضه هى على الدول العربية مجتمعة، عن طريق إنشاء قوة ضاربة ذات قدرة قتالية مرتفعة، تستطيع عن طريقها أن تغرس الرعب فى قلب الإنسان العربى، وتحقق بها فى نفس الوقت التوازن النفسى بين أحلام التوسع العدوانى التى تعشش فى عقل الإسرائيلى، كما تصور هالة أبواق العسكرية الإسرائيلية، وبين الفزع الطبيعى الذى يهاجم هذا المواطن التعس -ليل نهار- وهو يحس برياح الخطر والعداء تهب عليه وتحاصره من كل جانب.

فإذا عرفنا أن سكان إسرائيل -بملايينهم الثلاثة المحدودة- لا يمكن أن يشكلوا -عدديا على الأقل- القوة «البرية» المسلحة التى لا تغرق فى محيط الكثرة السكانية العربية الرهيبة من حولها.. يتضح لنا السر الحقيقى فى التركيز على الطيران بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وهى بعقيدتها العدوانية تضمن العدوان على الغير كما تتوقعه من الغير بنفس الدرجة.

هكذا تحول الطيران الإسرائيلى إلى «وهم كبير» فى عقول الإسرائيليين أنفسهم، قبل أن يكون وحشاً خرافياً طائراً بالنسبة للإنسان العربى، بل إن واجب الإنصاف والأمانة العلمية -حتى بالنسبة لخصم لا يتوقف كثيراً عن الأمانة إذا لم تخدم أهدافه العدوانية- يفرض علينا أن نقول إن الشخص الإسرائيلى -سواء كان مواطناً عادياً أم واحداً من أكبر قادة المؤسسة العسكرية فى إسرائيل- هو أولاً وأخيراً ضحية لخرافة «الوحش الإسرائيلى الطائر» قبل أن يكون صانعاً لهذه الخرافة أو مروجاً لها.

فى الفترة الواقعة بين مايو عام 1948 ويناير 1949، كان هذا السلاح الجوى الناشئ يقوم بدور لا بأس به فى العمليات القتالية التى نشبت بين قوات الدولة الوليدة و«الجيوش العربية» التى اشتركت فيما سُمى وقتها «حرب التحرير لفلسطين العربية».. ورغم ضآلة حجم وقدرات الطيران الإسرائيلى آنذاك، فإن نشاطه بالذات ضد القوات المصرية -التى اقتربت أيامها إلى مسافة 35 كيلومترا من تل أبيب- كان ملحوظاً.

منذ ذلك التاريخ، استطاع «تولكوفسكى» -أول قائد لهذا السلاح- أن يقنع قادة إسرائيل -مدنيين وعسكريين- بضرورة العناية بالطيران وتحويله من مجرد سلاح من أسلحة الجيش إلى وحش طائر قادر على حماية إسرائيل والدفاع عنها بعيداً عن أرض إسرائيل ذاتها -التى لا تسمح بحكم مساحتها الضئيلة بأى عمليات قتالية برية تدور على أرضها المحدودة، وتؤدى إلى اختراقها، أو شطرها- ومعنى هذا: ضرورة توفير عنصرين أساسيين فى عملية تكوين هذا السلاح، أولهما: السرعة، التى توفرها الأنواع الجيدة والأكثر حداثة والأكبر قوة توفر له فى عالم الطيران المقاتل، بحيث تصل الطائرة إلى أبعد مدى، فى أسرع وقت ممكن.

ثانيهما: الفعالية، الناشئة عن التركيز الشديد، سواء فى التدريب الجيد أو فى تناغم الأجهزة المختلفة المشتركة فى عمليات هذا السلاح.

وجاءت حرب 1956 -التى أخذت فيها إسرائيل دور الشريك الأصغر فى العمليات الهجومية التى قامت بها القوات الإنجليزية والفرنسية ضد مصر- وأثبتت هذه العمليات مرة ثانية أهمية، بل وحيوية، الطيران المقاتل لإسرائيل؛ لأن الضربة «الأنجلوفرنسية» عام 1956 -للطيران المصرى- عجلت بإخراجه من المعركة، وكانت من أخطر العوامل التى دفعت القيادة المصرية العليا إلى اتخاذ قرارها بسحب القوات البرية المنتشرة فى سيناء.

لقد أطلق عيزرا وايزمان -خليفة «تولكوفسكى» فى قيادة سلاح الجو الإسرائيلى- شعاره المعروف «إسرائيل يجب حراستها على ارتفاع أربعين ألف قدم»، ثم أتبعه بشعار آخر أكثر صراحة يقول فيه: «إن الدفاع عن إسرائيل يجب أن يبدأ من سماء القاهرة».

وقد صادف الشعاران هوى فى نفس المسيطرين من قادة المؤسسة العسكرية فى تل أبيب، وسرعان ما استجابوا بسخاء غير محدود لطلبات سلاح الطيران؛ بحيث نمت قدرات هذا السلاح نمواً زائداً على المعدل الطبيعى لأى سلاح طيران آخر، بالقياس إلى حجم الجيش الإسرائيلى كله، وإلى إمكانات إسرائيل ذاتها كدولة.

إن الذى كان من المحتم على الجنرال الإسرائيلى «هود» أن يضعه نصب عينيه، وهو يضع الخطوط الأولية لعمليته الهجومية، هو عنصر التأمين لقواته الجوية التى ستقوم بالتنفيذ، سواء فى ذلك الطائرات القاذفة أو المقاتلة القاذفة، أو حتى طائرات الاعتراض والحماية، التى تصحب القوة القاذفة المكلفة بالهجوم على الأهداف الأرضية للعدو. والعناية المسبقة بعنصر التأمين أثناء تنفيذ عمليات الهجوم الجوى -وهو العنصر الذى يُعرف علمياً باسم الدفاع السلبى المسبق- أمر حيوى يتوقف عليه نجاح أو فشل أى خطة جوية.

ومن المعروف أن التأمين الإيجابى للقوات الجوية، أثناء قيامها بمهاجمة العدو الأرضى، يعتمد على طائرات الحماية -المقاتلة- التى تصحب الطائرات القاذفة أثناء تنفيذها مهامها الهجومية، التى تمثل الجانب الإيجابى فى عنصر التأمين، الذى يتوقف على ما تملكه الدولة من طائرات الحماية عدداً ونوعاً.

إلا أن الجانب السلبى فى عنصر التأمين السابق لعمليات الهجوم الجوى أكثر خطورة على العدو المستهدف بالضربة الجوية، رغم أنه لا يكلف واضع الخطة عبئاً مادياً يثقل كاهل قواته الجوية؛ لأن التأمين السلبى يعتمد أولاً وأخيراً على تعطيل أو تحاشى أجهزة الإنذار المبكر، التى يملكها العدو المستهدف بالضرب، والتى يستطيع عن طريقها أن يعرف مسبقاً -ولو لبضع دقائق تسبق الهجوم- أن هناك عدواً جوياً فى الطريق إليه. هذه الدقائق القليلة التى تفصل بين صيحات التحذير التى تطلقها أجهزة الإنذار المبكر، وبين وقوع الضربة الجوية، هى التى يتوقف عليها نجاح أو فشل العدو الجوى المغير، من جهة، ونجاة أو دمار العدو المستهدف بالهجوم من جهة أخرى.

وفى خطة الجنرال مردخاى هود سنجد عنصر التأمين -الإيجابى والسلبى- موجودين.. لكننا نترك الحديث عن الجانب الإيجابى فى التأمين، لنتناوله بالعرض، عند تحليلنا لتفاصيل العملية ذاتها. ونقصر حديثنا هنا على الجانب السلبى فى عملية التأمين، وهو الدفاع السلبى الذى كان على الجنرال هود أن يوفره لقواته الجوية، عن طريق تعطيل أو تحاشى أجهزة الإنذار المبكر، على الجبهة المصرية، ضماناً لمفاجأة وسائل الدفاع الجوى المصرى -الثابت والمتحرك منها على السواء- وهنا تتضح لنا الحقائق التالية:

أولاً: أن مساحة جمهورية مصر العربية تبلغ 386 ألف ميل مربع، من الرقعة الأرضية الثابتة، فإذا أضيفت إليها، طبقاً لأحكام القانون الدولى العام والقانون البحرى الدولى، المساحات التى تخضع للسيادة المصرية من المياه الإقليمية فى البحر الأحمر -الذى يشكل معظم الحدود الشرقية لمصر- والبحر الأبيض -الذى يشكل ساحله الجنوبى الحدود الشمالية لمصر كلها- فإن المساحة الخاضعة لسيادة جمهورية مصر العربية ترتفع إلى ما يقرب من نصف مليون ميل مربع تقريباً.. ومثل هذه المساحة الهائلة تتطلب إمكانات ضخمة من وسائل الإنذار المبكر، التى يجب انتشارها على الحدود الشرقية -سواء فى سيناء أو على سواحل البحر الأحمر، شرقاً- وعلى امتداد الساحل المصرى للبحر الأبيض -من حدود قطاع غزة شرقاً، إلى مطروح والسلوم غرباً- لقطع الطريق على أى عمليات هجومية مفاجئة يقوم بها العدو الجوى معتمداً على هذا الامتداد الهائل لحدودنا الشرقية والشمالية.

ثانيا: لكى يتوافر لهذه الحدود بالغة الطول حزام الأمان المحكم، من أى عمليات هجومية جوية مفاجئة، يجب تنويع وسائل الإنذار المبكر من أجهزة رادار متقدمة ووسائل إنذار بشرى -تعتمد على الرؤية المباشرة- إلى جانب وسائل الإنذار المتحركة، الممثلة فى مظلات طائرات الحماية والاعتراض، التى يجب أن تظل أسرابها معلقة فى الجو طوال الأربع والعشرين ساعة، خاصة فى مواجهة عدو يهرب دائماً من المواجهة، ويتحين الفرص باستمرار لاقتناص الفرص للضربات المفاجئة التى يقدر أنها تحقق له أكبر قدر من النجاح بأقل قدر من الجهد والخسائر.

ثالثاً: كان من الواجب على العسكرية المصرية -فى عام 1967، وقد تحملت مسئولية حماية الأرض المصرية- فضلاً عن التفكير فى عملية ردع للغزو العسكرى وجنون التوسع العدوانى، الذى يمثل صلب العقيدة القتالية للمؤسسة العسكرية فى إسرائيل.. أقول: كان واجباً على العسكرية المصرية فى مواجهة كل هذه التحديات، التى تمثلت فى حدود مصرية بالغة الطول، وفى حاجة ماسة للتأمين ضد الهجوم الجوى من عدو يفاخر بأنه يملك ذراعاً طويلة اسمها «الطيران الإسرائيلى» يعتمد عليها فى تنفيذ مخططه العدوانى، أن تضع نصب عينيها، وهى تخطط للدفاع عن مصر، ما حققه الطيران الحربى فى العالم، من خطوات واسعة المدى على طريق التقدم، سواء من حيث التسليح أو كمية الذخائر المحمولة بالنسبة للطائرات القاذفة -أو القدرة على المناورة والطيران على ارتفاعات بالغة الانخفاض- بالنسبة لكل أنواع الطائرات الحربية بوجه عام.

لقد كان هذا يقتضى، بالضرورة، الاستماتة فى الحصول على أحدث أجهزة الرادار القادرة على كشف الأهداف المعادية التى تتحرك على ارتفاعات منخفضة، ونشر هذه الأجهزة فى أنساق متتالية على امتداد الحدود الشرقية والشمالية لمصر، التى يمكن أن يفكر العدو فى اختراقها، للقيام بضربة جوية مفاجئة.. وإلى جانب حزام أجهزة الكشف الرادارى -القادرة على إرسال موجاتها على ارتفاعات منخفضة- كان من المحتم، أيضا، العناية بأسلوب الإنذار البشرى بالعين المجردة، وهو -رغم ما قد يبدو من بدائيته- أسلوب أثبت فعاليته فى كثير من الأحوال وقدرته على سد الثغرات فى حزام الأمان الذى تكونه أجهزة الرادار الحديثة.

الحقيقة الرابعة التى كان من الواجب وضعها فى الحسبان، إذا أرادت العسكرية المصرية فى عام 1967 أن تقى بها مصر جيشاً وشعباً أى مفاجأة غادرة، خاصة مع تصاعد التوتر فى الموقفين السياسى والعسكرى مع العدو، قبيل ضربة الخامس من يونيو، هى المرونة فى وضع خطط الإنذار المتحرك، الخاصة بمظلات طائرات الحماية والاعتراض، التى أثبتت التجارب العملية نجاحها فى التغلب على كثير من الصعوبات التى تواجه أجهزة الإنذار الأرضية الثابتة كعمليات التشويش والإعاقة والتمويه التى قد يلجأ إليها العدو ليعطل بها أجهزة الرادار، أو يصيبها بالعمى، فتعجز عن القيام بمهمتها الخطيرة فى الإنذار المبكر باقتراب العدو الجوى.

ومن هنا كان وجود أسراب طائرات الحماية والاعتراض، معلقة فى الأجواء المصرية -وعلى طلعات متفاوتة المواعيد طوال الأربع والعشرين ساعة- هو الضمان الحتمى لمواجهة أى احتمال لتعطيل أجهزة الرادار أو تضليلها.. ومعنى هذا بالضرورة هو المرونة فى مواعيد إقلاع هذه المظلة الجوية وهبوطها وعدم ثبات هذه المواعيد، بحيث لا يأخذ العدو فرصة لالتقاط أنفاسه ولا يستطيع تحديد وقت معين تخلو فيه السماء المصرية من طائرات الحماية، يستطيع خلاله أن يضرب ضربته الجوية المفاجئة.

هذه الحقائق الأربع، التى كان من المحتم على العسكرية المصرية لو أنها أخذت بالقواعد العلمية فى وضع خططها العسكرية للدفاع عن مصر جواً وأرضاً أن تعتبرها ركائزها الأساسية، هى نفسها الثغرات الأربع التى نفذ منها الجنرال الإسرائيلى مردخاى هود وهو يضع خطة عمليته الهجومية «طوق الحمامة».

ونجد أنفسنا أمام أخطر سؤالين طرحهما خبراء التخطيط للعمليات الهجومية الجوية فى معاهد الدراسات الاستراتيجية العالمية، كما طرح نفس السؤالين على الجنرال هود ومعاونيه الملحقين العسكريين الأجانب فى تل أبيب، عقب ضربة 5 يونيو 1967.

السؤال الأول يقول: لماذا حددت إسرائيل ساعة الصفر لتنفيذ عمليتها الجوية لضرب الطيران المصرى فى الساعة الثامنة إلا الربع بتوقيت تل أبيب، التاسعة إلا الربع بتوقيت القاهرة؟ مثلاً لِم لم يبدأ الهجوم قبل ذلك الموعد أو بعده بساعة؟

السؤال الثانى يتناول جانبين مهمين من العملية الهجومية الإسرائيلية، هما: تحقيق عنصر المفاجأة الكاملة تقريباً لسلاح الجو المصرى، ثم ارتفاع عدد الطلعات التى قامت بها الطائرات المغيرة فى اليوم الواحد يوم 5 يونيو؛ بحيث حققت سلسلة متصلة الحلقات من الغارات شبه المستمرة على المطارات المصرية، جعلت منها طوقاً، أشبه بطوق الحمامة، وهو نفس الاسم الكودى للعملية الإسرائيلية.

وبالنسبة للسؤال الأول الخاص بتحديد ساعة الصفر فى التاسعة إلا الربع بتوقيت القاهرة فقد اضطرت قيادة سلاح الجو الإسرائيلى وبعيداً عن كل الدعاية وأساطير الحرب النفسية إلى الاعتراف بالحقيقة، وهى أن الجنرال الإسرائيلى «هود» استفاد من خطأ القيادة المصرية التى كانت طبقاً للنظرية العسكرية المتخلفة التى أشرنا إليها من قبل تحدد ساعة الخطر المرتقب بـ«أول ضوء».

لم يكن على «هود» سوى الابتعاد عن هذه الساعة الخطرة من وجهة النظر المصرية، التى تبلغ فيها الدفاعات المصرية الثابتة والمتحركة أقصى مدى لها.. وهذا ما فعله بالضبط؛ فقد ابتعد عن تلك اللحظة الحرجة بالنسبة لطياريه، التى يحتمل أن يواجهوا فيها طائرات الحماية والاعتراض التى تحلق فى الأجواء المصرية عقب أول ضوء ثم تهبط إلى قواعدها عند زوال الخطر كما تتصوره قياداتنا السابقة، كما أن الجنرال الإسرائيلى استفاد من تقارير الأرصاد الجوية التى أكدت أن الممرات التى كان قد حددها كمسار لطائرات الموجة الأولى من موجات الضربة الجوية، وتقع فى المدخل الشمالى للدلتا من ناحية البحر الأبيض، ستكون مغطاة بضباب لن ينقشع قبل الساعة الثامنة صباحاً، وسيكتمل انقشاع هذا الضباب بعد ذلك بنحو نصف الساعة، فإذا بدأت الموجة هجومها فى التاسعة إلا الربع، فإن طياريها سيضمنون رؤية واضحة تماماً لأهدافهم من ناحية، واسترخاء مداهم الجوى الذى تحكم قياداته نظرية بالية من مخلفات الحرب العالمية الثانية من ناحية أخرى.

بالنسبة للسؤال الثانى الخاص بتحقيق الطيران الإسرائيلى للمفاجأة الكاملة لسلاح الجو المصرى، من ناحية، وارتفاع عدد الطلعات التى قامت بها الطائرات الإسرائيلية فى اليوم الواحد، فإن الأمر لم يكن بحاجة إلى كل هذه الأساطير التى نسجتها أبواق الدعاية وأجهزة الحرب النفسية الإسرائيلية، لتضخم ما حدث يوم 5 يونيو؛ ذلك أن نجاح الطيران الإسرائيلى فى مفاجأة الطيران المصرى فى ذلك اليوم لا يرجع إطلاقاً إلى عبقرية عسكرية فذة، وليس معجزة يستحيل تكرارها.. الأمر أبسط من هذا، وأكاد أقول: أكثر سذاجة مما صورته الدعايات الإسرائيلية.. وهو لا يخرج عن استفادة جيدة من الإمكانات المتاحة للجنرال هود وسلاحه الجوى من ناحية، واستغلال الخطأ فى التفكير العسكرى والقصور فى العتاد، خاصة فى أجهزة وأساليب الإنذار المبكر على الجانب المصرى.

ولو أننا استعدنا تفاصيل العملية الهجومية ذاتها كما خطط لها «هود» ونفذها طياروه لوجدنا أمامنا الدليل القاطع، الذى لا يقبل المناقشة على صحة ما ذهبنا إليه من بساطة وتقليدية خطة العملية الإسرائيلية وخلوها من أى ملمح من ملامح العبقرية والإعجاز العسكرى، إلا إذا جاز لنا أن نصف التلميذ الذى يحفظ جدول الضرب بأنه عبقرى معجزة، إذا استطاع أن يعرف أن الرقم 144 مثلا هو حاصل ضرب الرقمين 12 فى 12.

إن مردخاى هود فى تخطيطه لعملية 5 يونيو كان تلميذاً مجدّاً للعسكرية «الأنجلوفرنسية»، التى خططت لضرب سلاح الجو المصرى عام 1956 التى عُرفت باسم العدوان الثلاثى.. والتى أخذت فيها إسرائيل دور الشريك الأصغر، الذى تعلق بذيل العربة التى يقودها الشريكان الأكبر سناً والأكثر ثراءً ومقدرة.

ففى العملية الأولى التى نفذها الطيران الإنجليزى بالاشتراك مع الطيران الفرنسى، أتت الطائرات المغيرة من البحر الأبيض، ودخلت الأجواء المصرية من شمال الدلتا لتهاجم المطارات المصرية، التى كانت معروفة تماماً بكل تفاصيلها وتجهيزاتها للطيارين الإنجليز، الذين لم يكن قد مضى على مغادرتهم لهذه القواعد الجوية سوى فترة زمنية قصيرة لم تكن تسمح بتغيير معالم هذه المطارات، أو إنشاء مطارات أخرى غيرها، تكون مجهولة تماماً من العدو المغير.

وقد ساعد الطيران الفرنسى والإنجليزى على إحداث عنصر المفاجآت عام 1956 لسلاح الجو المصرى، عملية التخدير السياسى التى لعبتها السياسة البريطانية، على عهد «إيدن» بإحكام ومهارة، بحيث رسَّبت عند القيادة المصرية على أعلى مستوى سياسى وعسكرى فى ذلك الوقت إحساساً قوياً باستبعاد قيام الدولتين الشريكتين، إنجلترا إيدن، وفرنسا جى موليه، بأى عمل مسلح لعرض وجهة نظرهما بالقوة فى قضية تأميم القناة التى تفجر الصراع المسلح.

وكنتيجة لهذا الاطمئنان السياسى، حدث نوع من الاسترخاء العسكرى امتد أثره بالضرورة إلى سلاح الجو المصرى الذى لم تكن عنده أوامر بالدخول فى حرب أو احتمال دخولها بسرعة.. هذا هو ما حدث بالضبط فى عام 1956، وبتخطيط سياسى وعسكرى من العسكرية «الأنجلوفرنسية».. وكانت النتيجة ما نعرفه جميعاً من إصابة سلاحنا الجوى بضربة قاصمة وطائراته جاثمة على الأرض.

ماذا حدث فى 5 يونيو وبتخطيط وتنفيذ إسرائيلى بحت؟ نفس الشىء تماما ونفس الخطة نجدها كاملة، ونفس المسارين السياسى والعسكرى بلا أدنى إضافة توحى بعبقرية، أو حتى بتجديد ذكى.

والدراسة المقارنة لكل من الضربتين اللتين وُجهتا لسلاح الجو المصرى فى عام 1956 ثم فى عام 1967، تؤكد أن الإسرائيليين لم يكونوا أكثر من تلامذة مجتهدين حفظوا الدرس الذى لقنه لهم أساتذتهم من قادة العسكرية البريطانية والفرنسية فى عملية 1956، التى عُرفت فى المراجع العسكرية ومعاهد الدراسات الاستراتيجية باسم حرب أو عملية السويس.

وقد أعاد الإسرائيليون تنفيذ هذه العمليات «الأنجلوفرنسية» بحذافيرها وبلا أدنى محاولة للخلق أو الابتكار تخطيطًَا أو تنفيذاً، مع فارق واحد بين العمليتين، هو أن طيارى بريطانيا وفرنسا فى عملية 1956 كان يملأهم الغرور والثقة بالنفس؛ لأنهم الأجنحة الطائرة لدولتين من كبريات دول أوروبا الغربية من ناحية، ولأنهم يعرفون دقائق وتفاصيل المطارات المصرية التى يقصفونها، والتى كانت إلى عهد قريب قواعد جوية بريطانية، حتى وقعت اتفاقية الجلاء فى يونيو عام 1954.

أما التلامذة الجدد «مردخاى» وطياروه فقد كانوا عند تنفيذ عمليتهم الهجومية، أو بمعنى أدق، عندما كانوا يعيدون تنفيذ نفس العملية فى 5 يونيو 1967 كانوا يدركون تماماً أن اللعبة أكبر بكثير من حجمهم وأكبر بكثير من حجم إسرائيل ذاتها، وأن أى احتمال للفشل فى إعادة تنفيذهم للخطة «الأنجلوفرنسية» يعنى شيئاً رهيباً بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية التى تتحكم فى كل شىء فى تل أبيب. وقد أخذوا أنفسهم بمنتهى الجدية فى التدريب الشاق على تنفيذ العملية التى شاهدوا أساتذتهم ينفذونها عام 1956 واتبعوا نفس التخطيط السياسى والعسكرى للتمهيد للعملية ثم تنفيذها.

على الجانب العسكرى لكلتا العمليتين فى ١٩٥٦ و١٩٦٧ نجد نفس التقليد الحرفى، يقوم به التلميذ الإسرائيلى مردخاى هود لخطة أساتذته من قادة الطيران «الأنجلوفرنسى» الذين خططوا لضرب سلاح الجو المصرى فى عملية 1956.

1- فى الساعة الخامسة من بعد ظهر الحادى والثلاثين من أكتوبر عام 1956، أقلعت الطائرات البريطانية والفرنسية، المخصصة للعملية، من قواعدها محلقة شرقا فوق البحر الأبيض المتوسط، وعندما وصلت إلى محاذاة وسط الدلتا انحرفت جنوباً واخترقت المجال المصرى فى المنطقة الواقعة بين غرب بورسعيد وشرق دمياط، وهى المنطقة التى تمثل بتكوينها الجغرافى ثغرة طبيعية فى حزام الأمن الذى تقيمه أجهزة الإنذار المبكر.. بسبب بحيرة المنزلة التى تمتد شمال الدلتا وتغطى مساحة ضخمة لا يفصلها عن مياه البحر الأبيض سوى شريط ساحلى بالغ الضيق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل