المحتوى الرئيسى

"هيكل" لـ"لميس الحديدي": الديمقراطية أن يعرف المواطن أكثر من 80% من حقائق الدولة.. ونحتاج إلى قيادة رشيدة

09/26 22:20

أوضح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أنه من المفروض أن يكون أي مواطن، حتى ولو لم يكن متابعا للشأن العام، على دراية بالقدر الكافي من الحقائق في بلده وعن أحوالها، بنسبة لا تقل عن 80%.

وأضاف هيكل، خلال حديثه عن أزمات الوطن مع لميس الحديدي على شاشة "سي بي سي" في برنامج "مصر أين؟ ومصر إلى أين؟، البعض لم يدرك حتى الآن أننا في حالة طوارئ وأننا نواجه تحديات حقيقية بعد 30 يونيو، ولابد أن بندأ في بناء المستقبل، وهذا لم يحدث حتى الآن بسبب ما تشهده مصر من تهديد.

*أنت صاحب مقولة أن هذا الشعب يقدر لكنه يحتاج إلى معرفة الحقيقة ؟

*هل تشعر أننا شعب بعيد عن الحقيقة ونخوض تجاربنا وثوراتنا بعيد عن الحقيقة ؟

*أريد أن اقول شيئاً هناك فرق وأنا لم أقل أنه شعب لايعرف الحقيقة لكن مايصل إليه من الحقيقة ضئيل جداً ولهذا هناك فرق وأعتقد أن من أكبر المشاكل حالة الانكشاف الحالية تستطعين التأكد تماماً أنه لايوجد أحد يتثمل في صورة الحقيقة ولأن رؤية الحقيقة هي الصيغة الجامعة لكل الناس يتحدثون عن أرضية مفهومة ومعروفة ومستقرة سأقص عليكي قصة قد لايكون لها علاقة بالسياق لكنها تنطبق على ما أقول. في ذات مرة في عام 1952 كنت في الولايات المتحدة الأمريكية وكنت في البيت الأبيض وكنت وقتها في مكتب مستشار الأمن القومي وهو في القصر العظيم ورجل عظيم وعالم، وقتها وكان عميد أحد الكليات في جامعة هافارد وهذا اللقاء كان مرتبا من أجل أن ألتقي بالرئيس الأمريكي جون كينيدي في ذلك الوقت، وهو رئيس أسطوري، وكان عهده مبشرا بأمل كبير، وكان عصره هو عصر الحدود الجديدة، وإلى غير ذلك ثم تحدثناعن الشرق الأوسط، وكان تبادل 31 خطابا مع عبد الناصر، وكان لديه أمل في تحسن العلاقات لكن لم تتحسن لأن ثمة اسباب كثيرة لهذا السوء في التفاهم، تحدثنا كثيراً ثم في آخر اللقاء قبل أن يقوم، ومن المعروف أن اللقاءات الرسمية تتم في المكتب البيضاوي، وغير الرسمية عند مندوب الأمن القومي حتى تبدو أنها "كاجوال"، وقلت له أنا قرأت لك شيئا عن صديقك العزيز مدير تحرير في ذلك الوقت النيوورك تايمز يقول فيها "لقد اكتشتفت أن قدر معرفتي لم تزد منذ ولوجي إلى البيت الابيض إلا بنسبة 7-8% عما كنت أعرف قبل دخوله"، وأنا قلت له كيف هذا هل هذا معقول كل هذه التقارير التي أمامك وعلاقات بالعالم وكل معلوم أجهزة الاستخبارات ولم تنمو معلوماتك إلا بهذا القدر؟ قال مندوب الأمن القومي معقباً في البداية "أن أهم أمر تميز به الديموقراطية أن يكون المواطن العادي يعرف أكبر قدر من الحقيقة 80-90% من الحقائق أمامه"، فالمفروض أن يكون أي مواطن حتى ولو لم يكن متبعا للشأن العام على الأقل قارئ أن يكون له القدر الكافي من الحقائق في بلده وعن أحوالها، وبالتالي الرئيس كنيدي قال ذلك أن معرفته لم تزد بعد دخول القصر وهو رئيس أمريكا عن حدود قدرها مابين 7-10% على الأكثر.

* نحن في الوطن ليس لدى القيادة الحقائق كاملة ولا المواطن؟

* أريد أن أقول لك شيئاً، إننا لدينا وضع معاكس حيث أن كل مانعرفه عن الحقيقة لايزيد عن 7-8% فقط من حقائق مهمة وأتذكر أنني في أثناء رحلة عودتي عكفت جاهداً أفكر فيما قيل من الرئيس الأمريكي عندما تضعين مفهوماً لمعرفة الحقيقة أول شيء أن لانصطدم بالفراغ كما يحدث الآن، وإذا كانت الناس تعرف الحقيقية فإن هناك قضايا تبدأ بها وتلزم بها وتعرف ماهي؟ معرفة الحقيقة تمنع البلبلة تمنع خداع الرأي العام تمنع تضليل تمنع أشياء كثيرة جداً، لكن المشكلة أن غيابها يجعل من كل شخص في المجتمع مالكاً لشبكة معلوماته، وهذه طبيعة في المصريين، وأذكر أن السفير البريطاني السابق في مصر في وقت الحرب قال "يبدو أن المصريين كل واحد منهم لديه مراسل وممثل في ميادين القتال"، وتعودنا عبر التراث والتاريخ أن نحكي ونقص دون أن يكون هناك سند وفي ظل غياب الحقيقة أصبح الجميع يرتبونها كما يشاؤون وينسقونها بشكل معين أحياناً عندما تسألين عن الحقيقة ؟ أعتقد أن السبب الرئيسي هو غياب الحقيقة والمعرفة الكل يتحدث دون سند ودون أن يعود لمعرفة ماهي القصة ؟ .

*قبل أن نعرج بك على عدد من قضايا ذات الصلة بالحقيقة أو الوضع السياسي أو الدستور أو الضغوط الخارجية حتى نؤسس للمستقبل، أود أن أعود بك أنك كنت من شديدي التفاؤل بثورة 30 يونيو، وقلت عنها إنها بداية معركة تحرير الإرادة لماذا شعرنا على مدار الحلقتين الماضيتين أن الأمر اختلف وربما تراجع هذا الحماس بعض الشيء، أو ربما يراودك بعض القلق على مستقبل هذا البلد ماهي منابع هذا القلق ؟

* سأقول لكي شيئاً أول شيء أنا متفائل والتفاؤل لم يفارقني وذلك لأن حركة التاريخ وهي ليست غيبية دائماً إلى الأمام وإذا أنت لم تبذلي جهداً فإن الزمن سيجرك خلفه إلى التقدم وبالتالي فأنا من الطبيعي أن اكون متفائلاً، لكن علينا أن نعرف ان ثمة فارق كبير بين القلق والتشاؤم وأنا متحمس ولازلت، لكن مادعاني للقلق أن خارطة الطريق ظهرت وأن كل الناس في حالة من الانشكاف فعندما تتصورين الأمر ستجدين أن هذا البلد مخترق بكافة الوسائل على سبيل المثال كم يوجد أجهزة بث مباشر مسلطة على الأقمار الصناعية نعتقد أنها ألف جهاز بث محمول على سيارة أو غيرها وهذا لم يحصل في الدنيا كلها أن يكون بلدا مستباح بهذا الشكل والأطراف الداخلة في المسيرة الحالية أعتقد أن بعضها لايقدر ماحدث بالضبط، فنحن لانستطيع أن نشعر أن ثمة حالة طوارئ شديدة في الوقت الراهن وعندما نرى بالأمس وأول الأمس في حوادث نيروبي ولاهور وهذا الإسلام الذي أسيء إليه ولم نصنع شيئاً، وأجد في وسط هذا الزخم والركام أناسا يتحدثون عن الإخوان ماذا صنعوا وماذا قالوا؟ ولا نستطيع أن نتحدث مطلقاً عن المستقبل لكن المقلق أشعر أن هذا البلد أمامه مهام بناء مستقبل وهي لم تشرع في هذه المهمة، بعد وعلى اي حال ليس بالسرعة الواجبة وهناك جدول أعمال ضيق جداً يحتاج أن تكون كل الجهود والأمور موفرة له لابد من الإدراك أن ثمة جهود كبيرة تحتاج إلى بعض التهدئة ونحتاج في هذه اللحظات أنه عندما نفكر في المستقبل أن نقوم بسد ثغرات موجودة كنت أقول هناك تدخل أجنبي في البلد بشكل كبير وهناك جبهة في سيناء مفتوحة محفوفة بالخطر وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد وفي ذات الوقت ثمة طلبات متزايدة وحتى عندما نسير كل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة في هذه اللحظة.

*من هي القيادة التي يجب أن تواجه الشارع بالحقيقة كما ذكرت؟

*سأقول لكي شيئاً نحتاج في هذه اللحظة إلى ثلاثة أمور رئيسية أولها أن يكون هناك من يعمل على إزالة الالتباسات، نحن كنا وأنا على سبيل المثال عشت ثورتين، كما كتب بعض الناس لكني رأيت ثورتين كبار بما تعنيه الكلمة ثورة يوليو، وثورة 25 يناير، وهناك تماثل وتشابه بينهما أن ثورة يوليو هي الأخرى لم يكن لديها برنامج وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية باعتبارها أصل الفساد، ثم الأماني المطلقة في المجرد لكن وجدنا أحد جاء وأنا أتذكر الحيرة التي انتابت عبد الناصر بعد إزاحة الحكم الملكي وأنهم توقعوا في هذه اللحظة أن ثمة أحزاب قادمة وان ثمة اشياء زاحفة ثم إتضح أنه لاشيء حدث، لكن بعد فترة من الحيرة قدم أحدهم الذي استطاع أن يأخذ شعارات التحرر الوطني والغائمة وحاول أن يحولها إلى برامج وبالتالي وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعي وإلغاء الملكية وإلغاء الألقاب التصنيع وإخراج الانجليز وتأميم القناة وبالتالي بشكل ما استطعنا تحويل بعض الأهداف الموجودة والمحسوسة الغائبة عن الناس لكن في هذه الثورة، وحتى هذه اللحظة لم أجد هذه الترجمة وكثير من الثورات تقوم بلا أهداف لكن ثمة حقائق تملي أوضاعها، حصل في فرنسا بعد التحرير وجد ديجول أن كل قوى المقاومة متصارعة وبالتالي أول قرار أخذه أنه يحل كل هذه قوى المقاومة، وقال لهم وقتها إذا ظللتم تتحدثون عن الماضي فإن فرنسا سوف تدفع الضرائب، وقال أرجو من هؤلاء الذين قاوموا أن يتبعدو عن الساحة السياسية، أنت أمام موقف طال الانتظار فيه بمعنى أن التفاؤل موجود ومؤمن به تاريخيا وبالإضافة إلى ذلك أرى أن ثمة إمكانيات في هذا البلد ليس له حدود، لكن المشكلة حتى هذه اللحظة أني لا أرى أحدا يلوح في الأفق يمسك بهذه الخيوط ثم يحاول ترجمة الأماني إلى واقع حقيقي وبرنامج عمل وهذا دور أي قيادة.

*بعد 30 يونيو ماهي توقعاتك كنت تتمنى ماذا ؟

*تذكري أن قبل 30 يونيو تذكري دائماً أن ثورة 25 يناير أن التيار الاسلامي لم يقم بها ثم استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الإسلام، وفي هذه الفترة وأنا أعرف أن فصيلا مهم في المجتمع لايمكن إقصاؤه لكن من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدي إلى كوارث يكفي عندما تنظرين إلى ما صنعناه في أسيا وفي إفريقيا وكل الخطاب الذي صنعناه يحتاج إلى مراجعة ومناقشة ودعينا ننتقل إلى مرحلة 30 يونيو منذ أن صارت ونحن في حالة انشغال، ودعيني أن أعرج بك إلى بداية الإخوان فهم لم يمكثوا عاماً واحداً فقط، بل بدأت الهدنة بينهم وبين الرئيس السادات منذ عام 74 ثم أخذوا وقت طويل لترتيب أوضاعهم واستطاعو أن يتملصوا من جريمة اغتيال السادات، لكن بعد مبارك تهادنو ا معه وبالتالي مجموع أخذوه عشر سنوات مع السادات و30 مع مبارك بإجمالي أربعين عاماً كي يعزوزو المواقف وينتشروا، ونحن لم نضع هذا في حسابانا، لم نأخذ ذلك في الاعتبار لاننا لم نتبه إلى التصاق الإسلام السياسي بالدين، وأعتقد أن من أهم المهام أن يتم تخليص الإسلام الإلهي من الإسلام السياسي.

*ماذا عندما تحظر المحكمة ولو بحكم درجة أولى أو مستعجل نشاط جماعة الإخوان المسلمين وتتحفظ على الممتلكات؟

* لاأعتقد أن أمر كهذا تحله المحاكم، لكن أنا أعتقد أن ماهو أهم أن الناس وهذا هو الحكم التاريخي والحقيقي أو الغالبية بدأت أن تدرك أن هذا ليس هو الحل وأن هذا ليس الطريق وأن الطريق إلى المستقبل يمر بأشياء أخرى الدين قيمة أساسية في معتقداتنا لكن لايجب خلطه بالسياسة، وأن أي محاولة لخلطه بالسياسة يعرضنا لمشكلات ليس لها حدود مثلاً عندما رأيتي ماصنعناه في مالي مثلا عندما يظهر وجه الإسلام في مالي على هذا النحو السيء، وتأييد الدكتور مرسي لهذه الحركة، كلها أمور سيئة، ولكن المشكلة أنه في إفريقيا وباسم الإسلام ارتكبت جرائم بلا حدود، ودخلنا الصين، وأحدثنا مشكلات لاحصر لها، وأيضاً مع روسيا في الشيشان، وحدثت مشكلات رهيبة هناك حمل الإسلام سياسياً بأكثر مما تتحمله طبائعه وشوهنا الإسلام.

*إذا تم مد الخط على استقامته مع الأحداث وشاهدنا الضغوط الدولية الراهنة التي نعاني منها، هل هذا خط مستقيم ؟

* أنا أعتقد أنه خط مستقيم، وقد قلت لك في الحلقة السابقة أنه لايستطيع أحدهم التدخل في شأنك الداخلي دون أن تقومي أنت باستدعائه، الكارثة المحققة هنا أننا قمنا باستدعاء الأمريكان بالتدخل بشكل فج، أليس من الغريب الآن ونحن نتحدث نتحسس طريقنا إلى كلمات قالها أوباما، أليس هذا غريبا، فليقل مايريد ليس شأننا، وتحول هذا التدخل إلى أداة ضغط كبيرة لايتصورها أحد، أما علاقاتك مع الاتحاد الأوروبي أصبحت علاقات سياحية بامتياز، وسأذكر هنا ميتران الذي قال لي "ألا تعرفون أن مجرد الدعوة للجهاد معناها إعلان للحرب؟ الآن نحن بعيدين عن الصين وعن روسيا وعن إيران، وعلاقاتنا سياحية مع أوروبا وليس ذلك فقط بل علاقاتنا الإفريقية تشوهت في عهد مرسي على وجه الخصوص عندما دعم حركة التحرير الإسلامية التي كانت عبارة عن مجموعة من الكتائب التي يستخدمها القذافي، لابد أن تعرفي أن هيكل واحد من ضمن من كتبوا ميثاق الوحدة الإفريقي وواحد ممن كتب جزءا من مقدمته، وكانت الدول الإفريقية لديها هاجس من أمرين، أولاً هي لا تريد أن يلعب أحد في الحدود القائمة حالياً لأن العبث بهذا الأمر يفتح أبواب جهنم، نظرا لحركة القبائل ودورها، الأمر الثاني كان لديهم هاجس طلبوا من خلاله ألايتم التدخل في شأن أي دولة أخرى وقد تلقيت رسائل من إفريقيا تستهول مافعله مرسي بتأييد حركة تحرير مالي.

*مصر تعرضت في عهدعبد الناصر إلى ضغوط دولية صعبة، ومرت بمساندة بعض الأشقاء العرب والدول الإفريقية، هل الفترة الحالية مماثلة تماماً لتلك، ولماذا استطعنا المقاومة في هذه الفترة ونشعر بالصعوبة في الفترة التي نعيشها الآن؟

*لديك بعض الحق فيما ذكرتيه، لكن علينا أن نعلم أننا في المرة الماضية كنا نمثل شيئاً في العالم ونمثل حركة تحرر وطني في إفريقيا وفي آسيا، وكنا جزءا أساسيا وفاعلا فيها، وأنا أقول لك إنني قمت بكتابة جزء من مقدمة ميثاق الوحدة الإفريقية وكنا متواجدين وكان لديكي جمهور واسع في العالم العربي، وكان هذا هو القوة الحقيقية نحن دائماً باستمرار أي نظام لديه قدرة على السيطرة على سكان إقليمه، لكن القدرة الأكبر هو أن يكون له قدرة على الانتشار خارج حدوده، وهذا مايحقق قوة أمريكا، فإن مبعثها ليس السلاح النووي فهي لاتستخدمه، لكن قوتها انبثقت عن العلم وقدرته والتطوير والاختراعات بشكل جعلها منتشرة عند أناس كثر، قوة أي دولة في هذا العصر بمقدار ماتؤثر به في العالم، كنت في وقتها وسط العالم الإفريقي ووسط العالم العربي وفي قلبه، وأنت المحرك، في آخر مرة كنت في لندن صعقت عندما شاهدت مسرحية تمثل فيها الفنانة هيلين ميرن، وأنا دخلت المسرحية ولا أعلم شيئاً، وكانت عن الملكة إليزابيث، وعندما بدأ العرض قدمت الملكة وهي تتحاور مع تسع رؤساء وزراء دول، وجاء الدور في معرض الحديث عن السويس وقت الهزيمة، والتي اعتبرتها المسرحية، والكاتب هنا هو مارثون وهو من أهم كتاب المسرح الإنجليزي، نهاية الإمبراطورية الإنجليزية، وللأسف نحن لانعلم تاريخنا، وأضعنا كل ماصنع في العهد الناصري وشوهناه، وللأسف الإخوان المسلمين كانو أهم العناصر التي قامت بذلك، رغم أن أهم شخصيتين في تاريخ مصر الحديث هما محمد علي وعبد الناصر.

*كيف يمكننا الافلات من قبضة الضغوط، وسأضرب لك مثلاً أجهزة البث ألا نستطيع أن نلغي منها غير المرخص ولكن إذا فعلنا هذا في المقابل تخرج علينا الولايات المتحدة صارخة أن هذا قمع للحريات وضد حقوق الإنسان؟

*نحن من ساعدنا في هذا، فأكبر أخطاء المجلس العسكري السابق هي تلك التي عالج بها قضية منظمات المجتمع المدني التي كانت تعمل في مصر، وأنا أعرف أنها مخالفة للقانون، وبعضها ظل يعمل لمدة عشرين سنة، وأنت سمحت بهذا المشكلة، أننا فجأة وبدون سابق إنذار قلنا لا نريدهم، وهو قرار صائب في حد ذاته لأنهم يعملون خارج أي رقابة، لكن الخطأ هنا أنه تم اعتقالهم ثم إطلاق سراحهم فجأة بنزول طيارة ووجود السيدة باترسون، هذا هو ماجعل الانطباع السائد في مجتمع الدولي أنك لا تتصرف كدولة ولكن تتصرف بطريقة ما وأن ثمة سلطة في مكان ما تملك أن تفعل، وهذا أكبر خطأ لا تلومي الأمريكان عندما شاهدوك تصنعين هذا دون قانون ودون إجراءات، لا أحد يستطيع أن يقف ويدرك حجم الضرر الذي تسببنا فيه من التعامل في قضية منظمات المجتمع المدني وفي تعامل الاخوان والرئيس مرسي مع قضية مياه النيل التي لانعرف عنها شيئاً الان وإلى أين ذهبت ومامصير سد النهضة ؟ ويكفي كارثة الجلسة العلنية وأثرها على أي مواطن في أي مكان في إفريقيا .

*نحن نواصل بحثنا عن الحقائق الغائبة، مالحقيقة الغائبة في وضع القوى السياسية، ونبدأ بالإخوان لأنهم الأكثر جدلاً في الشارع المصري بعد الحظر القضائي والحظر الشعبي، هل مازال لهم مكان في المستقبل؟

* المشكلة ومنذ زمن طويل جداً أننا سمحنا لهم باحتكار التحدث باسم الإسلام، وأنا أعتقد أن هذا أخطر ماحدث، وهم يتمسكون بهذا حتى يبدو أنهم شهداء من أجل الإسلام وضحايا دفاعاً عن الدين، لكن هذا ليس صحيحاً، بل لأن القفز على سلطة لم يكن أسباب نشؤها حقيقي لكي يصلوا إليها، قفزوا على 25 يناير وحتى مع تواجدهم في جمعة الغضب لكن كان لديهم الرغبة في عقد مزيد من الصفقات، لكن الأخطر احتكار الخطاب الديني في التأثير والقوة، وأرى دور الأزهر هنا يحتاج إلى إعادة تنشيط ومراجعة وأنا أرى أن سلامة الدين في مصر لابد وتقتضي أن يكون له مرجعية واضحة وليست حزب سياسي، الدين ترعاه مؤسسته القادرة على خطاب الناس وثقتهم لكن لا أتصور أن مجتمعا يقبل أن حزبا سياسيا يأخذ الدين لصالحه، أما الباقون ومع الأسف الشديد دون تسمية يحتاجون في حاجة إلى إعادة دراسة العصر، هناك بعضهم وانا اعتقد مهما أسماء ستجد أنهم يعودون إلى مشهد ماضي وحركة محدودة، مثلاً كنت أتحدث مع شاهين سراج الدين باشا وأقول له كلمة "وفد" تعني في حد ذاتها ذهاب بعض الناس إلى المعتمد البريطاني 1919 لطلب شيء لم يتحقق، لكن مثلاً هناك أحزاب أخرى تقول عبد الناصر، وأنا من أكثر المتحمسين لعبد الناصر، والعالم تغير والأوضاع تغيرت وميزة ذلك وجود التجربة في جوهر الثقافة لكن لا تتحول لكتب نصية لا يمكن هذا مع الأسف الشديد، كل القوى والأحزاب السياسية في مصر ترجع إلى نصوص سابقة في عهود سابقة مع تغير الظروف العالمية، وأعتقد أن هذا جزءا من المأزق وبالتالي الإخوان المسلمين يأخذون الدين والبقية تأخذ الماضي، وأنا الطرفان بالنسبة لي وكل الفرقاء لايمثلون رؤية للمستقبل لأن الرؤية للمستقبل فيها القيود الراهنة وكيفية الخروج منها والانطلاق وإلى أي عصر، وأنا لا أعلم أي حزب الآن موجود على الساحة له صلات دولية بخلاف الاخوان المسلمين، وهم ملتزمون بالاتصال السري أكثر من المسائل العالمية، وأريد أن أقول وإنصافاً للحق، بالنسبة لمسألة العمل في السر في هذه المنطقة سمة رئيسية طول العهود السابقة، مثلاً المماليك يريدون أن يعملون سراً بعيداً عن دولة الخلافة، وبالتالي فإن العمل السري في هذه المنطقة أخذ وقتاً كبيراً في سيطرة الاستعمار والمماليك والسلاطين في العمل السري من "تحت لتحت".

*الآن الإخوان المسلمين يعودون للعمل السري مجدداً؟

* فارق بين العمل السري والاتصال السري، فالأول يعني الاتفاق على عمل ما في السر وتحقيق نتائج، لكن الاتصال السري يكون الأخطر وأنا أشعر بالقلق منه التي لا تعلمين عنها شيئاً، مثلاً عندما تجدين أن الإخوان المسلمين متصلين منذ وقت مبكر بالأمريكان والإنجليز، مثلاً في مفاوضات الجلاء الإنجليز استخدموا الإخوان كورقة في التفاوض من أخذ صيغة وعرضها عليهم، والإخوان يردون وقتها مستعدين الأخذ بأقل من ذلك، هذا نوع من الاتصالات، وبالتالي الخطورة هنا تتخمض عن عمل سري مضاف إليها اتصالات سرية، والحصول على تعهدات وليسوا هم فقط كثير من القوى اتصلت بالأمريكان، وهم يعلمون نفوذها الغالب للحصول على مكاسب حتى هذه اللحظة، وإذا كنت معبراً للقوافل ومعبرا حقيقيا للتجارة الدولية طبيعيا جداً أن تكوني مطمع للعالم التاريخ الحديث عبر حركة التاريخ سنجد أن هذه المنطقة عبارة عن ثلاثة واحات، واحدة هي واحة النيل وواحة الأردن والثالثة واحة الفرات، وكانت كل المنطقة تعمل في تجارة القوافل إما لحراستها وإما لنهبها، فنحن باستمرار في اتصال دائم مع الأجانب لأنه في وظيفتنا وتركيبتنا بالجغرافيا ونحن في طريق الشرق والغرب وهذه مشكلة كبيرة جداً.

*بمناسبة العمل السري، هل صحيح ماتردد أن ثمة مؤامرة ضلع فيها مرسي مع إسرائيل والأمريكان بخصوص سيناء ؟

*تقصدين توطين فلسطينيين، أريد أن أقول من ضمن الأسباب التي جعلت سيناء فارغة إلى الآن هو ذلك الموضوع، لكن علينا أن نكون واضحين من أول المشروع الصهيوني، وعندما تم إرسال اثنين من الحاخامت لرؤية فلسطين أرسلوا له خطابا قالوا فيه العروسة جميلة ولكنها متزوجة، فبدأوا يفكرون في أين يذهب هؤلاء؟ وكيف سيتم طردهم، وبالتالي طرح موضوع توطينهم في سيناء من قبل القرن العشرين، وتذكري أن قضية توطين اللاجئين في سيناء بدأ منذ عام 1948 ميلادية في أكتوبر، وتحديداً من خلال لجنة يرأسها عضو في مجلس الشيوخ جاءت لكي تبحث وتدرس توطين الفلسطينيين اللاجئين في سيناء، وتكرر بعد ذلك الإخوان المسلمين، حيث إن المشكلة لديهم أن فكرة الدولة غير موجودة وتحل محلها الخلافة لأنها تقوم على السلطة، لكن الأرض ليست مشكلة، فكرة الوطنية، وأنا لا أطعن في وطينة، أحد لكن عندما يقول أحدهم يتحدث عن دين في وطن ولا وطن كله في دين، والأخيرة تعني أنه لاداعي لوجود الحدود أصلاً وجزء من التصور حتى الآن لدى الأمريكان في خضم فراغ سيناء، أن ثمة فراغ هنا وازدحام في فلسطين.

*هل إتفاقية السلام التي وقعت في 2012 بين حماس وإسرائيل جزء من هذا التفاوض؟

*لاأستطيع أن أجزم بهذا ولكن على وجه اليقين ومستعد أجزم في حكومة حماس، وأنا أحلل هذا، أن ثمة حل نهائي قادم، وقد لا يكونون جزءا من هذا الحل، وأن ثمة قطاع صغير مكتظ بالسكان بنحو 2.5 مليون نسمة، وأن الحياة هناك والأوضاع لا يمكن أن تقبلها مصر ولا المصريون، وأن هناك معابر تفتح وتغلق لكن في تفكير حماس الداخلي حتى ولو لم تفصح أن لها امتدادا ممكن يكون في الأراضي المصرية، لكن موضوع التوطين ليس جديداً بل طرح علينا عدة مرات وتحدثنا فيه مراراً، ثم توقف في عهد معين، لكن منذ عهد مشروع جونستون في عام 55 حتى قرب حرب أكتوبر هذا المشروع كان متوقفاً، ثم فتح بعد ذلك عندما تشجعوا بما يثار حول نهر النيل وفرع غزة وهكذا، وأعتقد أن الرئيس السادات ورغم تحفظي على بعض الأشياء، ليس له الحق في ذلك، رغم إعجابي بكثر مما صنع وبالأخص قرار الحرب، أنه كان في أفضل حالته عندما اتخذ قرار الحرب حيث كان لديه قدر من الشجاعة الأدبية لفعل أشياء في هذا اليوم، لكن أعيد طرح الموضوع مجدداً عندما استشعروا بتسييل الأمور بتلويحنا لوعود بأكثر مما يجب.

* إذا أدى المشهد الراهن إلى تجدد هذا المأزق المستمر، جماعة تشن غارات مستمرة من العنف على الشارع في سيناء في الجامعة في الحياة العامة في الطرق والمترو، هل لديك تصور حول كيفية الخروج من هذا المأزق؟

*إذا انتظرت حتى يتم حل المشاكل أنا أعتقد أن هذا أكثر مما تستطيع البلد أن تحتمل، وهنا أنا أقول نحتاج إلى خطة طوارئ بشكل أو بآخر، ورؤية للمدى البعيد، مثلاً عندما ذكرت لك بعض الخلافات في لجنة الدستور لابد أن يكون لدينا سماحة أن ندرك أنه بوسعنا أن نغير بعض الأشياء فيما بعد، لكن أهمية اجتياز هذه اللحظة وتغطية الانكشاف وتقليص الشكوك المترسبة بين الناس ستختفي بترسيخ الحقيقة المشكلة اليوم جزء كبير منها أنه لا أحد يتخذ قرار وكنت مع أحد الوزراء الأسبوع الماضي وقال لي وصلت بنا الأمور أنه لا يريد أحد أن يضع توقيعه على أمر خشية المسئولية، لأننا تصرفنا في مرحلة من المراحل بعد ثورة يناير بطريقة غير مسؤولة، مبارك كان يجب أن يحاسب سياسياً على ماجرى في البلد لأن البلد في عهده انفكت مفاصله بالكامل، المحاسبة كانت في أمور قتل المتظاهرين، إننا أخفنا الناس من المسئولية، وقال لي المسئول إن مسألة شراء سيارة لمصنع في كفر الدوار وصل إلى مجلس الوزراء لعدم رغبة المسئولين في تحمل المسؤولية بالتوقيع على أي قرار، وبالتالي الكلام خارج السياق لابد أن يزال الشكوك في الناس بإزالة استسهال الاتهامات، وأنا أقرأ بلاغات ضد نهى الزيني والمستشار مكي أشعر وقتها بالغضب، لأن كثرة البلاغات الكيدية تعطل كل شيء في هذا البلد، كيف يمكن لمجلس الوزراء أن يساعد الناس على اتخاذ قرارات دون أن يسمح بفساد، تستطيع تيسير الأمور وحياة المواطنيين من خلال تنشيط الإجراءات، أعتقد أنه في عهد مبارك كان من يدير الأمور خلف الستار، لكننا أحياناً ننسى أن مبارك سبب كل هذه المشكلات.

*هل أنت مع احتضان حزب النور أو الصدام معه في الدستور؟

*أنا مذهول من أن يتحدث أحد من الصدام معه بمعنى أن التيار الإسلامي والفكر الإسلامي موجود، وأنا أرى أنه لابد من اتجاهين، أولاً لابد من إشراكهم، والشيء الثاني أنهم يضربون لي مثلاً بحزب الديموقراطي المسيحي الذي فازت منه ميركل، وقلت لهم أرجوكم أن تعلموا أن ميركل تربت في مجتمع ملحد، وهي ملحدة، لكن معظم الناس حتى الملحدين يأخذون من الدين قوائمه الأخلاقية، وبالتالي لابد ألا يقصى، وأن يعطى الفرصة، وأن يرى مثيله في العالم الذي أدرك أن الدين هداية وليس سياسة، وأن السياسة تأخذ منه بمقدار ماتأثر به من أفكار معنوية إلى آخره التعبد شيء والسياسة والأمور الأخرى هذا أمر آخر، سيدنا محمد كان رسولاً في الدين وكان حاكماً، وتصرف بما اقتضته شئون المدينة كحاكم عليها .

*هل ترى أن تسير خارطة الطريق كما هي الدستور أولاً ثم البرلمان ثم الرئاسة أم العكس؟

* أعتقد ان العالم كله يعرف أنك طرحت خارطة طريق، وبالتالي أصبحت في ظل الظروف الراهنة غير قابلة للتغيير، وليس بالضرورة أن تكوني قادرة على الوفاء بكل احتياجاتك في الوقت الراهن، وإذا كنت أمام العالم ملتزمة بهذه الخارطة والشكوك في الداخل مستحكمة، إذن ليس هناك داع للتغيير، سيري في البرنامج وأنقذي مايمكن إنقاذه، وأن كان هناك من يتصور أن الحياة لاتسير إلا بالدستور عليهم أن يعلموا أن النصوص إذا لم تكن تعبر عن حياة فهي ميتة، قيمة النصوص في تعبريها عن ضرورات مجتمع معين الجدول ضيق لا يمكن أن نخلق بعض المعارك الجانبية وتصويرها أنها حياة أو موت من فضلكم اقبلوا بخارطة الطريق وسيروا فيها، وأقبل منها كل ماهو ضروري لأن مرحلة بناء الدولة القوية التي في حلم الجميع تقتضي وقت معين لايمكن أن نتحدث عن دستور توافقي في ظل وقت انقسامي بالطبيعة، الحركة أهم، وألزمنا أنفسنا بهذه الخارطة لايوجد داعي لأن يطلب المستحيل في هذه اللحظة وأن تضع نفسك في النهاية في خندق من صنعك، الوقت ضيق ولا داعي للتعسف ونحن أمامنا الفرصة للتغيير والنقاش لكن نحن تعلمنا هذا منذ عهد مرسي الدساتير لاتضع الحلول الدائمة ولا يمكن الحديث عن الدائم في أوقات القلق نريد أن تسير الأمور إلى انتخابات أنا أتخيل أن هذا البلد يبكي ويتوسل أن يعيش حياة طبيعية وأن تدور عجلة ما تحرك المياه الراكدة نحن باستمرار نحتاج لبث رسائل للعالم بأنك تملكين أوضاعاً قابله للانضباط.

*بعد 30 يونيو وهي المحاولة لتحرير الإرادة وفك القيود والإفلات من القيود الدولية الضغوط الغربية مريعة كيف يمكن الإفلات منها؟

* قبل أن أتحدث أنت من استدعيت هذه الضغوط، لكن المهم أن نهاية هذه الضغوط مرتبط بانكشافك، وهنا أهمية الإسراع فيما نفعله، فيتم تدعيم الموقف الداخلي ولايدخل أحد إلا من ثغرة ومايجب أن يلفت أنظارنا هو وجود هذه الثغرة المشكلة أننا ممتلئون بالثغرات، ليس كل الأمور نملك فيها الحقائق، لكن هناك حقائق مثلاً هناك أزمة مرور في القاهرة هذا حقيقي، والقاهرة تحولت إلى جراج وهذا حقيقي، لأن سعتها 250 ألف سيارة، والان تضم 250 مليون عربية، لكن هناك حقائق نحتاج أن نتقصى عنها، ولكن لم نفعل معها شيئاً، أعلم أن هذا يقتضي وقتا لكن هناك ثمة إرهاق للذين يعملون بسبب هذا الانكشاف البين، وهناك شيء أخجل من قوله العالم كله يستمتع بالحرية لكن نحن ننتحر بالحرية، فغياب الحقيقة يجعل الجميع يتحدث في كلام ومواضيع دون أن تكون لديه حقائق وبالتالي تصبح متناقضة مع المنطق.

*نتجه إلى ماهو أسوأ من الفوضى، فالحرية في تعريفها هو التصرف في إطار واقع يدرك الشخص أبعاده، لكن مع عدم وجود هذا تقودنا إلى الفوضى ثم إلى العالمية، وهذا ما أخشاه، فمثلما يموت بعضهم من الحب يموت البعض الآخر من الحرية، وهذه أول مرة أراها.

*كيف نخرج من هذه الضغوط الدولية ؟ الاستمرار في خارطة الطريق كيف نثبت موقعنا ونخرج من أتون قبضة الضغوط ؟

*على كل الناس أن تردك ان هناك مراحل عاجلة وضرورية ومراحل أخرى غير ضرورية من الممكن أن تؤجل.

*أول العاجل هو الشأن الاقتصادي، أنا ضد أن يصطدم أحدهم بالدول العربيةـ وأنا من الناس التي كانت تعبر بحرية هنا وهناك، لكن الآن لدي أسبابي التي تدفعني للتحفظ، لكني أرى السبيل يتلخص في معالجة أوضاعنا الاقتصادية بقدر ماهو ممكن ومعالجة أوضاعنا الاجتماعية بقدرماهو ممكن، وثالثاً ترميم علاقاتنا العربية بقدر ماهو ممكن، وترميم علاقاتنا الدولية بقدر ماهو ممكن، بمعنى أن هناك أهدافا قريبة الأمد، إذا كان لديك خارطة طريق سيري فيها إلى نهايتها ولاتطلبي الكمال في هذه اللحظة لكن اطلبي مانستطيع من خلاله سد الثغرات، خاصة ثغرات التدخل عندما أجد أن بعض الناس تختلف في لجنة الدستور حول لغير المسلمين أو تخصيص المسيحين واليهود لا أفهم هناك ديانة أكثر انتشارا من الاثنين، اتركها لغير المسلمين لعقائدهم، هناك ديانة أكثر انتشاراً مثل البوذية مثل الصين والهند وآسيا.

*نحن الآن أمام مجموعة من الحقائق اقتصادية وسياسية، حقائق لها علاقة بالضغوط دولية، السؤال من يلقي هنا بيان الحقائق؟

*السؤال هو هل نحن أمام الحقائق أم أمام فعل الحقائق التي لم نجردها أصلاً، ولم ندرسها بشكل كاف، الاقتصاد والضغوط الدولية، نحن أمام آثار الحقيقة التي لم نوصفها، وثمة فرق بين أن أدرك ماذا حدث وبين أن أتصور، أواجه تداعيات إنكاري للحقيقة، أنت أمام ناس جزء كبير جداً ليسوا مثل الدول الديمقراطيات التي تتفق على التيار الرئيسي في المجتمع، لدينا شراذم في كل مكان وأفراد كل منهم يقول مايشاء، ولهذا ليس لدينا تيار رئيسي للمجتمع جامع لغياب الحقيقة مايجمع الناس للاتفاق ليس على الرأي فقط بل على التوصيف الاستراتيجي والاتفاق على إجابة سؤال أين مصالح الوطن؟ البعض يتحدث ويقول ليس لنا علاقة بالآخرين، أنت موجود في عالم كبير متغير، أوروبا العالم العربي والآسيوي والإفريقي، نحن نتحدث دون معرفة، وأنا طوال الوقت أنتقد زملاءنا الصحفيين في الصحف وأقول لهم الخبر غاب تماما عن الصحف، والرأي غلب، وبما أن الرأي في غياب الخبر غياب ماحث فعلاً يكون الاجتهاد به قصور، اتساع الثقافة أو ضيقها يحدد قيمة الرأي تخلينا عن الخبر ليكون منبع للرأي وجعلنا الرأي يستغني عن الحقيقة الراهنة الموضوعية، اليوم وأنت تطالعين الصحف الرئيسية ستجدي بها 500 رأي في العدد الواحد، موضوعات إنشاء أكثر منها مواضيع ذات قيمة صحفية وليس ذلك بل إننا الآن قد نكتب أشياء غريبة بعض الشيء، لا أرى هذه الأشياء تحدث في النيورك تايمز ولا الواشنطن بوست، وهناك كثرة للعواميد، وفي غياب الحقيقة يتحدث الجميع وهذا تشوش كبير ليس هناك استقرار على أوضاع ووكل التصرف اليومي فيها إلى الأحزاب، بين يدي الحكومة المنتخبة، العالم من خلال الأحزاب الآن نظم طريقة اشتغال الناس بالسياسة، أما أن تكون الأوضاع أن يكون كل رجل حزب هذه أوضاع ليس لها مثيل.

*في عهد عبد الناصر من كان يلقي بيان الحقيقة، هل كان ناصر نفسه من يلقي بيان الحقيقة ؟

* هذا عصر كان جزء من زمن كله قائم على هذا الأساس، تحريك كتل سياسية شعبوية كما يقول البعث، لأن العمل هنا قائم على قوة الجماهير، وقوة تأثير الجماهير خارج حدودك وخارج سلطتك، حتى اتضح ذلك جلياً في طبيعة الأغاني السائدة في تلك المرحلة، ويكفي مثلا أن تكون هناك أغنية مثل أغنية عبد الحليم حافظ الخاصة بالسد العالي، والتي أصبح الخبر فيها جزءاً من الأغنية، أنت أمام عصر الجماهير والتعبئة أعقبه بعد ذلك في كل الوطن العربي سواء بسبب رغبة الأنظمة في البقاء أو بسبب السلطة السلطوية وبالتالي يختلف عن الحكم الجماهيري والذي يعتمد على الحوار الصريح وأنهم ظهير قوي قيمة ما كان يحدث في عهد ناصر وعهد نهرو في الهند.

*أعرف أنه لم يشغلك تصريحات أوباما ؟

*شغلني لكن ليس بدرجة كبيرة .

*ماهو أكثر ما شغلك في خطاب اوباما ؟

*أكثر مايعنيني هنا مايجري بين إيران والولايات المتحدة الامريكية، وأنا أعرف أننا للأسف أثبتنا كعرب أننا أناس لايمكن الاعتماد علينا، ولازلنا نفكر بالعقلية القبلية، ولازلنا نترك الفرصة للنعرات للتحكم بنا، إيران قوة رئيسية وأمامي الآن في هذه المنطقة ثلاث قوى رئيسية هي إسرئايل موجودة وقوة موجودة، ثم تركيا ثم إيران، قد أختلف مع تركيا لكن لا أتخيل أن يقال في إذاعة مصرية على أردوغان المدعو أردوغان، المشكلة أننا لانعرف في غرامنا أو كراهيتنا أو فيه ثوراتنا لانعلم حدودنا وأين يجب أن نقف، سمعت في أحد الفقرات الإذاعية صدفة أحد الضيوف يقول على رئيس الوزراء إذا لم يستطع أن يجد حلاً في وزارة كذا وكذا عليه أن يذهب لبيته "وينقي رز مع مراته".

*هل شيء مما قاله أوباما عن مصر لفت نظرك مع تغيير وجهة النظر؟

* أنا مبدأياً لديا تحفظ على مسألة انتظار الترياق من العراق.

*أعرف أن هذا هو الواقع لكن جل همي هو أن نبحث عن تغطية سريعة لحالة الانكشاف التي نعيشها الآن، عندما أشاهد الإعلام وأنا لا أستطيع أن أنطق ببنت شفة عن الصحافة، ولا الإذاعات لكن غياب الحقائق عن الناس يجعلك في أوضاع ليست لها مثائل في أي مكان في العالم، نتيجة غياب الحقيقة وممارسة الحرية بانطلاق وبقسوة بلا حدود.

*ما الحقيقة الغائبة حول المعونة الأمريكية لمصر والعسكرية بالذات، لماذا التلويح المستمر بقطع المعونات أو تعليقها، هل يجب أن يقلقنا ذلك؟

* أنا شخصياً يقلقني ذلك، وعندما أنظر إلى إخواننا القائمين على قيادة الجيش بحقيقي أشعر بالقلق عليهم، في وجود واجبات عسكرية في سيناء وواجبات أمنية موجودة في جميع أنحاء البلاد، مصدر سلاح موجود من الولايات المتحدة الأمريكية وقد تقومي بإنتاج بعض منها، وقد يكون من الصحي أن يتم تنويع المصادر لكن السؤال أين المتسع المسموح لتنويع هذه المصادر؟ إذا كان هناك قفص حديد أعتقد أن هذا سيحدث أن ينكسر هذا القفص ولا مفر من هذا، وهناك مايقلقني وهو الشك المستحكم من كل القوى في كل القوى، كل بني آدم لديه شك في الثاني، كنت أتمنى في مرحلة الانتقال ليس فقط بيان حقيقة لكن يعطي ملامح تصرف.

*إذا إنتقلنا إلى شق أخر من الحقائق الغائبة سيناء مثلاً هناك عملية عسكرية عنيفة ؟

* لا أحد يقدر المهمة الفظيعة الملقاة على عاتق الجيش مشكلة سيناء أننا ننظر إلى هذه اللحظة فقط ولاندرك أن سيناء ظلت على الأقل في التاريخ الحديث موضع التباس، وعندما كنا في وقت الخلافة العثمانية كانت كل الأمور تسير متصلة ببعضها البعض دون أن تكون هناك مشكلة أليس من الغريب أن يكون الإنجليز هم من ثبتوا حدود مصر في عام 1906 وهم من أصرو أن تكون سيناء مصرية في عهد العثمان الذي أصروا وقتها أن تكون حدود مصر خط العريش السويس، هذا بالنسبة للتقسيم الإداري للإمبراطورية، لكن الإنجليز مع الأسف الشديد هم من أصروا على الحدود الحقيقية لمصر، لكن وبكل أسف ظلت سيناء إلى الخمسينات مناطق مثلها مثل أي منطقة حدود محظور عليك دخولها تحت القيادة والعسكرية البريطانية، فمنذ أن ثبتت حدود مصرية في عام 1906 وحتى عام 1956 بمعنى أنها نصف قرن كانت الدولة المصرية معزولة عنها تماماً، ثم في الحروب تقطعت وحاربت عدة مرات وبالتالي الأوضاع في سيناء قلقة بطبيعتها، ولم نأخذ في اعتبارانا أن سيناء بدأت تتجه أكثر إلى فلسطين وإلى غزة، وحركة القبائل المتصلة تجعل مجال للحركة بين الطرفين ثم جئتي بعد ذلك لمرحلة اتفاقية السلام والمحادثات التي كنت موجود فيما بعدها ولو تخيلتي كمية التعهدات التي اقتطعتها مصر على نفسها حتى يقبل كاسنجر الضغط على إسرئايل ورغم ذلك لم يضغطو على اية حال وبالتالي انكي قبلتي بترتيبات تجعلك وجودك هناك تقريباً شبه مستحيل وتجعل تأمينك لهذا الجزء من الوطن شبة مستحيل إذا كنت أعرف أن طبيعة هذا المكان وعلاقته بالظروف التاريخية تخلق أوضاعاً معينة وإذا كنت أعرف أن طبيعة السكان هناك وعددهم قليل 400 ألف نسمة حالياً فأنتي عندما تأتين إلى تبعات الاتفاقية وبعد زيارة كسنجر وألغى كافة التريبات القديمة مما عرفنا فنحن بعد عام 48 وضعنا مايسمى بمراقبي الهدنة ثم بعد عام 56 وضعنا مايسمى بقوات طوارئ وفي عام 73/74 أبلغونا وقتها أننا لسنا مرتاحين لهذه الترتيبات تم رفع مراقبي الهدنة وقوات الطوارئ، وبالتالي وفقت الأوضاع وقتها لأن تكون سيناء بقاية كرهينة.

*وبقيت سيناء رهينة حتى هذه اللحظة؟

* نعم بقيت رهينة حتى هذه اللحظة فأنت أمام بلد أولاً التحاقه بالوطن الأم يحتاج إلى عملية تجزير وتقوية وفي مرات كثيرة عدت إليه وخرجت وأن قربك إليه قريب جدا، ثم فرضت ترتيبات أمنية لصالح إسرائيل وتم الالتزام بها، وأعتقد أن جزء من الظلم الأكبر الواقع على القوات المسلحة سببه أن السياسة فعلت أن أدت إلى تقسيم سيناء إلى مناطق قل فيها وجود القوات المسلحة وحجم الحركة، والأكثر أنشأنا فيها قوة سياسية عسكرية "قوات دولية" تحت قيادة الولايات المتحدة ووجدت أموراً غريبة عندما أجد وأنا أقرأ الوثائق والبرقيات الأمريكية أن كل البرقيات كانت ترسل إلى السفارة في تل أبيب وسفارة بغداد وسفارات أخرى، وإلى القيادة القوات الدولية في سيناء، وأجد أن القائم بأعمال السفير الآن في القاهرة هو ذاته قائد القوات في سيناء، وكان رئيس مجموعة المراقبين الدوليين، هنا موضوع سيناء الذي يرغبون في أن يكون منطقة فارغة عازلة بين مصر وإسرائيل ولايريد أحد يعبأه أبداً كل الترتيبات فشلت في ذلك .

*فشلت عملية ملء هذا الفراغ لكن لماذا فشلت كل محاولات وأوهام التنمية؟

* نحن اهتممنا بعض الاهتمام السطحي ببعض الشواطئ في الجنوب، لكن بسبب الدائرة المفرغة التي تتحدث عن أنه لا أمن بدون تنمية ولا تنمية بدون أمن، فوجود عناصر ملتبسة، وسأذكرك أنه في ذات مرة انقلبت الدنيا ولم تقعد لدى قوات الطوارئ لأن ثمة قافلة جمال شاردة في الصحراء بمفردها طليقة، قامت الدنيا وبحثت القوات الدولية عن الجمال، قولي لي كيف سيذهب أحدهم ليستثمر خارج هذه الدوائر الرسمية السياحية في طابا وشرم الشيخ ودهب، تركت قلب سيناء وخاصة شمالها كفراغ، وهو ما دفعه أن يكون بقعة ستكون مثل ملجأ لعناصر بعينها يقدرون بنحو 6-12 ألف واحد من عناصر احتلت هذه البقعة قادمين من أفغانستان وممن عفي عنهم.

*من سمح لهؤلاء أن يستقروا في سيناء؟

*إذا كنت أنت غير موجودة هناك، وإذا كانت قواتك محددة في حركتها، وإذا كانت المنطقة بطبيعتها قلقلة، وأردت أن أقول لك أن منطقة شمال سيناء بالطبيعة تتجه أكثر صوب فلسطين بسبب الظروف الخارجية والجغرافية التي تحكم هذه العلاقات، فمن سمح لهم؟ الإجابة: كل رواسب القضية الفلسطينية هناك، كل البقايا المطرودة في الضفة الغربية، ومن لم يستطع الإقامة في غزة، وكل من جاء من دول مثل باكستان وأفغانستان، هؤلاء جميعاً لم يجدو مأوى سوى هذه المنطقة في الفراغ فضلاً، عن من عفوتي عنهم.

*لكن كل هذا تضاعف بعد 25 يناير وحكم مرسي على وجه الخصوص؟

*تحدثنا في هذا سابقاً، ضعي في اعتبارك أن هناك ثلاثيا: هو الرئيس والقوات المسلحة ومكتب الإرشاد، الرئيس كان يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الإرشاد، وفي المقابل كان الرئيس ومكتب الإرشاد، يعتمدان على عنصر تأمين يضمن به أن ينشغل الجيش في سيناء، وهذه هي المهمة الصعبة وتفاصيلها حيث خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش وهذا قصد.

*قصد من الإخوان ومن غيرهم، عندما يكون التصوير أن تيار الإسلام السياسي، فنحن نتحدث هنا عن أناس انتشروا في العالم بشكل كبير وبشكل يحتاج إلى مراجعة لما أحدثوه من أضرار الذي يحتاج إلى وقت كبير جداً حتى يتم وأدها، لكن أعتقد أن هناك قصدا ليس فقط لأن تكون سيناء رهينة فقط بل لتكون بمثابة مسدس موجه للوادي.

*موجه للوادي وللقوات المسلحة أيضاً؟

* القوات المسلحة هي حارس الوادي، والجيش في مصر له وضع خاص جغرافياً وتاريخياً، البلد كله واحة، شريط الدلتا رفيع حوله الصحارى من كل جانب، والمياه القادمة من منبع بعيد ذاهبة إلى بحر الظلمات، وبالتالي هؤلاء الناس الذين يعيشون في الواحة على ضفاف النيل الضرورة تقتضي أن تكون لهم حماية، وهنا قيمة الجيش في الحياة المصرية، والناس تتخيل أن الجيش في مصر شيء جميل عبارة عن علم ومزيكا وشيء لطيف، هذا ليس صحيحاً، هذا الجيش، وأنا أعتقد، أنشأته ضرورات الجغرافيا والتاريخ ومنحته هذه المكانة، أنا لاأريد أن ـضع تاجاً فوق رأس أحد في هذا البلد، ولكني أرى أن الجيش في مصر مهم جداً، إذا كنت في واحة وسط صحارى معرضة للغارات وأنت في موقع هجرات مستمرة، موقع التجارة الدولية شرقاً وغرباً، أقل ما يلزم سكانه أن يطمئنوا لحماية، حتى يتمكنون من النوم مستريحين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل