المحتوى الرئيسى

من سبب الشمولية؟

09/15 04:32

وصلتني الرساله التاليه من الاستاذ اسامه الغزولي. كاتب اسبوعي في جريدة الوفد. رساله سيادته يعقب فيها علي خواطري «الاخوان سبب العدوان علي الديمقراطيه». نشرتها في بدايه الاسبوع الماضي. انشر هنا رسالته:

«عزيزي نيوتن.. انا كاتب مقال اسبوعي في الوفد ويشرفني ان احاورك. اقول: ليس صحيحا انه «بحجه الاخوان تحملت (بلادنا) حكما شموليا دام ستين سنه. الحكم الشمولي سببه المباشر هو انهيار التعدديه تحت ضغط القصر الملكي الذي منحنا الدستور ثم حاول العبث به، وتحت ضغط البريطانيين الذين استشهد رجالهم ونساؤهم دفاعا عن الديمقراطيه واستخسروها في البلد الذي جرت علي ارضه المعركه التي انقذت الديمقراطيه العالميه، وتحت ضغط الشعبويه المروجه للشموليه من اخوان وشيوعيين، والمذهبان ممتزجان في دم كاتب هذه السطور وفي روحه.

ولو رشح جمال عبدالناصر نفسه اميناً عاماً للوفد واكتسح به احزاب الاقليه واخرج الاحتلال بقوه الديمقراطيه وليس بقوه الشعبويه الشموليه لكان ملاكاً منزلًا، لكنه لم يكن ملاكاً بل كان رجل دوله يساير التوجهات العامه ويطورها، ولا يسعي لتغييرها جذرياً. اما حكايه الاخوان فلها شان اخر.

اتجاه التاريخ المصرى منذ 1923، علي الاقل، هو الخروج من النموذج الفرنسي للعلمانيه، الذي يفصل الدين عن الدوله، الي النموذج البريطاني، حيث الملكه رئيسه الدوله ورئيسه الكنيسه معا. واختيار الدستور البلجيكي نموذجا يحتذي في 1923 ربما كان خطوه اولي، وغير لافته للنظر، علي هذا الطريق. فعلمانيه بلجيكا تقع في المنتصف بين العلمانيه الكاثوليكيه والعلمانيه البروتستانتيه ولا تتعجب من هذا التعبير، ففي العلمانيه اللاتينيه اثر الكاثوليكيه، وفي العلمانيه الانجلوساكسونيه اثر البروتستانتيه.

وفي الدستور البلجيكي منطقه وسط اكد عليها بريطانيون كثيرون كمنطقه مناسبه لمصر حتي قبل ان يحتلوها.

وفي هذا الدستور تحمي الماده 21 الهيئات الدينيه من تدخلات الدوله في شؤونها الداخليه، لكن الماده 181 تتطلب من الدوله ان تدفع رواتب رجال الدين العاملين في مؤسسات تابعه للملل المعترف بها ومعاشاتهم التقاعديه، وان يخصص لهذا الغرض بند سنوي في الميزانيه العامه للدوله، كما تنص الماده 24 علي ان تطرح المدارس الحكوميه علي اولياء الامور الخيار بين ان تدرس لاطفالهم ماده الدين وفقا لواحده من الملل المعترف بها في بلجيكا، او ان تدرس لهم ماده الاخلاق علي اساس غير ملتزم بدين معين (وليس بالضروره الحاديا).

سار عبدالناصر والسادات ومبارك علي طريق تجاوز العلمانيه الفرنسية، لوضع صيغه قد تكون علمانيه مسلمه وكان كل واحد منهم علي قد مخه: ميز عبدالناصر بين الاسلام السياسي والجماعات الخارجه علي النظام العام. وخلط خليفتاه الامور، والمسيره دخلت مرحله فاصله بالثوره الراهنه».

انتهت الرساله. اتشرف بالحوار يا استاذ اسامه. رسالتك مليئه بالافكار. كل منها يحتاج استفساراً. وجهة نظري ان كل ما قلته لا ينفي افتراضي. قد يكون افتراضي سبباً اضافياً للحكم الشمولي، الي جانب اسبابك. قلت ان الاخوان فرضوا تحديات علي انظمه حكم ما بعد ١٩٥٢ فتعطلت الديمقراطيه. اتفق معك ان مصر في مرحله فاصله الان. الاخوان الان يمثلون تهديدا للديمقراطيه. قد تؤدي تصرفاتهم الي شموليه. الان نحن لسنا بصدد حاله ١٩٢٣.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل