المحتوى الرئيسى

سينما احتقار الإنسان

09/15 03:58

في رساله جوائز مهرجان فينسيا السينمائي الدولي هذا العام «(المصري اليوم) عدد الاثنين الماضي 9 سبتمبر» ذكرت ان الفيلم اليوناني «فتاه العنف» اخراج الكسندروس افراناس الذي فاز بجائزه الاسد الفضي لاحسن اخراج وجائزه احسن ممثل (ثيمس بانيو) «سطحي ومفتعل»، ولم يكن جديراً بالفوز باي جائزه، وهذا الحكم في اطار تغطيه الجوائز يحتاج الي ايضاح مثل كل الاحكام التي تذكر في مثل هذه التغطيات.

«فتاه العنف»، الفيلم الروائي الطويل الثاني لمخرجه الذي ولد عام 1977 ودرس في المانيا، واخرج منذ 2005 خمسه افلام قصيره، وفيلمه الروائي الطويل الاول «من دون عنوان» عام 2009 الذي حقق نجاحاً كبيراً علي الصعيد المحلي في اليونان، ولاشك انه مخرج موهوب، قادر علي التعبير بلغه السينما الخالصه، وباسلوب خاص يتميز بالبرود العقلاني، ولكن هذا لا يكفي للفوز، وفي مسابقه حفلت بالعديد من المخرجين الاكثر جداره منه، والامر نفسه بالنسبه لممثل الدور الاول في فيلمه.

يبدا «فتاه العنف» (99 دقيقه) الذي كتبه مخرجه مع كوستاس بيريولوس بحفل عيد ميلاد «انجيليكي» الحادي عشر: هذه اسره في شقه انيقه في حي راق بالقرب من وسط اثينا من اب وام وابنه كبيره (هيلين) انجبت ثلاث بنات اكبرهن في الثالثه عشره من عمرها، والثانيه «انجيليكي»، المحتفي بها، والثالثه في العاشره، وطفلاً في التاسعه، وفجاه تترك الفتاه الاسره حول كعكه عيد ميلادها، وتلقي بنفسها من الشرفه، وتموت.

ياتي هذا المشهد قبل العناوين، ليصبح السؤال: ما الذي يدفع فتاه في الحاديه عشره من عمرها، وتعيش في بيئه اعلي مراتب الطبقه الوسطي الي الانتحار؟ تقوم مؤسسات الدوله بالتحقيق (المدرسه والشرطه والاشراف الاجتماعي)، ولكننا لا نعرف الاجابه الا في الدقائق العشرين الاخيره او نحوها، فالاب ليس اباً، والام لا تعرف والد «هيلين»، «وهيلين» لا تعرف ممن انجبت بناتها وابنها، وانما هو قواد دفع زوجته لممارسه الدعاره، وكذلك ابنتها «هيلين»، وابنه «هيلين» التي اخبرت اختها «انجيليكي» عن مصيرها عندما تبلغ الحاديه عشره، ولذلك انتحرت.

وهذا القواد لا يكتفي بتقديم الفتاه ذات الثالثه عشره للرجال، وانما يمارس معها الجنس ايضاً، وعندما يستخدم الفتاه ذات العاشره حتي قبل ان تبلغ الحاديه عشره، تقرر زوجته ذبحه بالسكين وهو نائم في فراشه، وتتطلع «هيلين» الي الجثه وكانها جثه بدورها، ولكن تتنفس. انه فيلم من السينما التي اطلق عليها «سينما احتقار الانسان»، ويحلو للبعض التحذلق، وتسميتها «سينما ما بعد الانسان».

مفتعل رغم براعه الاخراج والتصوير بالالوان للشاشه العريضه الذي قامت به اولمبيا ميتيلينايو، والمونتاج الذي قام به نيكوس هيلد نيديس، لان هذا القواد يمكن وجوده في الواقع، ولكنه لا يصدق في الدراما، وقد علمنا ارسطو في القرن الخامس قبل الميلاد في نفس بلاد المخرج افراناس ان المستحيل المحتمل خير من الممكن غير المحتمل، اي ان ما لا يمكن حدوثه في الواقع ويصدق من خلال المعالجه الدراميه خير مما يمكن ان يحدث ولا يصدق. المتفرج لا يصدق وجود هذا الكائن، وبالتالي لا يقنعه الفيلم، مهما كانت براعته الحرفيه.

وسطحي لانه لا يحلل شخصية هذا «الوحش الادمي» وكيف اصبح علي ما هو عليه، وكيف خدع المجتمع الذي يعيش فيه، ودعك من خداع مؤسسات الدوله، وقد قال احد النقاد ان الفيلم تراجيديا مثل التراجيديات اليونانيه الكلاسيكيه، ولكن هذا غير صحيح. ومره ثانيه نعود الي ارسطو، حيث البطل التراجيدي، شخصيه نبيله، ولكن تعاني من نقطة ضعف، فعطيل مثلاً نبيل، ولكن نقطه ضعفه الغيره التي دفعته لقتل زوجته ديدمونه، اما الرجل في هذا الفيلم فهو ليس نبيلاً باي حال، وانما شخصيه وضيعه ومنحطه وذات بعد واحد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل