المحتوى الرئيسى

الفتنة بين النهروان ورابعة !!

08/20 11:57

ـ قد يعيد التاريخ نفسه رغم تغير الشخوص والظروف، خاصه اذا استندت الاعاده الي نزعات بشريه وضعها المولي تبارك وتعالي في نفوس بعض عباده لحكمه يعلمها سبحانه، نفوس قد اتخذت الهها هواها ورايها منتهاها حتي لو اريقت في سبيل ذلك دماء العالمين، ذلك ما نعيشه جيلاً بعد جيل منذ فتنه عثمان بن عفان، رضي الله عنه، تلك التي افرزت من التوابع ربما مازلنا نعيشه لحظتنا الانيه، نكتفي بالحديث منها ايجازا عن "اعتصام حروراء" في عهد الامام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه ورضي عنه، ومعركه النهروان التي قضي فيها علي خوارج اول الزمان، لكنه فشل في القضاء علي فكرهم المتنامي حتي اللحظه، نتناول فيه الحدث علي اطلاقه وتاريخه، لا ننحاز لطرف، ولا نَتَهِم فلا نُتَهَم باذن الله، تاركاً لحضراتكم حريه المقارنه سلباً اوه ايجاباً.

ـ في شهر صفر سنه 37 هـ اتفق طرفا النزاع في موقعه صفّين، علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبى سفيان، رضي الله عنهما، علي بدء اعمإل آلتحكيم في شهر رمضان التالي، وعاد الامام عليِّ بجيشه الي الكوفه، لتبدا الفتنه الجديده في الطريق حين خرج رجل من جيشه يقال له عروه بن جرير معترضاً صائحاً : اتحكمون في دين الله الرجال؟! يقصد ان حكم الله واضح وانه يجب قتال فريق معاويه، رضي الله عنه، حتي النهايه، فاخذت كلمته طائفه من جيش عليِّ، كرم الله وجهه، اكثرها من حفظه القران الكريم شديدي الورع والتقوي فظنّتها صوابًا، فتنامت الفتنه الجديده حتي اذا بلغ عليٌّ رضي الله عنه الكوفه، كان عدد من يقول بهذه الكلمه: (لا نحكّم الرجال في دين الله، ولا حكم الا لله)، اثني عشر الف رجل بينهم ثمانيه الاف من حفظه القران هم طائفه من الجيش يُقال لها القرّاء، خرجوا جميعاً عن طاعه امير المؤمنين، فعرفوا بعدها، وتابعيهم، والي اخر الزمان بالخوارج، ابرز صفاتهم الاستعلاء والتحجُّر والتمسّك بالظواهر والتعصّب والخشونه وعدم التمييز بين الحق والباطل وسرعه التاثّر بالشائعات، وهم الذين تنبّا بهم صلي الله عليه وسلم، كما يري المفسرون والفقهاء، فيما اورده  مسلم بسنده عَنْ اَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَمْرُقُ مَارِقَهٌ عِنْدَ فُرْقَهٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا اَوْلَي الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ"، او ما اورده البخاري بسنده عَنْ اَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه،ُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْانَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّهِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّي يَعُودَ السَّهْمُ اِلَي فُوقِهِ" قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ"، اَوْ قَالَ: "التَّسْبِيد".

ـ امتنع الخوارج عن دخول الكوفه، عاصمه عليٍّ، كرم الله وجهه، واعتصموا في منطقه يقال لها "حروراء" رافضين امورا عده اهمها قبول التحكيم من بشر، هما عمرو بن العاص وابي موسي الاشعري رضي الله عنهما، قائلين "لا حكم الا لله"، فقآل عليٌّ، كرم الله وجهه، "كلمه حق اريد بها باطل"، وفشلت محاولاته، كرم الله وجهه، ومناظره عبد الله بن عباس رضي الله عنه، في افهامهم بديهيه ان كتاب الله تعالي لا ينطق وانما ينطق الفقهاء من بني البشر بما فيه، فلم يقنعهم ذلك، فقال لهم عليٌّ كرم الله وجهه "الا ان لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت ايديكم مع ايدينا، ولا نقاتلكم حتي تقاتلونا " يقصد ان ذلك يسري في حال التزامهم جماعة المسلمين وعدم البغي والعدوان او التعدي علي حرمات المسلمين او الافتئات علي الدوله.

ـ استمر الخوارج في اعتصامهم بحروراء لينضم اليهم الكثير من الصعاليك وشذاذ الافاق عن جهل او بحثا عن مرتع ومطعم وماوي، حتي بلغ بهم الاغترار ان كفَّروا عليَّاً رضي الله عنه وجنوده ومن والاه ومن بايعه واستباحوا دمائهم، فتحولوا بذلك الي خطرٍ داهمٍ علي تماسك الدوله وهيبتها وامنها سواء داخليا او في مواجهه اعدائها في الجوار، وقد ظهر خطرهم جلياً باغتيالهم الصحابي الجليل عبد الله بن خباب بن الارث وبقر بطن زوجه وكانت حاملا لمجرد انه قال كلمه حق في عليٍّ كرم الله وجهه، ثم قتلهم نساء من قبيله طي، ثم قتلهم الصحابي الجليل الحارث بن مرّه العبدي رسول علي بن ابي طالب اليهم.

ـ هنا ، ومع اقتراب موعد الرحيل الي الشام لحضور التحكيم، تحيّر الرجال من جيش عليٍّ، كرم الله وجهه ورضي عنه، بين تخوف التحرك للشام تاركين الخوارج خلف ظهورهم، وبين تخوف قتالهم لما لمسوه في بعضهم من زهد وشده عباده وكثره قراءه لكتاب الله تعالي، فقال عليّ: "والله ما كذبت ولا كذبت، هم الذين اخبرني رسول الله بهم"، وامر بالتجهز لفض الاعتصام بالقوه بعد ان استنفذ كل طريق ممكنه لحقن الدماء، فتحرك بجيشه الي منطقه النهروان.

ورغم ذلك، ارسل الي الخوارج المعتصمين من جديد باذلاً مساعيه لراب الصدع ولم الشمل مقابل تسليمه قتله عبد الله بن خباب والحارث العبدي وغيرهما فيكف عنهم رضي الله عنه، الا انهم، وقد اخذتهم العزه بالاثم وتمكن منهم الفكر الضال، اجابوا: كلنا قتلهم ، وكلنا مستحل دمائهم ودمائكم ! فتمالك الامام نفسه وارسل اليهم الصحابي الجليل قيس بن سعد يوعظهم ويحذرهم ويناشدهم الرجوع عن سفك دماء المسلمين وتكفيرهم، فرفضوا الاستماع اليه.

فارسل عليٌّ الصحابي الجليل ابا ايوب الانصاري فنادي فيهم " مَن جاء تحت هذه الرايه، ممَّن لم يَقتل، فهو امن، ومَن انصرف الي الكوفه او المدائن فهو امن، لا حاجه لنا به بعد ان نصيب قتله اخواننا"، فتفرق الكثير منهم خشيه السيف، ولم يبق الا ما يقارب الاربعه الاف معاند ممن تحجرت عقولهم والتبست افهامهم فبداوا جيش عليٍّ بالهجوم، فرد الجيش بالقتال فافناهم الا تسعه هاربين واربعمائه من الجرحي سلمهم عليٌّ الي قبائلهم كما يقول المؤرخون. 

ـ بعد المعركه، تفقد عليٌ قتلاها فقال: "بؤساً لكم، قد ضَرَّكُم من غَرَّكُم" قيل ومن غَرَّهُم يا امير المؤمنين ؟ قال: "الشيطان الُمُضلّ والانفُس الاماره بالسوء غَّرَّتهم بالامانيِّ وسمحت لهم بالمعاصي ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار" فساله الناس عنهم امشركون هم؟ قال: "من الشرك فرّوا" قيل: امنافقون؟ قال: "ان المنافقين لا يذكرون اللّه الاّ قليلا.." قيل: فما هم يا امير المؤمنين؟ قال: "اخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم علينا"، قالوا: "الحمد للّه يا امير المؤمنين الذي قطع دابرهم" فقال عليّ: "كلا واللّه انهم لفي اصلاب الرجال وارحام النساء، فاذا خرجوا فقلَّ ما يلقون احدًا الاّ البوا ان يظهروا عليه"

تُري، هل صدقت نبوئته كرم الله وجهه ورضي عنه ؟ وهل يعيد التاريخ نفسه اذا تشابه الفكر او استقر وتواتر حتي لو تغيرت الشخوص والايام ؟ الله تعإلى أعلى واعلم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل