المحتوى الرئيسى

حماية الآثار والنفائس التاريخية قضية وطنية

08/19 13:41

باتت حمايه الاثار والنفائس التاريخيه المصريه قضيه وطنيه بالدرجه الاولي وتعلو فوق اي انقسامات او خلافات سياسيه بعد ان تعرض متحف "ملوي" بمحافظه المنيا مساء الاربعاء الماضي لعمليات سلب ونهب في سياق احداث العنف المحزنه التي تؤرق الضمير الوطني المصري.

وبعث محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر برساله الي ايرينا بوكوفا المدير العام لمنظمه التربيه والعلوم والثقافه التابعه للامم المتحده "اليونسكو" استنكر فيها ماوصفه "بالصمت المريب تجاه الاعتداءات الغاشمه علي متحف ملوي بالمنيا والذي سرقت منه 1050 قطعه من اصل 1089 قطعه اثريه".

ومنذ عام 1954 تبنت منظمة اليونسكو معاهده لاهاي الخاصه بحمايه الممتلكات الثقافيه واتخاذ كافه التدابير الدوليه والوطنيه لحمايه المواقع الاثريه والممتلكات الثقافيه للدول بوصفها تراثا ثقافيا انسانيا فيما تنص المعاهده علي تحريم اي سرقه او نهب للمتلكات الثقافيه ووقايتها من هذه الاعمال ووقفها مهما كانت اساليبها.

وكان الدكتور محمد إبراهيم وزير الدوله للاثار قد اعلن ان متحف ملوي بمحافظه المنيا تعرض لعمليات نهب وسلب، فيما تشكل عمليات سرقه الاثار والاتجار غير المشروع فيها هما عالميا ، فيما اوضح محمد سلماوي ان "القطع التي لم تتمكن قوي الظلام من اخراجها من المتحف تم تدميرها في اماكنها والبعض منها لم يعد في حاله تسمح حتي بالترميم.

واشار محمد ابراهيم الي اجراءات لحصر مقتنياته الاثريه "من التحف والكنوز لاعداد قائمه بما تم سرقته من اثار وتوصيفها بالصور لابلاغ النيابة العامة لاتخاذ الاجراءات القانونيه وارسالها الي جميع الموانئ لضمان عدم تهريبها خارج البلاد".

كما اكد الوزير علي وضع القطع المسروقه علي القوائم الحمراء لضمان عدم الاتجار الدولي فيها والملاحقه القانونيه لمن يقدم علي الاتجار في هذه القطع الاثريه ، فيما ناشد كل من لديه اي قطع اثريه من مفقودات ومسروقات متحف ملوي بان يعيدها الي اي جهه تابعه لوزاره الاثار.

غير ان رئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي اعتبر في رسالته لايرينا بوكوفا ان "اعتداء قوي الظلام علي متحف ملوي لم يكن بهدف السرقه ، وانما بهدف التدمير"وقال ان "قوي الظلام عادت في مساء اليوم ذاته لتشعل النيران فيما تبقي من المتحف".

ولاحظ مراقبون ان منظمه اليونسكو لم تتحرك ايضا بفعاليه عندما سرقت اكثر من 170 الف قطعه اثريه من المتحف الوطني العراقي في خضم الغزو العسكري للعراق عام 2003 والكثير من هذه الاثار تمثل تراثا للانسانيه جمعاء ، ومن ثم فان اي خساره علي هذا الصعيد تشكل خساره للانسانيه كلها.

وقد احرقت ثمانيه توابيت كبيره اثناء الهجمات علي متحف ملوي ، واكد احمد شرف رئيس قطاع المتاحف بوزاره الاثار مقتل موظف بهذا المتحف الذي اصيب مديره ايضا ، مشيرا الي ان هناك مسروقات من متحف ملوي الذي ترجع مقتنياته الي عصور تاريخيه مختلفه.

وتدخل المتاحف بجداره ضمن الممتلكات الثقافيه التي تنص معاهده لاهاي الدوليه علي ضروره حمايتها سواء في اوقات السلم او الحرب وعدم تعريضها للتدمير او التلف وتحريم سرقتها ونهبها او تبديد محتوياتها ، فيما جاء القانون المصري منسجما مع روح هذه المعاهده ليحرم ويجرم اي اعتداء علي الممتلكات الثقافيه وفي القلب منها المتاحف.

وثمه تقارير تحدثت عن اعتداءات تعرض لها في سياق احداث العنف الاخيره "متحف روميل" بالعلمين و"متحف بهنسه" في بني مزار بالمنيا ، فضلا عن اضرار لحقت بتمثال نهضه مصر في الجيزه ، حيث قال الدكتور صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيليه ان "تمثال النهضه" الذي نحته محمود مختار المثال المصري العالمي باكتتاب عام شارك فيه الاف المصريين قد تحطمت اجزاء من قاعدته".

كما حطمت اجزاء من مسله جامعه القاهره وسور حديقه الحيوانات الاثري بحسب ماذكره الدكتور صلاح المليجي، معتبرا ان "الكارثه الحقيقيه تتمثل في تحطيم اجزاء من التمثال المنحوت من الجرانيت مما يشكل صعوبه في اعاده ترميمه".

وتشكل قضيه الاثار والتحف والنفائس المنهوبه هاجسا يؤرق العالم كله بقدر ماتحولت هذه القضيه الي هم مصري خاص في الاونه الاخيره وموضع نقاش عام سواء علي مستوي الصحافه ووسائل الاعلام او الشارع المصري.

وتعهد محمد ابراهيم وزير الدوله للاثار بعدم المسائله القانونيه لكل من يعيد طواعيه مسروقات متحف ملوي بل اكد علي ان وزارته ستمنح مكافاه ماليه لكل من يرد مالديه من مسروقات اثريه ، موضحا في الوقت ذاته ان "القطع المسروقه من متحف ملوي موصفه ومسجله دوليا ومعروفه ولايمكن التصرف او الاتجار فيها سواء داخل مصر او خارجها".

وواقع الحال ان قضيه المسروقات الاثريه باتت تشكل هما عالميا بقدر ماهي موضع اهتمام ثقافي يتجلي في كتب جديده تصدر من حين لاخر لتلقي باضواء كاشفه علي خبايا هذا الموضوع.

وفي كتاب صدر مؤخرا بعنوان "مطارده افروديت..البحث عن التحف المنهوبه في اغني متحف بالعالم"- يقول المؤلفان جاسون فيلش ورالف فرامولينو انه في العقود الاخيره باتت سوق النفائس والتحف التاريخيه اكثر ميلا لتعاملات مشبوهه وصفقات منكره تجري تحت جنح الظلام.

وعبر الكتاب الذي يقع في 375 صفحه يستعرض المؤلفان التاريخ الطويل لنهب وسرقه التحف والنفائس والاثار منذ الإمبراطورية الرومانية وحتي الامبراطوريه البريطانيه وصولا للحظه الراهنه.

ويعد متحف بول جيتي الامريكي الذي يشتهر بمجموعته من الاثار اليونانيه والرومانيه مثالا لمتاحف تواجه مشاكل بسبب قبولها لبعض الاثار التي نهبت من دول اخري ونقلت لها بصوره غير مشروعه .

وكان مسؤولون امريكيون قد اعلنوا ان متحف بول جيتي الخاص في لوس انجلوس وافق علي اعاده 40 قطعه اثريه الي ايطاليا من اشهرها "تمثال افروديت" ربه الحب والجمال في الاساطير اليونانية بموجب اتفاق ينهي نزاعا طال امده بين الجانبين.

والي جانب متحف جيتي ، نجح الايطاليون عبر التقاضي امام محاكم امريكيه في استعاده نحو مائه تحفه واثر تاريخي من خمسه متاحف في الولايات المتحده كانت قد استحوذت علي هذه التحف والاثار المسروقه من ايطاليا ومن بينها متحف بوسطن للفنون الجميلة.

ويتضمن كتاب "مطارده افروديت" العديد من اسماء تجار الاثار والمتعاملين في هذا العالم الغامض والحافل بالاسرار وقبل الاتفاق الذي ابرم بين السلطات الايطاليه ومتحف جيتي هددت روما بقطع كافه علاقاتها الثقافيه مع المتحف ان لم يرد التحف والتماثيل المسروقه ومن بينها تمثال افروديت البالغ طوله سبعه اقدام ونصف القدم والذي نهب علي الارجح من منطقه مورجانتينا.

ومن المعتقد ان تمثال افروديت ربه الحب والجمال في الاساطير اليونانيه قد اشتراه متحف جيتي في عام 1988 من تاجر اثار في لندن ب18 مليون دولار دون معرفه اصل هذا التمثال الذي يعود للقرن الخامس قبل الميلاد فيما اعيد التمثال بالفعل مؤخرا لمتحف ايدوني في صقليه.

وسمي متحف جيتي علي اسم قطب النفط الراحل بول جيتي الذي تبرع في وصيته للمتحف بمليار دولار فيما يسرد كتاب "مطارده افروديت" وقائع مثيره للعنه هذا المتحف منذ بدايات الثمانينيات في القرن العشرين حيث اختلطت فضائح الاثار المسروقه والتحف المنهوبه بعمليات تزوير وتزييف وحتي تحرشات جنسيه ليتحول المتحف الي علامه لسوء السمعه واشاره لعالم الاسرار الشنيعه لتهريب الاثار.

وكانت وزاره الاثار المصريه قد نفت منذ عده اشهر صحه مارددته بعض وسائل الاعلام حول خروج معارض للاثار تضم قطعا اثريه من مجموعه الملك توت عنخ امون من المتحف المصري وعدم اعادتها اليه.

ودعا الدكتور محمد ابراهيم وزير الدوله للاثار مؤسسات المجتمع المدني المصري والمؤسسات الاهليه الي تفعيل دورها في التوعيه بقيمه حضاره واثار مصر وحث الشباب للدفاع والزود عن اثار بلاده "باعتبارها ضمير وتاريخ وذاكره وحضاره مصر".

ويوضح جاسون فيلش ورالف فرامولينو في كتاب "مطارده افروديت " ان السلطات الايطاليه اسست اداره خاصه في الشرطه تضم خبراء متخصصين في قضايا الاثار المنهوبه والتحف المسروقه والعمل علي استعادتها بقياده قضاه وقانونيين يشار لهم بالبنان في هذا المجال المتصل بحمايه التراث الوطني للبلاد وذاكره ايطاليا.

ويكشف الكتاب الجديد ايضا عن ان السلطات الايطاليه اولت اهتماما خاصا للصحافه والاعلام في الدول التي تستحوذ علي تحف واثار ايطاليه منهوبه بغرض كسبها لصفها في معركه استعاده هذه النفائس وهي معركه اتخذت صوره المنظومه المتكامله العناصر والمتناغمه معا بغرض الفوز وفضح لصوص الاثار ومن يتعامل معهم.

ويؤكد كتاب "مطارده افروديت" علي ان قصه الاثار والتحف المنهوبه في هذا العالم هي قصه الصراع بين الفن والسلطه والثروه فيما يورد العديد من المكاتبات والوثائق القانونيه المتعلقه بمعارك قضائيه لاستعاده نفائس مسروقه والمساجلات بين الدول التي سرقت منها هذه النفائس والمتاحف التي تحتفظ بها في دول اخري.

وبعد ثوره 23 يوليو 1952 اصدر محمود الجوهري المسؤول عن لجان جرد القصور الملكيه كتابا باللغه الانجليزيه بعنوان "قصور مصر الملكيه" وهو كتاب مدعم بالمعلومات والصور النادره عن تفاصيل ومحتويات 17 قصرا ملكيا.

ويحظي قصر عابدين باهميه خاصه في هذا السياق لما يضمه من تحف ووثائق ولوحات فنيه ونفائس عديده فيما تتوالي اسماء القصور الهامه الاخري مثل قصور القبه والطاهره والمنتزه وراس التين والمعموره.

ويضم قصر عابدين الذي بناه الخديوى إسماعيل عام 1836 اكبر متاحف القصور الملكيه ومكتبه تضم 55 الف كتاب فيما يمتد قصر القبه الذي بناه الخديوي اسماعيل ايضا علي مساحه 70 فدانا وبه غابه كبيره من الاشجار الاسيويه النادره، اما قصر المنتزه الذي يوصف "بتحفه الخديوي عباس الثاني" فاقيم علي مساحه 370 فدانا ومازال من اهم مزارات الثغر السكندري.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل