المحتوى الرئيسى

محمد الصياد يكتب: من التالي بعد بلعيد والبراهمي؟

08/02 15:42

في السادس من فبراير/شباط ،2013 اغتيل الزعيم اليساري التونسي، المعارض العنيد، شكري بالعيد برصاص الغدر الارهابي الاسود امام منزله . وقد علقنا يومها علي هذه الجريمه في مقال نشر علي هذه الصفحه عَنونّاه “شكري بلعيد ليس الاخير”.

وهاهي يد الغدر تمتد مره اخري لتغتال الزعيم الوطني والقومي الناصري التونسي البارز محمد البراهمي، ايضاً امام منزله، لكي يكون للجريمه وقع صادم اكبر علي افراد اسرته وعلي التيار الوطني الذي يمثله وعلي ابناء الشعب التونسي الذين يرون في البراهمي احد الاعمده الصلبه التي يتكئون عليها ذودا عن مصالحهم .

وسيكون ضرباً من الوهم والسذاجه بمكان الاعتقاد ان قائمه اغتيال الرموز والقيادات والشخصيات الوطنيه البارزه تقتصر فقط علي اسمي الشهيدين بلعيد والبراهمي . فالثابت من وقائع الامور الجاريه علي الساحه التونسيه علي مدي العامين الاخيرين، ومن تسلسلها، ومن البيئه، الرسميه وغير الرسميه، الحاضنه للظاهره الارهابيه، ان لم تكن راعيه لها، ولمجاميعها المتدثره بارديه مختلفه، ان هنالك اجنده خفيه لهذه الجماعات التكفيريه التي تحتفظ بعلاقه مريبه مع احزاب الاخوان المسلمين الحاكمه في تونس وغيرها من البلدان التي ضربتها اعاصير “الربيع العربي” .

غنيٌ عن القول ان تونس من الدول العربية القليله جدا التي قطع فيها مسار التمدين التراكمي علي طريق بناء الدوله المستجيبه لشروط الحداثه والحضاره المعاصره، شوطاً كبيراً . . وهي التحولات التي انتجت، طبيعياً، رموزاً ومعالم للدوله التونسيه المدنيه الحديثه .

فكان لابد من تصفيه هذا الارث الحضاري التقدمي لوقوعه علي تضاد مع المنظورات الايديولوجيه الماضويه للجماعات التكفيريه التي ازدهرت سوقها تحت افياء انظمه الحكم الإسلاميه الجديده، اذ تري هذه الجماعات في هذا الارث “لبوسا” غريباً علي البيئه ونمط الحياه الاسلاميين، وتري في الرموز والشخوض التي تمثل كل تيارات التحديث والعمران، علي حد تعبير عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي (1332-1382)، اهدافا ل”الازاله” بسبب انحيازها للانسان ولقيم التسامح والتقدم .

وبهذا المعني، وفي جريمه الاغتيال الجديده، لا تخدعنك هروله وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، لعقد مؤتمر صحافي خصيصاً للكشف بسرعه البرق عن هويه منفذ جريمه اغتيال البراهمي، وهو، كما قال، السلفي بوبكر حكيم، المسؤول نفسه، حسب الروايه الحكوميه، عن مقتل الشهيد شكري بلعيد، وباستخدام السلاح نفسه في عمليتي الاغتيال!

فهل يُعقل ان يتم التعرف الي هويه منفذ جريمه اغتيال البراهمي في ظرف اقل من 24 ساعه، بينما بقي التحقيق في جريمه اغتيال بلعيد اسير المراوحه والمراوغه والتسويف، علي الرغم من ان هذا الارهابي الخطير، كان معروفا لدي السلطات، وهو متورط في اكثر من عمل جرمي، ناهيك عن انه كان يقيم في منزل يقع علي مقربه من سكن الشهيد شكري بلعيد، وكان قيد المراقبه والتعقب، كما افصحت عن ذلك السلطات التونسيه . فما الذي منعها من اعتقاله؟!

المثير والباعث علي الارتياب ان نور الدين البحيري الوزير المعتمد لدي رئيس الحكومة علي العريض وقبل 24 ساعه من اغتيال الرمز الوطني محمد البراهمي، اي يوم الاربعاء 24 يوليو الماضي، عقد مؤتمراً صحافياً اعلن فيه ان الحكومة التونسية المؤقته (التي يهيمن عليها حزب النهضه) تعرّفت الي “مدبري ومنفذي” عمليه اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد . وكان رئيس الحكومه علي العريض قد اعلن في 26 فبراير/شباط الماضي، وكان حينها وزيراً للداخليه، عن اعتقال ثلاثه اشخاص مشتبه فيهم في مقتل بلعيد . لتعود وزارة الداخلية في ابريل/نيسان الماضي وتعلن انها تلاحق 5 مشتبهين هاربين بينهم القاتل المفترض كمال القضقاضي المحسوب علي التيار السلفي، علماً بان كمال القضقاضي هذا هو رفيق بوبكر حكيم الذي تتهمه الحكومه باغتيآل محمد البراهمي!!

ماذا يعني هذا؟ . .هل هو يعني ان وصول الاخوان الي الحكم في تونس قد فتح الباب علي مصراعيه لتمكين وتسهيل عمل ونشاط الجماعات التكفيريه بكل حريه وتجاسر؟ . .سواءً تم ذلك بتواطؤ او تغاضي من حكامها الجدد؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل