المحتوى الرئيسى

مأمون فندى يكتب : رسالة مصر للغرب وللإرهاب

07/30 16:03

كان الغرب، وخلال اكثر من عقد من الزمان، يبحث عن مظاهره واحده، ولو من عشره افراد في العالم الإسلامى تدين الارهاب، او ترفع لافته واحده يتيمه تقول: «لا، للارهاب».

فهل يغير الغرب اليوم نظرته للمسلمين والعرب عندما راي في مصر اكثر من 30 مليون مصري يملاون كل شوارع مصر وميادينها رافضين للارهاب، ورافعين لافتات تقول: «لا، للارهاب»، مانحين القوات المسلحه المصريه التفويض الذي طلبته لمقاومه العنف والارهاب. لا احد في الغرب كان يحلم برؤيه مشهد كهذا خلال قرن من الزمان. ومع ذلك، ربما يتردد اليسار الغربي خصوصا، ويدفن راسه في الرمال، مدعيا انه لا يري الملايين في الشوارع، ولن يفاجئني عنوان في الـ«غارديان»، معقل اليسار البريطاني، يصف هذه المظاهرات الرافضه للارهاب، التي تفوض الجيش والشرطه، بانها مظاهرات مؤيده «للانقلاب».

اكتب هذا، واعرف معظم كتاب الغرب وصحافييه ممن يرسمون الصور كتابه في الصحف او ظهورا في التلفزيون، الذين في دواخلهم ينظرون الي ان الارهاب والعرب هما توامان ملتصقان. هؤلاء لن تبهرهم ملايين المصريين الذين خرجوا للشوارع في عز الحر وهم صائمون، وستبقي اعينهم معلقه بميدان رابعه العدويه، حيث يقطن دعاه التطرف والارهاب، وسيسميهم هؤلاء الكتاب من اليوم ضحايا الانقلاب، او دعاه الشرعيه وحقوق الانسان. منطق مقلوب. وليست الـ«غارديان» وحدها غير قادره علي استيعاب، منطلقه من تفوق اخلاقي وربما عنصريه، ان العرب والمسلمين قادرون علي نبذ العنف والارهاب، وانما تتبعها في هذا صحيفه «واشنطن بوست»، التي لا تتردد في تسميه ما حدث في مصر بانه سحب الشرعيه من مرسي وجماعة الإخوان، ولا تتردد ايضا في ان تسميه انقلاب 3 يوليو (تموز). كما انها لم تتردد في تقريرها، امس، من القاهره، في ان تقول ان الجيش اطلق النار علي متظاهري رابعه العدويه، وهذا امر يحتاج الي اثبات، حيث يقول قاده الجيش المصري وبصراحه ان الجيش لا يصوب بنادقه علي الشعب. وانا هنا اصدق ما يقوله الجيش، ولا اصدق «واشنطن بوست». لمزيد من عبثيه المشهد الاعلامي المعادي للثوره المصريه، ما عليك الا ان تقرا ما تكتبه «هارتس» الاسرائيليه تباكيا علي «الاخوان» وعلي حماس، وكان اسرائيل لم تقصف حماس ابدا. «هارتس» الاسرائيليه، نعم، هي بلحمها وشحمها ومن خلفها كل جرائم اسرائيل تتباكي علي حماس. عندما نقرا كل هذا دفاعا عن مرسي وعن «الاخوان» وحماس، التي كانت تدينها الصحف الغربية علي انها راعيه الارهاب، وكانت مصنفه قانونا في اميركا واسرائيل علي انها منظمة إرهابية، عندما تري هذا الدفاع الغريب، لا بد ان تتساءل: يا تري ماذا قدمت حكومه مرسي و«الاخوان» لاسرائيل للحصول علي كل هذا الدفاع المستميت؟ هل سلموا الدكان والبضاعه معا لاسرائيل، ام ان هناك صفقه اقليميه كبري لم تتضح تفاصيلها بعد؟

انا ضد العنف في اي مكان؛ سواء ضد المتظاهرين في رابعه العدويه او استمرار جماعه الاخوان في العنف الممنهج الذي شهدته بعيني ايام ثوره 25 يناير، عندما حولت جماعه الاخوان مدخل مترو التحرير الي سجن للتعذيب. عندما عذبوا محاميا حتي الموت في النفق، لانهم ظنوا انه من ضباط امن الدوله في نظام مبارك. هذا ليس مقالا عن مصر الداخل، وانما عن مصر وقدرتها علي وضع الغرب كله في مازق اخلاقي عندما ربط الارهاب بالعرب وبالمسلمين.

تري لماذا يتنكر الغرب اليوم لما كان «يبوس» اقدامنا كي نفعله بالامس. امس، كان الغرب، وبعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، يبحث عن صوت عربي او وجه عربي يدين الارهاب من دون لكن، ومن دون تبريرات، واليوم، يغمض الغرب عينيه عن ملايين وطوفان من البشر خرج للشوارع رافضا للارهاب؛ هل الخوف من شبح عبد الناصر الذي بدا يظهر علي وجه الفريق اول عبد الفتاح السيسي؟ بالمناسبه، السيسي ليس عبد الناصر، فقد قاد عبد الناصر الثوره وهو برتبه مقدم، اي ان السيسي هو عبد الناصر مضافا اليه انه اكبر عمرا، وانه اكثر خبره واكثر تعليما ودهاء. السيسي هو خلطه مصريه خالصه تخلط عبد الناصر بالسادات في ناصع صور الوطنيه المصريه، لكن ليس هذا هو الموضوع. الموضوع هو ان مصر وضعت الغرب في مازق، فبينما يرفض المصريون الارهاب جهارا نهارا، وايضا في ليل رمضان، يتخلي الغرب عن حربه علي الارهاب، مما يشكك اكثر في دوافع تلك الحرب. فها هو الارهاب الذي كنتم تحاربونه وتقفون ضده بالامس، نحن نقف ضده اليوم؛ فماذا جري؟ ام ان حربهم (كما كان يقول المشككون) هي امتداد لتراث استعماري بغيض يبتغي التوسع في بلاد العرب والمسلمين؟

لماذا يتنكر الغرب لحربه ضد الارهاب اليوم؟ هل الذين يرفضون الارهاب هم من اصحاب السحنه السمراء التي تعوّد الغرب ان يصورهم كارهابيين، وليس كمن يقف ضد الارهاب؟ هل لان الصور المقبله من مصر في صوره طوفان من البشر يسد عين الشمس تضع الغرب ومثقفيه في مازق اخلاقي وحضاري كي يراجع نفسه، وهو بدافع التفوق الاخلاقي والعنصري المزعوم يرفض ان يتراجع لان الكبرياء تمنعه؟\nمصر اليوم تغير المنطقه برمتها. في الخامس والعشرين من يناير، كنا في مصر نبحث عن التغيير بحثا عن روح مصر. نقاتل من اجل مصر. اما اليوم، فمصر تحارب حرب المنطقه كلها ضد جماعات التطرف الذي يتخذ من الاسلام السمح غطاء لكل ما هو ضد الاسلام من بشاعه القتل. مصر ايضا تحارب نيابه عن العالم كله ظاهره الارهاب والعنف باسم الدين. مصر ايضا تحارب نيابه عن العرب والمسلمين ضد صوره الغرب النمطيه، التي تلصق الارهاب بالمسلمين. اتحدي ان تخرج هذه المظاهرات، وبهذه الاعداد، في اي عاصمه غربيه مندده بالعنف والارهاب. في مصر، لا نرفض ان نتعلم، ولكن القدر اليوم وضعنا في موقع المعلم. نقبله بحذر، ولدينا اخطاء كثيره لا بد ان نعترف بها، ولكن انتم ايضا لديكم ازمه اخلاقيه لا بد ان تعترفوا بها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل