المحتوى الرئيسى

البحرين تكافح من أجل استعادة مسارها الاقتصادي

07/30 11:54

يربض مرفا البحرين المالي، الذي يعد معلما من معالم البلاد، علي منطقه شاطئيه في العاصمه المنامه، ويطاول السماء بناطحاتيه ويتلالا في طقسها الحار.

ويعتبر المرفأ المالي انطلاقه تهدف الي وضع البلاد في صفوف الدول الرئيسيه في المنطقه التي تضم قطاعات مصرفيه بمليارات الدولارات.

بدا المشروع في عام 2004 واكتمل بعد خمس سنوات من تدشينه، وهو مشروع اثار جدلا منذ بدايته، اذ بلغت تكلفته 1.5 مليار دولار، علي ارض يقال ان الشيخ خليفه بن سلمان آل خليفه، رئيس الوزراء، يمتلكها.

ويعد الشيخ خليفه من اقدم رؤساء الوزراء الذين خدموا في هذا المنصب في العالم، اذ انه تولي مهامه دون انتخاب منذ عام 1971.

وفي مقابل تخصيص الارض، تحددت حصه رئيس الوزراء من اسهم مشروع المرفا المالي البحريني بـ50 في المئه من الاسهم، كما اصبح لديه كامل السيطره علي المشروع في عام 2010.

ويلوح في الأفق من بعيد برجا المشروع علي نحو يبعث الطمانينه بان الاقتصاد البحريني مازال قويا، علي الرغم من حاله الاضطراب والاحتجاجات العنيفه التي تعصف بالبلاد منذ اكثر من عامين.

لكن المظهر قد يبدو خادعا، فبين البرجين يوجد مركز للتسوق يضم بين جنباته سوقا صغيرا ومقهي، وهما كل ما يزاول من نشاط في المكان.

كما ان البرجين خاليان في معظمهما، وقال رجل أعمال بارز في المنامه لبي بي سي "هناك سوء تقدير في اسعار الايجارات كما انها لا تخضع لتعديلات تتمشي مع الواقع".

ووصف المشروع بانه مكان "يصدا فيه الحديد وتتلف فيه البنايات الاسمنتيه. انها فضيحه وطنيه".

كان من الممكن الا يكون المرفا سيئا، لقد بدا نشاطه في الوقت الذي حدثت فيه الفقاعه العقاريه في منطقة الخليج عام 2008.

وفي فبراير/شباط عام 2011 احتل الاف المتظاهرين السلميين دوار (ساحه) اللؤلؤه، احد المعالم البارزه في المنامه، مطالبين باصلاحات ديمقراطيه ونهايه التمييز.

كان جميع المحتجين، من الشيعه نظرا لان البلد يغلب علي سكانه الشيعه الذين يشكون منذ فتره طويله من معامله غير عادله علي يد حكام البلد الذين ينتمون الي الطائفة السنية، عائله ال خليفه الحاكمه.

واستطاعت قوات الأمن اخلاء الاحتجاجات من دوار اللؤلؤه بالقوه، وخلإل ألاشهر اللاحقه، سقط ما يربو علي 50 قتيلا، بينهم خمسه من رجال الشرطه. كما اعتقلت السلطات مئات الشيعه فضلا عن تسريح الالاف تعسفيا من وظائفهم، وضرب ثلاثه علي الاقل علي نحو افضي الي موتهم في السجون.

ووسط ادعاءات بان الشرطه تتصرف بوحشيه، الي جانب ممارسه التعذيب في مراكز الاعتقال، الغي سباق السيارات الشهير (فورميولا 1) في البحرين لدواع امنيه.

وتاثر قطاع السياحه في البحرين بعد ان كان دوما يتسم بالانتعاش في ظل مجتمع وصف بالانفتاح والتسامح. كما تضررت الشركات الكبيره والصغيره بفعل اجراءات تسريح العماله والاحتجاجات في الشوارع.

وبدات اجهزه الامن، في جهود ترمي الي احتواء الخسائر كان من بينها حظر تنظيم المسيرات الاحتجاجيه في المنامه، تستهدف النشطاء السياسيين والمعارضين والزج بهم في السجون مع فرض الاحكام العرفيه.

جاء ذلك بالتزامن مع اجراءات للشرطه كان من بينها اطلاق الغاز المسيل للدموع دون تمييز علي قري شيعيه.

وعاد سباق (فورميولا 1) عام 2012، لكن قطاع السياحه سجل زياده متواضعه مع توافد معظم الزائرين من السعوديه المجاوره وهي، علي نقيض الوضع في البحرين، تتمسك بتطبيق شرائع دينيه صارمه تحظر بيع الخمور ولا تسمح بوجود دور عرض سينمائيه.

وعلي الرغم من طول فتره التعثر الاقتصادي واستمرار اعمال العنف في القرى الي جانب الاحتجاجات السلميه، تصر الحكومه البحرينيه علي تنفيذ سلسله من الاصلاحات الكبيره في جهاز الشرطه، لكن النقاد يقولون ان عنف الشرطه لا ينتهي.

كما تعثرت جهود حوار يهدف الي التوصل الي تسويه للازمه، اذ تقول المعارضه ان اسره ال خليفه الحاكمه لا تعتزم اجراء اصلاحات جاده.

ومع عدم بزوغ اي حل سياسي في الافق، تتزايد حده الغضب لدي الشيعه بما يعزز هجماتهم، حيث يجري اغلاق الطرق الرئيسيه علي نحو شبه يومي وحرق اطارات السيارات.

وعندما تصل الشرطه يبدا رشقها بزجاجات المولوتوف وضربها بقذائف من بنادق محليه الصنع، وترد الشرطه باطلاق الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطيه والحيه.

وبالنسبه للمواطن البحريني العادي والمغتربين في البلاد، تمثل تجربه الانحصار بين مثيري الشغب وقوات الامن تجربه مروعه.

تنحي الشركات الصغيره باللائمه علي الاضطرابات المستمره وما ينتج عن ذلك من تراجع حاد. ويقول احد اصحاب مراكز خدمه اصلاح السيارات انه خسر من 40 الي 50 في المئه من دخله خلال العامين الماضيين.

وقال لبي بي سي ان الكثير من الشركات الصغيره والمتوسطه تعاني من نفس المازق.

لكن الشركات التي يملكها بحرينيون ليست هي فقط التي تشعر بالمعاناه، فهناك شركات صغيره عانت من الاشتباكات المستمره بين الشرطه والمحتجين.

وقالت بيتسي ماثيسون، امينه عامه اتحاد جمعيات الجاليات في البحرين، ان "الكثير من الشركات الاجنبيه تضررت".

وقالت ان هذه هي السمه الخاصه في القري الشيعيه، واضافت ان "الشركات الاسيويه الضعيفه تواجه تهديدات وتتعرض لاعتداءات" علي يد المحتجين الذين يلجؤون الي العنف".

واستطاعت وزاره الداخليه علي مدار عامين تجنيد مسلمين سنه من باكستان ومناطق اخري للخدمه في صفوف شرطه مكافحه الشغب.

ومن بينهم هؤلاء المجندون المستاجرون ضباط يواجهون تهم ممارسه التعذيب الذي افضي الي مقتل معتقلين من المحتجين الشيعه. بينما وجهت اتهامات لاخرين بضرب المحتجين في الشوارع والزنازين.

واثار ذلك حفيظه الاخرين وجعل الابرياء من الاسيويين مستهدفين.

وتقول ماثيسون انها متفائله "اذا توقفت اعمال العنف، فسينتعش الاقتصاد".

وعلي نقيض ما تقوله المعارضه، تعتقد ماثيسون ان الملك حمد بن عيسى آل خليفه يسعي لايجاد حلول، واضافت "لقد اعتذر عما حدث (عام 2011)، انه جاد بشان الاصلاحات، لكن الاشياء لا تحدث بين عشيه وضحاها".

هناك علامات تشير الي انه علي الرغم من استمرار الاضطرابات، فان الاقتصاد قد تحسن، اذ سجل إجمالي الناتج المحلي في الربع الاول من عام 2013 زياده بلغت 2.5 في المئه، وفضل كبير في ذلك يرجع الي زياده انتاج النفط.

وعلي الرغم من اتسام الاقتصاد البحريني بالتنوع، مقارنه بسائر دول الخليج الاخري، فهي تشابه تلك الدول من حيث الاعتماد بشده علي قطاع الهيدروكربون. ويسهم النفط بربع اقتصاد البلاد البالغ 30 مليار دولار.

كما خفضت شركه" ممتلكات" البحرينيه، وهي صندوق سيادي، خسائرها من 717 مليون دولار عام 2011 الي 482 مليون دولار عام 2012.

وقال روبرت ايني، رئيس اتحاد البنوك في البحرين، لبي بي سي انه علي الرغم من وجود تراجع في بعض القطاعات المصرفيه، فان القطاع بشكل عام قوي.

وقال ايني، وهو امريكي يعيش في البحرين منذ ثلاثين عاما، ان البنوك في البحرين تعيش حاله جيده لان البنك المركزي البحريني يتحلي "باليقظه الكبيره".

ومازالت البحرين تواجه رحله طويله لتحقيق الانتعاش الاقتصادي الكامل، وتعد شركه "طيران الخليج" خير مثال علي وعوره هذه الرحله.

تعتبر شركه "طيران الخليج" من اقدم شركات الطيران في الشرق الاوسط، لكنها فقدت البساط من تحت اقدامها امام شركات منافسه في الخليج هي "الاتحاد" و"القطريه". كما جاءت الضربه القاسمه من اغلاق سوقها الايراني الذي كان يسهم بنحو 30 في المئه من العوائد.

حدث ذلك بسبب اتهام حكام البلاد ايران بالضلوع في مسانده الاضطرابات التي عصفت بالبحرين منذ مطلع عام 2011.

وقال موظف في الشركه، طلب عدم ذكر اسمه، ان شركه الطيران تتكبد حاليا خسائر فادحه بقيمه 583 مليون دولار سنويا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل