المحتوى الرئيسى

"بانتظار 2014" في افغانستان

07/25 16:37

كان هذا اول سؤال اوجهه عند وصولي الي كابول مؤخرا لصديق عزيز ما برح منذ سنوات يقص لي عن حبه الجارف لخطيبته.

اجابني "اني انتظر ما سيحصل في 2014، وساقرر بعد ذلك."

عباره "بانتظار 2014" اصبحت من اكثر العبارات استخداما في افغانستان، حيث يزداد القلق ويتصاعد ازاء الاتجاه الذي ستاخذه البلاد عقب انسحاب القوات الغربيه بشكل نهائي.

وعندما يتعامل الافغان العاديون هذه الايام مع المناسبات والاحداث التي تزخر بها الحياه كالولادات والوفيات والزيجات، فانهم دائما يفكرون بما قد تجلب لهم الايام بعد ذلك التاريخ وينشغل تفكيرهم باسئله كثيره.

هل سيزداد العنف سوءا؟ هل ستتمكن قوات الأمن الافغانيه من بسط سيطرتها علي الموقف في عموم البلاد؟ هل تعود الحرب الأهلية؟

سالني صديقي "لقد عدت توا من لندن، ما الذي سيحدث حسب علمك؟"

وجه لي العديد من الافغان هذا السؤال بقلق شديد.

يقول صاحب مخزن الملابس في مدينه مزار الشريف الشماليه عزيز شاه البالغ من العمر 38 عاما ان هذا الشعور بالكارثه المقبله ادي الي انخفاض كبير في الملابس التي يبيعها.

يقول شاه "لم يعد الناس ينفقون كما كانوا في السابق، فالكل قلقون حول ما سيحدث في 2014."

ولعل السبب في هذا القلق ماضي افغانستان المضطرب، فالبلاد اشتهرت بحكوماتها الهشه التي سرعان ما تنهار تحت ضربات حركات التمرد والغزو الخارجي.

وعندما انسحبت القوات السوفييتيه من افغانستان عام 1989، سقطت البلاد في براثن حرب أهليه استمرت لسنوات.

وفي بعض المناطق الافغانيه، ليس الخوف من 2014 خوفا نظريا فقط بل هو حقيقي وكذلك تاثيراته. فبينما تبدا القوات الغربيه انسحابها التدريجي بدات قطاعات من الاقتصاد تعاني من ذلك.

واكثر هذه القطاعات تاثرا هو قطاع البناء الذي كان في يوم من الايام يشهد نموا انفجاريا.

ولكن الان، نري الدور التي كان يؤجرها مالكوها للجنود والمقاولين الغربيين لقاء الاف الدولارات شهريا وهي فارغه.

كان عبد الاحد يعمل دلالا للعقارات في اقليم هيرات، ولكنه اضطر لترك المهنه بعد ان انهارت اسعار العقارات الي النصف. ويبحث عبدالاحد الان عن عمل في العاصمه كابول.

ويقول "يحاول الناس تكديس ما يستطيعون من نقود تحسبا لما قد ياتي به المستقبل."

كما تقلصت فرص العمل في فتره التحسب هذه.

كان احمد صميم يتقاضي اجرا جيدا عندما كان يعمل مترجما للقوات الغربيه شمالي افغانستان.

ويقول "اعتقد جازما ان النمو الذي شهدناه في افغانستان كان وهما منذ البدايه."

وليس صديقي العاشق هو الوحيد الذي اضطر الي تاجيل زواجه، فالافغان الذين اشتهروا باقامه الاعراس الباذخه التي يدعي اليها الف او اكثر من المدعوين لم يعودوا كذلك. ففي الفتره التي قضيتها في كابول لم ادع الا الي عدد قليل من الاعراس لم يتجاوز عدد المدعوين فيها الـ 200.\nوقآل محمد زلماي، وهو صاحب فندق في كابول، "كنا نستضيف عددا كبيرا من الاعراس حتي العام الماضي، ولكن الان يفضل الناس اقامه الولائم في دورهم."

خلاصه الامر، هناك شعور عام بالكابه، ومن السهوله ان يرضخ المرء للياس والعجز.

ولكن هذا الشعور يعتمد ايضا علي المكان الذي يعيش فيه الشخص في افغانستان.

فانا شخصيا ترعرعت في الجزء الشمالي من البلاد وشهدت نمو الطموح والاقدام - نتيجه الفقر - اللذين اصبحا السمه المميزه للشباب الافغاني. فعلي خلاف الجنوب والشرق حيث المخاوف الامنيه تطغي علي سواها يخشي الشماليون التاثيرات الاقتصاديه لما قد تؤول اليها الامور.

اما بالنسبه لسكان المناطق الريفية والمزارعين، فهم مهتمون اكثر بالحصاد مما قد يحصل في 2014.

ولكن بعد ان عاشوا لسنوات طويله في ظل الحروب، تعود الشبان الافغان علي اداء ادوار متعدده والعمل باكثر من وظيفه وذلك في جهد ليصبحوا قوه من اجل التغيير في البلاد.

يقول ميروايس رحماني، وهو عضو في جماعه خيريه تدعي "جهش" "نحن نجمع الاموال ونشتري بها ملابس واغذيه من اجل الفقراء. نحن قلقون علي المستقبل، ولكن التهرب من المسؤوليه ليس الطريق الامثل لمواجهه هذا القلق."

صحبتني فريده اكبر، وهي واحده من النسوه القليلات اللواتي يقدن السياره في كابول، في جوله في شوارع العاصمه بسيارتها التويوتا الفضيه.

قالت لي فريده وهي تشير الي احد شوارع العاصمه "لدينا جماعه خيريه تدعي هاديا تتولي تنظيف هذه الشوارع، اذ تقوم بغرس الشتلات كما نتبرع بالطعام ونوزع الزهور علي النساء في يوم المراه."

هذان نموذجان لجيل شب في العقد الاخير وشهد مستويات غير مسبوقه من التدخلات والاستثمارات الاجنبيه.

ويخشي هؤلاء، حتي وهم يعدون انفسهم ليتحملوا مسؤوليه البلاد في المستقبل، من خساره القناعات التي رسخها في انفسهم الوجود الاجنبي في افغانستان.

ويعبر كثيرون عن قلقهم وخوفهم من التطورات الجاريه والتي يرونها خارج سيطرتهم، كالمفاوضات الجاريه مع حركة طالبان والخشيه من تستحيل افغانستان الي بيدق في لعبه القوي الاقليميه.

كما يثير خشيتهم التصعيد الامني الذي شهدته الاشهر الاخيره.

ويفكر الكثير من الافغان الان بترك البلاد والهجره الي الخارج.

قال احمد والي، وهو احد خريجي جامعه كابول، وهو يريني جواز سفره، "دفعت 15 الف دولار لاحدهم لكي يهربني الي المانيا، فانا لا اريد ان اصبح ضحيه 2014 والحرب الاهليه الاتيه."

وبلغ الشعور العام التشاؤم حدا جعل الرئيس حامد كرزاي يتدخل شخصيا، اذ طلب من الناس ان يتمالكوا اعصابهم مؤكدا لهم ان 2014 سيكون كغيره من الاعوام.

وكان الرئيس الافغاني قد القي باللائمه في العام الماضي علي الاعلام الافغاني والاجنبي لترويجه "دعايات" حول ما قد يحصل في 2014 واصفا هذا المنحي بانه "تكتيك مصمم لاخافتنا وترويعنا."

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل