المحتوى الرئيسى

الجنيد القواريرى فارس العشق الالهى

07/23 08:47

سال احدهم شيخه الجنيد القواريري عن حاله اليوم فقال له: «انما اليوم ان عَقِلتَ ضيفٌ نَزَلَ بك وهو مُرتحل عَنك، فان احسنتَ نُزَلَه وقِراه، شهد لك واثني عليك بذلك وصدق فيك، وان اسات ضِيافتَه ولم تُحْسِن قراه، شهد عليك.. فلا تَبِع اليوم ولا تعد له بغير ثمنه.

واحذر الحسره عند نزول السكره فان الموت اتٍ، وقد مات قبلك من مات.. فالطرق كلها مسدوده علي الخلق الا علي من اقتفي اثر الرسول».

انه ابو القاسم الجنيد بن محمد الخراز القواريري، من اعلام التصوف واحد فرسان العشق الالهي. يعود مسقط راسه الي نهاوند في همدان (مدينه اذريه)، اما مولده ومنشاه فكانا في بغداد. صحب جماعه من المشايخ، واشتهر بصحبه خاله السري، والحارث المحاسبي. درس الجنيد الفقه علي ابي ثور احد تلامذه الامام الشافعي، وكان يفتي في حلقته بحضرته، وهو ابن عشرين سنة. والجنيد هو ابن اخت القطب الصوفي المشهور السري السقطي.

تعلم الجنيد وتذوّق التصوّف من خاله سَرِيّ، فها هو يقول: «كنت بين يدي سري العب، وانا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعه يتكلمون في الشكر؛ فقال لي: «يا غلام، ما الشكر» فقلت: «الشكر الا تعصي الله بنعمه». فقال لي: «اخشي ان يكون حظك من الله لسانك!» قال الجنيد: «فلا ازال ابكي علي هذه الكلمه التي قالها لي السري».

ولم يكن الجنيد يستنكف قط ان يظهر تواضعه وزهده بين من عرفوا حسبه ونسبه، بل انه حرص علي كسر الكبر في نفسه، وتطويعها لتخضع للخالق العظيم. وقد ابدي احد من حوله ذات يوم عجبه من الجنيد حين راه ياخذ في يده سبحه، علي رغم نسبه، فقال لمن تعجب منه: «طريق وصلت به الي ربي لا افارقه»، اذ كان يعتبر السبحه احد طرق الوصول الي الوجد.

حجّ الجنيد ثلاثين مره، تقرباً الي الله، وكانت له في الحج احوال العاشقين، لكنه لم يخرج عن حدود ما يفرضه الشرع في اداء تلك الفريضه، فالجنيد كان يؤمن بالجمع بين الحقيقه والشريعه، ولا يري اي فصل بينهما، بل انه اشترط علي نور الحقيقه ان يكون موصولاً بنور الشرع الالهي، وكان محباً عاشقاً لله ورسوله.

وبين هواجس النفس ووساوس الشيطان فرق كبير يدركه الجنيد بعمق فيقول: «النفس اذا طالبتك بشيء الّحت فلا تزال تعاودك ولو بعد حين، حتي تصل الي مرادها، ويحصل مقصودها، ما لم تغلبها بصدق المجاهده. واما الشيطان اذا دعاك الي زله فخالفته، فانه ينتقل بوسوسته الي زله اخري، لان جميع المخالفات عنده سواء، وانما يريد ان يكون داعياً ابداً الي زله ما، ولا غرض له في تخصيص زله دون زله».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل