المحتوى الرئيسى

يوم الباستيل: عندما امتزج السلام بالثورة الفرنسية

07/14 20:30

يقدم الفرنسيون يوم الاحد استعراضا يحيون فيه ذكري عيدهم الوطني، الذي سقط فيه حصن الباستيل في الرابع عشر من يوليو/تموز عام 1789.

الجميع يعلم ذلك، الا ان تحولا مفاجئا يبرز في حقيقه تلك الذكري.

فمن المفترض ان الفرنسيين لا يحتفلون فعليا باقتحام حصن الباستيل، بل يحتفلون بحدث وقع بعد عام من تلك الاحداث، الا وهو عيد التحرير، الذي وافق الرابع عشر من يوليو/تموز عام 1790.

وحتي نوضح ذلك يتعين علينا الذهاب في جوله قصيره في رحاب التاريخ الفرنسي.

من البساطه علينا ان ننسي ان فرنسا عاشت خلال القرن الأول بعد عام 1789 في كنف نوع من الانظمه الملكيه الحاكمه، كان من المفترض ان الثوره قد اطاحت بها.

فقد اعتلي حكم البلاد نابليون، وعادت بعده عائله البوربون الملكيه مره اخري بعد الهزيمه الساحقه التي مني بها الاول في معركه ووترلو. ثم جاء بعدهم الملك لويس فيليب، لتتبعه فتره فاصله من الحكم الجمهوري بدات عام 1848، ويتلوه بعد ذلك عهد الامبراطوريه الثانيه تحت حكم نابليون الثالث.

لم تكن فرنسا، بحلول عام 1870، وبعد هزيمتها في الحرب الفرنسية البروسية، قد اسست نظاما جمهوريا دائما.

وكان واضحا في غضون ذلك ان اغلبيه الاعضاء في اول برلمان منتخب للجمهوريه الثالثه، يفضلون العوده الي النظام الملكي، اذ كانت قوي المحافظين المناهضين للثوره لا تزال قويه.

وبحلول نهايه سبعينيات القرن التاسع عشر، تبدلت الاوضاع بعد ان تصالح معظم من كانوا يناصرون النظام الملكي والنظام الجمهوري، واصبح البرلمان يضم اغلبيه جمهوريه، لذا كان ذلك وقتا مناسبا لارساء دعائم النظام الجديد بمجموعه من الرموز الوطنيه.

وكان تحديد العيد الوطني للبلاد من بين ابرز القضايا التي جرت مناقشتها.

فبعد دراسه خيارات عديده، استقر اليسار علي اختيار يوم الرابع عشر من يوليو/تموز ليكون عيدا وطنيا للبلاد، اذ اعتبروا يوم سقوط حصن الباستيل بمثابه اشعال شراره الثورة الفرنسية.

غير ان ما حدث من اراقه للدماء في ذلك اليوم باتت تلاحق ذكراه بعد ان شهد قطع راس حاكم مدينه باريس.

فمن كانوا يدعمون النظام الملكي ثم تحولوا فيما بعد الي مناصره النظام الديمقراطي، يرون ان اليوم الوطني هو يوم للتصالح، وليس احتفاءً بمشاعر الكراهيه الطبقيه.

لذا، فان الانظار تحولت الي عيد التحرير.

لقد اصبحت باريس بعد مرور عام بالضبط علي سقوط حصن الباستيل مدينه تبعث علي الامل. ومع ان الملك لويس السادس عشر كان لا يزال علي كرسي العرش، الا ان الجمعيه التاسيسيه عملت علي تقويض سلطاته، لتلغي بذلك الامتيازات الارستقراطيه التي كانت العائلة المالكة تتمتع بها.

وكان ذلك ما اطلق عليه المؤرخون "مرحله التفاؤل" التي شهدتها الثوره الفرنسيه.

كما قامت السلطات الفرنسيه احتفالا بتلك الذكري بتنظيم احتفاليه ضخمه في ساحه دي مارس، التي ينتصب فيها الان برج ايفل.

اقيم قوس النصر علي ارتفاع 24 مترا فضلا عن اقامه المقاعد الخشبيه تسع لحشد مؤلف من 400 الف شخص. وفي منتصف اقيم ما اطلق عليه "مذبح الوطن "Altar of the Fatherland حيث نقشت عليه كلمات مقدسه هي "الوطن، القانون، الملك".

وخلال الاسابيع التي سبقت تنظيم الاحتفاليه انضم باريسيون من جميع الفئات للنهوض بمهام اعداد الموقع.

وقال المؤرخ سيمون سكاما في كتبه بعنوان (مواطنون) : "كان مهرجانا مهيبا للانسانيه اضفت القوه العامله عليه نقاء اخلاقيا."

وشهد يوم الرابع عشر من يوليو/تموز عام 1790، هطولا للامطار، وبرغم ذلك نظمت وفود من الحرس الوطني المنتخب قبل تلك الايام من شتي ارجاء فرنسا استعراضا شق طرقات المدينه بقياده ماركيز لافايت.

كما نظمت في ساحه دي مارس عروضا للموسيقي العسكريه وقسم الولاء للملك الذي اقسم بدوره علي تاييد مراسيم المجلس الوطني وجرت مراسم احتفاليه حاشده.

ونقتبس هنا كلمات للمؤرخ جورج هنري سوتو تقول انها لحظه " يمكن فيها تصور ان نظاما جديدا يمكن تاسيسه، نظام لا يجرح المشاعر الدينيه للاغلبيه ويدعمه الملك."

ولم تدم هذه اللحظات بالطبع، ففي غضون عام كانت الثوره تسير صوب نهايتها الداميه.

و بعد قرن من تلك الاحداث اصبح عيد التحرير يتمتع بميزه من حيث كونه مناسبه يتفق عليها الجميع – من الموالين للبوربون الي الاشتراكيين .

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل